تسجيل الدخول


أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف العبشمي

أبو العاص، وقيل: القاسم، وقيل: مقيسم، وقيل لقيط، وقيل: مِهْشَم، وقيل: مُهَشِم، وقيل: هُشيم، وقيل: ياسر بن الرّبيع بن عبد العزى القرشي العبشمي.
أَخرجه أَبو نعيم، وأَبو موسى، وابن عبد البر. وكان يُعْرف بجرو البطحاء، هو وأخوه يقال لهما‏: جروا البطحاء،‏ وقيل: بل كان ذلك أبوه وعمه، واختلف في اسمه، وعن محمد بن الضحاك، عن أَبيه قال: اسم أَبي العاص بن الربيع القاسم ــ قال الزبير: وذلك أَثبت في اسمه، وهو مشهورٌ بكنيته.
أمّهُ هالةُ، وقيل: هند بنتُ خُوَيْلدِ بن أسد، وخالته خَدِيجة بنت خُوَيْلد زَوْج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فهو ابن خالة أَولاد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من خديجة، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم زوّجهُ ابنَتَه زينب قبل الإسلام، فَوَلدَتْ له عليًّا، وأُمَامَةَ ــ امرأةً، فتوفي عليّ وهو صغير، وبقيت أُمَامُةُ بنت أبي العاصِ، وتزوجها علي بن أبي طالب بعد موت فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وعن عامر الشَّعْبيّ: أن زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، كانت تحت أبي العاص بن الربيع فأسلمت وهاجرت مع أبيها، وأَبَى أَبُو العاص أن يسلم وعن عائشة: أن أبا العاص بن الربيع كان فيمن شهد بدرًا مع المشركين، فأسره عبد الله بن جُبير بن النعمان الأنصاري، فلما بعث أهلُ مكةَ في فداء أُساراهم، قدم فِي فِدَي أبي العاص أخوه عمرو ابن الربيع، وبَعَثَت معه زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؛ وهي يومئذٍ بمكةَ؛ بقلادةٍ لها كانت لخديجةَ بنتِ خويلدٍ من جَزْعِ ظَفار ــ وظفارُ جبل باليمن ــ وكانت خديجة بنت خويلد أدخلتها بتلك القلادةِ على أبي العاص بن الربيع حين بَنَى بها، فبعثت بها في فداءِ زوجها أبي العاص، فلما رأى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، القلادةَ عرفها، وَرَقَّ لها، وذَكَرَ خديجةَ وترحم عليها، وقال: "إن رأيتم أن تُطْلِقوا لها أسيرها وتَرُدُّوا عليها متَاعَها فعلتُم"، قالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوا أبا العاص بن الربيع، ورَدُّوا على زينب قِلاَدتها، وأخذ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، على أبي العاص أن يُخلّي سبيلها إليه، فوعدَهُ ذلك ففعل(*).
وروى موسى بن محمد بن إبراهيم بن التيمي، عن أبيه، قال: خرج أبو العاص بن الربيع إلى الشام في عِيرٍ لقريش، وبلغ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أن تلك العيرَ قد أقبلت من الشام، فَبَعَثَ زَيْدَ بن حارثة في سبعين ومائة راكب، فلقوا العيرَ بناحية العِيص في جمادي الأولى سنة ست من الهجرة، فأخذوها وما فيها من الأثقال، وأسروا ناسًا ممّن كان في العير، منهم أبو العاص بن الربيع فلم يَغْدُ أن جاء المدينة، فدخل على زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سَحَرًا، وهي امرأتُهُ، فاستجارها فأجارتهُ، فلما صَلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الفجر قامت على بابها فنادت بأعلى صوتها: إني قد أجرتُ أبا العاص بن الربيع! فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أيها الناس، هل سمعتُم ما سمعتُ؟" قالوا: نعم، قال:"فوالذي نفسي بيده، ما علمتُ بشيءٍ مما كان حتى سمعتُ الذي سمعتم، المؤمنون يدٌ واحدةٌ على مَن سِواهم، يُجير عليهم أدناهم، وقد أجرنا مَن أَجارتْ"، فلما انصرف النبي صَلَّى الله عليه وسلم إلى منزلهِ دخلت عليه زينبُ، فسألتهُ أن يردّ عَلى أبي العاص ما أُخِذَ منهُ، ففعل وأمرها أَلاَّ يقربها، فإنها لا تحل له ما دام مشركا، ورجع أبو العاص إلى مكة فأدى إلى كل ذي حَقٍّ حقهُ ثم أسلم، ورجع إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم مسلمًا مهاجرًا سنة سبع من الهجرة، فردَّ عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم زينب بذلك النكاحِ الأول(*).
وروى معروف بن الخَرَّبُوذِ المكي قال: خرج أبو العاص بن الربيع في بعض أسفاره إلى الشام، فذكر امرأته زينب بنت رسول الله صَلَّّى الله عليه وسلم، فأنشأ يقول: ذَكَرْتُ زَيْنَبَ لَمَّا وَرّكَت إِرَمَا فقلت سَقْيًا لشخصٍ يَسْكُنُ الحَرمَا
بنتُ الأمين جزاها اللهُ صالحةً وكـلّ ُ بَعْلٍ
سَيُثْنِي بالذي
عَلِمَا
قال محمد بن عُمر: وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "ما ذَمَمْنَا صِهْرَ أَبِي العاص"(*)، وعن عامر الشَّعْبي، قال: خرج أبو العاص بن الرَّبيع إلى الشام في أموال لقريش وله، ثم أقبل في العِيرِ فَسَمِعَ به ناسٌ من المسلمين فَتَهَيَّـئُوا ليخرجوا إليه فيضربُوا عُنُقَهُ ويأخذوا ما معه من المال، فَسَمِعَتْ بذلك زينبُ فقالت: يا رسول الله، أَلَيس عقدُ المسلم وَعَهْدُهم واحدًا؟ قال: "بَلى". قالت: فإني أُشْهِدُ الله أني قد آمنتُ أبا العاص، فخرج الناس عُزلًا فقالوا: يا أبا العاص، أنت في بيت من بيوت قريش وأنت خَتَنُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأسلم على هذه الأموال التي معك تصير لك، قال: أتأمرونني أن أفتح ديني بغدرةٍ! فانطلق فأتى مكةَ فدفع إلى كُلِّ ذِي حَقٍّ حقَّه، ثم قال: يا أهلَ مَكَّةَ أبرئت لي أمانتي؟ قالوا: نعم، قال: فإني أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا رسول الله، فرجع إلى زينب بالنكاح الأول(*)، ولم يشهد مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم مشهدًا، ثم قدم المدينة، وتُوفي في ذي الحجة سنة اثنتي عشرة في خلافة أبي بكر الصديق، وأوصى إلى الزبير بن العوام، وليس لأبي العاص عقبٌ إلا من قِبَلِ ابنةٍ وَلَدَتِ القاسمَ بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف.
أَبى أبو العاص أَن يطلق زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إذ مشى إليه مشركو قريش في ذلك، فشكر له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مصاهرته، وأثنى عليه بذلك خيرًا، وقد أَثنى النبي صَلَّى الله عليه وسلم في خطبة له على أبي العاص بن الربيع، وقال: "حَدَّثَنِي فَصَدَقَنِي، وَوَعَدَنِي فَوَفى لِي"(*)، وقال الوَاقِدِيُّ: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "مَا ذَمَمنا صِهْرَ أَبِي العَاصِ"(*)، وفي الصحيحين إن النبي صَلَّى الله عليه وسلم كان يصلّي وهو حامل أمامَةَ بنت زينب ابنته من أبي العاص بن الربيع(*).
وكان مع علي أَيضًا لما بُويع أَبو بكر، وكان قبل البعثة مُوَاخِيًا لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان يُكثر زيارته له في منزله، كان يقال لأبي العاص: الأَمين، قال ابْنُ إِسْحَاقَ: كان من رجال مكة المعدودين مالًا، وأمانةً، وتجارةً، وروى عنه ابن عباس، وعبد الله بن عمرو، وسار مع عليّ إلى اليمن فاستخلفه عَلِيّ عَلَى اليمن لما رجع.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال