تسجيل الدخول


أبو الأعور سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوي

1 من 1
سعيد بن زيد بن عمرو:

سعيد بن زيد بن عمرو، بن نُفيل عبد العزّي بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عديّ بن كعب بن لؤيّ القرشيّ العدويّ، أُمه فاطمة بنت بعجة بن مليح الخزاعيّة، وهو ابن عم عمر بن الخطّاب وصهره، يُكْنَى أَبا الأعور، كانت تحته فاطمة بنت الخطّاب أُخت عمر بن الخطّاب، وكانت أُخته عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل تحت عمر بن الخطّاب، وكان سعيد بن زيد من المهاجرين الأولين، وكان إسلامُه قديمًا قبل عمر، وبسبب زوجته كان إسلامُ عمر بن الخطاب؛ وخبرهما في ذلك خَبَرٌ حسَن، وهاجر هو وامرأتُه فاطمة بنت الخطَّاب، ولم يشهد بَدْرًا؛ لأنه كان غائبًا بـ "الشّام"، قدم منها بعقب غزوة بدر، فضرب له رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بسهمه وأجره، فقصتُه أشبه القصص بقصّة طلحة بن عبيد الله فيما قال موسى بن عقبة عن ابن شهاب، وكذلك قال ابنُ إسحاق.

قال الواقدي‏ّ:‏ كان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم قد بعث ـــ قبل أن يخرج من المدينة إلى بَدْرّ ـــ طلحة بن عبد الله وسعيد بن زيد إلى طريق الشَّام يتجسسان الأخبار، ثم رجعا إلى المدينة، فقدما لها يوم وقْعَة بدر، فضرب لهما رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بسهمهما وأجْرِهما.‏ وبقول الواقديّ قال الزّبير في ذلك سواء.

وقد قيل‏:‏ إنه شهد بدرًا، ثم شهد ما بعدها من المشاهد، وهو أحدُ العشرة الذين شهد لهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بالجنّة‏.‏ وكان أبوه زيد بن عمرو بن نفيل يطلب دِينَ الحنيفية دين إِبراهيم عليه السَّلام قبل أن يُبعث النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وكان لا يذبح للأنصاب ولا يأكل الميتة والدّم.

ومن خبره:‏ في ذلك أَنه خرج في الجاهليّة يطلب الدِّين هو وورَقة بن نوفل، فلقيا اليهود، فعرضت عليهما يهودُ دينهم، فتهوّد ورَقة، ثم لقيا النَّصارى فعرضوا عليهما دينهم، فترك ورَقة اليهوديّة وتنصّر، وأَبَي زيد بن عمرو أن يأتي شيئًا من ذلك، وقال: ما هذا إلا كدين قومَنا، تشركون ويشركون، ولكنكم عندكم من الله ذِكْر ولا ذِكْرَ عندهم.‏ فقال له رَاهِبٌ‏:‏ إنّك لتطلب دينًا ما هو على الأرض اليوم‏.‏ فقال‏:‏ وما هو؟ قال‏:‏ دين إبراهيم‏. قال:‏ وما كان عليه إبراهيم؟ قال‏:‏ كان يعبد الله لا يشرِكُ بِه شيئًا، ويصلَّي إلى الكعبة. فكان زيد على ذلك حتى مات.

حدثنا أحمد بن قاسم، حدّثنا محمد بن معاوية، حدّثنا إبراهيم بن موسى بن جميل، حدّثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدّثنا نصر بن علي، حدّثنا الأصمعيّ قال حدّثنا ابن أبي الزّناد، قال:‏ قالت أسماء بنت أبي بكر، وكانت أكبر من عائشة بعشر سنين أو نحوها ـــ قالت‏:‏ رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مُسْنِدًا ظهْرَه إلى الكعبة وهو يقول: يا معشر قريش، والله لا آكُلُ ما ذُبح لغير الله، والله ما على دين إِبراهيم أَحدٌ غيري.

حدّثنا قاسم بن محمد، حدّثنا خالد بن سعد، حدّثنا أحمد بن عمر، حدّثنا محمد ابن صخر، حدّثنا عبيد الله بن رجاء، حدّثنا المسعود، عن نوفل بن هشام بن سعيد بن زيد، عن أبيه، عن جدّه قال:‏ خرج ورقَةَ بن نوفل وزيد بن عمرو بن نفيل يطلبان الدِّين حتى مَرَّ بالشّام، فأما ورقة فتنصَّر، وأما زيد فقيل له‏:‏ إن الّذي تطلب أمامَك‏.‏ قال:‏‏ فانطلَق حتى أتى الموصل، فإذا هو براهب، فقال:‏ من أين أقبل صاحبُ الرّاحلة؟ فقال: من بيت إبراهيم. قال:‏ فما تطلب؟ قال:‏ الدِّين. قال‏:‏ فعرض عليه النّصرانية. فقال:‏ ‏لا حاجة لي بها، وأبى أن يقبلها. فقال:‏ إن الذي تَطْلُب سيظهر بأَرضك‏.‏ فأقبل وهو يقول: [رجز]
‏لَبّيكَ حَقًا حَقًا تعبُّدًا وَرِقّا مَهْمَا تَجَشَّمَنِي فَإِني جَاشِمُ. عُذْت ِبَما عَاذ بهِ إِبْراهُم.

قال: ومرَّ بالنّبي صَلَّى الله عليه وسلم ومعه أبو سفيان بن الحارث يأكلان من سُفرة لهما، فدعَوَاه إلى الغذاء، قال:‏ يابن أخي، إني لا آكل ما ذُبح على النُّصُب. قال:‏‏ فما رؤي النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم من يومه ذلك يأكل مما ذُبح على النُّصُب حتى بُعث صَلَّى الله عليه وسلم.

قال:‏ وأتاه سعيد بن زيد، فقال‏:‏ إِنّ زيدًا كان كما قد رأيت وبلغك، فاستغفر له؟ قال:‏ "نعم، فإنه يبعث يوم القيامة أمةً وحده".

وذكر ابن أبي الزّناد أيضًا، عن موسى بن عقبة، عن سالم بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عن النّبي صَلَّى الله عليه وسلم أنه لقي زيد بن عمرو بن نُفيل بأَسفل بَلْدَح، وذلك قبل أن يُنَزَّل على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الوَحْي، فقدَّم إليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منه.‏ وقال: إني لا آكلُ [[إلا]] ما ذُكِر اسمُ اللَّهِ عليه،(*) رواه علي بن الحسين عن الطوسي عن الزّبير عن عمه مُصعب عن الضّحاك بن عثمان عن عبد الرّحمن بن أبي الزّناد.

وكان عثمانُ قد أقْطَع سعيدًا أرضًا بالكوفة، فنزلها وسكنها إلى أن مات، وسكنها من بعده من بنيه الأسود بن سعيد، وكان له أربعة بنين‏:‏ عبد الله، وعبد الرّحمن، وزيد، والأسود، كلُّهم أعقب وأنجب.

وذكر الزَّبير عن إبراهيم بن حمزة، عن المغيرة بن عبد الرَّحمن، عن العمريّ، عبد الله ابن عمر بن حفص، عن نافع، عن ابن عمر أنّ مَرْوان أرسل إلى سعيد بن زيد ناسًا يكلّمونه في شأن أَرْوَى بنت أُويس، وكانت شكَتْه إلى مروان.‏ فقال سعيد‏:‏ تروني ظَلْمتُها وقد سمعْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول:‏ ‏"‏مَنْ ظَلَمَ مَن الأَرْضِ شِبْرًا طُوّقَهُ يَوْمَ الْقِيَامَة مَنْ سَبْعِ أَرَضِينَ‏".‏ اللهم إن كانت كاذبة فلا تُمِتْها حتى تُعْمِي بصرها، وتجعل قبرها في بئر‏.‏ قال:‏ فوالله ما ماتت حتى ذهب بَصَرُها، وجعلت تمشي في دارها وهي حذرة فوقعت في بئرها فكانت قَبْرها.(*)

قال الزبير:‏ وحدّثني إبراهيم بن حمزة، قال حدّثني عبد العزيز بن أبي حازم، عن العلاء بن عبد الرّحمن، عن أبيه أنّ أَرْوَى بنت أُويس استعدت مروان بن الحكم على سعيد بن زيد في أرضه بالشّجرة، فقال سعيد‏:‏ كيف أظلمها؟ وذكر مثل ما تقدّم‏. وأوجب مروان عليه اليمين، فترك سعيد لها ما ادّعَتْ، وقال:‏ اللهم إن كانت أروى كاذبةً فأعْمِ بصرَهَا، واجعل قَبْرَهَا في بئرِها، فعميت أروى، وجاء سيل فأبدى ضفيرتها، فرأوا حقَها خارجًا من حق سعيد، فجاء سعيد إلى مروان، فقال:‏ أقسمت عليك لتركبنّ معي ولتنظرنّ إلى ضفيرتها، فركب معه مَرْوان، وركب أناسٌ معهما حتى نظروا إليها. ثم إن أروى خرجت في بعض حاجتها بعدما عميت، فوقعت في البئر فماتت‏.‏ قال: ‏وكان أهلُ المدينة يَدْعُو بعضُهم على بعض يقولون:‏ أعماكَ الله كما أعمى أَرْوَى، يريدونها، ثم صار أهلُ الجهل يقولون: أعماك الله كما أعمى الأروى، يريدون الأروى التي في الجبل يظنُّونَها، ويقولون:‏ إنها عمياء، وهذا جَهْلٌ منْهُم.

حدّثنا عبد الوارث بن سفيان، حدّثنا قاسم بن أصبغ، حدّثنا المطلَّب بن سعيد، حدّثنا عبد الله بن صالح، قال‏:‏ حدّثني الليث، قال:‏ حدّثني ابن الهادي، عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال:‏ جاءت أروى بنت أويس إلى أبي محمد بن عمرو بن حازم فقالت له‏:‏ يا أبا عبد الملك؛ إن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قد بنى ضفيرةً في حَقّي فأْتِه بكلمة فلينزع عن حقّي، فوالله لئن لم يفعل لأصيحنَّ به في مسجد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. فقال لها:‏ لا تؤذي صاحبَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فما كان ليظلمَك ولا ليأخذَ لك حقًّا‏.‏ فخرجت وجاءت عمارة بن عمرو، وعبد الله بن سلمة، فقالت لهما: ائتيا سعيد بن زيد فإنه قد ظلمني وبنَى ضفِيرةً في حقّي، فوالله لئن لم ينزع لأصيحنَّ به في مسجد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.‏ فخرجا حتى أتياه في أَرضِه بالعقيق، فقال لهما:‏ ما أتى بكما؟ قالا‏: جاءتنا أروى بنت أويس، فزعمت أنك بنيْتَ ضفيرة في حقَّها، وحلفَتْ بالله لئن لم تنزع لتصيحنّ بك في مسجد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؛ فأحببنا أن نأتيكَ، ونذكر ذلك لك.

فقال لهما:‏ إني سمعْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول:‏ ‏"‏مَنْ أَخَذَ شِبْرًا مِنَ الأَرْضِ بِغَيْرِ حَقِّهِ يُطَوِّقهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ سَبْعِ أَرَضِين‏َ"أخرجه البخاري 6 / 293 رقم 3198 ومسلم 3 / 1231 في المساقاة 140 / 1610.‏ فلتأْتِ فلتأْخذ ما كان لها من حق، اللهم إن كانَتْ كاذبة فلا تمِتْها حتى تُعْمي بصرها وتجعل ميتتها فيها، فرجعوا فأخبروها ذلك فجاءت فهدمت الضَّفيرة، وبنتْ بنيانا، فلم تمكث إلا قليلًا حتى عميت، وكانت تقومُ بالليل ومعها جارية لها تقودها لتوقظ العمّال، فقامت ليلةً وتركت الجارية فلم توقظها، فخرجت تَمْشي حتى سقطت في البئر، فأصبحت ميتة‏.(*)

تُوفِّي سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بأرضه بالعقيق، ودفن بالمدينة في أيام معاوية سنة خمسين أو إحدى وخمسين، وهو ابن بضع وسبعين سنة‏. ‏روى عنه ابن عمر، وعمرو بن حُريث، وأبو الطّفيل عامر بن واثلة وجماعة من التَّابعين.
(< جـ2/ص 178>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال