عامر بن عبد الله بن عبد القيس العنبري
روى بلال بن سعد أنّ عامر بن عبد قيس وشي به إلى زياد، وقال غيره: إلى ابن عامر، فقال له: إنّ هاهنا رجلًا يقال له: ما إبراهيم خير منك فيسكت وقد ترك النساء، فكتب فيه إلى عثمان فكتب أن انفه إلى الشأم على قَتبٍ، فلمّا جاءه الكتاب أرسل إلى عامر فقال: أنت الّذي قيل لك ما إبراهيم خير منك؟ فسكت، قال: أما والله ما سكوتي إلّا تعجّبًا لوددت أني كنت غُبارًا على قدميه يدخل بي الجنّة، قال: ولِمَ تركت النساء؟ قال: أما والله ما تركتـُهنّ إلّا أنّي قد علمت أنّه متى ما تكن لي امرأة فعسى أن يكون ولد، ومتى ما يكون ولد تشعبت الدنيا قلبي فأحببت التخلّي من ذلك، فأجلاه على قتب إلى الشأم، فلمّا قدم أنزله معاوية معه الخضراء، وبعث إليه بجارية فأمرها أن تُعْلِمَهُ ما حاله فكان يخرج من السّحَر فلا تراه إلى بعد العَتَمَة، ويبعث إليه معاوية بطعامه فلا يعرض لشيء منه، ويجيء معه بِكِسَرٍ يجعلها في ماء ثمّ يأكل منها ويشرب من ذلك الماء ثمّ يقوم، فلا يزال ذلك مقامه حتّى يسمع النداء ثمّ يخرج فلا تراه إلى مثلها، فكتب معاوية إلى عثمان يذكر له حاله، فكتب إليه أن اجعله أوّل داخلٍ وآخر خارج ومُرْ له بعشرة من الرقيق وعشرة من الظَّهْر فلما أتى معاوية الكتاب أرسل إليه فقال: إنّ أمير المؤمنين كتب إليّ أن آمر لك بعشرة من الرقيق، فقال: إنّ عليّ شيطانًا فقد غَلَبَنِي فكيف أجمع عليّ عشرة! قال: وآمر لك بعشرة من الظَّهر، فقال: إنّ لي لبغلةً واحدةً وإنّي لمُشْفِقٌ أن يسألني الله عن فضل ظهرها يوم القيامة، قال: وأمرني أن أجعلك أوّل داخلٍ وآخر خارجٍ، قال: لا إرْبَ لي في ذلك.