تسجيل الدخول


حسان بن ثابت الأنصاري

1 من 1
حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ
ً
(ب د ع) حَسَّان بن ثَابِت بن المُنذر بن حَرَام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار. واسمه تيم الله، ابن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج، الأنصاري الخزرجي، ثم من بني مالك بن النجار، يكنى أبا الوليد، وقيل: أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو الحسام؛ لمناضلته عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ولتقطيعه أعراض المشركين، وأمه: الفُرَيعة بنت خالد بن خنس بن لَوْذان بن عبد ود بن زيد بن ثعلبة بن الخزرج بن كعب بن ساعدة الأنصاري، يقال له: شاعر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ووصفت عائشة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقالت: كان والله كما قال فيه حسان:
[الطويل]

مَتَى يَبْدُ فِي الدَّاجِي البَهِيم جَبينُهُ
يَلُحْ مِثْلَ مِصْبَاحِ الدَّجُى المُتَوقِّدِ

فَمَنْ كَانَ أَوْ مَنْ ذَا يَكُونَ كَأَحْمـــدٍ
نِظَامٌ لِحَقٍّ أَوْ نـَكَالٌ لِمُـلْحِــــــــــدِ

وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ينصب له منبرًا في المسجد، يقوم عليه قائمًا، يفاخر عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ورسول الله يقول: "إِنَّ الله يُؤَيِّدُ حَسَّانَ بِرُوحُ القُدُسِ، مَا نَافَحَ عَنْ رَسُولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم".(*)

ورُوِيَ أن الذين كانوا يهجون رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من مشركي قريش: أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، وعبد الله بن الزِّبَعْرَى، وعمرو بن العاص، وضِرَار بن الخطاب.

وقال قائل لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: اهجُ القوم الذين يهجوننا، فقال: إن أذن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فعلت، فقال رسول الله: "إِنَّ عَلِيًّا لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُرَادُ مِنْ ذَلِكَ". ثم قال: ما يمنع القوم الذين نصروا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بأسيافهم أن ينصروه بألسنتهم؟. فقال حسان: أنا لها، وأخذ بطرف لسانه وقال: والله ما يسرني به مِقْول بين بُصْرى وصنعاء، قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: " كَيْفَ تَهْجُوهُمْ وَأَنَا مِنْهُمْ؟ذكره السيوطي في الدر المنثور 5/ 101. وَكَيْفَ تَهْجُو أَبَا سُفْيَانَ وَهُوَ ابْنُ عَمِّي"؟ فقال: يا رسول الله، لأسُلَّنَّك منهم كما تسل الشعرة من العجين، فقال: "أئْتِ أَبِا بَكْرٍ فَإِنَّهُ أَعْلَمُ بِأَنْسَابِ القَوْمِ مِنَكَ".(*)

فكان يمضي إلى أبي بكر رضي الله عنه ليقفه على أنسابهم؛ فكان يقول له: كُفَّ عن فلانة وفلانة، واذكر فلانة وفلانة. فجعل يهجوهم، فلما سمعت قريش شعر حسان قالوا: هذا شعر ما غاب عنه ابن أبي قحافة.

فمن قول حسان في أبي سفيان بن الحارث: [الطويل]

وَأَنَّ سَنَامَ المَجْدِ مِنَ آلِ هَاشِـمٍ
بَنُو بِنْتِ مخْزُومٍ وَوَالِـدُكَ العَبْـدُ

وَمَنْ وَلَدَتْ أَبْنَـاءُ زُهْرَةَ مِنْهُمُ كِرَامٌ وَلَمْ يَقْـرَبْ عَجَائِزَكَ المَجْدُ

وَلَسْتَ كَعَبَّاسٍ وَلَا كَابْـنِ أُمِّـهِ وَلَكِنْ لَئِيـمٌ لَا يُقَـامُ لَهُ زَنـْـدُ

وَأَنَّ امْرأً كـَانَتْ سُمَيَّةُ أُمَّـهِ وَسَمْرَاءُ مَغْمُوزٌ إِذَا بَلَـغَ الجَهْـدُ

فلما بلغ هذا الشعر أبا سفيان قال: هذا شعر لم يغب عنه ابن أبي قحافة.

يعني بقوله بنت مخزوم: فاطمة بنت عمرو بن عايذ بن عمران بن مخزوم، وهي أم أبي طالب، وعبد الله، والزبير، بني عبد المطلب، وقوله: ومن ولدت أبناء زهرة منهم، يعني حمزة وصفية، أمهما: هالة بنت وهيب بن عبد مناف بن زهرة، وقوله: عباس وابن أمه، وهو ضرار بن عبد المطلب، أمهما: نُتَيلة، امرأة من النمر بن قاسط، وسمية أم أبي سفيان، وسمراء أم أبيه الحارث.

قال ابن سيرين: انتدب لهجو رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من المشركين من ذكرنا وغيرهم، فانتدب لهجو المشركين ثلاثة من الأنصار: حسان، وكعب بن مالك، وعبد الله ابن رواحة، فكان حسان وكعب يعارضانهم، مثل قولهم في الوقائع والأيام والمآثر، ويذكرون مثالبهم، وكان عبد الله بن رواحة يعيرهم بالكفر وبعبادة ما لا يسمع ولا ينفع، فكان قوله أهون القول عليهم، وكان قول حسان وكعب أشد القول عليهم، فلما أسلموا وفَقِهوا كان قول عبد الله أشد القول عليهم.

ونهى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن إنشاد شيء من مناقضة الأنصار ومشركي قريش، وقال: في ذلك شتم الحي والميت، وتجديد الضغائن. وقد هدم الله أمر الجاهلية بما جاء من الإسلام.

وقال ابن دريد، عن أبي حاتم، عن أبي عبيدة، قال: فَضَل حسان الشعراء بثلاث: كان شاعر الأنصار في الجاهلية، وشاعر النبي صَلَّى الله عليه وسلم في النبوة، وشاعر اليمن كلها في الإسلام.

وقال أبو عبيدة: أجمعت العرب على أن أشعر أهل المدر أهل يثرب، ثم عبد القيس، ثم ثقيف، على أن أشعر أهل المدر حسان.

وقال الأصمعي: الشعر نَكِد يقوى في الشر ويسهل؛ فإذا دخل في الخير يضعف. لأن هذا حسان كان من فحول الشعراء في الجاهلية، فلما جاء الإسلام سقط شعره.

وقيل لحسان: لان شعرك وهرم يا أبا الحسام؛ فقال للسائل: يا ابن أخي، إن الإسلام يحجُز عن الكذب. يعني أن الإجادة في الشعر هو الإفراط في الذي يقوله، وهو كذب يمنع الإسلام منه، فلا يجيء الشعر جيدًا.

أخبرنا أبو الفضل المنصور بن أبي الحسن بن أبي عبد الله الطبري الفقيه الشافعي بإسناده إلى أحمد بن علي بن المثنى قال: حدثنا حَوْثَرَة، أخبرنا حماد بن سلمة، عن هشام، عن أبيه: أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم جلد الذين قالوا لعائشة ما قالوا ثمانين ثمانين: حسان بن ثابت، ومِسْطَح بن أثَاثَة، وحَمْنةَ بنت جحش.

وكان حسان ممن خاض في الإفك، فجلد فيه في قوله بعضهم، وأنكر قوم ذلك، وقالوا: إن عائشة كانت في الطواف، ومعها أم حكيم بنت خالد بن العاص، وأم حكيم بنت عبد الله بن أبي ربيعة، فذكرتا حسان بن ثابت وسبتاه، فقالت عائشة: إني لأرجو أن يدخله الله الجنة بذَبه عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم بلسانه؛ أليس القائل: [الوافر]

فَإِنَّ أَبِي وَوَالِدَهُ وَعِرْضِي
لِعِرْضِ مُحمَّدٍ مِنْكُمْ وِقَاءُ

وبرأته من أن يكون افترى عليها، فقالتا: ألم يقل فيك؟ فقالت: لم يقل شيئًا، ولكنه الذى يقول: [الطويل]

حَصَانٌ رَزَانٌ مَا تُـزَنَّ بِرِيبـَةٍ
وَتُصْبِحُ غَرْثَى مِنْ لُحُومِ الغَوَافِلِ

فَإِنْ كَانَ مَا قَدْ قِيلَ عَنِّـي قُلتُـهُ فَـلَا رَفَعَتْ سَوْطِي إِلَى أَنَامِـلِي

وكان حسان من أجبن الناس حتى إن النبي صَلَّى الله عليه وسلم جعله مع النساء في الآطام يوم الخندق:

أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي البغدادي، بإسناده إلى يونس بن بكير، عن ابن سحاق قال: حدثني يحيى بن عَبَاد بن عبد الله بن الزبير، عن أبيه، قال: كانت صفية بنت عبد المطلب في فارع، حصن حسان بن ثابت؛ قالت: وكان حسان بن ثابت معنا فيه، مع النساء والصبيان، حيث خندق النبي صَلَّى الله عليه وسلم قالت صفية: فمر بنا رجل من يهود، فجعل يُطِيف بالحصن؛ قالت له صفية: إن هذا اليهودي يطيف بالحصن كما ترى، ولا آمنه أن يدل على عورتنا مَنْ ورائنا من يهود، وقد شغل عنا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأصحابه، فانزل إليه فاقتله، قال: يغفر الله لك يا بنت عبد المطلب، لقد عرفْتِ ما أنا بصاحب هذا. قالت صفية: فلما قال ذلك أخذت عمودًا، ونزلت من الحصن إليه، فضربته بالعمود حتى قتلته، ثم رجعت إلى الحصن، فقلت: يا حسان، انزل فاسلبه، فقال: ما لي بسلبه من حاجة يا بنت عبد المطلب.

ولم يشهد مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم شيئًا من مشاهده لجبنه، ووهب له النبي صَلَّى الله عليه وسلم جاريته سيرين أخت مارية، فأولدها عبد الرحمن بن حسان، فهو وابراهيم ابن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ابنا خالة.

أخبرنا أبو ياسر عبد الوهاب بن هبة الله بإسناده، عن عبد الله بن أحمد، حدثني أبي، أخبرنا معاوية بن هشام، أخبرنا سفيان، عن عبد الله بن عثمان قال أبي: وحدثنا قبيصة، عن سفيان، عن ابن خُثَيم، عن عبد الرحمن بن مهران، عن عبد الرحمن بن حسان، عن أبيه، قال: لعن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم زوارات القبور.(*)

وتوفي حسان قبل الأربعين في خلافة علي، وقيل: بل مات سنة خمسين، وقيل: سنة أربع وخمسين وهو ابن مائة وعشرين سنة، لم يختلفوا في عمره وأنه عاش ستين سنة في الجاهلية، وستين في الإسلام، وكذلك عاش أبوه ثابت، وجده المنذر، وأبو جده حَرَام؛ عاش كل واحد منهم مائة وعشرين سنة، ولا يعرف في العرب أربعة تناسلوا من صلب واحد، وعاش كل منهم مائة وعشرين سنة غيرهم، قال سعيد بن عبد الرحمن: ذكر عند أبي عبد الرحمن عمر أبيه، وأجداده، فاستلقى على فراشه وضحك، فمات وهو ابن ثمان وأربعين سنة.

أخرجه الثلاثة.
(< جـ2/ص 6>)
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال