عبد الرحمن بن معاذ بن جبل الأنصاري
عبد الرّحمن بن معاذ بن جبل الأنصاري الخزرجيّ، ثم الجشميّ:
كان فاضلًا، واختلفوا فيه: فمنهم من أَنكر أَن يكون وُلِد لمعاذ بن جبل وَلَد، ولعله أَراد أَن معاذًا لم يخلف ولدًا؛ لأن عبد الرحمن مات قبل أَبيه، وإِلا فعبد الرحمن بن معاذ مشهور، ولا شك أَنه له صحبة، لأَنه توفي سنة ثمان عشرة بعد وفاة النبي صَلَّى الله عليه وسلم بثماني سنين تقريبًا، ولما مات كان كبيرًا، فتكون له صحبة، لأَنه من أَهل المدينة لم يكن خارجًا عنها حتى يقال: إِنه لم يفد إِلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، والله أَعلم، وروى شهر بن حوشب، عن رابه رجل من قومه، كان خلف على أَمّه بعد أَبيه، كان شهد طاعون عَمَواس، قال: لما اشتعل الوجع قام أَبو عبيدة بن الجراح في الناس خطيبًا، فقال: يا أَيها الناس، إِنَّ هذا الوجعَ رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم. وإِن أَبا عبيدة يسأَل الله أَن يَقْسِمَ له منه حَظه. قال: فطُعِن فمات. واستخلف على الناس معاذ بن جبل، فقام خطيبًا فقال: أَيها الناس، إِن هذا الوجع رحمة ربكم، ودعوة نبيكم، وموت الصالحين قبلكم، وإِن معاذًا يسأَل الله أَن يَقْسِم لآل معاذ منه حظه. فطعن ابنه عبد الرحمن، فمات. ثم قام فدعا ربه لنفسه. فَطُعِن في راحتيه، فمات..." أخرجه أحمد في المسند 1/ 196.، وكان آخر من بقي من بني أُدَيّ بن سعد أَخي سلمة بن سعد، فانقرضوا، وعدادهم في بني سلمة، وقَالَ أَبُو حُذَيْفَة الْبُخَارِيّ في "الفتوح": شهد عبد الرحمن مع أبيه اليرموك، وجاء من طرق عند أحمد وغيره، عن أبي منيب وغيره أنّ الطاعون لما وقع بالشام خطب معاوية فقال: إنها رحمة ربكم، ودعوةُ نبيكم، وقبض الصالحين قبلكم؛ اللهم أدخل على آل معاوية من هذه الرحمة، ثم نزل فطعن ابنُه عبد الرحمن فدخل عليه، فقال له: {الْحَقُّ مِن رَّبـِّـكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) [البقرة:147]؛ فقال معاذ: {سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ} [الصافات:102].