تسجيل الدخول


فراس هو الأقرع التميمي

ولُقِّبَ الأقرع؛ لِقرع كان به في رأسه، وفد على النبي صَلَّى الله عليه وسلم؛ وهو من المؤلفة قلوبهم وقد حسن إسلامه، وفي الصحيحين من حديث أبي سعيد الخُدْري، قال: بعث عليّ إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم بذهيبة من اليمن، فقسّمها بين أربعة؛ أحدهم الأقرع بن حابس. شهد مع خالد بن الوليد اليمامة وغيرها، وشهد مع شرحبيل بن حسنَة دُومَةُ الجندل، وشهد مع خالد حَرب أهل العراق وفَتْح الأنبار، وكان على مقدمة خالد بن الوليد. وكان الأقرع شريفًا في الجاهلية والإسلام، واستعمله عبد الله بن عامر على جَيْش سيَّره إلى خراسان، فأصيب بالجوزجان هو والجيش، وذلك في زمن عثمان. وذكر ابْنُ الكَلْبِيِّ أنه كان مجوسيًّا قبل أن يسلم، وقدم على النبي صَلَّى الله عليه وسلم مع عُطارد بن حاجب بن زُرارة، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم وغيرهم من أشراف تميم بعد فتح مكة، وقد كان الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حصن الفزاري شهدا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فتح مكة، وحنينًا، وحضرا الطائف. فلما قدم وفد تميم كان معهم، فلما قدموا المدينة قال الأقرع بن حابس، حين نادى: يا محمد، إن حمدي زين، وإن ذمي شين، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ذَلِكُمُ الله سُبْحَانَهُ". وَقِيلَ: بَلِ الوَفْدُ كُلُّهُمْ نَادَوْا بِذَلِكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم وَقَالَ: "ذَلِكُمُ الله، فَمَا تُرِيدُونَ؟" قَالُوا: نَحْنُ نَاسٌ مِنْ تَمِيمٍ جِئْنَا بِشَاعِرِنَا وَخَطِيبِنَا لِنُشَاعِرَكَ وَنُفَاخِرَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم: "مَا بِالشِّعْرِ بُعِثْنَا وَلَا بِالفَخَارِ أُمِرْنًا، وَلَكِنْ هَاتُوا"، فَقَالَ الأَقْرَعُ بْنُ حَاِبسِ لِشَابٍّ مِنْهُمْ: قُمْ يَا فُلَانُ فَاذْكُرْ فَضْلَكَ وَقَوْمَكَ، فَقَالَ: الحَمْدُ لله الَّذِي جَعَلَنَا خَيْرَ خَلْقِهِ، وَآتانَا أَمْوَالًا نَفْعَلُ فِيهَا مَا نَشَاءُ، فَنَحْنُ خَيْرٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، أَكْثَرُهُمْ عَدَدًا، وَأَكْثَرُهُمْ سِلَاحًا، فَمَنْ أَنْكَرَ عَلَيْنَا قَوْلَنَا فَلْيَأْتِ بِقَوْلٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلَنَا، وَبِفِعَالُ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ فَعَالِنَا. فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم لِثَابِتٍ بْنِ قَيْسٍ بْنِ شَمَّاسٍ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ خَطِيبَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم: "قُمْ فَأَجِبُهُ"، فَقَامَ ثَابِتٌ فَقَالَ: الحَمْدُ لله أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ، وَأُؤمِنُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِله إِلَّا الله، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، دَعَا المُهَاجِرِينَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ أَحْسَنُ النَّاسِ وُجُوهًا، وَأَعْظَمُ النَّاسِ أَحْلَامًا، فَأَجَابُوهْ، وَالحَمْدُ لله الَّذي جَعَلْنَا أَنْصَارَهُ وَوُزَرَاءَ رَسُولِهِ، وَعَزًّا لِدِينِهِ، فَنَحْنُ نُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِله إِلَّا الله، فَمَنْ قَالَهَا مَنَعَ مِنَّا نَفْسَهُ وَمَالَهُ، وَمنْ أَبَاهَا قَاتَلْنَاهُ وَكَانَ رَغْمُهُ فِي الله تَعَالَى عَلَيْنا هَيِّنًا، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاسْتَغْفِرُ الله لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ. فَقَالَ الزَّبَرْقَانُ بْنُ بَدْرٍ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ: يَا فُلَانُ، قُمْ فَقُلْ أَبْيَاتًا تَذْكُرُ فِيهَا فَضْلَكَ وَفَضْلَ قَوْمِكَ فَقَالَ: نَحْنُ الكِرَامُ فَلَا حَيّ يُعَادِلُنَا نَحْنُ الرُّؤُوسُ وَفِينَا يُقْسَمُ الرُّبُعُ وَنُطْعِمُ النَّاسَ عِنْدَ المَحْلِ كُلَّـهُمُ مِنَ السّدِيفِ إِذَا لَمْ يُؤْنِسِ القَزعُ إِذَا أَبَيْنا فَلَا يَأْبَى لَنَا أَحَدٌ إِنَّا كَذَلِكَ عِنْدَ الفَخْرِ نَرْتَفِعُ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "عَلَيَّ بِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ"، فَحَضَرَ، وَقَالَ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَبْعَثُوا إِلَى هَذَا العَوْدِ ـــ وَالعَوْدُ: الجَمَلُ المُسِنُّ ـــ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "قُمْ فَأَجِبْهُ، فأجابهم حسان بشعر أفضل مما قالوا، فقام الأقرع بن حابس فقال: يا هؤلاء، ما أدري ما هذا الأمر؟ تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أرفع صوتًا، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أرفع صوتًا، وأحسن قولًا، ثم دنا إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَا يَضُرُّكَ مَا كَانَ قَبْلَ هَذَا" . وفي وفد بني تميم نزل قوله تعالى: }إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَآءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ{[الحجرات/ 4]. وأعطاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من غنائم حُنَين مائة من الإبل، وكان ينزل أرض بني تميم ببادية البصرة. وقُتِلَ الأقرع بن حابس باليرموك في عشرة من بنيه.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال