شرحبيل بن حبيب
شُرَحْبِيلُ ابن حَسَنَةَ، وهي أُمه؛ وهى عدويّة، واسم أَبيه عبد اللّه بن المُطاع بن عبد اللّه الكندي، وقيل: التميمي، حليف لبني زهرة.
ذكره ابْنُ مَنْدَه، وأورد عن الشفاء بنت عبد الله أنها قالت: دخلَتْ على النبي صَلَّى الله عليه وسلم وهي تحت شُرَحبيل بن حبيب، وهو في البيت، فذكر حديثًا، وتعقبه أبُو نعيمٍ بأن قال: وَهم فيه في موضعين: الأول أنه صحف فيه فقال: ابن حبيب، وإنما هو ابن حَسَنة، والثاني أنه قال: دخلت على النبي صَلَّى الله عليه وسلم وإنما هو دخلت على ابنتي، وفرق ابن فتحون بينه وبين شرحبيل الجعفيّ، وهما واحد.
يكنى شرحبيل أبا عبد الله، ويقال أبا عبد الرَّحمن، ويقال أبا وائلة. وأمه حَسنة، كانت مولاة لمعمر بن حبيب بن وهب، تزوَّجها سُفيان، رجل من الأنصار، أحد بني زُريق بن عامر، ويقال له سفيان بن معمر لأنّ معمر بن حبيب الجمحيّ حالفه وتبنّاه وزوّجه من حسنة، وقد كان لها من غيره شرحبيل، فولدت له جابرًا، وجُنادة ابني سفيان، فلما قدموا من الحبشة نزلوا على قومِهم من بني زُريق في ربعهم، ونزل شرحبيل مع أخويه لأمه، ثم هلك سُفيان وابناه في خلافة عمر بن الخطَّاب، ولم يتركوا عَقِبا، فتحوّل شرَحْبيل ابن حسنة إلى بني زُهرة، فحالفهم. وقال الزَّبير: شُرحبيل بن عبد الله بن المطاع تبنته حَسنة زوجة سفيان بن معمر بن حبيب الجمحيّ، وليس بابنٍ لها، ونسب إليها، وهي من أَهل عَدَوْلى ناحية من البحرين، تنسب إِليها السفن العَدَوْلية، وكان له منها من الولد خالد، وجنادة ابنا سفيان فهاجر سفيان بن معمر إلى أرض الحبشة فخرج بامرأته حَسَنَة معه وخرج بولده خالد، وجُنادة معه، وأخرج معهم أخاهم لأمّهم شُرَحْبيل ابن حَسَنَة في الهجرة الثانية إلى أرض الحبشة. وكان محمد بن عمر يقول: بل كان سفيان بن معمر بن حبيب الجُمَحي أخا شُرَحْبيل ابن حَسَنَة لأمّه، وكانت أمّ سفيان لم تكن امرأته، وهاجر إلى أرض الحبشة ومعه أخوه شُرَحْبيل ومعه أمّه حَسَنَة ومعه ابناه جُنادة وخالد. وكان أبو معشر يذكر شُرَحْبيل ابن حَسَنَة وأمّه فيمن هاجر من بني جُمَحَ إلى أرض الحبشة، ولا يذكر سفيان بن معمر ولا أحدًا من ولده، ولم يذكر موسى بن عقبة أحدًا منهم ولا ذكر شُرَحْبيل في روايته فيمن هاجر إلى أرض الحبشة، ولما مات عبد اللّه والد شرحبيل تزوج أُمَّه حسنة أُم شرحبيل رَجلٌ من الأَنصار، من بني زريق، اسمه سفيان، وكان يقال: سفيان بن معمر، لأَن مَعْمَرًا تبناه وحالفه، وزوجه حسنة ومعها شرحبيل، فولدت جابرًا وجنادة ابني سفيان، وأَسلم شُرَحبيل قديمًا وأَخواه، وهاجر إِلى الحبشة هو وأَخواه، فلما قدموا من الحبشة نزلوا بني زُرَيق في رَبْعِهم، ونزل شرحبيل مع إِخوته لأُمه، ثم هلك سفيان وابناه في خلافة عمر رضي الله عنه، ولم يتركوا عقبًا، فتحول شرحبيل ابن حسنة إِلى بني زهرة، فحالفهم ونزل فيهم، فخاصمهم أَبو سعيد بن المُعَلَّى الزُّرَقِيّ إِلى عمر، وقال: حليفي ليس له أَن يتحول إِلى غيري، فقال شرحبيل: ما كنت حليفًا لهم، وإِنما نزلت مع أَخَوَيّ، فلما هلكا حالفت من أَردت، فقال عمر: يا أَبا سعيد، إِن جئت ببينة وإِلا فهو أَولى بنفسه، فلم يأْت ببينة، فثبت شرحبيل على حلفه.
وكان شُرَحبيل من عِلْيَة أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وغزا معه غزوات، وهو أحد الأمراء الذين عقد لهم أبو بكر الصّدّيق إلى الشأم، وقال أَبو عمر: كان شرحبيل من مُهَاجِرة الحبشة، ومن وجوه قريش، وسيره أَبو بكر وعمر على جيش إِلى الشام، ولم يزل واليًا على بعض نواحي الشام لعمر إِلى أَن هلك في طاعون عَمَوَاس، سنة ثمان عشرة، وله سبع وستون سنة، طُعِن هو وأَبو عبيدة بن الجراح في يوم واحد، وقال عبد الرحمن بن غنم: لما وقع الطاعون بالشام خطب عمرو بن العاص الناسَ، فقال: إِن هذا الطاعون رِجْس، فتفرقوا عنه في هذه الشعاب، وفي هذه الأَودية، فبلغ ذلك شُرَحبيل ابن حسنة، فغضب، فجاءَ وهو يجر ثوبه معلق نعِله بيده، فقال: صحبت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وعمرو أَضل من حمار أَهله، ولكن رَحْمَةُ ربكم، ودعوة نبيكم، ووفاة الصالحين قبلكم وروى عنه ابناه: ربيعة، وعبد الرحمن بن غَنْم، وأبو عبد الله الأشعريّ، وذكر ابْنُ زَبْرٍِ أنه الذي افتتح طبريّة، وقال ابن يونس أرسله النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم إلى مصر فمات شرحبيل بها.