تسجيل الدخول


لهيب بن مالك اللهبي

1 من 1
لهيب بن مالك اللهبي:

لُهَيْب بن مالك اللهبيّ. ويقال لهب‏.‏ روى خبرًا عجيبًا في الكهانة وأعلام النّبوة، رأيت أن أذكره لما فيه من ذلك، قال لهيب:‏ حضرْتُ عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فذكرت عنده الكهانة، فقلت:‏ بأبي وأمي! نحن أوّل من عرف حراسة السّماء، وزجر الشيّاطين، ومنعهم من استراق السّمع عند قذف النّجوم، وذلك أنا اجتمعنا إلى كاهن لنا يقال له خطر بن مالك، وكان شيخًا كبيرًا قد أتتْ عليه مائتا سنة وثمانون سنة، وكان من أعلم كهاننا، فقلنا:‏ يا خطر‏:‏ هل عندكم من علم هذه النّجُوم التي يُرمى بها، فإنا قد فزعنا لها وخِفْنا سوء عاقبتها، فقال: [الرجز]

عُودُوا إِلَي السِّحَرْ إِيتُونِي
بِسَحَرْ

أُخْبِرْكُمْ الخَبَرْ أَلِخْيَرٍ أَمْ ضَرَرْ

أَوْ لأَمْنٍ أَوْ حَذَرْ

قال:‏ فانصرفنا يومنا، فلما كان في غَدٍ في وجه السحر أتيناه، فإذا هو قائم على قدميه شاخص في السّماء بعينه، فناديناه يا خطر، فأوْمَأ إلينا أن أمسكوا، فأمسكنا فانقضَّ نجم عظيم من السّماء، وصرخ الكاهن رافعًا صوته‏: [الرجز]

أَصَابَهُ أَصَابَهُ خَامَرَهُ عِقَابُهُ

عَاجَلَهُ عَذَابُهُ أَحْرَقَهُ شِهَابُهُ

زَايَلَهُ
جَوَابَهُ

يَا وَيْلَهُ مَا حَالُهُ

عَاوَدَهُ
خبَالُهُ
فَقُطِّعَتْ حِبَالُهُ
وَغُيِّرَتْ أَحْوَالُهُ

ثم أمسك طويلًا، وهو يقول: [الرجز]

يَا
مَعْشَرَ
بَنِي
قْحْطَانِ أُخْبِرُكُمْ
بِالحَقِّ
وَالبَيَانِ

أَقْسَمْتُ
بِالكَعْبَةِ وَالأَرْكَانِ وَالبَلَدِ
المُؤمّنِ
الـسّدَانِ

قَدْ مُنِعَ السَّمْعَ
عُتَاةُ الجَانِ بِثَاقِبٍ بِكَفِّ ذِي سُلْطَانِ

مِنْ أَجْلِ مَبْعُوثٍ عَظِيمِ الشَّانِ يُبْعَثُ
بالتَّنْزِيلِ
وَالقُرْآنِ

وَبِالهُدَي
وَفَاصِلِ
الفُرْقَانِ تُبْطَلُ بِهْ عِبَادَةُ الأَوْثَانِ

قال:‏ فقلت‏:‏ ويحك يا خطر، إنك لتذكُر أمرًا عظيمًا، فماذا ترى لقومك؟ فقال: [الرجز]‏

أَرَى لِقَومِي مَا أَرَى لِنَفْسِي إِنْ تَتْبَعُوا خَيْرَ نَبِيِّ الإِنْسِ

بُرْهَانُهُ مِثْلُ شُعَاعِ الشَّمْسِ يُبْعَثُ فِي مَكَّةَ دَارِ الحُمْسِِ
بِمُحْكََمِ التَّنْزِيلِ غَيْرِ اللّبْسِ

فقلنا له‏:‏ يا خطر، وممن هو؟ فقال:‏ والحياة والعيش، إنه لمن قريش، ما في حلمه طيش، ولا في خلقه طيش، يكون في جيش، وأي جيش، من آل قحطان وآل أيش‏.‏

فقلنا:‏ بَيّن لنا من أي قريش هو؟ فقال:‏ والبيت ذي الدعائم.‏ والركن والأحائم.‏ إنه لمن نجل هاشم. من مَعْشَرٍ أكارم‏.‏ يبعث بالملاحم‏.‏ وقتل كلّ ظالم.

ثم قال:‏ هذا هو البيان.‏ أخبرني به رئيس الجان.‏

ثم قال:‏ الله أكبر.‏ جاء الحق وظهر.‏ وانقطع عن الجن الخبر.

ثم سكت وأغمي عليه، فما أفاق إلا بعد ثلاثة، فقال‏:‏ لا إله إلا الله! فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ‏"‏سُبْحَانَ اللَّهُ، لَقَدْ نَطَق عَلَى مِثْلِ نُبُوَّةٍ، وَإِنَّهُ لَيُبْعَثُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أمّةً وَحْدَهُ‏"‏‏.(*)

وذكر هذا الخبر أبو جعفر العقيلي في كتاب الصّحابة له، فقال:‏ أخبرنا عبد الله بن أحمد البلويّ المدنيّ، قال‏:‏ أخبرني عمارة بن يزيد، قال:‏ حدّثني عبيد الله بن العلاء، عن أبي الشّعشاع زنباع بن الشّعشاع، قال:‏ حدّثني أبيّ، عن لهُيَب بن مالك الليّثي، قال:‏ حضرْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فذكرت عنده الكهانة... وساق الحديث إلى آخره.

يقال أبو عمر‏:‏ إسنادُ هذا الحديث ضعيف، ولو كان فيه حكم لم أذكره، لأن رُواته مجهولون، وعمارة بن زيد متّهم بوضع الحديث، ولكنه في معنى حسن من أعلام النّبوة، والأصول في مثله لا تدفعه، بل تصححه وتشهد له، والحمد لله‏.
(< جـ3/ص 398>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال