تسجيل الدخول


محمد بن سيرين

1 من 1
محمّد بن سيرين

ويكنى أبا بكر مولى أنس بن مالك، وكان ثقةً مأمونًا عاليًا رفيعًا فقيهًا إمامًا كثير العلم ورعًا، وكان به صممٌ، قال: سألتُ محمّد بن عبد الله الأنصاريّ: من أين كان أصل محمّد ابن سيرين؟ فقال: من سَبي عيْن التمر، وكان مولى أنس بن مالك.

قال: أخبرنا خالد بن خِداش قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن أنس بن سيرين قال: وُلد محمّد بن سيرين لسنتين بقيتا من خلافة عثمان ووُلدتُ أنا لسنة بقيت من خلافته.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثني أبي أنّ أمّ محمّد بن سيرين صفيّة مولاة أبي بكر بن أبي قُحافة طيّبها ثلاثة من أزواج النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فدعوا لها وحضر إملاكها ثمانية عشر بدريًّا فيهم أُبيّ بن كعب يدعو وهم يؤمّنون، قال: وقال بكّار بن محمّد: وُلد لمحمّد بن سيرين ثلاثون ولدًا من امرأة واحدة لم يبقَ منهم غير عبد الله بن محمّد.

قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا عبد الملك بن أبي سليمان عن أنس بن سيرين قال: دخل علينا زيد بن ثابت ونحن ستّة إخوة فيهم محمّد فقال: إن شئتم أخبرتكم من أخو كلّ واحد لأُمّه، هذا وهذا لأمٍّ، وهذا وهذا لأمّ، وهذا وهذا لأمٍّ، فما أخطأ شيئًا.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا شعبة قال: قالت أُمّي لهشام بن حسّان: عَمَّن يحدّث محمّد من أصحاب النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: عن ابن عمر وأبي هريرة، قالت: وسمع منهم؟ قال: نعم.

قال: أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدّثنا سُليم بن أخضر عن ابن عون قال: لم يكن محمّد يرفع من حديث أبي هريرة إلاّ ثلاثة أحاديث لا يجيء إلاّ بالرفع، إنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، صلى إحدى صلاتي العشاء(*)، وقوله: جاء أهل اليمن(*)، وحديث ثالث نَسِيَه سليمان.

قال: وقال عبد الرّزّاق عن معمر عن أيّوب عن محمّد قال: كنت أسمع الحديث من عشرة المعنى واحد واللفظ مختلف.

قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ قال: حدّثنا ابن عون قال: كان محمّد يحدّث بالحديث على حروفه.

قال: وأُخْبرت عن أميّة بن خالد عن شعبة قال: قال خالد الحذّاء: كلّ شيء قال محمّد: نُبّئْتُ عن ابن عبّاس إنّما سمعه من عكرمة لقيه أيّام المختار بالكوفة، قالوا: وقد روى محمّد أيضًا عن زيد بن ثابت وأنس بن مالك ويحيَى بن الجزّار وشُريح وغيره.

قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا السّرِيّ بن يحيَى قال: سمعتُ ابن سيرين يقول: يرحم الله شريحًا إن كان ليُدني مجلسي.

قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ عن ابن عون عن محمّد بن سيرين أنّه كان يقول: إنّ هذا العلم دين فانظروا عَمَّن تأخذونه.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثنا ابن عون قال: كان محمّد بن سيرين إذا حدّث كأنّه يتّقي شيئًا كأنّه يحذَر شيئًا.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثنا ابن عون قال: قال محمّد بن سيرين إيّاكم والكتب فإنّما تاه من كان قبلكم، أو قال: ضلّ من كان قبلكم بالكتب. قال بكّار: ولم يكن لجدّي ولا لأبي ولا لابن عون كتاب فيه تمام حديث واحد.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا سُليم بن أخضر قال: حدّثنا ابن عون قال: سمعتُ محمّدًا يقول: لو كنت متخذًا كتابًا لاتّخذتُ رسائل النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن يحيَى بن عتيق أنّ محمّد بن سيرين كان لا يرى بأسًا أن يكتب الحديث فإذا حفظه محاه.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن شعيب قال: قال لنا الشعبيّ: عليكم بذاك الأصم، يعني محمّد بن سيرين.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن غالب القطّان قال: خذوا بحلم محمّد ولا تأخذوا بغضب الحسن.

قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدّثنا محمّد بن عمرو أبو سَهْل الأنصاريّ قال: سمعتُ محمّد بن سيرين يكره أن يكتب الباء ثمّ يمدّها إلى الميم حتّى يكتب السين، قال ويقول: انظر ما كتبتُ: بسم الله، ثمّ يقول فيه قولًا شديدًا.

قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدّثنا محمّد بن عمرو قال: سمعتُ محمّد بن سيرين كان يكره أن يكتب: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} لفلان ويقول: اكتب {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} من فلان إلى فلان.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن يحيَى بن عَتيق قال: رأى محمّد رجلًا يكتب بريقه في نعليه فقال محمّد: يسرّك أن تلحس نعلك؟ فألقاها من يده.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا ابن زيد قال: حدّثنا يونس قال: قال الحسن احتسابًا وسكت محمّد احتسابًا.

قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ قال: حدّثنا الأشعث عن محمّد بن سيرين قال: كنّا إذا جلسنا إليه حدّثنا وتحدّثنا وضحك وسأل عن الأخبار، فإذا سُئل عن شيء من الفقه والحلال والحرام تغيّر لونُه وتبدّل حتّى كأنّه ليس بالذي كان.

قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا مهديّ بن ميمون قال: سمعتُ محمّدًا وماراه رجل في شيء فقال له محمّد: إني قد أعلم ما تريد وأنا أعلم بالمِراء منك ولكن لا أريد أن أماريك.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد قال: حدّثنا عاصم الأحول قال: سمعتُ مورّقًا العِجْليّ يقول: ما رأيتُ رجلًا أفقه في ورعه ولاأورع في فقهه من محمّد.

قال: وقال أبو قلابة: اصرفوه حيث شئتم فلتجدُنّه أشدّكم ورعًا وأملككم لنفسه.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا جَرير بن حازم قال: سمعتُ محمّد بن سيرين يحدّث رجلًا فقال: ما رأيتُ الرجل الأسود، ثمّ قال: أستغفر الله ما أراني إلا قد اغتبتُ الرجل.

قال: أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد قال: حدّثنا طلق بن وهب الطَّاحِيّ قال: دخلتُ على محمّد بن سيرين وقد كنتُ اشتكيتُ فقال: ائْتِ فُلانًا فاستوصِفْه فإنّه حسن العلم بالطبّ، ثمّ قال: ولكنِ ائْتِ فُلانًا فإنّه اعلم منه، ثمّ قال: أستغفر الله ما أراني إلاّ قد اغتبتُه.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن هشام قال: سمعتُ محمّدًا يقول: ما حسدتُ أحدًا شيئًا قطّ برًّا ولا فاجرًا.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن ابن عون قال: قال محمّد: لو شئتُ أن أزِنَ ما آكل.

قال: أخبرنا عفّان قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد قال: حدّثنا هشام قال: قال محمّد: إني لأزِنُ طعامي وزنًا.

قال: أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن عثمان البَتِّيّ قال: لم يكن أحد بهذه النُّقْرَة أعلم بالقضاء من محمّد بن سيرين.

قال: أخبرنا رَوْح بن عبادة قال: حدّثنا ابن عَوْن قال: قال محمّد في شيء راجعته فيه: إني لم أقل ليس به بأس إنّما قلت لا أعلم به بأسًا.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثني غير واحد ممنّ أثق به وأصدّقه عن سَوّار بن عبد الله قال: كان محمّد والحسن سيّديْ أهل هذا المصر عربيّها ومولاها.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثنا ابن عون قال: قال محمّد: لو يعلم الذي يتكلّم أنّ كلامه يكتب عليه لقلّ كلامه.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم وعارم بن الفضل قالا: حدّثنا حَمّاد بن زيد قال: أخبرنا أيّوب قال: رأيتُ ابن سيرين مقيّدًا في المنام.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم وعارم بن الفضل قالا: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن هشام بن حسّان عن بعض أهله قال: ما رابه شيء إلا تركه منذ نشأ، يعني محمّدًا.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن يحيَى بن عَتيق أنّ أعرابيًّا دخل على ابن سيرين فجعل يسأله عن أشياء من أمر دينه فجعل يجيبه وَثَمَّ سلم بن قتيبة فقال رجل: سَلْه ما يقول في القدر، فقال: يا أبا بكر ما تقول في القدر؟ قال: أيّ القوم أمرك بهذا؟ ثمّ سكت ساعةً، ثم قال محمّد: إنّ الشيطان ليس له على أحد سلطان، ولكن من أطاعه أهلكه.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد، وأخبرنا بكّار بن محمّد قالا: قال أخبرنا ابن عون قال: جاء رجل إلى محمّد فذكر له شيئًا من القدر، فقال محمّد: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} [النحل: 90]. قال: ووضع إصبعي يديه في أذنيه وقال: إمّا أن تخرج عنّي وإمّا أن أخرج عنك! قال: فخرج الرجل، قال: فقال محمّد: إنّ قلبي ليس بيدي وإني خفت أن ينفث في قلبي شيئًا فلا أقدر على أن أخرجه منه فكان أحبّ إليّ أن لا أسمع كلامه.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن أيّوب وهشام قالا: ما رأينا أحدًا أعظم رجاء لأهْلِ القبلة من ابن سيرين.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن أنس بن سيرين قال: لم يبلغ محمّدًا قطّ حديثان أحدهما أشدّ من الآخر إلاّ أخذ بأشدّهما، قال: وكان لا يرى بالآخر بأسًا وكان قد طُوّق لذلك.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل وعفّان قالا: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن أيّوب قال: قال أبو قلابة: وأيّنا يُطيق ما يُطيق محمّد؟ محمّد يركب مثل حدّ السنان.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثنا ابن عون قال: كان محمّد يركب مثل حدّ السيف.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثني أبي أنّ ابن سيرين اشترى هذه الأرض التي برستاق جَرْجرايا وصارت في يدي محمّد وفي يدي أخيه يحيَى فأُخذ بخراجها، وكان فيها كَرْم فأرادوا يعصرونه فقال محمّد: لا تعصروه بيعوه رطبًا، قالوا: لا ينفق عنّا، قال: فاجعلوه زبيبًا، قالوا: لا يجيء منه الزبيب، فضرب الكَرْم وألقاه في الماء وانحدر.

قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ قال: حدّثنا هشام بن حسّان قال: حدّثتني حفصة بنت سيرين قالت: كانت أمّ محمّد امرأة حجازيّة، وكان يُعجبها الصِّبْغُ، وكان محمّد إذا اشترى لها ثوبًا اشترى أَلْيَن ما يجد لا ينظر في بقائه فإذا كان كلّ يوم عيد صبغ لها ثيابها، قالت: وما رأيته رافعًا صوته عليها قطّ وكان إذا كلَّمها كلَّمها كالمُصغي إليها بالشيء.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثنا ابن عون أنّ محمّدًا كان إذا كان عند أمّه لو رآه رجل لا يعرفه ظنّ أنّ به مرضًا من خفضة كلامه عندها، قال: سألتُ محمّد بن عبد الله الأنصاريّ عن سبب الدَّين الذي ركب محمّد بن سيرين حين حُبس له قال: كان اشترى طعامًا بأربعين ألف درهم فأُخبر عن أصل الطعام بشيء كرهه فتركه أو تصدّق به وبقي المال عليه، فحُبس به حبسته امرأة، وكان الذي حبسه مالك بن المنذر.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثنا أبي أنّ محمّد بن سيرين كان باع من أمّ محمّد بنت عبد الله بن عثمان بن أبي العاص الثقفي جاريةً فرجعتْ إلى محمّد فشكَتْ أّنها تعذّبها فأخذها محمّد وكان قد أنفق ثمنها فهي التي حَبَسَتْه وهي التي تزوّجها سَلْم بن زياد وأخرجها إلى خراسان وكان أبوها يلقّب كِرْكِرَة.

قال: أخبرنا عمرو بن الهيثم قال: حدّثنا شعبة عن قتادة قال: دخلتُ على ابن سيرين السجن وهو يُكَتِّبُ رَجُلًا شِعْرًا.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن ابن عون عن محمّد بن سيرين قال: لعمري لقد شُهرت.

قال: أخبرنا الحسن بن موسى قال: حدّثنا حَمّاد بن سلمة عن ثابت البُنانيّ قال: قال لي محمّد بن سيرين: يا أبا محمّد إنّه لم يكن يمنعني من مجالستكم إلاّ مخافة الشّهْرة، فلم يزل بي البلاء حتّى أُخِذ بلحيتي فأُقِمتُ على المصطبة فقيل: هذا محمّد بن سيرين أكل أموال النّاس، وكان عليه دين.

قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا أبو شهاب عن هشام عن ابن سيرين أنّه اشترى طعامًا بيعًا مِنْ مَنُونِيَا فأشرف فيه على ربح ثمانين ألفًَا فعرض في قلبه منه شيء فتركه، قال هشام: والله ما هو بربًا.

قال: أخبرنا يحيَى بن خُليف بن عقبة قال: قال لي أبي خليف بن عقبة كان ابن سيرين يسبح وحده.

قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدّثنا أبو شهاب قال: أخبرني عثمان البَتّيّ قال: دخلتُ على ابن سيرين فقال: يا عثمان ما يقول النّاس في القدر؟ فقلتُ: منهم من يثبتُه ومنهم من يقول ما قد بلغك، فقال: لِمَ تردّ القدر عليّ؟ إنّهُ من يُرِد الله به خيرًا يوفّقْه لطاعته ومحابِّه من الأعمال، ومن يرد به غير ذلك يعذّبْه غير ظالم.

قال: أخبرنا المعلّى بن أسد قال: حدّثنا عبد العزيز بن المختار عن خالد الحذّاء قال: كان محمّد بن سيرين يصوم يومًا ويفطر يومًا، فإذا وافق صومه اليوم الذي يشكّ فيه أنّه من شعبان أو من رمضان صامه.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حَمّاد بن سلمة عن أيّوب وهشام أنّ ابن سيرين كان يصوم يومًا ويفطر يومًا.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد قال: أخبرنا أنس بن سيرين قال: كانت لمحمّد سبعة أورادٍ فكان إذا فاته شيء من الليل قرأه بالنّهار.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن ابن عون أنّ محمّدًا كان يغتسل كلّ يوم.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن أيّوب قال: قال محمّد: نفسي تكلّفني أشياء وددتُ أنّها لا تُكلّفني.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدَّثنا حَمّاد بن زيد عن ابن عون عن محمّد قال: أنا في بلاء شديد أشتهي أن أشبع فلا أشبع وأشتهي أن أرْوَى فلا أروى.

قال: أخبرنا عارم قال: حدَّثنا حَمّاد بن زيد عن ابن عون عن محمّد أنّه كان إذا تلا هذه الآية: {وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ} [سورة آل عمران: 141]، قال: اللّهمّ مَحّصْنا ولا تجعلنا كافرين.

قال: أخبرنا أزهر بن سعد السمّان عن ابن عون قال: كانوا إذا ذكروا عند محمّد رجلًا بسيّئةٍ ذكره محمّد بأحسن ما يعلم.

قال: أخبرنا أزهر عن ابن عون قال: جاء ناس إلى محمّد فقالوا: إنّا قد نلنا منك فاجعلْنا في حِلٍ، فقال: لا أُحلّ لكم شيئًا حرّمه الله عليكم.

قال: أخبرنا أزهر عن ابن عون قال: كان محمّد إذا نام وجّه نفسه، قال: وربّما استلقى على ظهره.

قال: أخبرنا أزهر السمّان عن ابن عون قال: ما أخطأني يوم عيد إلاّ أتيت محمّدًا فيه فلا يُعدمني أن أصيب فيه خبيصًا أو فالوذَقًا، قال: وكان يداوي به البول.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثنا ابن عون قال: ما أتينا محمّدًا في يوم عيد قطّ الا أطعمنا فيه خَبيصًا أو فالوذقًا، وكان لا يخرج يوم الفطر حتّى يأمر بزكاة رمضان فتُطيَّب ويُرسل بها إلى المسجد الجامع، ثمّ يخرج إلى العيد.

قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ قال: حدّثنا عبد الله ابن عون قال: كان محمّد يكره أن يقرأ القرآن إلا كما أُنزل، يكره أن يقرأه ثمّ يتكلم ثمّ يعود فيقرأ.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد قال: حدّثنا هشام عن محمّد قال: كان إذا ودّع رجلًا قال: اتّقِ الله واطلب ما قدر لك من حلال فإنّك إن أخذته من حرام لم تُصب أكثر مما قُدّر لك.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد قال: حدّثنا هشام عن محمّد قال: كانوا يقولون المسلم المسلم عند الدراهم.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثنا ابن عون قال: كان محمّد بن سيرين يأتيني إلى الحانوت ويجيئني الرجال فأعرض عليهم المتاع فيقول لهم محمّد: إن شئتم أُخرجه لكم إلى الدّار، قال: فأخرجه لهم إلى الدار.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثنا ابن عون أنّ محمّد بن سيرين كان إذا استسلف مالًا وزنه بشيء وختمه، فإذا قضاه وزنه بذلك الوزن ثمّ دفعه إليه، قال محمّد: الوزن يزيد وينقص.

قال: أخبرنا محمّد بن الصلت قال: حدّثنا أبو كُدَيْنَة عن عبد الله بن عون قال: كان ابن سيرين إذا وقع عنده درهم زائف أو سَتّوق لم يشترِ به، فمات يوم مات وعنده خمسمائة سَتّوقَة وزُيُوف.

قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: حدّثنا جعفر بن بُرْقان قال: حدّثنا ميمون بن مِهْرِان قال: قدمتُ الكوفة [[وأنا]] أريد أن أشتري البَزّ، فأتيتُ محمّد بن سيرين وهو يومئذٍ بالكوفة فساومته، فجعل إذا باعني صنفًا من أصناف البزّ قال: هل رضيتَ؟ فأقول: نعم، فيعيد ذلك عليّ ثلاث مرّات، ثمّ يدعو رجلين فيُشهدهما على بيعنا ثمّ يقول: انقل متاعك، وكان لا يشتري ولا يبيع بهذه الدراهم الحجَّاجِيَّة، فلمّا رأيت ورعه ما تركت شيئًا من حاجتي أجده عنده إلا اشتريته حتّى لفائف البزّ.

قال: أخبرنا الحسن بن موسى قال: حدّثنا أبو هلال قال: رأيتُ محمّد بن سيرين يخرج وهو متوشّح عاقد ثوبه على عاتقه فيقعد في المسجد.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن يحيَى بن عَتيق عن محمّد قال: كان سعيد بن جُبير خائفًا أنّه فعل ما فعل، ثمّ أتى مكّة يُفتي النّاس.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن يحيَى بن عَتيق عن محمّد أنّه كان يكره أن يشارط القسّام، قال: وكان يكره الرّشْوَة في الحكم، وقال: حكم يأخذون عليه أجرًا.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا مُعاذ عن ابن عون أنّ عمر بن عبد العزيز بعث إلى الحسن فقبل وبعث إلى ابن سيرين فلم يَقْبَل.

قال: أخبرنا عفّان قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد قال: ختن هشام بن حسان بنيه فدعا خيارى آل المهلّب، قال: فقيل لمحمّد: ألا ترى ما صنع أبو عبد الله؟ قال: لاَ تُبَخِّلُوا أبا عبد الله لاَ تُبَخِّلُوا أبا عبد الله.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن غالب قال: أتيتُ محمّدًا وذكر مُزَاحه فسألته عن هشام فقال: تُوفّي البارحة أما شعرتَ؟ فقلتُ: إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجِعونَ! فضحك.

قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا مهديّ بن ميمون قال: رأيتُ محمّدًا إذا توضّأ فغسل رجليه بلغ الوضوء عَضَلة سَاقَيْه.

قال: أخبرنا مسلم قال: حدّثنا قرّة بن خالد قال: رأيتُ محمّدًا يكنس مسجده بثوبه.

قال: أخبرنا الفضل بن دُكين ومسلم قالا: حدّثنا قرّة قال: كان نقش خاتم محمّد بن سيرين كنيته أبو بكر.

قال: أخبرنا رَوْح بن عُبادة قال: حدّثنا هشام أنّ نقش خاتم محمّد كنيته أبو بكر.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن هشام أنّ نقش خاتم محمّد مثله.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا مهديّ بن ميمون قال: رأيتُ على ابن سيرين حلقة من فضّة ويتختَّمُ في الشِّمال.

قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأنصاريّ عن ابن عون قال: خرجتُ مع محمّد لمّا خرج إلى ابن هُبيرة، فلمّا حضرت الصّلاة قال لي: تقدّمْ فصلّ بنا، قال: فصلّيتُ، قال: فقلتُ له: أليس كنت تقول لا يتقدّم إلا من جمع القرآن فكيف قدّمتني؟ قال: وقلتُ صنعت شيئًا كرهه محمّد لنفسه، قال: فذكرتُ له ذلك فقال: إني كرهتُ أن أتقدّم فيقول النّاس هذا محمّد يؤم النّاس.

قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله قال: حدّثنا ابن عون عن محمّد قال: كانوا يكرهون تَخَطّي رقاب النّاس في الجمعة، قال: وقال محمّد إنّهم يقولون إن ابن سيرين يتخطّى رقاب النّاس، قال: وأنا لا أتخطّى رقاب النّاس ولكني أجيء فيعرفني الرجل فيوسّع لي فأمضي، ثمّ يعرفني الآخر فيوسّع لي فأمضي.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: أدركتُ مسجد محمّد بن سيرين ومسجد أنس ومسجد حفصة بالعرانيس المعرّاة في دار سيرين لا يدخلها صبيّ ولا أحد.

قال: أخبرنا سليمان بن حرب قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن حبيب بن الشهيد عن ثابت البُنانيّ قال: ماتت ابنة للحسن وهو متوارٍ فأتيتُه فقال: افعلوا كذا، وافعلوا كذا، ورجوتُ أن يأمرني أن أصلّي عليها فقال: إذا أخرجتموها فمروا محمّد بن سيرين يُصَلّ عليها.

قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدّثنا محمّد بن عمرو قال: سمعتُ محمّد بن سيرين يقول: عَقَقْتُ عن نفسي بعد أن كنتُ رجلًا ببُخْتِيَّةٍ.

قال: أخبرنا أبو أُسامة عن مهديّ بن ميمون قال: رأيتُ ابن سيرين يلبس طيلسانًا، وكان يلبس كساء أبيض في الشتاء وعمامة بيضاء وفرْوة.

قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدّثنا سليمان بن المغيرة قال: رأيتُ محمّد بن سيرين يلبس الثياب اليُمنة والطيالسة والعمائم.

قال: أخبرنا يحيَى بن خُليف قال: حدّثنا أبو خَلْدَة قال: رأيتُ محمّد بن سيرين يتعمَّم بعمامة بيضاء لاطيّة قد أرخى ذُؤابتها من خلفه.

قال: أخبرنا عمرو بن عاصم قال: حدّثنا أبو الأشهب قال: رأيتُ على ابن سيرين ثياب كتّان.

قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: حدّثنا محمّد بن عمرو عن محمّد بن سيرين يذكر عن أنس بن مالك أنّه قال: سألته عن خضاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: إنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لم يكن بلغ ذلك ولكن أبو بكر خضب بالحنّاء والكَتَم(*)، قال ابن سيرين: فخضبتُ يومئذٍ بالحنّاء والكتم.

قال: أخبرنا يحيَى بن خُليف بن عقبة قال: حدّثنا أبو خلدة قال: رأيت ابن سيرين يخضبُ بالصُّفْرَة.

قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدّثنا أبو كعب قال: كان محمّد بن سيرين يقول للخرّاز إذا خرز له خُفًّا: لا تبلّ الخيوط بريقك.

قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: حدّثنا محمّد بن عمرو قال: رأيتُ ابن سيرين لا يُحفي شاربه كما يحفي بعض النّاس.

قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: حدّثنا حَمّاد بن سلمة قال. أخبرني حُميد أنّ [[محمّدًا]] بن سيرين أمر سُويدًا أبا محفوظ أن يجعل له حُلّة حِبَرَة يُكفَّن فيها.

قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا ابن عون قال: كانت وصيّة ابن سِيرِين: ذكر ما أوصى به محمّد بن أبي عَمْرة بنيه وأهله أن يتّقوا الله ويُصلحوا ذاتَ بينهم وأن يُطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به: {إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [سورة البقرة: 132]، وأوصاهم أن لا يدّعوا أن يكونوا إخوان الأنصار ومواليهم في الدين فإنّ العفاف والصّدق خير وأبقى وأكرم من الزنا والكذب، وأوصى فيما ترك: إن حدث بي حدث قبل أن أغيّر وصيّتي.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثني أبي عن أبيه عبد الله بن محمّد بن سيرين قال: لمّا ضمنتُ عن أبي دينَه قال لي: بالوفاء؟ قلت: بالوفاء، فدعا لي بخير.

قال: أخبرنا بكّار بن محمّد قال: حدّثنا أبي قال: قضى عبد الله بن محمّد بن سيرين عن أبيه ثلاثين ألف درهم فما مات عبد الله بن محمّد حتّى قوّمنا ماله ثلاثمائة ألف درهم أو نحوًا من ثلاثمائة ألف.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن أيّوب عن محمّد أنّه كان يأمر أن يُجعل لقميص الميّت أزرار ويُكفّ.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد عن هشام عن محمّد قال: تُجعل له أزرار ولا تُزَرّ عليه، قال أيّوب: أنا زررت على محمّد.

قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: حدّثنا حَمّاد بن زيد قال: مات محمّد يوم الجمعة، وغسله أيّوب وابن عون، ولا أدري من حضر معهم.

قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا محمّد بن عمرو قال محمّد بن سعد: وأُخبرْتُ عن هُشيم عن منصور قالا: هلك محمّد بن سيرين بعد الحسن بمئة يوم وذلك سنة عشر ومائة، وأخبرنا بكّار بن محمّد قال: توفّي محمّد بن سيرين وقد بلغ نيّفًا وثمانين سنة.
(< جـ9/ص 192>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال