عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي
((عامر بن شَراحيل بن عَبْدٍ الشّعْبي وهو من حِمْيَر وعِداده في هَمْدان. قال: أخبرنا عبد الله بن محمّد بن مُرّة الشّعْباني قال: حدّثنا أشياخ من شَعْبان، منهم محمّد بن أبي أميّة ـــ وكان عالمًا ـــ أنّ مطرًا أصاب اليمن، فجعف السيلُ موضعًا، فأبدى عن أَزَج عليه باب من حجارة، فكُسر الغَلَق فدُخل، فإذا بَهْوٌ عظيم فيه سرير من ذهب، وإذا عليه رجل. قال فشبرناه فإذا طوله اثنا عشر شبرًا، وإذا عليه جبابٌ من وَشْي منسوجة بالذهب وإلى جنبه مِحْجَن من ذهب على رأسه ياقوتة حمراء، وإذا رجل أبيض الرأس واللحية له ضَفْران وإلى جنبه لوح مكتوب فيه بالحميرية: باسمك اللهمّ، ربّ حِمْيَرِ، أنا حسّان بن عَمرو القَيْلُ، إذا لاَ قَيْلَ إلاّ الله، عشتُ بأمَل، ومتُ بأجَل، أيّامَ وَخْزهَيد: وما وَخْزُهَيد! هلك فيه اثنا عشر ألف قَيْل، فكنتُ آخرهم قَيْلًا، فأتيتُ جَبَل ذي شَعِبَينِ ليجيرني من الموت فأخفرني. وإلى جنبه سيف مكتوب فيه بالحميرية: أنا قُبار بي يُدْرك الثار. قال عبد الله بن محمّد بن مُرّة الشعباني: هو حسّان بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جُشَم بن عبد شمس بن وائل بن غَوْث بن قَطَن بن عَريب بن زُهير بن أيْمَن بن الهَمَيْسَع بن حِمْيَر، وحسّان هو ذو الشّعْبين وهو جبل باليمن نزله هو وولده، ودُفن به، ونُسب إليه هو وولده. فمن كان بالكوفة قيل لهم: شعْبيّون، منهم عامر الشعْبي، ومن كان بالشأم قيل لهم: شَعْبانيّون، ومن كان باليمن قيل لهم: آل ذي شَعْبَين، ومن كان بمصر والمغرب قيل لهم: الأُشْعُوب، وهم جميعًا بنو حسّان بن عمرو ذي شعبين. فبنو عليّ بن حسّان بن عمرو رهط عامر بن شراحيل بن عبد الشعبي ودخلوا في أحمور همدان باليمن فعدادهم فيهم، والأحُمور خارفٌ والصائديّون وآل ذي بارق والسَّبيع وآل ذي حُدّان وآل ذي رضوان وآل ذي لَعْوة وآل ذي مَرّان وأعرابُ همدان: غُدَر ويام وِنهْم وشاكر وأرحب. وفي هَمْدان مِنْ حِمْيَر قبائل كثيرة منهم آل ذي حَوال وكان على مقدمة تُبّع، منهم يُعْفِر بن الصبّاح المتغلّب على مخاليف صَنعاء اليومَ.))
((قالوا وكان الشعبي يكنى أبا عمرو))
((قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يونس، عن سفيان بن عيينة عن السّريّ بن إسماعيل قال: سمعتُ الشعبي يقول وُلدتُ سنة جَلولاء.))
((كان ضئيلًا نَحيفًا وكان وُلد هو وأخ له تَوْأمًا في بطن، فقيل له: يا أبا عمرو ما لنا نراك ضئيلًا؟ قال: إني زُوحِمْتُ في الرحم.)) ((قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن الحسن بن صالح عن أبيه قال: رأيتُ على الشعبي عمامة بيضاء قد أرخى طرفها ولم يردّها. قال: أخبرنا عمر بن شَبيب المسْلي قال: قال لي أبي: رأيتُ على الشعبي ملحفة حمراء شديدة الحمرة. قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس قال: سمعتُ ليثًا يَذْكر قال: رأيتُ الشعبي وما أدري ملحفته أشدّ حمرة أو لحيته. قال: أخبرنا حجّاج بن نُصير قال: أخبرنا الأسود بن شيبان قال: رأيت الشعبي بالكوفة عليه درّاعة حمراء، ليس عليه رداء، وعمامة حمراء قد تعجّز بها من ثياب اليمن، الدرّاعة والعمامة. قال ورأيته وهو يومئذٍ قاضٍ بالكوفة وهو يقضي في المسجد. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا فِطْر قال: رأيتُ الشعبيّ يصبغ بالحنّاء. قال: أخبرنا عمرو بن الهَيْثَم قال: قلتُ لمعرّف بن واصل: كان الشعبي يخضب؟ قال: بالحنّاء. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا أبو أُميّة الزّيّات قال: رأيتُ على الشعبيّ مِطْرَف خزٍّ أصفر. قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: حدّثنا عُرْوَة البزّاز أبو عبد الله قال: رأيتُ على عامر مطرف خزّ أخضر. قال: أخبرنا رَوْح بن عُبادة قال: حدّثنا ابن عون قال: رأيت على الشعبي قلنسوة خزّ خضراء. قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرّقّي قال: حدّثنا عبيد الله بن عمرو عن إسماعيل عن الشعبي أنّه كان له مِطْرَفا خَزّ يلبسهما مختلفًا ألوانهما. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حمّاد بن سلَمة قال: أخبرنا داود بن أبي هند أنّ الشعبي كان يلبس المعصفر. قال: أخبرنا إسحاق بن يوسف الأزرق وعبد الله بن نُمير قالا: حدّثنا مالك بن مِغْوَل قال: رأيتُ على الشعبي ملحفة حمراء. قال ابن نُمير في حديثه: وإزارًا أصفر. قال: وقال إسحاق في حديثه: قلتُ مُشْبَعَة؟ قال: نعم. قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا عيسى بن عبد الرحمن قال: رأيت على الشعبيّ ملحفة حمراء وإزارًا أصفر. قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل قال: حدّثنا عيسى بن عبد الرحمن قال: رأيتُ على الشعبي إزارا مفتولًا. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا عبيد بن عبد الملك قال: رأيتُ الشعبي جالسًا على جلد أسد. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا صالح بن أبي شُعيب العُكْلي قال: سألتُ عامرًا عن لُبس الفِراء، وعليه مُسْتَقَة فراء، قلت: ما ترى في لبسها؟ قال: حسن ليس به بأس، كانوا يرون أنّ دباغها طهورها. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا قيس عن مجالد قال: رأيتُ على الشعبي قباء سَمّور. قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأسدي قال: حدّثنا يونس بن أبي إسحاق قال: رأيتُ الشعبي يصلّي في مستقة. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا عثمان بن أبي هند العبسي قال: لقيتُ الشعبي في يوم عيد فِطْر أو أضحى وعليه برد عَدني. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا حِبّان عن مجالد قال: قدم علينا الشعبي وعليه قباء سَمّور كان يصلّي فيه، وكان يصلّي في جلود الثعالب. قال: قال الحجّاج بن محمّد: سمعتُ شُعْبة يقول: سألتُ أبا إسحاق قلت: أنت أكبر أم الشعبي؟ قال: الشعبي أكبر مني بسنة أو سنتين. قال شعبة: وقد رأى أبو إسحاق عليًّا وكان يصفه لنا عظيم البطن أجلح.))
((قال: وقال عبد الرحمن بن مَهْدي عن ابن المبارَك عن عبد الرحمن بن يزيد عن مكحول قال: ما رأيتُ أحدًا أعلم بسنّة ماضية من الشعبي. قال: وقال سفيان عن ابن شُبْرُمة عن الشعبي قال: إذا عظمت الحلقة فإنّما هو نداء أو نجاء. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا أبو كِبْران قال: حدّثني الشعبي قال: أرسلني الحجّاج إلى رُتْبيل فأجازني وقال لي: ما هذا الصّبْغ؟ إنّما الشعر أبيض وأسود. قلت: سنّة. قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا أبو الأحوص عن طارق بن عبد الرحمن قال: دخلتُ على الشعبي أعوده من مرض كان به فقام يصلّي في قميص وإزار وليس عليه رداء. قال: أخبرنا خَلَف بن تميم بن مالك قال: حدّثنا أبي أنّ الشعبيّ كان لا يقوم من مجلسه حتى يقول: أشهدُ أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له وأشهد أنّ محمّدًا عبده ورسوله، وأشهد أنّ الدين كما شَرَعَ، وأشهد أنّ الإسلام كما وَصَفَ وأشهد أنّ الكتابَ كما أُنْزِلَ، وأنّ القول كما حَدَّث،َ وأشهدُ أنّ الله هو الحَقّ المُبين، فإذا ذهب ينهض قال: ذكَرَ الله محمّدًا منّا بالسلام. قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاري عن ابن عون قال: قال رجل عند الشعبي: قال الله، فقال الشعبي: وما عليك أن لا تقول قال الله؟ قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكِلابي قال: حدّثنا أبو بكر بن شُعيب بن الحَبْحَاب قال: سمعتُ عامرًا الشعبي، وقال له أبي ما لإزارك مسترخيًا يا أبا عمرو؟ قال: وعليه إزار كتّان مورّد، قال: فقال الشعبي: ليس ها هنا شيء يحمله. وضرب بيده إلى أليته. قال: فقال له أبي: كم تُراه أتى لك يا أبا عمرو؟ فأجابه الشعبي فقال:
نفسي تشَكّي إليّ الموْتَ مُزْحِفَةً وقَد حمَلتكِ سبعًا
بعد سبعينا
إنْ تُحْدِثي أملًا يا نَفْسُ كاذبـةً إنّ
الثّلاثَ
يُوَفّيـنَ
الثّمـانِينَا
قال أبو بكر بن شُعيب: وكان ابن سبعٍ وسبعين سنة وهو يقرض الشعر.)) ((قال حجّاج عن شُعْبة: قلتُ لأبي إسحاق أنت أكبر أو الشعبي؟ قال: هو أكبر مني بسنتين. وعبد الرحمن بن أبي سَبرة أبي خَيْثَمَة بن مالك، والحارث بن بَرْصاء، وأبي جَبيرة بن الضّحّاك. قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس قال: سمعتُ ليثًا يذكر عن الشعبيّ قال: أقمتُ بالمدينة مع عبد الله بن عمر ثمانية أشهر أو عشرة أشهر. قال محمّد بن سعد: وكان سبب مقامه بالمدينة أنّه خاف من المختار فهرب منه إلى المدينة فأقام بها. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا عبد السلام بن أبي المُسْلي عن الشعبي قال: تعلّمْتُ الحساب من الحارث الأعور. قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى قالك حدّثنا إسرائيل عن عيسى بن أبي عزّة قال: مكثتُ مع عامر بخُراسان عشرة أشهر لا يزيد على ركعتين. قال محمّد بن سعد: وكان له ديوان، وكان يغزو عليه، وكان شيعيًّا فرأى منهم أمورًا وسمع كلامهم وإفراطهم فترك رأيهم وكان يعيّبهم. قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير قال: حدّثنا مالك بن مِغْوَل، عن الشعبي قال: لو كانت الشيعة من الطير كانوا رَخَمًا ولو كانوا من الدوابّ كانوا حميرًا. قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمّاني قال: أخبرنا الوصّافي عن عامر الشعبي قال: أحِبّ صالح المؤمنين وصالح بني هاشم، ولا تكن شيعيًّا، وارْجُ ما لم تعلم، ولا تكن مُرِجئًا، واعلم أن الحسنة من الله والسيئة من نفسك، ولا تكن قدريًّا، وأحبِبْ من رأيته يعمل بالخير وإن كان أخرم سِنْديًّا. قال محمد بن سعد: قال أصحابنا: وكان الشعبي فيمن خرج مع القُرّاء على الحجّاج وشهد دير الجَماجم، وكان فيمن أفلت فاختفى زمانًا، وكان يكتب إلى يزيد بن أبي مسلم أن يكلّم فيه الحجّاج. فأرسل إليه: إني والله ما أجْتَريء على ذلك ولكن تحيّن جلوسَه للعامّة ثمّ ادْخُلْ عليه حتى تمثل بين يديه وتتكلّم بعذرك وأقرّ بذنبك واستشهدْني على ما أحببتَ أشْهد لك. قال: ففعل الشعبي، فلم يشعر الحجّاج إلاّ وهو قائم بين يديه قال له: الشعبي؟ قال: نعم أصلح الله الأمير. قال: ألم أقدم البلدَ وعطاؤك كذا وكذا فزِدْتُك في عطائك ولا يُزاد مثلك؟ قال: بلى أصلح الله الأمير. قال: ألم آمرْ أن تؤمّ قومك ولا يؤمّ مثلك؟ قال: بلى أصلح الله الأمير. قال: ألم أعرّفك على قومك ولا يعرَّف مثلُك؟ قال: بلى أصلح الله الأمير. قال: ألم أوفِدْك على أمير المؤمنين ولا يوفَد مثلك؟ قال: بلى أصلح الله الأمير. قال: فما أخرجك مع عدوّ الرحمن؟ قال: أصلح الله الأمير، خبطتنا فتنةٌ فما كنّا فيها بأبرار أتقياء ولا فجّار أقوياء، وقد كتبتُ إلى يزيد بن أبي مُسلم أُعْلِمه ندامتي على ما فرط منيّ ومعرفتي بالحقّ الذي خرجتُ منه وسألته أن يُخْبر بذلك الأمير ويأخذ لي منه أمانًا فلم يفعل. فالتفت الحجّاج إلى يزيد فقال: أكذلك يا يزيد؟ قال: نعم أصلح الله الأمير. قال: فما منعك أن تخبرني بكتابه؟ قال: الشُغل الذي كان فيه الأمير. فقال الحجّاج: أولًا، انصرف. فانصرف الشعبي إلى منزله آمنًا. قال: أخبرنا محمّد بن الفُضيل بن غَزْوان عن ابن شُبْرُمة عن الشعبيّ قال: ما كتبتُ سوداء في بيضاء قطّ وما حدّثني أحد بحديث فأحببت أن يُعيده عليّ. قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا أبو بكر بن عيّاش، عن مغيرة قال: كان الشعبي يؤبّدنا يجيء بالأوابد ما كذا وكذا. قال: أخبرنا قبيصة بن عُقْبة قال: حدّثنا سفيان قال: أخبرني من سمع الشعبي يقول: ليتني انفلتّ من عملي كفافًا لا عليّ ولا لي. قال: أخبرنا عبد الله بن عمرو المنقري قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيد قال: حدّثنا محمّد بن جُحادة أنّ عامرًا الشعبي سئل عن شيء فلم يكن عنده فيه، شيء فقيل له: قل برأيك. قال: وما تصنع برَأيي؟ بُل على رأيي. قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاري قال: حدّثنا ابن عون قال: كان الشعبي يحدّث بالحديث بالمعاني. قال: أخبرنا عبد العزيز بن الخطّاب الضَّبّي قال: حدّثنا مِنْدَل، عن الحسن بن عُقْبة أبي كِبْران المُرادي عن الشعبي قال: اكتبوا ما سمعتم مني ولو في الجدار. قال: أخبرنا قبيصة بن عُقبة قال: حدّثنا سفيان، عن عبد الله بن أبي السّفَر عن الشعبي قال: ما أنا بعالم ولا أترك عالمًا وإنّ أبا حصين لرجل صالح. قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا أبو شهاب، عن آدم أنّ رجلًا سأل إبراهيم عن مسألة فقال: لا أدري. فمرّ عليه عامر الشعبي، فقال للرجل: سَلْ ذاك الشيخ ثمّ ارجع فأخبرني. فرجع إليه قال: قال لا أدري. قال إبراهيم: هذا والله الفقه. قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدّثنا أبو شهاب عن الصّلْت بن بِهْرام قال: ما رأيتُ رجلًا بلغ مبلغ الشعبي أكثر يقول لا أدري منه. قال: أخبرنا يحيَى بن حمّاد قال: حدّثنا سلاّم بن أبي مطيع عن عمرو بن سعيد قال: قلتُ للشعبي حديثًا حَدَّثتَنِيه اختُلِج منّي. قال: ما هو؟ قلت: لا أدري، قال: لعلّه كذا. قلت: لا، قال: لعلّه كذا. قلت: لا. قال: لعلّه:
هَنيئًا مَريئًا غيرَ داءٍ مُخَامِرٍ
لعَزّةَ من أعراضِنا ما اسْتحَلّتِ
قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس قال: سمعتُ صالح بن صالح الهمداني يقول: وقف الشعبي على قوم وهم ينالون منه ولا يرونه، فلمّا سمع كلامهم قال لهم:
هَنيئًا مَريئًا غيرَ داءٍ مُخامِرٍ
لعَزّةَ من أعراضِنا ما اسْتحَلّتِ
قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاري قال: حدّثنا صالح بن مسلم قال: كنتُ مع الشعبيّ ويدي في يده، أو يده في يدي، فانتهينا إلى المسجد فإذا حمّاد في المسجد وحوله أصحابه ولهم ضَوْضاة وأصوات. قال: فقال: والله لقد بغّض إليّ هؤلاء هذا المسجد حتى تركوه أبغضَ إليّ من كُناسة داري، معاشر الصعافقة. فانصاع راجعًا ورجعنا. قال: أخبرنا قبيصة بن عُقْبة قال: حدّثنا سفيان عن عبد الله بن أبي السّفر عن الشعبي قال: لقد أتى عليّ زمانٌ وما من مجلس أحَبّ إليّ أن أجلس فيه من هذا المسجد فلَكناسة اليوم أجلس عليها أحَبّ إليّ من أن أجلس في هذا المسجد قال: وكان يقول إذا مرّ عليهم: ما يقول هؤلاء الصعافقة؟ أو قال: بنو اسْتِها، شكّ قبيصة، ما قالوا لك برَأيهم فبُلْ عليه وما حدّثوك عن أصحاب محمّد صَلَّى الله عليه وسلم، فخُذْ به. قال: أخبرنا عبد الحميد بن عبد الرحمن الحِمّاني قال: حدّثني أبو حنيفة قال: رأيت الشعبي يلبس الخزّ ويجالس الشعراء فسألته عن مسألة فقال: ما يقول فيها بنو استها، يعني الموالي. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا سفيان، عن أبي حَصين، عن الشعبي قال: لوددتُ أنّ عطائي في بولِ حمارٍ. كم مَنْ قد قاده عطاؤه إلى النار! قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حمّاد بن زيد عن أيّوب عن عطيّة السراج قال: مررتُ مع الشعبي على مسجدٍ من مساجد جُهينة فقال: أشهدُ على كذا وكذا من أهل هذا المسجد من أصحاب النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، ثلاثمائة يشربون نبيذ الدنان في العرائس. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا أبو إسرائيل قال: رأيت الشعبي يقضي في الزاوية التي عند باب الفيل. قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: حدّثنا أبو أسامة قال: قدّمْت إلى الشعبي غريمًا لي عليه دراهم فقال: لئن لم تُعْطِهِ أو جاء بك مرّة أخرى لأحبسنّك ولو كنتَ ابن عبد الحميد.)) ((وقد رأى عامرٌ عليَّ بن أبي طالب ووصفه))
((روى عن: أبي هُريرة وابن عمر وابن عبّاس وعَديّ بن حاتم وسَمُرة بن جُنْدُب وعَمرو بن حُريث وعبد الله بن يزيد الأنصاري والمغيرة بن شعبة والبَرَاء بن عَازِب وزيد بن أرقم وابن أبي أوْفَى وجابر بن سَمُرة وأبي جُحَيْفة وأنس بن مالك وعِمران بن حُصين وبُريدة الأسلمي وجَرير بن عبد الله والأشعث ابن قيس وأبي موسى الأشعري والحسن بن عليّ وعبد الله بن عمرو بن العاص والنعمان ابن بَشِير وجابر بن عبد الله ووهب بن خَنْبَش الطائي وحُبْشي بن جُنادة السّلولي وعامر ابن شَهْر ومحمّد بن صَيّفي وعبد الله بن جعفر بن أبي طالب وعُروة البارقي وفاطمة بنت قيس وعبد الرحمن بن أَبْزى وعلقمة بن قيس وفَرْوة بن نوفل الأشجعي وعبد الرحمن ابن أبي لَيْلى والحارث الأعور وزُهير بن القَين وعوف بن عامر والأسود بن يزيد وسعيد بن ذي لَعْوة وأبي سلَمة بن عبد الرحمن وأبي ثابت أيمن الّذي روى عن يَعْلى بن مرّة.))
((قال محمد بن سعد: وكان عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطّاب والي عمر بن عبد العزيز على العراق فولّى عامرًا الشعبيّ قضاء الكوفة.))
((قال: أخبرنا محمّد بن عمر عن إسحاق بن يحيَى بن طلحة قال: توفّي الشعبي بالكوفة سنة خمسٍ ومائة وهو ابن سبعٍ وسبعين سنة. قال: أخبرنا أبو نُعيم الفضل بن دُكين قال: توفّي الشعبي سنة أربعٍ ومائة. قال: وكذلك روى سعيد بن جَميل عن أبان بن عمر بن عثمان قال: مات الشعبي سنة أربعٍ ومائة. قال محمّد بن سعد وقال غيره: توفّي سنة ثلاثٍ ومائة هو وأبو بُرْدة بن أبي موسى في جمعة. قال: أخبرنا محمّد بن الفُضيل بن غَزْوان عن عاصم قال: أخبرتُ الحسنَ بموت الشعبي فقال: رحمه الله، إن كان من الإسلام لَبِمَكان. قال: وتوفّي الشعبي فجأة.)) الطبقات الكبير.