منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقيل بن هلال بن سمي بن مازن...
مَنْظُور بن زَبَّان بن سَيَّار الفَزَارِيّ، وقيل: منظور بن زَبّان بن سنان الفزاري:
وهو جد الحسن بن الحسن بن علي بن أَبي طالب لأُمه، أُمه خولة بنت منظور، وهي أَيضًا أُم إِبراهيم بن محمد بن طلحة. كان منظور سيِّد قومه، وهو أحَدُ من طال حَمْلُ أمه به، فولدته بعد أربع سنين، فسمى منظورًا لطولِ ما انتظروه، ونزل قوله تعالى: {وَلاَ تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النَّسَاءِ إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ...} [سورة النساء آية 22] في منظور بن زبّان، خلف على امرأة أبيه، كانت عنده، فهلك عنها ولم تلد له، فتزوَّجها ولَده نكاح مَقْت، واسْمُها مليكة بنت خارجة بن سنان المُزني، وكانت تُكنى أم خَوْلة، فولدت له هاشمًا وعبد الجبَّار وخولة، فبعث رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم خال البراء بن عازب ليقتله، فلم يَظْفَر به، بل لما بلغه أنه قصده، فهربا، فقال ابن الأثير: لو لم يكن مسلمًا لما قتله على ذلك، بل كان يقتله على الكفر. وأن أبا بكر الصّديق طلبهما لما ولي الخلافة إلى أنْ وجدهما بالبَحْرَين، فأقدمهما المدينة، وفرَّق بينهما، ولم تزل معه إلى خلافة عمر؛ فرُفع أمره إلى عمر، فأحضره وسأله عما قيل فيه من شربه الخمر ونكاحه امرأةَ أبيه، فقال عمر: أتنكح امرأة أبيك وهي أمُّك؟ أوما علمْت أن هذا نكاح المَقْت، فاعترف بذلك؛ وقال: ما علمت أن هذا حرام؛ فحبسه إلى قُرب صلاة العَصْرِ، ثم أحلفه أنه لم يعلم أن الله حرّم ذلك؛ فحلف أربعين يمينًا، وخلّى سبيله، وقال: لولا أنك حلفْتَ لضربْتُ عنقك، وفرقَ بينه وبين مليكة، وفي ذلك يقول الوليد بن سعيد بن الحمام المري من أبيات:
بِئْسَ الخَلِيفَةُ لِلآبَاءِ قَدْ عَلِمُوا فِي الأمَّهَاتِ أَبُو زَبَّانَ مَنْظُورُ
فاشتد عليه فراقها، فرآها يومًا تمشي في الطَّريق فأنشد:
أَلاَ لاَ أُبَالِي اليَومَ مَا صَنَعَ الدَّهْـــــرُ إِذَا مُنِعَتْ منِّي مُلَيْكَةُ والخَمْرُ
فَإِنْ تَكُ قَدْ أَمْسَتْ بَعِيدًا مَزَارُهَا فَحَيّ ابْنَةَ المرِّيِّ مَا طَلَعَ الفَجْرُ
وقال أيضًا:
لَعَمْرُ أَبِي دِينٌ يُفَرِّقُ بَيْنَنَـــا وَبَيْنَكِ قَسْرًا إِنَّهُ لَعَظِيــــمُ
فبلغ ذلك عمر، فطلبه ليعاقبه فهرب، وقال عمر: مَنْ يكفل هذه؟ فقال عبد الرَّحمن بن عوف: أنا، فأنزلها دارَه، فعرفت الدار بعد ذلك بها، فكان يقال لها دار مُليكة، وتزوجها طلحة بن عبيد الله.
وقال أبو الفَرَجِ: خطب الحسن بن علي خَوْلة بنت منظور هذا وأبوها غائب فجعلت أمْرَها بيده، فتزوَّجها فبلغه فقال: أمثلي يُفْتات عليه في ابنته؟ فقدم المدينة فركز رايةً سوداء في مسجد رسولِ الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلم يَبْقَ في المدينة قيسي إلا دخل تحتها؛ فبلغ ذلك الحسن؛ فقال منظور: شأنك بها، فأخذها وخرج، فلما كان بقُبَاء جعلت تنْدبه، وتقول: يا أبت الحسن بن علي سيِّد شباب أهل الجَنَّة! فقال: تلبثي هنا فإن كان له بكِ حاجة فسيلحقنا، قال: فأقام ذلك اليوم، فلحقه الحسن ومعه الحسين، وعبد الله بن جعفر، وعبد الله بن عباس، فزوَّجها من الحسن، ورجع بها، وهذه البنت هي التي نزلت عليها النوار زوجة الفرزدق الشاعر، أو أختها؛ وذلك أن النّوَّار فرَّتْ منه إلى ابن الزبير بمكَّة، وهو يومئذ خليفة، فقضى ابنُ الزبير للنوار على الفرزدق في قصّةٍ مذكورة؛ وفي ذلك يقول الفرزدق:
أَمَّا بَنْوهُ فَلَمْ تُقْبَل شَـــــــــفَاعَتُهُـــمْ وَشُفِّعَتْ بِنْتُ مَنْظُورِ بْنِ زَبَّانَا
لَيْسَ الشَّفِيعُ الَّذِي يَأْتِيكَ مُؤْتَزِرًا مِثْلَ الشَّفِيعِ الَّذِي يَأْتِيكَ عُرْيَانَـا
قصته مع أبي بكر وعُمر ثم مع الحسن بن علي تدلّ على أنه عاش إلى خلافة عثمان.