حفصة بنت عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى
تزوّج خُنَيْس بن حُذَافة بن قَيْس السَّهْمِي حفصة بنت عمر بن الخطّاب، فكانت عنده وهاجرت معه إلى المدينة، فمات عنها بعد الهجرة، مقدم النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم من بدر.
وحين تأيَمت حفصة بنت عمر من خُنَيْس، قال عمر بن الخطاب: فأتيت عثمان بن عفّان فعرضت عليه حفصة، قال: قلت: إن شئت أنكحتك حفصة، فقال: سأنظر في أمري، فمكثت ليالي، ثمّ لقيني فقال: قد بدا لي أن لا أتزوّج يومي هذا! قال عمر: فلقيت أبا بكر الصديق فقلت: إن شئت زوجتك حفصة، قال عمر: فصمت أبو بكر فلم يرجع إليّ شيئًا فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فمكثت ليالي، ثمّ خطبها رسول الله فأنكحتها إيّاه، فلقيني أبو بكر فقال: لعلّك وجدت عليّ حين عرضت عليّ حفصة فلم أرجع إليك شيئًا، قال عمر: فقلت: نعم. قال أبو بكر: إنّه لم يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت إلا أني قد كنت علمت أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد ذكرها، فلم أكن لأفشي سرّ رسول الله، ولو تركها رسول الله قبلتها.
وروي أن عمر بن الخطاب قال للنبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: يا رسول الله ألا تعجب من عثمان! إني عرضت عليه حفصة، فأعرض عني، فقال رسول الله: "قد زوّج الله عثمان خيرًا من ابنتك وزوّج ابنتك خيرًا من عثمان". وكان عمر قد عرض حفصة على عثمان حين توفيت زوجته رقيّة بنت النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وعثمان يومئذٍ يريد أمّ كلثوم بنت النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فأعرض عثمان عن عمر لذلك، فتزوج رسول الله حَفْصَة، وزوّج أمّ كلثوم من عثمان بن عفّان، وقد تزوّج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حفصة في شعبان على رأس ثلاثين شهرًا قبل أُحُد.
وقد طلّق رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حفصة، فجاء جبريل فقال: يا محمّد، إمّا قال راجعْ حفصة، وإمّا قال لا تطلِّق حفصة، فإنّها صئُوم قَئُوم وإنّها من نسائك في الجنّة.
ولما عرف عمر بطلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم لابنته، حثى التراب على رأسه، وقال: ما يعبأ الله بعُمر وابنته بعدها، فنزل جبريل من الغد على النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: إن الله يأمرك أن تراجع حفصة رحمةً لعمر.
روت حفصة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وعن عمر، وروى عنها: أخوها عبد الله، وابنه حمزة، وزوجته صفية بنت أبي عبيد، ومجموعة من الصحابة.
فروي عن حفصة زوج النبي صَلَّى الله عليه وسلم أنها قالت: ما رأيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في سُبحْتهِ قاعدًا حتى كان قبل وفاته صَلَّى الله عليه وسلم، بعام، فإنه كان يصلي في سبحته قاعدًا، ويقرأ بالسورة فَيُرَتِّلها، حتى تكون أطول من أطول منها، وروى ابن عمر عن أخته حفصة: أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كان إذا سكت المؤذِّن من الأذان لصلاة الصبح، صلَّى ركعتين خفيفتين قبل أن تُقَام الصلاة.
وفاتها:
تُوفيت حفصة رضي الله عنها في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وهي يومئذٍ ابنة ستّين سنة.
وصلّى عليها مروان بن الحكم وهو يومئذٍ عامل المدينة، ونزل في قبرها: عبد الله، وعاصم ابنا عمر، وسالم، وعبد الله، وحمزة بنو عبد الله بن عمر.