تسجيل الدخول


أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي

سَعِيد بن زَيْد بن عَمْرو القرشي العدوي:
يُكْنَى أَبا الأَعور، وقيل: أَبو ثور، وأمُّه فاطمة بنت بَعْجة بن مُليح الخزَاعيّة؛ كانت مِن السّابقين إلى الإسلام، وكان أبوه زيد بن عمرو بن نُفيل يَطْلُبُ الدّين، وقدم الشأم فسأل اليهود والنصارى عن العلم والدين فلم يُعْجِبْه دينهم، فقال له رجل من النصارى: أنت تلتمس دين إبراهيم، فقال زيد: وما دين إبراهيم؟ قال: كان حنيفًا، لا يَعْبُدُ إلّا اللهَ وحده لا شريك له، وكان يُعادي من عَبَدَ من دون الله شيئًا، ولا يأكل ما ذُبح على الأصنام، فقال زيد بن عمرو: وهذا الذي أعرف، وأنا على هذا الدين، فأمّا عبادة حجر أو خشبة أنْحِتُها بيدي فهذا ليس بشيء، فرجع زيد إلى مكّة وهو على دين إبراهيم.
وعن عامر بن ربيعة قال: كان زيد بن عمرو بن نُفيل يطلب الدي، وكره النصرانيّة، واليهوديّة، وعبادة الأوثان والحجارة، وأظهر خلاف قومه، واعتزالَ آلهتهم، وما كان يعبد آباؤهم، ولا يأكل ذبائحهم، فقال لي: يا عامر، إني خالفتُ قومي، واتّبعتُ ملّة إبراهيم، وما كان يعبد، وإسماعيل من بعده، وكانوا يصلّون إلى هذه القبلة، فأنا أنتظر نبيًّا من ولد إسماعيل يُبْعثُ ولا أراني أدْركه، وأنا أُومن به، وأُصَدّّقه، وأشهد أنّه نبيّ، فإنْ طالت بك مدّةٌ فرأيتَه فأقْرِئْهُ منّي السلام، قال عامر: فلما تنبّأ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أسلمتُ وأخبرتُه بقول زيد بن عمرو وأقْرأتُه منه السّلام فردّ عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ورَحّم عليه وقال: "قد رأيتُه في الجنّة يسْحَبُ ذُيولًا"(*).
وروى ابن أبي مُليكة عن حُجير بن أبي إهاب قال: رأيتُ زيد بن عمرو وأنا عند صنم بُوانة بعدما رجع من الشأم وهو يراقب الشمس، فإذا زالت استقبل الكعبة فصلّى ركعة وسجدتين، ثمّ يقول: هذه قِبْلَةُ إبراهيم وإسماعيل، لا أعبد حجرًا، ولا أُصَلّي له، ولا أذبَحُ له، ولا آكل ما ذُبح له، ولا أستقسم بالأزلام، ولا أصلّي إلا إلى هذا البيت حتى أموت، وكان يحجّ فيقف بعرفة، وكان يلبّي يقول: لَبّيْكَ لا شَرِيكَ لك، ولا نِدّ لك، ثمّ يدفع من عرفة ماشيًا، وهو يقول: لَبّيْكَ متعبّدًا لك مرقوقًا. وقال موسى بن عقبة: أخبرني سالم بن عبد الله أنّه سمع عبدَ الله بن عمر يحدّث عن رسول الله أنّه لقي زيد بن عمرو بن نُفيل بأسفل بَلْدَح وذلك قبل أن ينزلَ على رسول الله الوحيُ، فَقَدَّمَ إليه رسول الله سُفْرَة فيها لحم، فأبَى أن يأكل منها، ثمّ قال: إني لا آكل ممّا تذبحون على أنصابكم، ولا آكل ممّا لم يُذْكَر اسم الله عليه(*).
وروى محمّد بن عبد الله بن جحش، أنّ زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم، ثمّ يقول: الشاةُ خَلَقَها الله، وأنزلَ من السماءِ ماءً وأنْبتَ لها الأرض، ثمّ يذبحونها على غير اسم الله، إنكارًا لذلك وإعظامًا له، لا آكُلُ ممّا لم يُذكر اسم الله عليه. قالت أسماء بنت أبي بكر: رأيتُ زيد بن عمرو بن نُفيل قائمًا مُسْنِدًا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش، ما منكم اليوم أحدٌ على دين إبراهيم غيري، وكان يحيي الموْءُودَه يقول للرجل: إذا أراد أن يقتلَ ابنتَه: مَهْلًا لا تَقْتُلْهَا أنا أكْفِيكَ مَئُونتها، فيأخذها، فإذا ترعرعت قال لأبيها: إن شئتَ دفعتُها إليك، وإن شئتَ كفيتك مؤونتها.
وروى مجالد عن عامر قال: سُئل النبيّ عن زيد بن عمرو بن نُفَيل فقال: "يُبْعَثُ يومَ القيامة أمّةً وَحْدَهُ"(*). وعن خارجة بن عبد الله بن كعب بن مالك قال: سمعتُ سعيد بن المسيّب يذكر زيد بن عمرو بن نُفيل فقال: توفّي وقريش تبني الكعبة قبل أن ينزل الوحي على رسول الله بخمس سنين، ولقد نَزَلَ به، وإنّه ليقول: أنا على دين إبراهيم، فأسلم ابنه سعيد بن زيد أبو الأعور واتّبع رسول الله، وأتى عمرُ بن الخطاب وسعيد بن زيد رسول الله فسألاه عن زيد بن عمرو، فقال رسول الله: "غفر الله لزيد بن عمرو ورحمه، فإنّه مات على دين إبراهيم"، قال فكان المسلمون بعد ذلك اليوم لا يذكره ذاكر منهم إلًا ترحّم عليه واستغفر له، ثمّ يقول سعيد بن المسيّب رحمه الله وغفر له(*).
وروى نوفل بن هشام بن سعيد بن زيد، عن أبيه، عن جدّه قال:‏ خرج ورقَةَ بن نوفل، وزيد بن عمرو بن نفيل يطلبان الدِّين حتى مَرَّ بالشّام، فأما ورقة فتنصَّر، وأما زيد فقيل له‏:‏ إن الّذي تطلب أمامَك‏،‏ قال:‏‏ فانطلَق حتى أتى الموصل، فإذا هو براهب، فقال:‏ من أين أقبل صاحبُ الرّاحلة؟ فقال:‏‏ من بيت إبراهيم، قال:‏ فما تطلب؟ قال:‏ الدِّين، قال‏:‏ فعرض عليه النّصرانية، فقال:‏ لا حاجة لي بها، وأبى أن يقبلها، فقال:‏ إن الذي تَطْلُب سيظهر بأَرضك‏،‏ فأقبل وهو يقول:
‏لَبّيكَ حَقًّا حَقًّا تعبُّدًا وَرِقّا مَهْمَا تَجَشَّمَنِي فَإِني جَاشِمُ

عُذْت ِبَما عَاذ بهِ إِبْراهُم
ومرَّ بالنّبي صَلَّى الله عليه وسلم، ومعه أبو سفيان بن الحارث يأكلان من سُفرة لهما، فدعَوَا زيد إلى الغذاء، قال:‏ يابن أخي، إني لا آكل ما ذُبح على النُّصُب،‏‏ فما رؤي النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم من يومه ذلك يأكل مما ذُبح على النُّصُب حتى بُعث صَلَّى الله عليه وسلم،‏ وأتاه سعيد بن زيد، فقال‏:‏ إِنّ زيدًا كان كما قد رأيت وبلغك، فاستغفر له؟ قال:‏ "نعم، فإنه يبعث يوم القيامة أمةً وحده".
وكان زيد بن عمرو بن نفيل يطلب دِينَ الحنيفية دين إِبراهيم عليه السَّلام قبل أن يُبعث النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وكان لا يذبح للأنصاب، ولا يأكل الميتة والدّم، ومن خبره:‏ في ذلك أَنه خرج في الجاهليّة يطلب الدِّين هو وورَقة بن نوفل، فلقيا اليهود، فعرضت عليهما يهودُ دينهم، فتهوّد ورَقة، ثم لقيا النَّصارى فعرضوا عليهما دينهم، فترك ورَقة اليهوديّة وتنصّر، وأَبَي زيد بن عمرو أن يأتي شيئًا من ذلك، وقال: ما هذا إلا كدين قومَنا، تشركون ويشركون، ولكنكم عندكم من الله ذِكْر ولا ذِكْرَ عندهم،‏ فقال له رَاهِبٌ‏:‏ إنّك لتطلب دينًا ما هو على الأرض اليوم‏،‏ فقال‏:‏ وما هو؟ قال‏:‏ دين إبراهيم‏، قال:‏ وما كان عليه إبراهيم؟ قال‏:‏ كان يعبد الله لا يشرِكُ بِه شيئًا، ويصلَّي إلى الكعبة، فكان زيد على ذلك حتى مات، ومات زيد بن عمرو، فدُفن بأصل حِراءٍ.
وكان سعيد بن زيد صهر عمر زَوْجَ أُخته فاطمة بنت الخطاب، وكانت أُخته عاتكة بنت زيد تحت عمر بن الخطاب، تزوَّجها بعد أَن قُتِل عنها عبد اللّه بن أَبي بكر الصديق، رضي الله عنهم، وسعيد بن زيد ابن عم عمر بن الخطاب، يجتمعان في نفيل، وكان لسعيد بن زيد من الولد: عبد الرحمن الأكبر لا بقيّة له؛ وأمّه رَمْلَة، وهي أمّ جميل بنت الخطاب بن نُفيل، وزيد لا بقيّة له، وعبد الله الأكبر لا بقيّة له، وعاتكة؛ وأمّهم جليسة بنت سُويد بن صامت، وعبد الرحمن الأصغر لا بقيّة له، وعمر الأصغر لا بقيّة له، وأمّ موسى، وأمّ الحسن؛ وأمّهم أمامة بنت الدُّجيج من غسّان، ومحمد، وإبراهيم الأصغر، وعبد الله الأصغر، وأمّ حبيب الكبرى، وأمّ الحسن الصغرى، وأمّ زيد الكبرى، وأمّ سلمة، وأمّ حبيب الصغرى، وأمّ سعيد الكبرى توفّيت قبل أبيها، وأمّ زيد؛ وأمّهم حَزْمَة بنت قيس بن خالد، وعمرو الأصغر والأسود؛ وأمّهما أمّ الأسود امرأة من بني ثعلب، وعمرو الأكبر، وطلحة هلك قبل أبيه لا بقية له، وزُجْلَة امرأة؛ وأمّهم ضُبْخ بنت الأصبغ بن شعيب من كلب، وإبراهيم الأكبر، وحفصة؛ وأمّهما ابنة قربة من بني تغلب، وخالد، وأمّ خالد توفّيت قبل أبيها، وأمّ النعمان؛ وأمّهم أمّ خالد أمّ ولد، وأمّ زيد الصغرى؛ وأمّها أمّ بشير بنت أبي مسعود الأنصاريّ، وأمّ زيد الصغرى كانت تحت المختار بن أبي عُبيد؛ وأمّها من طَيئ، وعائشة، وزينب، وأمّ عبد الحَوْلاءِ، وأمّ صالح؛ وأمّهم أمّ ولد.
وكان رجلًا طُوالًا، آدم أشعر. وروى حكيم بن محمد ــ من ولد المطّلب بن عبد مناف، عن أبيه أنّه رأى في خاتم سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل آية من كتاب الله. وكان إسلامُ سعيد قديمًا قبل عمر، وبسبب زوجته كان إسلامُ عمر بن الخطاب. وهاجر سعيد وامرأتُه فاطمة بنت الخطَّاب، وكان عثمانُ قد أقْطَع سعيدًا أرضًا بالكوفة، فنزلها، وسكنها إلى أن مات، وسكنها من بعده من بنيه الأسود بن سعيد، وكان له أربعة بنين‏:‏ عبد الله، وعبد الرّحمن، وزيد، والأسود، كلُّهم أعقب وأنجب. ورَوَى الْبُخَارِيُّ، من طريق قيس بن أبي حازم، عن سعيد بن زيد، قال: لقد رأيتني وإنَّ عمر لموثقي على الإسلام. وروى محمد بن صالح، عن زيد بن رومان قال: أسلم سعيد بن زيد بن عمرو قبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم، وقبل أن يدعو فيها.
ولما هاجر سعيد بن زيد إلى المدينة نزل على رِفاعة بن عبد المنذر أخي أبي لُبابَة، وكان سعيد بن زيد من المهاجرين الأولين، ولم يشهد سعيد بدرًا، وضرب له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بسهمه وأَجره، فقيل: إِنما لم يشهدها لأَنه كان غائبًا بالشام، فقدم عقيب غزاة بدر، فضرب له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بسهمه وأَجره، قالوا: لما تَحَيَّن رسولُ الله فصولَ عِير قريش من الشأم بعث طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد بن عمرو، قبل خروجه من المدينة بعشر ليالٍ يتحسّبان خبر العير، فخرجا حتى بلغا الحوراءَ، فلم يزالا مقيمين هناك حتى مرّت بهما العير، وبلغ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم الخبرُ قبل رجوع طلحة، وسعيد إليه فندب أصحابه وخرج يريد العير، فساحلت العير، وأسرعت، وساروا الليل والنهار فَرَقًا من الطلبة، وخرج طلحة بن عبيد الله، وسعيد بن زيد يريدان المدينة ليخبرا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خبرَ العير، ولم يَعلما بخروجه، فقدما المدينة في اليوم الذي لاقَى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيه النفير من قريش ببدر، فخرجا من المدينة يعترضان رسول الله فلقياه بتُرْبانَ فيما بين مَلَل والسيّالة على المحجّة منصرفًا من بدر، فلم يشهد طلحة وسعيد الوقعة، وضرب لهما رسولُ الله بسُهْامهما وأجورهما في بدر، فكانا كمن شهدها(*). وقيل: إِنه شهد بدرًا، والأَول أَصح، وشهد سعيدٌ أُحُدًا، والخندق، والمشاهد كلّها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وشهد اليَرْمُوك، وفَتْح دمشق.
وروى نافع، عن ابن عمر أنّ مَرْوان أرسل إلى سعيد بن زيد ناسًا يكلّمونه في شأن أَرْوَى بنت أُويس، وكانت شكَتْه إلى مروان،‏ فقال سعيد‏:‏ تروني ظَلْمتُها وقد سمعْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول:‏ ‏"‏مَنْ ظَلَمَ مَن الأَرْضِ شِبْرًا طُوّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَة مَنْ سَبْعِ أَرَضِينَ‏"،‏ اللهم إن كانت كاذبة فلا تُمِتْها حتى تُعْمِي بصرها، وتجعل قبرها في بئر‏،‏ قال:‏ فوالله ما ماتت حتى ذهب بَصَرُها، وجعلت تمشي في دارها وهي حذرة، فوقعت في بئرها فكانت قَبْرها(*). وفي رواية: أنّ أَرْوَى بنت أُويس استعدت مروان بن الحكم على سعيد بن زيد في أرضه بالشّجرة، فقال سعيد‏:‏ كيف أظلمها؟ وذكر مثل ما تقدّم‏، وأوجب مروان عليه اليمين، فترك سعيد لها ما ادّعَتْ، وقال:‏ اللهم إن كانت أروى كاذبةً فأعْمِ بصرَهَا، واجعل قَبْرَهَا في بئرِها، فعميت أروى، وجاء سيل فأبدى ضفيرتها، فرأوا حقَها خارجًا من حق سعيد، فجاء سعيد إلى مروان، فقال:‏ أقسمت عليك لتركبنّ معي ولتنظرنّ إلى ضفيرتها، فركب معه مَرْوان، وركب أناسٌ معهما حتى نظروا إليها، ثم إن أروى خرجت في بعض حاجتها بعدما عميت، فوقعت في البئر فماتت‏،‏ قال: ‏وكان أهلُ المدينة يَدْعُو بعضُهم على بعض يقولون:‏ أعماكَ الله كما أعمى أَرْوَى، يريدونها، ثم صار أهلُ الجهل يقولون: أعماك الله كما أعمى الأروى، يريدون الأروى التي في الجبل يظنُّونَها، ويقولون:‏ إنها عمياء، وهذا جَهْلٌ منْهُم.
وسعيد بن زيد أَحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وفي رواية عبد الرحمن بن عوف، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَبُو بَكْرِ فِي الجَنَّةِ، وَعُمَرُ فِي الجَنَّةِ، وَعُثْمَانُ فِي الجَنَّةِ، وَعَلِيٌّ فِي الجَنَّةِ، وَطَلْحَةُ فِي الجَنَّةِ، وَالزَّبِيرُ فِي الجَنَّةِ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ فِي الجَنَّةِ، وَسَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ فِي الجَنَّةِ، وَسَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ فِي الجَنَّةِ، وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الجَرَّاحِ فِي الجَنَّةِ"(*) أخرجه أبو داود في السنن 2/632 ـــ 624 كتاب السنة باب في الخلفاء حديث رقم 4650 والترمذي في السنن حديث رقم (3747) وابن ماجه في السنن حديث رقم (133) وأحمد في المسند 1/ 187، 188 وأبو نعيم في الحلية 1/ 95.. وآخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبين أُبَيّ بن كعب، وقيل: آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بين سعيد بن زيد ورافع بن مالك الزّرَقّي. وقال سعيد بن جُبَير: كان مقام أَبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن زيد، كانوا أَمام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في القتال، ووراءَه في الصلاة.
روى عن سعيد بن زيد من الصّحابة: ابن عمر، وعمرو بن حُريث، وأبو الطفيل، وعبد اللّه بن ظالم المازني، وزِرُّ بن حبيش، وأَبو عثمان النهدي، وعُرْوة بن الزبير، وأَبو سلمة بن عبد الرحمن، وغيرهم، ومَنْ كبار التابعين: أبو عثمان النهديّ، وابن المسيّب، وقيس بن أبي حازم، وغيرهم. وروى عبد اللّه بن ظالم التميمي، عن سعيد بن زيد بن عمرو، قال: أََشهد أَن عليًّا من أَهل الجنة، قلت: وما ذاك؟ قال: هو في التسعة، ولو شئت أَن أُسمي العاشر، لسميته قال: اهتز حراءُ، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "اثْبَتْ حِرَاءُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْكَ إِلَّا نَبِيٌّ أَوْ صَدِّيقٌ أَوْ شَهِيدٌ"(*) قال: ورسول الله، وأَبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزبير، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد، وأَنا، يعني نفسه أخرجه الترمذي في السنن حديث رقم (3757) وابن ماجه في السنن حديث رقم (134) وأحمد في المسند 1/ 189، 5/ 346.. وروى طلحة بن عبد اللّه بن عوف، عن سعيد بن زيد أَنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: "مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ"(*) أخرجه البخاري في الصحيح 3/ 179 ومسلم في الصحيح كتاب الإيمان حديث 546 وأبو داود في السنن حديث 4772 والترمذي في السنن حديث 1418، 1419، وابن ماجه في السنن حديث رقم. 2580 والنسائي في السنن 7/ 115 وأحمد في 1/ 79، 187 والطبراني في 1/ 115 والبيهقي في السنن 3/ 265..
وزعم الهيثم بن عديّ أن سعيد مات بالكوفة، وصلَّى عليه المغيرة بن شعبة، قال: وعاش ثلاثًا وسبعين سنة. وقال الواقديّ: تُوفي سعيد بالعَقيق، فحُمِل إلى المدينة، وذلك سنة خمسين، وقيل: إحدى وخمسين، وقيل سنة اثنتين وخمسين، وقيل: توفي سنة ثمان وخمسين بالعقيق، من نواحي المدينة، وقيل: توفي بالمدينة، والأَول أَصح. قال عبد الملك بن زيد ــ من ولد سعيد بن زيد، عن أبيه قال: توفّي سعيد بن زيد بالعقيق فحُمل على رقاب الرجال فدفن بالمدينة، ونزل في حفرته سعدٌ، وابن عمر وذلك سنة خمسين أو إحدى وخمسين. قال محمد بن عمر: وهو الثبت عندنا لا اختلاف فيه بين أهل البلد، وأهل العلم قِبَلَنا أنّ سعيد بن زيد مات بالعقيق، وحمل فدفن بالمدينة وشَهِدَه سعدُ بن أبي وقّاص، وابن عمر، وأصحاب رسول الله، وقومه، وأهل بيته، وولده على ذلك يعرفونه ويروونه، وروى أهل الكوفة أنّه مات عندهم بالكوفة في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وصلّى عليه المغيرة بن شعبة وهو يومئذٍ والي الكوفة لمعاوية. وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنة،
وروى نافع عن عبد الله بن عمر أنّه استُصْرِخَ على سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل يومُ الجمعة بعدما ارتفع الضّحى فأتاه ابن عمر بالعقيق وتَرَكَ الجُمعَة، وفي رواية: وروى عبيد الله ــ يعني: ابن عمر، عن أبي عبد الجبّار قال: سمعتُ عائشة بنت سعد بن مالك تقول: غَسّلَ أبي سعدُ بن مالك سعيدَ بن زيد بن عمرو بالعقيق ثمّ احتملوه يمشون به حتى إذا حاذى سعد بداره دخل ومعه الناس، فدخل البيت فاغتسل، ثمّ خرج فقال لِمَنْ معه: إني لم أغْتَسِلْ من غُسْلِ سعيدٍ إنّما اغتسلتُ من الحَرّ. وروى نافع أنّ ابن عمر حنّط سعيد بن زيد، وحمله، ثمّ دخل المسجد فصلّى ولم يتوضّأ. وفي رواية: أنَّ ابن عمر حنط سعيد بن زيد بن نفيل فقيل له: نَأتيك بمِسْك؟ فقال: نعم، وأيّ طيبٍ أطيب من المسك؟.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال