1 من 1
منظور بن زَبَّان بن سَيّار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سُمي بن مازن بن فَزارة.
ذكر الدَّارَقُطْنِيُّ وعبد الغنيّ بن سعيد في المشتبه، عن المفضل الغِلاَبي ـــ أنه قال في حديث البراء بن عازب: أتيت خالي ومعه الراية، فقلت: إلى أين؟ قال: بعثني رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى رجل تزوّج امرأة أبيه أن أضرب عنقه. قال: هذا الرجل هو منظور بن زبَّان.
وحكى عمر بن شبة أن هذه الآية؛ وهي قوله تعالى: {وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النَّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ...} [سورة النساء آية 22] ـــ نزلت في منظور بن زبّان، خلف على امرأة أبيه واسْمُها مليكة، وأن أبا بكر الصّديق طلبهما لما ولي الخلافة إلى أنْ وجدهما بالبَحْرَين، فأقدمهما المدينة، وفرَّق بينهما، وأن عمر أراد قَتْل منظور، فحلف بالله أنه ما علم أنَّ الله حرَّم ذلك.
وفي ذلك يقول الوليد بن سعيد بن الحمام المري من أبيات:
بِئْسَ الخَلِيفَةُ لِلآبَاءِ قَدْ عَلِمُوا
فِي الأمَّهَاتِ أَبُو زَبَّانَ مَنْظُورُ
[البسيط]
وهذا يدل على أن منظورًا لم يُقتل في عَهْد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فلعل خال البراء لم يَظْفَر به، بل لما بلغه أنه قصده هرب.
وقال أَبُو الْفَرَجِ الأصْبَهَانِيُّ في "الأغاني": كان منظور سيِّد قومه، وهو أحَدُ من طال حَمْلُ أمه به، فولدته بعد أربع سنين، فسمى منظورًا لطولِ ما انتظروه؛ قال: وذكر الهيثم بن عدي، عن عبد الله بن عياش المنتوف، وعن هشام بن الكلبي؛ قال: وذكر بعضه الزُّبير بن بكَّار عن عمه، عن مجالد؛ قالوا تزوَّج منظور بن زبان امرأة أبيه وهي مليكة بنت خارجة بن سنان بن أبي حارثة المُزني، فولدت له هاشمًا وعبد الجبَّار وخولة، ولم تزل معه إلى خلافة عمر؛ فرُفع أمره إلى عمر، فأحضره وسأله عما قيل فيه من شربه الخمر ونكاحه امرأةَ أبيه، فاعترف بذلك؛ وقال: ما علمت أن هذا حرام؛ فحبسه إلى قُرب صلاة العَصْرِ، ثم أحلفه أنه لم يعلم أن الله حرّم ذلك؛ فحلف فيما ذكروا أربعين يمينًا، ثم خلّى سبيله، وفرقَ بينه وبين مليكة، وقال: لولا أنك حلفْتَ لضربْتُ عنقك.
وقال ابْنُ الْكَلْبِيُّ في روايته: قال عمر: أتنكح امرأة أبيك وهي أمُّك؟ أوما علمْت أن هذا نكاح المَقْت، ففرّق بينهما، فاشتد ذلك عليه، فرآها يومًا تمشي في الطَّريق فأنشد:
أَلاَ لاَ أُبَالِي اليَومَ مَا صَنَعَ الدَّهْرُ إِذَا مُنِعَتْ منِّي مُلَيْكَةُ والخَمْرُ
فَإِنْ تَكُ قَدْ أَمْسَتْ بَعِيدًا مَزَارُهَا
فَحَيّ ابْنَةَ المرِّيِّ مَا طَلَعَ الفَجْرُ
[الطويل]
وقال أيضًا من أبيات:
لَعَمْرُ أَبِي دِينٌ يُفَرِّقُ بَيْنَنَـــا وَبَيْنَكِ قَسْرًا إِنَّهُ لَعَظِيــــمُ
[الطويل]
فبلغ ذلك عمر، فطلبه ليعاقبه فهرب، وتزوجها طلحة بن عبيد الله.
وذكر الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ في "أخبار المدينة": قال: قال عمر لما فرق بين منظور ومُليكة: مَنْ يكفل هذه؟ فقال عبد الرَّحمن بن عوف: أنا، فأنزلها دارَه، فعرفت الدار بعد ذلك بها، فكان يقال لها دار مُليكة.
وذكر عُمَرُ بْنُ شَبَةَ في "أخبار المدينة": أنّ ذلك كان في خلافة عُمر كما سأذكره في ترجمة مليكة في النِّساء.
وذكر ابْنُ الْكَلْبِيُّ في كتاب "المثالب" أنها كانت تُكنى أم خَوْلة، وأنها كانت عند زَبَّان، فهلك عنها ولم تلد له، فتزوَّجها ولَده نكاح مَقْت... فذكر القصَّة مطولة.
وذكر أبو مُوسَى في ذيله في ترجمة مُليكة هذه، مِنْ طريق محمد بن ثور، عن بن جريج، عن عكرمة؛ قال: فرّقَ الإسلام بين أربع وبين أبناء بعولتهن؛ فذكر منهن مليكة، خلف عليها منظور بعد أبيه.
وقال أبو الفَرَجِ أيضًا: خطب الحسن بن علي خَوْلة بنت منظور هذا وأبوها غائب فجعلت أمْرَها بيده، فتزوَّجها فبلغه فقال: أمثلي يُفْتات عليه في ابنته؟ فقدم المدينة فركز رايةً سوداء في مسجد رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يَبْقَ في المدينة قيسي إلا دخل تحتها؛ فبلغ ذلك الحسن؛ فقال: شأنك بها. فأخذها وخرج، فلما كان بقُبَاء جعلت تنْدبه، وتقول: يا أبت الحسن بن علي سيِّد شباب أهل الجَنَّة! فقال: تلبثي هنا فإن كان له بكِ حاجة فسيلحقنا. قال: فأقام ذلك اليوم، فلحقه الحسن ومعه الحسين، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن عباس، فزوَّجها من الحسن، ورجع بها.
وأظن هذه البنت هي التي ذكرت في ترجمة الفرزدق الشَّاعر، أو هي أختها؛ وذلك أن زوجته النّوَّار لما فرَّتْ منه إلى ابن الزبير بمكَّة، وهو يومئذ خليفة، قدم مكَّة فنزل على بني عبد الله بن الزبير، فمدحهم، وكانت النوار نزلت على بنت منظور بن زَبّان، فقضى ابنُ الزبير للنوار على الفرزدق في قصّةٍ مذكورة؛ وفي ذلك يقول الفرزدق:
أَمَّا بَنْوهُ فَلَمْ تُقْبَل شَفَاعَتُهُـــمْ
وَشُفِّعَتْ بِنْتُ مَنْظُورِ بْنِ زَبَّانَا
لَيْسَ الشَّفِيعُ الَّذِي يَأْتِيكَ مُؤْتَزِرًا مِثْلَ الشَّفِيعِ الَّذِي يَأْتِيكَ عُرْيَانَـا
[البسيط]
وقال المَرْزَبَّانِيُّ: منظور مخضرم، تزوَّج امرأة أبيه مليكة بنت خارجة، ففرّق بينهما عمر؛ فذكر البيتين.
وذكر ابْنُ الأثيرِ في ترجمته، عن الأمير أبي نصر بن ماكولا، أنه ذكر في الإكمال منظور بن زَبّان بن سنان الفزاري هو الذي تزوَّج امرأة أبيه، فبعث النبيُّّ صلى الله عليه وآله وسلم مَنْ يقتله؛ قال ابن الأثير: لو لم يكن مسلمًا لما قتله على ذلك، بل كان يقتله على الكفر. انتهى.
وقصته مع أبي بكر وعُمر ثم مع الحسن بن علي تدلّ على أنه عاش إلى خلافة عثمان، والله أعلم.
(< جـ6/ص 174>)