1 من 2
بَرَكة: أم أيمن. تأتي في الكنى.
(< جـ8/ص 47>)
2 من 2
أم أيمن: مولاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحاضنته.
قال أَبُو عُمَرَ: اسمها بركة بنت ثعلبة بن عمرو بن حصن بن مالك بن سلمة بن عمرو ابن النّعمان، وكان يقال لها أم الظّباء.
وقال ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ: حدّثنا سليمان بن أبي شيخ؛ قال: أم أيمن اسمها بركة، وكانت لأمّ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "أُمُّ أَيْمَنَ أُمِّي بَعْدَ أُمِّي".(*)
وقال أَبُو نُعَيْمٍ: قيل: وكانت لأخت خديجة، فوهبتها للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. وقال ابْنُ سَعْدٍ: قالوا: كان ورثها عن أمّه، فأعتق رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم أم أيمن حين تزوَّج خديجة، وتزوّج عبيد بن زيد، من بني الحارث بن الخزرج، أمّ أيمن، فولدت له أيمن فصحب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، فاستشهد يوم خَيبر، وكان زيد ابن حارثة لخديجة فوهبته لرسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فأعتقه وزوَّجه أم أيمن بعد النبوّة فولدت له أسامة.
ثم أسند عن الوَاقِدِيِّ، عن طريق شيخٍ من بني سعد بن بكر، قال: كان رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لأم أيمن: "يَا أُمَّه". وكان إذا نظر إليها يقول: "هَذه بَقِيَّةُ أَهْل بَيْتِي".(*)
وقال ابْنُ سَعْدٍ: أخبرنا أبو أُمامة عن جرير بن حازم: سمعت عثمان بن القاسم يقول: لما هاجرت أم أيمن أمست بالمنصرف ودون الرَّوْحَاء فعطشت وليس معها ماء وهي صائمة، فأجهدها العطش، فدلِّي عليها من السّماء دلو من ماء برشاء أبيض، فأخذته فشربته حتى رَويت، فكانت تقول: ما أصابني بعد ذلك عطش، ولقد تعرضت للعطش بالصّوم في الهوَاجِر، فما عطشت.
وأخرجه ابْنُ السَّكَنِ، مِنْ طريق هشام بن حسان، عن عثمان بنحوه، وقال في روايته: خرجت مهاجرةً من مكّة إلى المدينة وهي ماشيةٌُ ليس معها زاد، وقال فيه: فلما غابت الشمس إذ أنا بإناء معلّق عند رأسي، وقالت فيه: ولقد كنتُ بعد ذلك أصوم في اليوم الحار، ثم أطوف في الشمس كي أعطش فما عطشتُ بعد.
أخبرنا عَبْدُ الله بْنُ مُوسَى، أخبرنا فضيل بن مرزوق، عن سفيان بن عيينة؛ قال: كانت أم أيمن تُلطف النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وتقدّم عليه؛ فقال: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَتَزَوَّجَ امْرَأَةً مِنْ أَهْلِ الجَّنَةِ فَلْيَتَزَوَّجْ أُمَّ أَيْمَنَ" أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 34416.. فتزوَّجها زيد بن حارثة.(*)
وأخرج البَغَوِيُّ، وابْنُ السَّكَنِ، من طريق سعيد بن عبد العزيز، عن مكحول، عن أم أيمن ـــ وكانت حاضنة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قال لبعض أهله: "إِيَّاك وَالخَمْرَ..." الحديث.(*) قال ابن السكن: هذا مرسل.
وأخرج البُخَارِيّ في "تَارِيخِهِ" ومُسْلِمٌ، وابْنُ السَّكَنِ، من طريق الزّهري؛ قال: كان من شأن أم أيمن أنها كانت وَصيفة لعبد الله بن عبد المطّلب والد النّبي صلى الله عليه وآله وسلم، وكانت من الحبشة، فلما ولدت آمنةُ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم بعد ما توفي أبوه كانت أمُّ أيمن تحضنه حتى كبر؛ ثم أنكحها زيد بن حارثة ـــ لفظ ابن السَّكن.
وأخرج أَحْمَدُ، والبُخارِيُّ أيضًا، وابْنُ سَعْدٍ، مِنْ طريق سليمان التيميّ عن أنس ـــ أن الرجل كان يجعلُ للنّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم النخلات حتى فُتحت عليه قريظة والنّضير، فجعل يردُّ بعد ذلك، فكلمني أهلي أن أسأله الذي كانوا أعطوه أو بعضه، وكان أعطاه لأم أيمن، فسألته فأعطانيه؛ فجاءت أم أيمن فجعلت تلوِّح بالثّوب وتقول: كلا والله لا يعطيكهن، وقد أعطانيهن؛ فقال النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم: "لَكِ كَذَا وَكَذَا". وتقول: كلّا حتى أعطاها، حسبْته قال: عشرة أمثاله أو قريبًا من عشرة أمثاله.
وأخرج ابْنُ السَّكَنِ، مِن طريق عبد الملك بن حصين، عن نافع بن عطاء، عن الوليد بن عبد الرحمن، عن أم أيمن، قالت: كان للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فخّارة يبول فيها باللّيْلِ، فكنتُ إذا أصبحت صبَبْتها؛ فنمتُ ليلة وأنا عطشانة، فغلطت فشربتها، فذكرتُ ذلك للنّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "إِنَّكِ لَا تَشْتكِينَ بَطْنَكِ بَعْدَ هَذَا".(*)
قلت: وهذا يحتمل أن تكون قصّة أخرى غير القصّة التي اتفقت لبركة خادم أم حبيبة كما تقدّم في ترجمتها، لكن ادَّعى ابن السَّكن أنَّ بركة خادم أم حبيبة كانت تُكْنَى أيضًا أم أيمن أخْذًا من هذا الحديث، والعلم عند الله تعالى.
وأسند ابْنُ السَّكَنِ، من طريق سليمان بن المغيرة، عن ثابت، عن أنس؛ قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم يدخل على أم أيمن فقرّبت إليه لبنًا فإما كان صائمًا وإما قال: "لَا أُرِيدُ"، فأقبلت تُضاحكه، فلما كان بعد وفاة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قال أبو بكر لعمر: انطلق بنا نزر أم أيمن كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يزورها، فلما دخلا عليها بكت؛ فقالا: ما يبكيك؟ فما عند الله خير لرسوله.
قالت: أبكي أنَّ وحي السماء انقطع، فهيَّجتهما على البُّكَاءِ، فجعلت تبكي، ويبكيان معها.(*)
وأخرجه مُسْلِمٌ، وأَحْمَدُ، وأَبُو يَعْلَى، مِنْ هذا الوجه؛ وفيه: ولكني أبكي على الوحي الذي رُفع عنا.
وقال الوَاقِدِيُّ: حضرت أم أيمن أحُدًا، وكانت تسقي الماء، وتدَاوي الجرحى، وشهدت خَيْبَر.
وفي مسند يَحْيَى الحِمَّانِيِّ، وأخرجه أَبُو نُعَيْمٍ، من طريقه، عن شريك، عن منصور، عن عطاء، عن ابن أم أيمن، عن أيمن، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لَا يُقْطَعُ السَّارِقُ إِلَّا في حَجْفَةٍ"، وقُوِّمت في عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دينارًا أو عشرة دراهم،(*) وهَذَا في سنده مقال.
وفي الطَّبَرَانِيِّ، من طريق أبي عامر الخِراز، عن أبي زيد المدني، قالت أم أيمن: قال رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم: "نَاوِلْنِي الخمرَةَ مِنَ المَسْجِدِ". قلت: إني حائض، قال: "إِنَّ حَيْضَتَكِ لَيْسَتْ في يَدِكِ" أخرجه مسلم في الصحيح 1/245 كتاب (3) باب (3) حديث (11/298) وأبو داود في السنن
1/118 حديث 261 والترمذي في السنن 1/241 حديث 134، وابن ماجه في السنن 1/207 كتاب (1) باب (120) حديث 632 وأحمد في المسند 2/45، 70، 86، 112، 245 الدارمي في السنن 1/197، وابن أبي شيبة 2/365 وكنز العمال حديث 27447.، وهذا فيه انقطاع.
وأخرج ابْنُ سَعْدٍ بسندٍ صحيح، عن طارق بن شهاب؛ قال: لمّا قُبض النّبي صلى الله عليه وآله وسلم بكت أم أيمن، فقيل لها: "مَا يُبْكِيكِ؟ قالت: أبكي على خبر السّماء....(*)
وفيه: لما قُتل عمر بكت أم أيمن فقيل لها. فقالت: اليوم وَهَى الإسلام. وقال: حدّثنا عفّان، وقال أحمد: حدّثنا عبد الصّمد، قالا: حدّثنا حمّاد، عن ثابت، عن أنس ـــ أن أم أيمن بكت حين مات النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم؛ فقيل لها. فقالت: إني والله لقد علمتُ أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يموت، ولكني إنما أبكي على الوَحْي إذا انقطع عنا من السّماء.
وفي رواية عبد الصّمد الذي رُفع عنا:: قال الواقديّ: ماتت أم أيمن في خلافة عثمان، وأخرج ابن السّكن بسند صحيح عن الزّهري أنها توفيت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بخمسة أشهر؛ وهذا مرسل؛ ويعارضه حديث طارق أنها قالت بعد قَتْل عمر ما قالت، وهو موصول؛ فهو أقوى، واعتمده ابن منده وغيره، وزاد ابن منده بأنها ماتت بعد عمر بعشرين يومًا، وجمع ابن السَّكن بين القولين بأن التي ذكرها الزّهري هي مولاةُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وأن التي ذكرها طارق بن شهاب هي مولاة أم حبيبة بَرَكة، وأن كلًّا منهما كان اسمها بركة، وتُكْنَى أم أيمن، وهو محتمل على بُعْد.
(< جـ8/ص 358>)