تسجيل الدخول


قرة بن هبيرة القشيري

قُرَّة بن هُبَيْرة بن عامر القُشَيري:
وقع عند ابْنِ حِبَّان قرة بن هبيرة القرشيّ العامريّ؛ له صحبة. فاعتبر ابن حجر قوله: القرشي تصحيفًا من القشيري. وهو الجد الأعلى للصمة بن عبد الله بن الطفيل بن قرة بن هبيرة: شاعر مشهور في دولة بني أمية، وهو القائل:
وَأَذْكُرُ أَيَّـــامَ الــحِمَـى ثُــمَّ انــثــنـي عَلَى كَبِدِي مِنْ خَشْيَةٍ أَنْ تَصَدَّعا
فَلَيْسَتْ عَشِيَّاتُ الحِمَى بِرَوَاجِعٍ عَلَيـكَ وَلَكِـــنْ خَــلِّ عَيْنَـيْكَ تَدْمَعا
وقرة بن هبيرة هو الذي قَتَل عِمْران بن مُرّة الشَّيْبَاني وله يقول الجَعْدِيّ:
جَزَى الله عَنّا رَهْطَ قُرّةَ نَصْرَهُ وقُرَّةَ إِذْ بَعْـــضُ الفِعَـــال مُزَلَّــجُ
تَدَارَكَ عِمْرَانَ بن مُرَّة رَكْضُهُـم بِقَارَةَ أَهْوَى والحَوَالِجُ تَحْــــــلِجُ
وروى إبراهيم بن محمد بن طَلْحة قال: كان عمرو بن العاص عاملًا لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على عُمان، فلما بلغه وفاة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أقبل فنزل أرض بني عامر عَلَى قُرَّةَ بن هُبَيْرَة القُشَيْرِيّ، فأحسن مَنْزِلَه وضَيَّفه، ثم إن قُرة قال له حين أراد أن يركب: إن لك عندي نصيحة وأنا أحب أن تسمعها. قال: ما هي؟ قال قُرة: إن صاحبكم قد توفي؛ قال عمرو: وصاحبنا هو ــ لا أمّ لك ــ دونك؟ قال: وإنكم يا معشر قريش كنتم في حَرَمِكم تأمنون فيه، ويأتيكم الناس ثم خرجَ منكم رجل يقول ما سمعت، فلما بلغنا ذلك لم نكرهه، وقلنا: رجل من مُضَر يسوق الناس. وقد توفي والناس إليكم سراع فإنهم غير مُطَيعِينَكُم شيئًا فالحقوا بحرمكم تأمنوا، فإن كنت غير فاعل فَعِدْني حيث شئت آتِك، فوقع به عمرو وقال: إني أرد عليك نصيحتك، فأيّ العرب توعدنا به؟ فأُقْسِم بالله لأوطئن عليك الخيل وموعدك حِفْشُ أمك. قال قُرة: إني لم أُرِد هذا، وندم على مقالته وخرج في مائة من قومه خفراء له. ولما قدم عَمْرُو بن العاص المدينة أَخْبَرَ أبا بكر بما كان في وجهه، وبمَقَالَةِ قُرَّة بن هُبَيْرة، وَأَتَى عمرو خالدَ بن الوليد حين بعثه أبو بكر إلى أهل الرِّدَّة، فجعل يقول له: يا أبا سليمان لاَ يَفْلِتَنَّ منك قُرَّةُ بن هُبَيْرَة؛ ولما اجْتَمَعَتْ بنو عامر عند خالد جعل يعقد عليهم الأَيْمَان: عليكم عهد الله وميثاقه لتؤمنن بالله وبرسوله ولتقيمن الصلاة ولتُؤْتُنَّ الزكاة، تبايعون على ذلك أبناءكم ونساءكم آناء الليل والنهار، قالوا: نعم. حتى إذا فرغ من بيعتهم أوثق قُرَّةَ بن هُبَيْرَة، وبعث به إلى المدينة إلى أبي بكر. فقال: يا خليفة رسول الله، والله ما كفرت، فاسأل عمرو بن العاص؛ فإن لي عنده شهادة، ليالي أقبل من عُمان خرجت في مائة من قومي خفراء له، وقبل ذلك ما أكرمت منزله ونحرت له، فسأل أبو بكر عَمْرًا فقال: نزلت به فلم أر لضيف خيرًا منه، لم يتركني وخرج معي في قومه خفراء، ثم ذكر عَمْرو ما قال قرة فقال قرة: انزع يا عَمرو. فقال عمرو: لو نزعت نزعت. فلم يعاقبه أبو بكر وعفا عنه وكتب له أمانًا. ووفد قرة على النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم وقال له‏: يا رسول الله، الحمد لله؛ إنا كنا نعبد الآلهة لا تنفعنا ولا تضرّنا.‏ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏نِعْمَ ذَا عَقْلًا"‏‏(*). وروى سعيد بن نشيط أَن قُرَّة بنُ هُبَيرةَ العامري قَدم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلما كان في حجة الوداع نظر إِليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو على ناقة قصيرة، فقال: "يَا قُرَّةُ". فأَتى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "كَيْفَ قُلْتَ حِيْنَ أَتَيْتَنِي؟" قال: قلت: يا رسول الله، كنا لنا أَرباب وربات من دون الله تعالى، ندعوهم فلم يجيبونا، ونسأَلهم فلم يعطونا، فلما بعثك الله بالحق أَتيناك وتركناهم وأَحببناك. فلما أَدبر قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَفْلَحَ مَنْ رُزَقَ لُبًّا"(*)أخرجه الطبراني في الكبير 19/ 34، وأبو نعيم في الحلية 1/ 178. فَبعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عَمْرو بن العاص إِلى البحرين وهو معه حَمِيل. وقال البُخَارِيُّ وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَابْنُ السَّكَنِ، وابن منده: له صحبة. قال أبو عمر: هو أحَد الوجوه من الوفود. وروى ابنُ أبي عاصم، وابنُ شاهين عن رجل من بني قُشَير يقال له: قرة بن هبيرة أنه أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال له: إنه كان لنا ربّات وأرباب نعبدهنَّ من دون الله، فبعثك الله فدعوناهنَّ فلم يجبن، وسألناهن فلم يعطين، وجئناك فهدانا اللهُ. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أفلَح منْ رزقُ لُبًّا". فقال: يا رسول الله، اكسني ثَوْبَيْن قد لبستَهما، فكساه، فلما كان بالموقف من عرفات قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أعِدْ عَلَيَّ مَا قُلْتَ". فأعاد عليه، فقال: "قَدْ أَفْلَحَ مَنْ رُزِقَ لُبًّا" ـــ مرتين(*).
قَالَ ابْنُ السَّكَنِ: رُوي عنه حديث مرسل من رواية أهل مصر، ثم ذكره. وقال في آخره: ثم ذكر حديثَ مسيلمة الكذاب بطوله؛ ثم قال: لم يَرْوِ أحد عن قرة غير هذا. وقصةُ مسيلمة أوردها ابنُ شَاهِينَ؛ وزاد: قال عمرو بن العاص: فمررت بمسيلمة فأعطاني الأمان، ثم قال: إن محمدًا أرسل في جسيم الأمر، وأُرسلت في المحقرات. فقلتُ: اعرِض عليّ ما تقول فذكر كلامه؛ وفيه: فقال عَمْرو: فقلت: واللهِ إنك لتعلم أنكَ من الكاذبين، فتوعَّدَني؛ فقال لي قرة بن هبيرة: ما فعل صاحبُكم؟ فقلت: إنّ الله اختار له ما عنده فقال: لا أصدق أحدًا منكم بعد. قال: ثم لقيته بعد ذلك وقد أَمّنه أبو بكر، وكتب معه أن أدِّ الصدقة، فقلت له: ما حملك على ما قلت؟ قال: كان لي مال ووَلد، فتخوَّفت من مسيلمة، وإنما أردْت أني لا أصدِّق مَنْ يقول بعده إنه رسول الله. وذكر المَرْزَبَانِيّ أنه شهد يوم شعب جَبَلة؛ قال: وكان قبل مولد النبي صلى الله عليه وآله وسلم بسبع عشرة سنة، وعاش إلى أن وفد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأنشده:
حَبَـــاهَـا رَسُـولُ اللهِ إِذْ نـَــزَلـتْ بِـــــــهِ فَأَمْكَنَــهَـا مِـنْ نَائِــلٍ غَيْـرِ مُفْقَـــــــــدِ
فَأَضْحَتْ بِرَوْضِ الخُضْرِ وَهِي حَثِيَثةٌ وَقَدْ أُنْجِحَتْ حَاجَتُهاَ مِنْ مُحَمَّدِ
وَأَوْرَدَ ابْنُ شَاهِينَ هذه القصّة من طريق المدائني عن رجاله، وهي عند ابن الكلبي مثله؛ وذكرها ابن سعد، وزاد بعد البيتين:
عَلَيهَا بِنًـى لَا يُردِفُ الـذَّمَّ رَحْلُـهُ تَرُوكٌ لأمـْرِ العَاجِـزِ المُتَـرَدِّدِ
وذكر في كتاب "الردة" أنه ارتدَّ مع من ارتد من بني قشير، ثم أسره خالد بن الوليد، وبعث به موثقًا إلى أبي بكر، فاعتذر عن ارتداده بأنه كان له مالَ وولد، فخاف عليهم ولم يرتدّ في الباطن، فأُطلِق.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال