تسجيل الدخول


أبو ريحانة الأزدي

شَمْعُون بن يَزِيد بن خنافة، أَبو رَيْحَانة الأَزْدِي، وقيل: الأسْدِيّ، وقيل: الكنانيّ، وقيل: الأَنصاري، وقيل: الخزرجيّ حليفٌ لهم‏، وقيل: القرشي، وقيل: الدَّوسي، وقيل: كان قرظيًا، وله حلف في الأَنصار، والأَصح أَنه أَزدي؛ قال ابن حجر العسقلاني: الأنصار كلَّهم من الأزد ويجوز أن يكونَ حالف بعض قريش فتجتمع الأقوال، واختلف في اسمه فقيل: عبد الله بن مطر، وقال ابْنُ حِبَّانَ: قيل اسمه عبد الله بن النّضر، وشمعون أصحّ، وقيل: خُليد، وقيل: سمعون، وقيل: شمغون؛ قال ابن يونس: وهو عندي أَصح.
أَخرجه أَبو عمر، وأَبو نُعَيم، وأَبو موسى. مشهور بكنيته: أبو ريحانة، ويقال: هو مولى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وقال أَبو عمر: كانت ابنته ريحانة سرية رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهوحليف حَضْرموت، نزل الشّام، سكن بيت المقدس، وله صحبة، وهو ممن شهد فتح دمشق، وقدم مصر، وقال ابْنُ يُونُسَ: "ذُكر فيمن قدم مصر من الصّحابة وما عرفنا وقْتَ قدومه"، ورابط بمَيَّافَارِقين، من أَرض الجزيرة، وذكر أبو الحسين الرّازي والد تمام، عن شيوخه الدمشقيين: "أنه نزل أوّل ما فتح دمشق دارًا كان ولده يسكنونها، ومنهم محمد بن حكيم بن أبي رَيْحاَنة، وكان من كبار أهل دمشق، وهو أول من طوَى الطُّومار، وكتب فيه مُدْرَجًا مقلوبًا"، وكان من الفضلاء الأخيار النجباء الزَّاهدين في الدّنيا الرّاجين ما عند الله، وروى ابْنُ المُبَارَكِ في "الزّهد"، عن مولى لأبي رَيْحاَنة الصّحابي: أنَّ أبا ريحانة قفل من غَزْوَةٍ له، فتعشّى ثم توضّأ وقام إلى مسجده فقرأ سورةً، فلم يزل في مكانه حتى أذّن المؤذن، فقالت له امرأته: يا أبا ريحانة؛ غزوت فتعبت ثم قدمت، أفما كان لنا فيك نصيب؟ قال: بلى والله، لكن لو ذكرتك لكان لك علىّ حقّ، قالت: فما الذي شغلك؟ قال: التفكير فيما وصف الله في جَنّتِه ولَذّاتها حتى سمعت المؤذّن، وروى ضمرة: أن أبا رَيْحانة كان مرابطًا بميَّافارقين، فاشترى رَسَنا من قبطي من أهلها بأفلس، وقفل حتى انتهى إلى عقبة الرَّسْتَن ــ وهي بقُرْب حمص ــ فقال لغلامه: دفعت إلى صاحب الرَّسَن فلوسه؟ قال: لا، فنزل عن دابته، فاستخرج نفقةً فدفعها لغلامه، وقال لرفقته: أحسنوا معاونتَه حتى يبلغ أَهْلَه، وانصرف إلى ميّافارقين، فدفع الفلوس لصاحب الرّسَن، ثم انصرف إلى أهله، وروى إِبْرَاهِيمُ بْنُ الجُنَيْدِ في كتاب "الأولياء" عن عُروة الأعمى مولى بني سعد؛ قال: ركب أبو رَيْحَانة الْبَحْر ــ وكانت له صحف، وكان يخيط ــ فسقط إبرته في البحر، فقال: عزمت عليك يا رب إلا ردَدْتَ عليَّ إبرتي، فظهرت حتى أخذها.
وقال ابْنُ البَرْقِيِّ: "له خمسة أحاديث"، وروى عنه الشّاميون‏، وروى عنه من أهل مصر: أَبو رِشْدين كُرَيب بن أبرهة، وعمرو بن مالك، وأبو عامر الحَجْريّ، وروى عنه عمرو بن مالك الجَنِْبي، وعبادة بن نُسَيّ، ومجاهد، وغيرهم، وذكر ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ عن أبيه: أنه روى عنه: أبو علي الهمداني، وثُمامة بن شُفَيّ، وشهر بن حَوْشب، وأخرج عبد الغافر بن سلامة الحمصي في تاريخه، عن أبي ريحانة صاحب النّبي صَلَّى الله عليه وسلم؛ قال: أتيْتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فشكوتُ إليه تفلّت القرآن ومشقته عليّ، فقال: "لاَ تَحْمِلْ عَلَيْكَ مَا لاَ تطِيقُ، وَعَلَيكَ بِالسُّجُودِ"(*). قال عُمَيْرَةُ: قدم أبو رَيْحانة عسقلان، وكان يكثر السّجود، وأخرج أَحْمَدُ، والنَّسَائِيُّ، والطّبَرَانِيُّ من طريق أبي علي الهَمْدَانِيُّ عن أبي ريحانة: أنه كان مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم في غزوة؛ قال: فأوينا ذات ليلة إلى سرف فأصابنا بَرْدٌ شديد، حتى رأيتُ الرجال يحفر أحدهم الحفرة فيدخل فيها ويلقي عليه حَجفته، فلما رأى ذلك رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: "مَنْ يَحْرُسُنَا اللَّيْلَةَ، فَأَدْعُو لَهُ بِدُعَاءٍ يُصِيبُ فَضْلَهُ"، فقام رجل من الأنصار، فقال: أنا يا رسول الله، قال: "مَنْ أَنْتَ"؟ قال: فلان، قال: "ادْنُه"، فدنا فأخذ ببعض ثيابه، ثم استفتح الدّعاء، فلما سمعت قلت: أنا رجل، قال: "مَنْ أنْتَ"؟ قال: أبو رَيْحانة، قال: فدعا لي دون ما دعا لصاحبي، ثم قال: "حرمَتْ النَّارُ عَلَى عَيْنٍ حَرَسَتْ فِي سَبيلِ اللهِ..." الحديث(*)، وروى أَبو ريحانة، عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم: أَنه كره عَشْر خصال: الوَشْر، والنتف، والوشم، والمكامعة، والمكاعمة: الرجلُ الرجلَ والمرأَةُ المرأَةَ؛ ليس بينهما ثوب، والنُّهْبة، وركوب النمور، واتخاذ الديباج، هاهنا وهاهنا، أَسفل في الثياب وفي المناكب، والخاتم إِلا لذي سلطان، وقال ثوبان بن شهر: سمعتُ كُريب بن أبْرَهَة وهو جالس مع عبد الملك بن مروان في سَطْحٍ بدَيْرِ مُرّان وذُكِر الكِبْرُ فقال كُريب: سمعتُ أبا ريحانة يقول: سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؛ يقول: "لا يَدْخُلُ شيءٌ من الكِبْرِ الجَنّةَ"، فقال قائل: يا رسول الله، إني لأحبّ أن أتجمّل بعلاق سوطي وشِسْع نعلي، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنّ ذلك ليس من الكِبر، إنّ الله جَميلٌ يُحِبّ الجمال، إنّ الكبر من سَفِهَ الحقَّ، وغَمَصَ النّاسَ بعينيه"(*).
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال