تسجيل الدخول


قيس بن عاصم بن سنان بن خالد بن منقر بن عبيد من بني تميم

قَيْسُ بنُ عَاصِمِ بن سِنَان التميمي المِنْقَرِي:
أَخرجه أَبو نعيم. كنيته: أبو طلحة، وقيل: أبو قبيصة، وأبو علي، والأول أشهر؛ وبه جزم ابْنُ أبِي حَاتِمٍ، والبخاري، ونقل البغويّ عن يحيى بن معين: أن قيس بن عاصم كان يُكنى أبا هراسة، وأُمه أُم أَسفر بنت خليفة، وخَلَّف قيسٌ من الولد اثنين وثلاثين ذكرًا، وكان قيس قد حَرَّم على نفسه الخمر في الجاهلية، وكانَ سَبَبُ ذلك أَنه غمز عُكْنَةَ ابنته وهو سكران، وسب أَبويها، ورأَى القمر فتكلم بشيءٍ، وأَعطى الخمّار كثيرًا من ماله، فلما أَفاق أُخْبِر بذلك، فحرمها على نفسه، وقال في ذلك:
رَأَيْتُ الْخَمْرَ صَالِحَةً وَفِيهَا خِصَـالٌ تُفْسِدُ الرَّجُلَ الحَلِيمَا
فَلَا وَاللَّهِ أَشْرَبُها صَحِيحًا وَلاَ أَشْفِي بِهَا أَبَدًا سَقِيمًا
وَلاَ أُعْطِي بِهَا ثَمَنًا حَيَاتِي وَلاَ أَدْعُو لَهَا
أَبدًا
نَدِيمًا
فَإِنَّ الخَمْرَ تَفْضَحُ شَارِبِيهَا وَتَجْنِيهِمْ بِهَا الأَمْرَ العَظِيمَا
ومن جيد قوله:
إِنِّي امْرؤٌ لَا يعْتَرِي خُلُقِي دَنَسٌ
يُفَنِّدُهُ
وَلَا
أَفَنُ
مِنْ مِنْقَرٍ فِي بَيْتِ مَكْرُمَة وَالغُصْنُ يَنْبُتُ حَوْلَهُ الغُصْنُ
خُطَبَاءُ حِين يَقُولُ قَائِلُهُمْ بِيضُ الوُجُوهِ أَعِفَّةٌ
لُسْنُ
لَا يَفْطَنُونَ بِعَيْبِ جَارِهِمُ وَهُمُ
لِحُسْنِ جِوَارِهِ فُطْنُ
وقال البخاري: "له صحبة"، وكان قيس سيدًا جوَادًا، وروى أَبو الأَشهب عن الحسن، عن قيس بن عاصم المِنقَرِيّ: أنه قَدِم على النبيِّ صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "هَذَا سَيِّدُ أَهْلِ الوَبَرِ"، فسلمت عليه وقلت: يا رسول الله، المال الذي لا تَبِعَةَ عَليَّ فيه؟ قال: "نَعَمْ، الْمَالُ الْأَرْبَعُونَ، وَإِنْ كَثُرَ فَسِتُّونَ، وَيْلٌ لِأَصْحَابِ الْمِئِينَ إلاَّ مَنْ أَدَّى حَقَّ الله فِي رِسْلِهَا وَنَجْدَتِهَا، وَأَطْرَقَ فَحْلَهَا، وَأَفْقَرَ ظَهْرَهَا، وَمَنَحَ غَزِيرَتَهَا، وَنَحَرَ سَمِينَتَهَا، وَأَطْعَمَ الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ" فقلت: يا رسول الله، ما أَكرم هذه الأَخلاق وأَحسنها؟ قال: "يَا قَيْسُ، أَمَالُكَ أَحَبُّ إِلَيْكَ أَمْ مَالُ مَوَالِيكَ"؟ قال قلت: بل مالي! قال: "فَإِنَّمَا لَكَ مِنْ مَالِكَ مَا أَكَلْتَ فَأفْنَيْتَ، أَوْ لَبِسْتَ فَأَبْلَيْتَ، أَوْ أَعْطَيْتَ فَأَمْضَيْتَ، وَمَا بَقِيَ فَلِوَرَثَتِكَ"، قال قلت: يا رسول الله، لئن بقيتُ لأَدَعنَّ عددها قليلًا ـــ قال الحسن: ففعل أخرجه الطبراني في الكبير 18/ 340، والحاكم في المستدرك 3/ 612، وأورده الهيثمي في الزوائد 3/ 110، 10/ 245.، وفي رواية: فقال لقيس: "كيف تصنع بالمَنِيحة؟"، فقال قيس: إني لأمنح في كل عام مائة، قال: "فكيف تصنع بالعارية؟"، فذكر الحديث، وَقَالَ ابْنُ السَّكَنِ: كان عاقلًا حليمًا يُقتدى به، وقال أبُو عُمَرَ: قيل للأحنف: مِمن تعلمتَ الحلم؟ قال: مِنْ قَيْس بن عاصم، رأيته يومًا مُحْتَبيًا، فأتي برجل مكتوف، وآخر مقتول، فقيل: هذا ابْنُ أخيك قَتَل ابْنَك، فالتفت إلى ابن أخيه، فقال: يا ابن أخي، بئسما فعلت؛ أثمْتَ بربك؛ وقطعتَ رحِمَك، ورميت نفسك بسهمك، ثم قال لابنٍ له آخر: قُمْ يا بني فوَارِ أخاكَ، وحلّ أكتاف ابن عمك، وسُقْ إلى أمه مائة ناقة دِيةَ ابنها؛ فإنها غريبة، وذكر الزبير في "الموفقيات"، عن عبد الله بن مصعب، قال: قال أبو بكر لقيس بن عاصم: ما حملك على أنْ وأدْتَ ــ وكان أول مَنْ وأد؟ فقال: خشيتُ أن يخلف عليهن غير كُفْءٍ، قال: فصِفْ لنا نفسك، فقال: أما في الجاهلية؛ فما هممْتُ بملامة، ولا حُمْتُ على تهمة، ولم أُرَ إلا في خيل مُغيرة، أو نادي عَشِيرة، أو حامي جريرة، وأما في الإسلام؛ فقد قال الله تعالى: {فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: 32]؛ فأُعْجِب أبو بكر، وذكر ابْنُ شَاهِينَ عن أبي معشر ورجاله؛ قالوا: قدم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قيس بن عاصم، ونعيم بن بدر، وعمرو بن الأهتم، قبل وَفْد بني تميم، وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم استبطأ قيس بن عاصم؛ فقال له عتبة: ائذن لي أن أغزوه فأقتل رجالَه، وأسبي نساءه، فأعرض عنه، وقدم قيس، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "هَذَا سَيِّدُ أهْلِ "الوَبَرِ"" ثم تقدم فأسلم، فسأله النعمان بن مقرن، فقال: يا رسول الله، ائذن لي أن يكون منزله عليّ، قال: "نَعَمْ"، فبينما هو يتمشى إذ قال أخو النعمْان: بئسما قال عتُبة، فقال له: قيس، وما قال: فأخبره، فغدا على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أمَا لي سبيل إلى الرجوع؟ قال: "لا"، قال: لو كان لي إلى الرجوع سبيل لأدخلت على عتبة ونسائه الذلّ(*)، وروى ابْنُ مَنْدَه عن النعمان بن بشير يقول: سمْعتُ عمر بن الخطاب يقول ــ وسُئل عن هذه الآية: {وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} [التكوير: 8] فقال: جاء قيس بن عاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: إني وأدْتُ ثماني بنات لي في الجاهلية ــ وفي رواية: إِني وَأَدتُ اثنتي عشرة بنتًا، أَو ثلاثَ عشرة بنتًا ــ فقال: "أعْتِق عن كل واحدة منهنّ رَقبة"، قال: إني صاحب إبل، قال: "اهْدِ إن شئت عن كل واحدة منهن بدَنة"، ونزل قيس البصرة.
وله عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في "السنن"، و"مسند أحمد" ثلاثة أحاديث؛ أحدها: أخرجوه من طريق خليفة بن حصين، عن جده قَيْس بن عاصم: أنه أسلم فأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يغتسل بماء وسِدْر، والثاني: أخرجه أحمد، والنسائي من طريق حكيم بن قيس، عن أبيه، أنه قال: لا تنوحوا علي فإن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينح عليه... الحديث(*) اختصره النسائي وأورده أحمد مطوّلًا، وفيه أنه قال لبنيه عند الموت: "اتَّقُوا الله وَسَوِّدُوا أكْبَرَكُمْ؛ فَإنَّ القَوْمَ إذَا سَوَّدُوا أكْبَرَهُمْ أحْيُوا ذِكْرَ أبيهِمْ، وَإيَّاكُمْ وَالْمَسْألَةَ فَإنَّهَا آخِرُ كَسْبِ الرَّجُلِ..."، وفي رواية: "يا بني، سَوِّدوا عليكم أكبركم فإن القوم إذا سَوَّدوا أَكْبَرَهم خَلَفُوا آباءَهم، وإذا سَوَّدوا أصغرهم أَزْرَى بهم عند أكْفَائِهِم، وعليكم بالمال واصطناعه فإنه مأبهة للكريم ويُستغنى به عن اللَّئيم، وإياكم ومسألة الناس فإنها من آخر مَكسبة الرجل، ولا تَنُوحُوا عَلَيَّ فإن رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم لم يُنَحْ عليه، ولا تدفنوني حيث تَشْعُرُ بِي بكر بن وائل فإني كنت أُغَاوِلهم في الجاهلية(*)، والثالث: أخرجه أحمد في الحلف، وروى عن قيس: ابناه؛ حكيم، وحصين، وابن ابنه خليفة بن حصين، والأحنف بن قيس، ومنفعة بن التوأم، والحسن، وآخرون، وأنشد عَبْدَة بن الطّبيب:
عَلَيَكَ سَلَامُ اللَّهِ قَيْسُ بْنَ عَاصِمٍ وَرَحْمَتُهُ مَا شَاءَ أَنْ يـَتَرَحَّمَا
تَحِيَّةُ مَنْ
أَوْلَيْتَهُ
مِنْكَ
نِعْمَةً إِذَا زَارَ عَنْ شَحْطٍ بِلَادَكَ سَلمَّا
فَمَا كَانَ قَيْسٌ هُلْكُهُ هُلْكُ وَاحِدٍ وَلَكِنَّهُ
بُنْيَانُ
قَوْمٍ
تَهَدَّمَا
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال