الرئيسية
الصحابة
فضائل
مواقف إيمانية
كرامات
الأوائل
الأنساب
الغزوات
فوائد
مسابقات
تسجيل الدخول
البريد الالكتروني :
كلمة المرور :
تسجيل
تسجيل مشترك جديد
المصادر
موجز ما ذكر عنه في الكتب الأربعة
تفصيل ما ذكر عنه في الكتب الأربعة
ما ذكر عنه في الطبقات الكبير
مواقفه الإيمانية
العبادة
الورع
مواقف أخرى
طرف من كلامه
محمد بن سيرين
محمّد بن سيرين:
يكنى أبا بكر، وروى أنس بن سيرين قال: وُلد محمّد بن سيرين لسنتين بقيتا من خلافة عثمان، ووُلدتُ أنا لسنة بقيت من خلافته، وقال أيضًا: دخل علينا زيد بن ثابت ونحن ستّة إخوة فيهم محمّد فقال: إن شئتم أخبرتكم من أخو كلّ واحد لأُمّه، هذا وهذا لأمٍّ، وهذا وهذا لأمّ، وهذا وهذا لأمٍّ، فما أخطأ شيئًا. وروى بكّار بن محمّد قال: حدّثني أبي أنّ أمّ محمّد بن سيرين صفيّة مولاة أبي بكر بن أبي قُحافة طيّبها ثلاثة من أزواج النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فدعوا لها، وحضر إملاكها ثمانية عشر بدريًّا فيهم أُبيّ بن كعب يدعو وهم يؤمّنون. وروت حفصة بنت سيرين قالت: كانت أمّ محمّد امرأة حجازيّة، وكان يُعجبها الصِّبْغُ، وكان محمّد إذا اشترى لها ثوبًا اشترى أَلْيَن ما يجد لا ينظر في بقائه، فإذا كان كلّ يوم عيد صبغ لها ثيابها، قالت: وما رأيته رافعًا صوته عليها قطّ، وكان إذا كلَّمها كلَّمها كالمُصغي إليها بالشيء.
قال بكّار بن محمّد: وُلد لمحمّد بن سيرين ثلاثون ولدًا من امرأة واحدة لم يبقَ منهم غير عبد الله بن محمّد. وروى هشام أنّ نقش خاتم محمّد كنيته أبو بكر، وقال هشام أيضًا: أنّ نقش خاتم محمّد مثله أي محمد. وروى مهديّ بن ميمون قال: رأيتُ ابن سيرين يلبس طيلسانًا، وكان يلبس كساء أبيض في الشتاء وعمامة بيضاء وفرْوة. وروى سليمان بن المغيرة قال: رأيتُ محمّد بن سيرين يلبس الثياب اليُمنة والطيالسة والعمائم.
وروى أبو خَلْدَة قال: رأيتُ محمّد بن سيرين يتعمَّم بعمامة بيضاء لاطيّة قد أرخى ذُؤابتها من خلفه. وروى أبو الأشهب قال: رأيتُ على ابن سيرين ثياب كتّان. وروى محمّد بن عمرو، عن محمّد بن سيرين يذكر عن أنس بن مالك أنّه قال: سألته عن خضاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؛ فقال: إنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لم يكن بلغ ذلك، ولكن أبو بكر خضب بالحنّاء والكَتَم
(*)
. وقال ابن سيرين: فخضبتُ يومئذٍ بالحنّاء والكتم.
وروى أبو خلدة قال: رأيت ابن سيرين يخضبُ بالصُّفْرَة. وروى مهديّ بن ميمون قال: رأيتُ على ابن سيرين حلقة من فضّة ويتختَّمُ في الشِّمال. وكان بحمد بن سرين صممٌ، وروى محمّد بن عمرو قال: رأيتُ ابن سيرين لا يُحفي شاربه كما يحفي بعض النّاس.،وروى أبو هلال قال: رأيتُ محمّد بن سيرين يخرج وهو متوشّح عاقد ثوبه على عاتقه فيقعد في المسجد. وروى السّرِيّ بن يحيَى قال: سمعتُ ابن سيرين يقول: يرحم الله شريحًا إن كان ليُدني مجلسي.،وكان محمّد بن سيرين يقول: إنّ هذا العلم دين فانظروا عَمَّن تأخذونه. وروى ابن عون قال: كان محمّد بن سيرين إذا حدّث كأنّه يتّقي شيئًا كأنّه يحذَر شيئًا. وروى ابن عون أيضًا قال: قال محمّد بن سيرين: إيّاكم والكتب؛ فإنّما تاه من كان قبلكم، أو قال: ضلّ من كان قبلكم بالكتب. قال بكّار: ولم يكن لجدّي ولا لأبي ولا لابن عون كتاب فيه تمام حديث واحد. وروى ابن عون قال: سمعتُ محمّدًا يقول: لو كنت متخذًا كتابًا لاتّخذتُ رسائل النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم.
وروى يحيَى بن عتيق أنّ محمّد بن سيرين كان لا يرى بأسًا أن يكتب الحديث فإذا حفظه محاه. وروى شعيب قال: قال لنا الشعبيّ: عليكم بذاك الأصم، يعني محمّد بن سيرين.،وروى غالب القطّان قال: خذوا بحلم محمّد، ولا تأخذوا بغضب الحسن. وروى محمّد بن عمرو أبو سَهْل الأنصاريّ قال: سمعتُ محمّد بن سيرين يكرِّه أن يكتب الباء، ثمّ يمدّها إلى الميم حتّى يكتب السين، قال: ويقول: انظر ما كتبتُ، بسم الله، ثمّ يقول فيه قولًا شديدًا. وقال محمّد بن عمرو أيضًا: سمعتُ محمّد بن سيرين كان يكره أن يكتب:
{بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيمِ}
لفلان، ويقول: اكتب
{بِسْمِ اللهِ الْرَّحْمَنِ الْرَّحِيمِ}
من فلان إلى فلان.
وروى يحيَى بن عَتيق قال: رأى محمّد رجلًا يكتب بريقه في نعليه فقال محمّد: يسرّك أن تلحس نعلك؟ فألقاها من يده. وروى يونس قال: قال الحسن احتسابًا وسكت محمّد احتسابًا. وروى الأشعث، عن محمّد بن سيرين قال: كنّا إذا جلسنا إليه حدّثنا وتحدّثنا وضحك وسأل عن الأخبار، فإذا سُئل عن شيء من الفقه والحلال والحرام تغيّر لونُه وتبدّل، حتّى كأنّه ليس بالذي كان. وروى مهديّ بن ميمون قال: سمعتُ محمّدًا وماراه رجل في شيء؛ فقال له محمّد: إني قد أعلم ما تريد وأنا أعلم بالمِراء منك، ولكن لا أريد أن أماريك. وروى عاصم الأحول قال: سمعتُ مورّقًا العِجْليّ يقول: ما رأيتُ رجلًا أفقه في ورعه ولا أورع في فقهه من محمّد. وقال أبو قلابة: اصرفوه حيث شئتم فلتجدُنّه أشدّكم ورعًا وأملككم لنفسه. وروى جَرير بن حازم قال: سمعتُ محمّد بن سيرين يحدّث رجلًا فقال: ما رأيتُ الرجل الأسود، ثمّ قال: أستغفر الله ما أراني إلا قد اغتبتُ الرجل. وروى طلق بن وهب الطَّاحِيّ قال: دخلتُ على محمّد بن سيرين وقد كنتُ اشتكيتُ فقال: ائْتِ فُلانًا فاستوصِفْه، فإنّه حسن العلم بالطبّ، ثمّ قال: ولكنِ ائْتِ فُلانًا فإنّه أعلم منه، ثمّ قال: أستغفر الله ما أراني إلاّ قد اغتبتُه.
وروى هشام قال: سمعتُ محمّدًا يقول: ما حسدتُ أحدًا شيئًا قطّ برًّا ولا فاجرًا. وروى ابن عون قال: قال محمّد: لو شئتُ أن أزِنَ ما آكل. وقال هشام: قال محمّد: إني لأزِنُ طعامي وزنًا. وقال عثمان البَتِّيّ: لم يكن أحد بهذه النُّقْرَة أعلم بالقضاء من محمّد بن سيرين. وقال ابن عَوْن: قال محمّد في شيء راجعته فيه: إني لم أقل: ليس به بأس، إنّما قلت: لا أعلم به بأسًا.،وقال سَوّار بن عبد الله: كان محمّد والحسن سيّديْ أهل هذا المصر عربيّها ومولاها. وقال ابن عون أيضًا: قال محمّد: لو يعلم الذي يتكلّم أنّ كلامه يكتب عليه لقلّ كلامه. وروى أيّوب قال: رأيتُ ابن سيرين مقيّدًا في المنام. وعن هشام بن حسّان عن بعض أهله قال: ما رابه شيء إلا تركه منذ نشأ، يعني محمّدًا. وعن يحيَى بن عَتيق أنّ أعرابيًّا دخل على ابن سيرين فجعل يسأله عن أشياء من أمر دينه فجعل يجيبه، َثَمَّ سلم ابن قتيبة فقال رجل: سَلْه ما يقول في القدر، فقال: يا أبا بكر ما تقول في القدر؟ قال: أيّ القوم أمرك بهذا؟ ثمّ سكت ساعةً، ثم قال محمّد: إنّ الشيطان ليس له على أحد سلطان، ولكن من أطاعه أهلكه. وقال ابن عون: جاء رجل إلى محمّد فذكر له شيئًا من القدر، فقال محمّد:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ}
[النحل: 90]. قال: ووضع إصبعي يديه في أذنيه وقال: إمّا أن تخرج عنّي وإمّا أن أخرج عنك! قال: فخرج الرجل، فقال محمّد: إنّ قلبي ليس بيدي، وإني خفت أن ينفث في قلبي شيئًا فلا أقدر على أن أخرجه منه، فكان أحبّ إليّ أن لا أسمع كلامه.
وروى أيّوب، وهشام قالا: ما رأينا أحدًا أعظم رجاء لأهْلِ القبلة من ابن سيرين. وروى أنس بن سيرين قال: لم يبلغ محمّدًا قطّ حديثان أحدهما أشدّ من الآخر إلاّ أخذ بأشدّهما، قال: وكان لا يرى بالآخر بأسًا، وكان قد طُوّق لذلك. قال أبو قلابة: وأيّنا يُطيق ما يُطيق محمّد؟ محمّد يركب مثل حدّ السنان. وروى بكّار بن محمّد قال: حدّثني أبي: أنّ ابن سيرين اشترى هذه الأرض التي برستاق جَرْجرايا، وصارت في يدي محمّد وفي يدي أخيه يحيَى، فأُخذ بخراجها، وكان فيها كَرْم؛ فأرادوا يعصرونه، فقال محمّد: لا تعصروه بيعوه رطبًا، قالوا: لا ينفق عنّا، قال: فاجعلوه زبيبًا، قالوا: لا يجيء منه الزبيب، فضرب الكَرْم وألقاه في الماء وانحدر.
روى ابن عون أنّ محمّدًا كان إذا كان عند أمّه لو رآه رجل لا يعرفه ظنّ أنّ به مرضًا من خفضة كلامه عندها، وقال: سألتُ محمّد بن عبد الله الأنصاريّ عن سبب الدَّين الذي ركب محمّد بن سيرين حين حُبس له قال: كان اشترى طعامًا بأربعين ألف درهم فأُخبر عن أصل الطعام بشيء كرهه فتركه أو تصدّق به، وبقي المال عليه، فحُبس به حبسته امرأة، وكان الذي حبسه مالك بن المنذر. وقيل: كان محمّد بن سيرين باع من أمّ محمّد بنت عبد الله بن عثمان الثقفي جاريةً، فرجعتْ إلى محمّد فشكَتْ أّنها تعذّبها، فأخذها محمّد وكان قد أنفق ثمنها، فهي التي حَبَسَتْه، وهي التي تزوّجها سَلْم بن زياد، وأخرجها إلى خراسان، وكان أبوها يلقّب كِرْكِرَة. وروى قتادة قال: دخلتُ على ابن سيرين السجن وهو يُكَتِّبُ رَجُلًا شِعْرًا، وعن محمّد بن سيرين قال: لعمري لقد شُهرت.
روى ثابت البُنانيّ قال: قال لي محمّد بن سيرين: يا أبا محمّد، إنّه لم يكن يمنعني من مجالستكم إلاّ مخافة الشّهْرة، فلم يزل بي البلاء حتّى أُخِذ بلحيتي فأُقِمتُ على المصطبة فقيل: هذا محمّد بن سيرين، أكل أموال النّاس، وكان عليه دين. وقيل: ابن سيرين اشترى طعامًا بيعًا مِنْ مَنُونِيَا، فأشرف فيه على ربح ثمانين ألفًَا، فعرض في قلبه منه شيء فتركه، قال هشام: والله ما هو بربًا. وروى يحيَى بن خُليف بن عقبة قال: قال لي أبي خليف بن عقبة: كان ابن سيرين يسبح وحده. وقال عثمان البَتّيّ: دخلتُ على ابن سيرين فقال: يا عثمان ما يقول النّاس في القدر؟ فقلتُ: منهم من يثبتُه، ومنهم من يقول ما قد بلغك، فقال: لِمَ تردّ القدر عليّ؟ إنّهُ من يُرِد الله به خيرًا يوفّقْه لطاعته ومحابِّه من الأعمال، ومن يرد به غير ذلك يعذّبْه غير ظالم.
وروى خالد الحذّاء قال: كان محمّد بن سيرين يصوم يومًا ويفطر يومًا، فإذا وافق صومه اليوم الذي يشكّ فيه أنّه من شعبان أو من رمضان صامه. وروى أيّوب، وهشام أنّ ابن سيرين كان يصوم يومًا ويفطر يومًا. وروى أنس بن سيرين قال: كانت لمحمّد سبعة أورادٍ فكان إذا فاته شيء من الليل قرأه بالنّهار. وقال ابن عون: أنّ محمّدًا كان يغتسل كلّ يوم. وقال أيّوب: قال محمّد: نفسي تكلّفني أشياء وددتُ أنّها لا تُكلّفني. وروى ابن عون، عن محمّد قال: أنا في بلاء شديد أشتهي أن أشبع فلا أشبع، وأشتهي أن أرْوَى فلا أروى. وكان محمّد بن سرين إذا تلا هذه الآية:
{وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ}
[سورة آل عمران: 141]، قال: اللّهمّ مَحّصْنا ولا تجعلنا كافرين.
وروى ابن عون قال: كانوا إذا ذكروا عند محمّد رجلًا بسيّئةٍ ذكره محمّد بأحسن ما يعلم، وجاء ناس إلى محمّد فقالوا: إنّا قد نلنا منك فاجعلْنا في حِلٍ، فقال: لا أُحلّ لكم شيئًا حرّمه الله عليكم، وكان محمّد إذا نام وجّه نفسه، وربّما استلقى على ظهره، وقال ــ ابن عون: ما أخطأني يوم عيد إلاّ أتيت محمّدًا فيه فلا يُعدمني أن أصيب فيه خبيصًا أو فالوذَقًا، قال: وكان يداوي به البول، وكان لا يخرج يوم الفطر حتّى يأمر بزكاة رمضان فتُطيَّب، ويُرسل بها إلى المسجد الجامع، ثمّ يخرج إلى العيد، وكان محمّد يكره أن يقرأ القرآن إلا كما أُنزل، يكره أن يقرأه، ثمّ يتكلم، ثمّ يعود فيقرأ. وكان ابن سرين إذا ودّع رجلًا قال: اتّقِ الله، واطلب ما قدر لك من حلال، فإنّك إن أخذته من حرام لم تُصب أكثر مما قُدّر لك.
وروى هشام، عن محمّد قال: كانوا يقولون المسلم المسلم عند الدراهم. وعن ابن عون قال: كان محمّد بن سيرين يأتيني إلى الحانوت، ويجيئني الرجال، فأعرض عليهم المتاع فيقول لهم محمّد: إن شئتم أُخرجه لكم إلى الدّار، قال: فأخرجه لهم إلى الدار. وذكر ابن عون أنّ محمّد بن سيرين كان إذا استسلف مالًا وزنه بشيء وختمه، فإذا قضاه وزنه بذلك الوزن، ثمّ دفعه إليه، قال محمّد: الوزن يزيد وينقص. وكان ابن سيرين إذا وقع عنده درهم زائف أو سَتّوق لم يشترِ به، فمات يوم مات وعنده خمسمائة سَتّوقَة وزُيُوف. وروى ميمون بن مِهْرِان قال: قدمتُ الكوفة وأنا أريد أن أشتري البَزّ، فأتيتُ محمّد بن سيرين وهو يومئذٍ بالكوفة فساومته، فجعل إذا باعني صنفًا من أصناف البزّ قال: هل رضيتَ؟ فأقول: نعم، فيعيد ذلك عليّ ثلاث مرّات، ثمّ يدعو رجلين فيُشهدهما على بيعنا ثمّ يقول: انقل متاعك، وكان لا يشتري ولا يبيع بهذه الدراهم الحجَّاجِيَّة، فلمّا رأيت ورعه ما تركت شيئًا من حاجتي أجده عنده إلا اشتريته حتّى لفائف البزّ.
وروى يحيَى بن عَتيق، عن محمّد قال: كان سعيد بن جُبير خائفًا أنّه فعل ما فعل، ثمّ أتى مكّة يُفتي النّاس، وقال: كان يكره أن يشارط القسّام، وقال: وكان يكره الرّشْوَة في الحكم، وقال: حكم يأخذون عليه أجرًا. وروى ابن عون أنّ عمر بن عبد العزيز بعث إلى الحسن فقبل، وبعث إلى ابن سيرين فلم يَقْبَل. وروى حَمّاد بن زيد قال: ختن هشام بن حسان بنيه؛ فدعا خيارى آل المهلّب، قال: فقيل لمحمّد: ألا ترى ما صنع أبو عبد الله؟ قال: لاَ تُبَخِّلُوا أبا عبد الله، لاَ تُبَخِّلُوا أبا عبد الله. وروى غالب قال: أتيتُ محمّدًا وذكر مُزَاحه فسألته عن هشام فقال: تُوفّي البارحة أما شعرتَ؟ فقلتُ: إنّا لله وإنّا إليهِ رَاجِعونَ! فضحك. وروى مهديّ بن ميمون قال: رأيتُ محمّدًا إذا توضّأ فغسل رجليه بلغ الوضوء عَضَلة سَاقَيْه. وقال قرّة بن خالد: رأيتُ محمّدًا يكنس مسجده بثوبه.
وكان محمد ابن سيرين مولى أنس بن مالك، وكان ثقةً مأمونًا عاليًا، رفيعًا، فقيهًا، إمامًا، كثير العلم، ورعًا. سُئل محمد بن عبد الله الأنصاريّ: من أين كان أصل محمّد ابن سيرين؟ فقال: من سَبي عيْن التمر. وروى أبو كعب قال: كان محمّد بن سيرين يقول للخرّاز إذا خرز له خُفًّا: لا تبلّ الخيوط بريقك. وقال ابن عون: خرجتُ مع محمّد لمّا خرج إلى ابن هُبيرة، فلمّا حضرت الصّلاة قال لي: تقدّمْ فصلّ بنا، قال: فصلّيتُ، قال: فقلتُ له: أليس كنت تقول لا يتقدّم إلا من جمع القرآن فكيف قدّمتني؟ قال: وقلتُ صنعت شيئًا كرهه محمّد لنفسه، قال: فذكرتُ له ذلك فقال: إني كرهتُ أن أتقدّم فيقول النّاس هذا محمّد يؤم النّاس. وروى ابن عون عن محمّد قال: كانوا يكرهون تَخَطّي رقاب النّاس في الجمعة، قال: وقال محمّد: إنّهم يقولون إن ابن سيرين يتخطّى رقاب النّاس، قال: وأنا لا أتخطّى رقاب النّاس، ولكني أجيء فيعرفني الرجل فيوسّع لي فأمضي، ثمّ يعرفني الآخر فيوسّع لي فأمضي. وروى بكّار بن محمّد قال: أدركتُ مسجد محمّد بن سيرين، ومسجد أنس، ومسجد حفصة بالعرانيس المعرّاة في دار سيرين لا يدخلها صبيّ ولا أحد.
وروى ثابت البُنانيّ قال: ماتت ابنة للحسن وهو متوارٍ فأتيتُه فقال: افعلوا كذا، وافعلوا كذا، ورجوتُ أن يأمرني أن أصلّي عليها فقال: إذا أخرجتموها فمروا محمّد بن سيرين يُصَلّ عليها. وروى محمّد بن عمرو قال: سمعتُ محمّد بن سيرين يقول: عَقَقْتُ عن نفسي بعد أن كنتُ رجلًا ببُخْتِيَّةٍ. وروى شعبة قال: قالت أُمّي لهشام بن حسّان: عَمَّن يحدّث محمّد من أصحاب النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: عن ابن عمر، وأبي هريرة، قالت: وسمع منهم؟ قال: نعم. وروى ابن عون قال: لم يكن محمّد يصل بسند الحديث إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة إلاّ ثلاثة أحاديث لا يجيء إلاّ بالرفع، إنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم صلى إحدى صلاتي العشاء
(*)
، وقوله: جاء أهل اليمن
(*)
، وحديث ثالث قال عبد الرّزّاق عن محمّد قال: كنت أسمع الحديث من عشرة المعنى واحد واللفظ مختلف. وقال ابن عون: كان محمّد يحدّث بالحديث على حروفه. وروى شعبة قال: قال خالد الحذّاء: كلّ شيء قال محمّد: نُبّئْتُ عن ابن عبّاس إنّما سمعه من عكرمة لقيه أيّام المختار بالكوفة، قالوا: وقد روى محمّد أيضًا عن زيد بن ثابت، وأنس بن مالك، ويحيَى بن الجزّار، وشُريح، وغيره. وروى حُميد أنّ محمّد بن سيرين أمر سُويدًا أبا محفوظ أن يجعل له حُلّة حِبَرَة يُكفَّن فيها.
وقال ابن عون: كانت وصيّة ابن سِيرِين: ذكر ما أوصى به محمّد بن أبي عَمْرة بنيه وأهله أن يتّقوا الله، ويُصلحوا ذاتَ بينهم، وأن يُطيعوا الله ورسوله إن كانوا مؤمنين، وأوصاهم بما أوصى به:
{إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}
[سورة البقرة: 132]، وأوصاهم أن لا يدّعوا أن يكونوا إخوان الأنصار ومواليهم في الدين، فإنّ العفاف والصّدق خير وأبقى وأكرم من الزنا والكذب، وأوصى فيما ترك: إن حدث بي حدث قبل أن أغيّر وصيّتي. وروى عبد الله بن محمّد بن سيرين قال: لمّا ضمنتُ عن أبي دينَه قال لي: بالوفاء؟ قلت: بالوفاء، فدعا لي بخير. وقضى عبد الله بن محمّد بن سيرين عن أبيه ثلاثين ألف درهم، فما مات عبد الله بن محمّد حتّى قوّم ماله بثلاثمائة ألف درهم أو نحوًا من ثلاثمائة ألف. وروى أيّوب عن محمّد أنّه كان يأمر أن يُجعل لقميص الميّت أزرار ويُكفّ. وروى هشام عن محمّد قال: تُجعل له أزرار ولا تُزَرّ عليه، قال أيّوب: أنا زررت على محمّد، وعن حَمّاد بن زيد قال: مات محمّد يوم الجمعة، وغسله أيّوب وابن عون، ولا أدري من حضر معهم. وقال محمّد بن سعد: أُخبرْتُ عن هُشيم عن منصور قالا: هلك محمّد بن سيرين بعد الحسن بمئة يوم وذلك سنة عشر ومائة. وقال بكّار بن محمّد: توفّي محمّد بن سيرين وقد بلغ نيّفًا وثمانين سنة.
الصفحة الأم
|
مساعدة
|
المراجع
|
بحث
|
المسابقات
الاسم :
البريد الالكتروني :
*
عنوان الرسالة :
*
نص الرسالة :
*
ارسال