تسجيل الدخول


فراس هو الأقرع التميمي

1 من 1
الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ

(ب د ع) الأقْرَعُ بن حَابِس بن عِقَال بن محمد بن سفيان بن مُجَاشِع بن دارم بن مالك ابن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، ساقوا هذا النسب إلا أن ابن منده وأبا نعيم قالا: جندلة بدل حنظلة وهو خطأ، والصواب حنظلة، قدم على النبي صَلَّى الله عليه وسلم مع عُطارد بن حاجب بن زُرارة، والزبرقان بن بدر، وقيس بن عاصم وغيرهم من أشراف تميم بعد فتح مكة، وقد كان الأقرع بن حابس التميمي، وعيينة بن حصن الفزاري شهدا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فتح مكة، وحنينًا، وحضرا الطائف.

فلما قدم وفد تميم كان معهم، فلما قدموا المدينة قال الأقرع بن حابس، حين نادى: يا محمد، إن حمدي زين، وإن ذمي شين، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ذَلِكُمُ الله سُبْحَانَهُ". وَقِيلَ: بَلِ الوَفْدُ كُلُّهُمْ نَادَوْا بِذَلِكَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم وَقَالَ: "ذَلِكُمُ الله، فَمَا تُرِيدُونَ؟" قَالُوا: نَحْنُ نَاسٌ مِنْ تَمِيمٍ جِئْنَا بِشَاعِرِنَا وَخَطِيبِنَا لِنُشَاعِرَكَ وَنُفَاخِرَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عليه وسلم: "مَا بِالشِّعْرِ بُعِثْنَا وَلَا بِالفَخَارِ أُمِرْنًا، وَلَكِنْ هَاتُوا"، فَقَالَ الأَقْرَعُ بْنُ حَاِبسِ لِشَابٍّ مِنْهُمْ: قُمْ يَا فُلَانُ فَاذْكُرْ فَضْلَكَ وَقَوْمَكَ، فَقَالَ: الحَمْدُ لله الَّذِي جَعَلَنَا خَيْرَ خَلْقِهِ، وَآتانَا أَمْوَالًا نَفْعَلُ فِيهَا مَا نَشَاءُ، فَنَحْنُ خَيْرٌ مِنْ أَهْلِ الأَرْضِ، أَكْثَرُهُمْ عَدَدًا، وَأَكْثَرُهُمْ سِلَاحًا، فَمَنْ أَنْكَرَ عَلَيْنَا قَوْلَنَا فَلْيَأْتِ بِقَوْلٍ هُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلَنَا، وَبِفِعَالُ هُوَ أَفْضَلُ مِنْ فَعَالِنَا. فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم لِثَابِتٍ بْنِ قَيْسٍ بْنِ شَمَّاسٍ الأَنْصَارِيِّ، وَكَانَ خَطِيبَ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم: "قُمْ فَأَجِبُهُ"، فَقَامَ ثَابِتٌ فَقَالَ: الحَمْدُ لله أَحْمَدُهُ وَأَسْتَعِينُهُ، وَأُؤمِنُ بِهِ وَأَتَوَكَّلُ عَلَيْهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِله إِلَّا الله، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أن مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، دَعَا المُهَاجِرِينَ مِنْ بَنِي عَمِّهِ أَحْسَنُ النَّاسِ وُجُوهًا، وَأَعْظَمُ النَّاسِ أَحْلَامًا، فَأَجَابُوهْ، وَالحَمْدُ لله الَّذي جَعَلْنَا أَنْصَارَهُ وَوُزَرَاءَ رَسُولِهِ، وَعَزًّا لِدِينِهِ، فَنَحْنُ نُقَاتِلُ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِله إِلَّا الله، فَمَنْ قَالَهَا مَنَعَ مِنَّا نَفْسَهُ وَمَالَهُ، وَمنْ أَبَاهَا قَاتَلْنَاهُ وَكَانَ رَغْمُهُ فِي الله تَعَالَى عَلَيْنا هَيِّنًا، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَاسْتَغْفِرُ الله لِلْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ فَقَالَ الزَّبَرْقَانُ بْنُ بَدْرٍ لِرَجُلٍ مِنْهُمْ: يَا فُلَانُ، قُمْ فَقُلْ أَبْيَاتًا تَذْكُرُ فِيهَا فَضْلَكَ وَفَضْلَ قَوْمِكَ فَقَالَ: [الطويل]

نَحْنُ الكِرَامُ فَلَا حَيّ يُعَادِلُنَا نَحْنُ الرُّؤُوسُ وَفِينَا يُقْسَمُ الرُّبُعُ

وَنُطْعِمُ النَّاسَ عِنْدَ المَحْلِ كُلَّـهُمُ مِنَ السّدِيفِ إِذَا لَمْ يُؤْنِسِ القَزعُ

إِذَا أَبَيْنا فَلَا يَأْبَى لَنَا أَحَدٌ إِنَّا كَذَلِكَ عِنْدَ الفَخْرِ نَرْتَفِعُ

فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "عَلَيَّ بِحَسَّانِ بْنِ ثَابِتٍ"، فَحَضَرَ، وَقَالَ: قَدْ آنَ لَكُمْ أَنْ تَبْعَثُوا إِلَى هَذَا العَوْدِ، وَالعَوْدُ: الجَمَلُ المُسِنُّ. فَقَالَ لَهُ رَسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "قُمْ فَأَجِبْهُ" فَقَالَ: أَسْمِعْنِي مَا قُلْتَ، فَأَسْمَعَهُ، فَقَالَ حَسَّانُ [الطويل]

نَصَرْنَا رَسُول الله
وَالدِّينَ
عنْوَةً عَلَى رَغْمِ عَاتٍ مِنْ مَعَدِّ وَحَاضِرِ

بِضَرْبٍ
كَإِيِزَاغِ
المَخَاضِ
مُشَاشَهُ وَطَعْنٍ
كَأَفْوَاهِ
اللِّقَاحِ
الصَّوَادِرِ

وَسَلْ أُحُدًا يَوْمَ اسْتَقَـلَّتْ
شِعابهُ بِضَرْبٍ لَنَا مِثْل اللُّـيُوثِ
الخَوَادِرِ

أَلَسْنَا نَخُوضُ المُوْتَ فِي حَوْمَةِ الوَغَى إِذَا طَابَ وِرْدُ المَوْتِ بَيْن العَسَاكِرِ

ونَضْرِبُ
هَامَ
الدَّارِعِينَ
ونَنْتَمِي إِلَى حَسَبٍ مِنْ جِذْمِ غَسَّانَ قَاهِرِ

فَأَحْيَاؤُنَا مِنَ خَيرِ مَنْ وَطِئَ الحَصَى وَأَمْوَاتُنَا مِنْ خَيْر
أَهْلِ
المَقَابِرِ

فَلَـوْلَا
حَيَاءُ
اللَّه
قُلَنَا
تَكَرُّمًا عَلَى النَّاس بِالخَيْفينْ هَلْ مِنْ مُنَافِرِ

فقام الأقرع بن حابس فقال: إني، والله يا محمد، لقد جئت لأمر ما جاء له هؤلاء، قد قلت شعرًا فأسمعه، قال: "هات"، فقال: [الطويل]

أَتَينْاكَ كَيْمَا يَعْرِفَ النَّاسُ فَضْلَنَا إِذَا خَالَفُونَا عِنْدَ ذِكْرِ المَكَارِمِ

وَأَنَا رُؤُوسُ النَّاسُ مِنْ كُلِّ مَعْشَرٍ وَأَنْ لَيْسَ في أَرْضِ الحِجَازِ كَدَارِمِ

فقال رسول الله صَلَّّى الله عليه وسلم: "قم يا حسان فأجبه"، فقال: [الطويل]

بَنِي دَارِمِ لَا تَفْخُرُوا إِنَّ فَخْرَكُـمْ يَعُودُ وَبالًا عِنْدَ ذِكْرِ المَكَارِمِ

هَبِِِِِِلْتُمْ عَلَََينْا؟ تَفْخُرُونَ
وَأَنْتُمُ لَنَا خَوَلٌ مِنْ بَينْ ظِئْرٍ وَخَادِمِ

فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَقَدْ كُنْتَ غَنِيًّا يَا أَخَا بَني دَارِمٍ أنْ يَذْكُرَ مِنْكَ مَا كُنْتَ تَرَى أَنَّ النَّاس قَدْ نَسَوْهُ" ذكره المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 30316؛ فكان قول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أشد عليهما من قول حسان.

ثم رجع حسان إلى قوله: [الطويل]

وَأَفْضَلُُُ مَا نِلْتُم وَمِنَ المَجْدِ وَالعُلَى رِدَافَتُنَا مِنْ
بَعْدِ
ذِكْرِ
المَكَارِمِ

فَإِنْ
كُنْتُمُ
جئتُم لحقن دمائكم وأموالكم أن تُقْسَمُوا في المقاسم

فَلَا
تجْعَلُوا
لله
نِدًّا
وَأَسْلِمُوا وَلَا تَفْخَرُوا عِنْدَ النَّبِيِّ
بِدَارِمِ

وَإِلَّا وَرَبِّ البَيْتِ
مَالَتْ
أكُفُّنا عَلَى رُؤْسِكُمْ بِالمُرَهَفَاتِ الصَّوارِمِ

فقام الأقرع بن حابس فقال: يا هؤلاء، ما أدري ما هذا الأمر؟ تكلم خطيبنا فكان خطيبهم أرفع صوتًا، وتكلم شاعرنا فكان شاعرهم أرفع صوتًا، وأحسن قولًا، ثم دنا إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَا يَضُرُّكَ مَا كَانَ قَبْلَ هَذَا"(*) أخرجه ابن عساكر 3/ 92، 4/ 134. وذكره المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 30316.

وفي وفد بني تميم نزل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَآءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} [الحجرات/ 4].

تفرد برواية هذا الحديث مطولًا بأشعاره المعلى بن عبد الرحمن بن الحكم الواسطي.


أخبرنا إسماعيل بن عبيد اللّه بن علي، وإبراهيم بن محمد بن مهران، وأبو جعفر بن السمين بإسنادهم إلى محمد بن عيسى بن سورة قال: حدثنا ابن أبي عمر، وسعيد بن عبد الرحمن، قالا: أخبرنا سفيان، عن الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة قال "أَبْصَرَ الأَقْرَعُ بْنُ حَابِسٍ رَسُولَ اللَّه صَلَّى الله عليه وسلم وَهُوَ يُقَبِّلُ الحَسَنَ، وقال ابن أبي عمر: أو الحسين، فقال: إن لي من الولد عشرة ما قبلت واحدًا منهم، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "مَنْ لَا يَرْحَمْ لَا يُرْحَمْ"(*) أخرجه البخاري في الصحيح 8/ 9، 12. ومسلم في الصحيح 4/ 1809 كتاب الفضائل (43) باب رحمته صَلَّى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه وفضل ذلك (15) حديث رقم (65/ 2318، 66/ 2319) وأبو داود في السنن 2/ 777 كتاب الأدب باب في قبلة الرجل ولده حديث 5218 وأحمد في المسند 2/ 241، وابن حبان في صحيحة حديث رقم 2236 وابن أبي شيبة في المصنف 3/ 392.

وأخبرنا يحيى بن محمود بن سعد الأصفهاني إجازة بإسناده إلى أبي بكر بن عاصم قال: حدثنا عفان، أخبرنا وهيب، أخبرنا موسى بن عقبة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ابن عوف عن الأقرع بن حابس أنه نادى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من وراء الحجرات، فقال: "يَا مُحَمَّدُ، إِنَّ مَدْحِي رين، وَإِنَّ ذَمِّي شَيْنٌ فَقَالَ: "ذَلِكُمُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ"(*) كما حدث أبو سلمة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم.

وشهد الأقرع بن حابس مع خالد بن الوليد حرب أهل العراق، وشهد معه فتح الأنبار، وهو كان على مقدمة خالد بن الوليد.

قال ابن دريد: اسم الأقرع: فراس، ولُقِّبَ الأقرع لِقرع كان به في رأسه، والقرع: انحصاص الشعر، وكان شريفًا في الجاهلية والإسلام، واستعمله عبد اللّه بن عامر على جيش سيره إلى خراسان، فأصيب بالجُوْزجَان هو والجيش.
(< جـ1/ص 264>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال