تسجيل الدخول


الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي

((الحسن بن علي عليهما السلام بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد منَاف بن قُصَيّ)) الطبقات الكبير. ((حفيد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، ابن بنته فاطمة رضي الله عنها، وابن ابن عمه عليّ بن أبي طالب)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل، قال: حدثنا عمرو بن حريث عن عمران بن سليمان، قال: الحسن والحسين اسمان من أسماء أهل الجنة، لم يكونا في الجاهلية. قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرَّقّي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن عبد الله بن محمد بن عقيل: أن عليا لما ولد ابنه الأكبر سماه بعمه حمزة، ثم ولد ابنه الآخر فسماه بعمه جعفر، قال فدعاني النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "إني قد أمرت أن أغير اسمى ابني هذين"، قال: قلت الله ورسوله أعلم قال: فسماهما حسنًا وحسينًا.(*) قال: أخبرنا سفيان بن عيينة، عن عمرو، عن عكرمة، قال: ولما ولدت فاطمة حسنًا أتت به النبي صَلَّى الله عليه وسلم فسماه حسنًا. فلما ولدت حسينًا أتت به النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "هذا أحسن من هذا" فشق له من اسمه فقال: "هذا حسين".(*))) الطبقات الكبير. ((قال أبو أحمد العسكري: سماه النبي صَلَّى الله عليه وسلم الحسن، وكناه أبا محمد، ولم يكن يعرف هذا الاسم في الجاهلية، وروي عن ابن الأعرابي، عن المفضل، قال: إن الله حجب اسم الحسن والحسين حتى سمى بهما النبي صَلَّى الله عليه وسلم ابنيه الحسن والحسين، قال: وقلت له: فاللذين باليمن؟ قال: ذاك حَسْن ساكن السين، وحَسِين بفتح الحاء وكسر السين، ولا يعرف قبلهما إلا اسم رملة في بلاد ضبة، قال ابن عَنَمة: [الوافر]
* غَدَاةَ أَضَرَّ بِالحَسَنِ السَّبِيلُ *
وعندها قُتِل بِسْطام بن قيس الشيباني.)) أسد الغابة. ((حدّثنا خلف بن قاسم، قال: حدّثنا ابن الورد، قال: حدّثنا يوسف بن زياد، حدّثنا أسد بن موسى، وحدّثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدّثنا قاسم بن أَصْبَغْ، قال: حدّثنا أحمد بن زهير، قال: حدّثنا خلف بن الوليد أبو الوليد، قالا: حدّثنا إسرائيل عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن عليّ رضي الله عنه، قال: لما وُلِد الحسن جاء رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سمَّيْتُموهُ؟" قُلْتُ: سميّتُه حَرْبًا. قال: "بَلْ هُوَ حَسَنٌ". فلما ولِد الحسَين قالَ: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟" قلت: سميته حَربًا. قال: "بَلْ هُوَ حُسَيْنٌ". فلما ولد الثّالث جاء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال: "أَرُونِي ابْنِي، مَا سَمَّيْتُمُوهُ؟". قلت: حربًا. قال: "بَلْ هُوَ مُحْسِنٌ". زاد أسد، ثم قال: "إِنِّي سَمَّيْتُهُمْ بِأَسْمَاء وَلَدِ هَارُونَ: شَبَّر وشَبِّير ومُشَبّر"(*) أخرجه البخاري في الأدب المفرد 823، والبيهقي في السنن 6/166، 7/63، والحاكم في المستدرك 3/168، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال، حديث رقم 37692..)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((وُلد في نصف شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة؛ قاله ابنُ سعد وابن البَرْقي وغير واحد. وقيل في شعبان منها. وقيل وُلد سنة أربع وقيل سنة خمس. والأول أثبت.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي الأمين، أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر، أخبرنا أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري، أخبرنا أبو البركات أحمد بن عبد الواحد بن نظيف، حدثنا الحسن بن رشيق، أخبرنا أبو بشر الدولابي قال: سمعت أبا بكر بن عبد الرحيم الزهري يقول: ولد الحسن بن علي بن أبي طالب، وأمه فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في النصف من رَمَضَانَ سنة ثلاث من الهجرة، وتوفي بالمدينة سنة تسع وأربعين، وقيل: ولد للنصف من شعبان سنة ثلاث، وقيل: ولد بعد أحد بسنة، وقيل: بسنتين، وكان بين أحد والهجرة سنتان وستة أشهر ونصف. قال الدولابي: وحدثنا الحسن بن علي بن عفان، أخبرنا معاوية بن هشام، أخبرنا علي بن صالح عن سماك بن حرب، عن قابوس بن المخارق قال: قالت أم الفضل: يا رسول الله، رأيت كأنَّ عضوًا من أعضائك في بيتي، قال: "خيرًا رأيت، تلد فاطمة غلامًا فترضعيه بلبن قُثَم"، فولدت الحسن فأرضعته بلبن قُثَم،(*))) أسد الغابة. ((قال محمد بن عمر: ولد الحسن بن علي بن أبي طالب في النصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة.))
((قال: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: حدثنا الحسن بن عمارة، قال: حدثنا بُرَيْد بن أَبِي مَرْيم، عن أبي الحَوْرَاء، قال: قلت للحسن بن علي: مثل من كنت على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وماذا سمعت منه قال: سمعته يقول لرجل: "دع ما يريبك إلى مالا يريبك فإن الشر ريبة وإن الخير طمأنينة"(*). وعقلت منه: أني بينما أنا أمشي معه إلى جنب جرين الصدقة تناولت تمرة فألقيتها في فِيّ فأدخل أصبعه في فِي فاستخرجها بلعابها وبزاقها فألقاها فيه، وقال: "إنا آل محمدٍ لا تحل لنا الصدقة".(*) وعقلت عنه الصلوات الخمس فعلمني كلمات أقولهن عند انقضائهن: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت". قال أبو الحَوْرَاء: فذكرت ذلك لمحمد بن علي يعني ابن الحنفية ونحن في الشِّعْب فقال: إنهن لكلمات علمناهن وأمرنا أن نقولهن في الوتر(*). قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن بُرَيْد بن أَبي مَريَم، عن أبي الحَوْرَاء، عن الحسن بن علي، قال: علمني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في القنوت: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيما عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت".(*) قال: أخبرنا الحسن بن موسى، قال: حدثنا زهير بن أبي إسحاق، عن بُرَيْد بن أَبِي مريم، عن أَبِي الحَوْرَاء، عن الحسن بن علي قال: علمني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "اللهم اهدني فيمن هديت، وعافني فيما عافيت، وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، تباركت ربنا وتعاليت" هذا يقوله في القنوت في الوتر.(*) قال: أخبرنا عمرو بن الهيثم، قال: حدثنا شعبة، عن بُرَيْد بن أبي مريم، عن أَبِي الحَوْرَاء، قال: قلت للحسن: ما تحفظ أو تذكر من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: أخذت تمرة من تمر الصدقة ــ أظنه قال ــ فألقيتها في فِيّ، فأخذها فألقاها بلُعابها(*)، قال: وكان يقول: "دَعْ ما يريبك إلى مالا يريبك، فإن الصدق طمأنينة وإن الكذب رِيبة"(*). قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، ومحمد بن عبد الله الأسدي، قالا: حدثنا يونس بن أبي إسحاق، قال: سمعت بُرَيْد بن أبي مريم، قال: حدثني أبو الحَوْرَاء قال: علم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الحسن كلمات قال: "إذا قمتَ في القنوت في الوتر فقل: اللهم اهدني فيمن هَديت، وعافِني فيما عَافَيت، وتولّني فيمن توليت، وبارِك لي فيما أعطيت، وقني شَرّ ما قضيت، إنك تَقْضِي ولا يُقضَى عليك، إنه لا يَذِلُ مَن وَالَيت، تباركتَ ربنا وتَعَاليت".(*) قال: أخبرنا الضَّحَّاك بن مَخْلَد أبو عاصم النبيل، عن ثابت بن عمارة، قال: حدثنا ربيعة بن شَيبان، قال: قلت للحسن بن على: ما تحفظ من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال: أدخلني غرفة الصَّدقة فأخذت تمرة فألقيتها في فِيّ فقال: "ألقها فإنها لا تحل لمحمدٍ ولا لأهل بيته".(*) قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني ابن أَبِي سَبْرَةَ، عن داود بن الحصين، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس، قال: خرجنا مع علي إلى الجمل ستمائة رجل فسلكنا على الرَّبَذَة فنزلناها فقام إليه ابنه الحسن بن علي فبكى بين يديه وقال: ائذن لي فأتكلم فقال علي: تكلم ودع عنك أن تَخِنَّ خَنِين الجارية فقال الحسن: إني كنتُ أشرتُ عليك بالمقام وأنا أشير به عليك الآن، إن للعرب جَولة ولو قد رجعت إليها عوازب أحلامها قد ضربوا إليك أباط الإبل حتى يستخرجوك، ولو كنت في مثل جُحر الضَّب، فقال علي: أتراني لا أبالك كنت منتظرًا كما تنتظر الضبع اللدم. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني معمر بن راشد، عن سالم بن أبي الجعد، قال: لما نزل عليّ بذي قار بعث عمارَ بن ياسر والحسنَ بن علي إلى أهل الكوفة فاستنفرهم إلى البصرة. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق قال: بعث عليّ عمارًا والحسن بن علي إلى الكوفة، ونزل عليّ بذي قار قال: فاستنفراهم فخرج منهم ثمانية آلاف على كل صَعب وذَلول. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَين، قال: حدثنا معمر بن يحيى بن سام، قال: سمعت جعفرًا، قال: سمعتُ أبا جعفر، قال: قال علي: قُم فاخطب الناس يا حسن. قال: إني أهابك أن أخطب وأنا أراك، فتغيب عنه حيث يسمع كلامه ولا يراه، فقام الحسَن فحمد الله وأثنىَ عليه وتكلّم، ثم نزل فقال عليّ: {ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [آل عمران:34]. قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هبيرة بن يَرِيم، قال: قيل لعلي هذا الحسن بن علي في المسجد يحدث الناس فقال: طحن إبل لم تعلم طحنًا. قال: وما طحنت إبل قط يومئذ. قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق عن مَعْدِيكَرِب: أن عليًا مرّ على قوم قد اجتمعوا على رجل فقال: من هذا؟ قالوا الحسن. قال: طحن إبل لم تَعَوّد طحنًا، إن لكل قوم صُدّادًا وإنَّ صُدَّادَنا الحسن. قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، قال: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة، عن علي، أنه خطب الناس ثم قال: إن ابن أخيكم الحسن بن علي قد جمع مالًا، وهو يريد أن يقسمه بينكم، فحضر الناس فقام الحسن فقال: إنما جمعته للفقراء، فقام نصف الناس ثم كان أول من أخذ منه الأشعث بن قيس.)) ((قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن الحسن والحسين كانا يتختمان في يسارهما.)) ((قال: أخبرنا علي بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن هشام بن عروة، عن عروة، أن أبا بكر رضي الله عنه خطب يومًا فجاء الحسن فصعد إليه المنبر فقال: انزل عن منبر أبي فقال علي: إن هذا لشيء عن غير مَلأ مِنّا.)) ((قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الرقي، قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن شُعَيْب بن يَسَار، أن الحسن بن علي أتى ابنًا لطلحة بن عبيد الله فقال: قد أتيتك لحاجة وليس لي مَرَدٌّ قال: وما هي؟ قال: تزوّجني أختك، قال: إن معاوية كتب إلي يخطبها على يزيد، قال: مالي مَرَدٌّ إذْ أتيتك فزوجها إياه. ثم قال: ادخل بأهلك، فبعث إليها بحلّة ثم دخل بها، فبلغ ذلك معاوية، فكتب إلى مروان أنْ خيّرها فخيّرها فاختارت حسنا فأقرّها ثم خلف عليها بعده حسين.)) ((قال: أخبرنا يزيد بن هارون، ومحمد بن بشر العبدي، قالا: حدثنا محمد بن عمرو، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، قال: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يَدْلَعُ: لسانه للحسن بن علي فإذا رأى الصبي حُمْرَة اللسان يهش إليه فقال عيينة: ألا أراك تصنع هذا إنه ليكون الرجل من ولدي قد خرج وجهه وأخذ بلحيته ما أقبّله. فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَمْلِكُ أن ينزع الله منك الرحمة؟".(*) وقال: محمد بن بشر في حديثه: "إنه من لا يَرْحَم لا يُرْحَم".(*) قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، عن ابن عون، عن عمير بن إسحاق قال: رأيت أبا هريرة لقي الحسن بن علي فقال له: اكشف لي بَطْنَكَ حتى أقبّل حيث رأيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقبّل منه قال: فكشف عن بطنه فقبّله.(*) قال: أخبرنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر العَقَدِيّ، عن زَمْعَة بن صالح، عن سَلَمَةَ بن وَهْرَام، عن عِكْرِمَة، عن ابن عباس أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم كان حامِلَ الحسن بن علي على عاتقه فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "ونعم الراكب هو".(*) قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل بن أَبِي فُدَيْك المدني، عن هشام بن سعد، عن نُعيم المُجْمِر، عن أبي هريرة قال: ما رأيت حسنًا قط إلا فاضت عيناي دموعًا وذلك أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم خرج يومًا فوجدني في المسجد فأخذ بيدي فانطلقت معه فلم يكلمني حتى جئنا سوق بني قينقاع، فطاف بها ونظر ثم انصرف وأنا معه. حتى جئنا المسجد، فجلس واحتبى ثم قال: "أي لكاع ادع لي لُكَعا". قال: فجاء الحسن يشتد فوقع في حجره ثم أدخل يده في لحيته ثم جعل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يكفح فمه فَيُدْخِلُ فَاهُ في فيه ثم يقول: "اللهم إني أحبه فأحببه وأحبب من يحبه".(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، عن ابن عُيَيْنَة، عن عبيد الله بن أبي يزيد، عن نافع بن جبير، عن أبي هريرة الدَّوْسِي، قال: خرجت مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لا يكلمني ولا أكلمه حتى أتينا سوق بني قينقاع ثم رجع فأتى عائشة فجلس فقال: "أثم لكع أثم لكع". فظننت أن أمه حبسته تغسله وتلبسه سِخَابًا فخرج يشتد حتى اعتنق كل واحد منهما صاحبه ثم قال: "اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه" للحسن.(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، وسعيد بن منصور، عن ابن عُيَيْنة، عن أبي موسى، قال: سمعت الحسن، قال: حدثنا أبو بكرة قال: لقد رأيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقبل على الناس مرة وعلى الحسن مرة ويقول: "إن ابني هذا سيد وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين".(*) وزاد سعيد: إسرائيل بن موسى، وزاد:"على يده بين فئتين من المسلمين". قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: حدثنا سفيان، عن داود بن أَبِي هِنْد، عن الحسن، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم للحسن: "إن ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين من المسلمين".(*) قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا مبارك بن فَضَالَة، عن الحسن، قال: أخبرني أبو بَكْرَة: أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، كان يصلي فإذا سجد وثب الحسن على ظهره، أو قال على عنقه فيرفع رأسه رفعًا رفيقًا لئلا يصرع. فعل ذلك غير مرة فلما قضى صلاته قالوا يا رسول الله رأيناك صنعتَ بالحسن شيئًا ما رأيناك صنعته بأحد. فقال: "إنه ريحاني من الدنيا وإن ابني هذا سيد وعسى الله أن يصلح به بين فئتين من المسلمين".(*) قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا حميد عن الحسن، أن الحسن بن علي جاء ذات يوم فصعد المنبر ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يخطب فأخذه فوضعه في حجره، فجعل يمسح رأسه وقال: "إن ابني هذا سيد وإن الله سيصلح به بين فئتين من المسلمين".(*) قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم، وعارم بن الفضل، قالا: أخبرنا حماد بن زيد، قال: حدثنا علي بن زيد، عن الحسن، عن أبي بكرة: أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم كان يخطب يومًا فصعد إليه الحسن فضمه النبي صَلَّى الله عليه وسلم إليه وقال: "إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح على يديه فئتين من المسلمين عظيمتين".(*) قال: أخبرنا بكر بن عبد الرحمن القاضي، قال: حدثنا عيسى بن المختار، عن محمد يعني ابن أبي ليلى، عن عطية، عن أبي سعيد الخُدْرِيّ، قال: جاء الحسن إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو ساجد فركب على ظهره فأخذه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بيده فقام وهو على ظهره ثم ركع ثم أرسله فذهب.(*) قال: أخبرنا وهب بن جرير بن حازم، وسليمان أبو داود الطيالسي، وهشام أبو الوليد، قالوا: أخبرنا شُعْبَة، قال أخبرني عمرو بن مرة، عن عبد الله بن الحارث، عن زهير بن الأقمر، قال: خطبنا الحسن بن علي على المنبر بعد قتل علي فقام رجل من أزد شَنوءة فقال رأيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم واضعًا الحسن في حَبْوَته وهو يقول: "من أحبني فليحبه وليبلغ الشاهِدُ منكم الغائبَ". ولولا عزمة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ما حدثت أحدًا شيئًا ثم قعد.(*) قال: أخبرنا سفيان بن عُيَيْنَة، عن الزُّهْرِيّ، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة: أبصر الأقرعُ النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم، يقبل حسنًا فقال: لي عشرة من الولد ما قبلت واحدًا منهم قط، فقال: "إنه من لا يرحم لا يرحم". قال سفيان: وقال بعض الناس: "ما أصنع بك إن كان الله نزع منك الرحمة".(*) قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي، وشَبَابَةُ بن سَوَّار، ويحيى بن عباد، قالوا: حدثنا شعبة، قال: أخبرني عدي بن ثابت، قال: سمعت البَرَاء بن عَازِب، يقول: رأيت النبي صَلَّى الله عليه وسلم حاملًا الحسن على عاتقه وهو يقول: "اللهم إني أُحِبُّه فَأَحِبَّه".(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: حدثنا فضيل بن مرزوق، قال: حدثني عدي بن ثابت، عن البَرَاء بن عَاِزب، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم للحسن: "اللهم إني قد أحببته فأحبه وأحب من يحبه".(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: حدثنا إسرائيل، قال: سمعت سالم بن أَبِي حَفْصة، قال: سمعت أبا حازم، قال: سمعت أبا هريرة، قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "من أحب الحسن والحسين فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني".(*) قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، قال: حدثنا شَرِيك، عن جابر، عن عبد الرحمن بن سابط، عن جابر، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "من سره أن ينظر إلى سيد شباب أهل الجنة فلينظر إلى الحسن بن علي".(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، ومحمد بن عبد الله الأسدي، قالا: حدثنا سفيان، عن يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي نُعْم، عن أبي سعيد الخُدْرِيّ، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "حسن وحسين سيدا شباب أهل الجنة".(*) قال: أخبرنا عبد الله بن موسى، والفضل بن دكين، قالا: حدثنا يزيد بن مَرْدَانُبَه، عن عبد الرحمن بن أبي نُعْم، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".(*) قال: أخبرنا الفضل بن دكين، قال: حدثنا الحكم بن عبد الرحمن بن أَبِي نُعْم، عن أبيه، عن أبي سعيد، عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة إلا ابني الخالة عيسى ابن مريم ويحيى بن زكريا".(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكَين، قال: حدثنا شَرِيك، عن عبد الرحمن بن زياد، عن مسلم بن يسار، قال: أقبل الحسن والحسين فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "هذان سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما خير منهما".(*) قال: أخبرنا الفضل بن دُكَين، قال: حدثنا إسرائيل، عن ابن أَبِي السّّفَر، عن الشعبي، عن حذيفة عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "أتاني جبريل فبشرني أن الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".(*) قال: أخبرنا عبد الله بن نمير، عن حجاج بن دينار، عن جعفر بن إياس، عن عبد الرحمن بن مسعود، عن أبي هريرة، قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ومعه حسن وحسين هذا على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم هذا مرة وهذا مرة، حتى انتهى إلينا فقال له رجل: يا رسول الله إنك لتحبهما فقال: "من أحبهما فقد أحبني ومن أبغضهما فقد أبغضني".(*) قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، أن فتية من قريش خطبوا ابنة سهيل بن عمرو، وخطبها الحسن فشاورت أبا هريرة ـ وكان لها صديقًا ـ فقال: إني رأيت النبي صَلَّى الله عليه وسلم يقبل فاه فإن استطعت أن تقبلي حيث قبل فقبلي.(*) قال: أخبرنا خلاد بن يحيى، قال: حدثنا مُعرِّفُ بن واصل، قال: حدثتني امرأة من الحي يقال لها: حفصة ابنة طلق، قالـت: حدثنا أبو عميرة رشيد بن مالك، قال: كنا عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم جلوسًا فأتاه رجل بطبق عليه تمر فقال: "ما هذا أهدية أم صدقة؟" فقال الرجل: صدقة. قال: "فقدمها إلى القوم"، قال: وحسن بين يديه يَتَعَفَّر. قال: فأخذ الصبي تمرة فجعلها في فيه. قال: ففطن له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأدخل أصبعه في فيّ الصبي فانتزع التمرة ثم قذف بها. وقال: "إنا آل محمد لا نأكل الصدقة".(*) قال: أخبرنا وكيع بن الجراح، قال: حدثنا شعبة، عن محمد بن زياد، عن أبي هريرة، قال: أخذ الحسن بن علي تَمْرَةً من تَمْر الصدقة فجلعها في فيه. فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:" كَخْ كَخْ" ثم أخذها من فيه فألقاها وقال: "إنا أهل بيت لا نأكل الصدقة".(*))) ((قال: أخبرنا عبد الله بن نمير، ويزيدٍ بن هارون، ومحمد بن كُنَاسة الأسدي، قالوا: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد، قال: قلت لأبي جُحَيْفَة رأيت النبي صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: نعم. كان أشبَهَ الناس به الحسن بن علي.(*) قال: أخبرنا عمر بن سعد أبو داود الحَفَرِي، عن سفيان عن عمر بن سعيد، عن ابن أبي مليكة، عن عقبة بن الحارث، قال: إني لمع أبي بكر إذ مَرَّ على الحسن بن علي فوضعه على عنقة ثم قال:

بِأَبِي شِبْهُ النَّبِي ليس شبيهًا بعلي
قال: وعلي معه فجعل علي يضحك. قال أخبرنا الضّحّاك بن مَخْلَد أبو عاصم النبيل الشّيباني، ومحمد بن عبد الله الأسدي، قالا: حدثنا عُمر بن سعيد، عن ابن أبي مليكة، عن عقبة بن الحارث، قال: خرجت مع أبي بكر من صلاة العصر بعد وفاة النبي صَلَّى الله عليه وسلم بليالٍ وعلي يمشي إلى جنبه فمر بحسن بن علي وهو يلعب مع غلمان فاحتمله عَلَى رقبته وهو يقول:

وابِأبي شِبْهُ النبْي
ليس بشبهٍ بعليْ
وعلي يضحك. قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، ومحمد بن عبد الله الأسدي، ومالك بن إسماعيل أبو غَسَّان النَّهْدِيّ، قالوا: حدثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي قال: الحسن أشبه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس. والحسين أشبه النبي صَلَّى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك.(*) قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد، قال: حدثنا عاصم بن كليب، قال: حدثني أبي، أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "من رآني في النوم فقد رآني فإن الشيطان لا يَنْتَحِلُني". قال أبي: فحدثته ابن عباس وأخبرته أني قد رأيته قال: رأيته؟ قلت: إي والله لقد رأيته، قال: فذكرت الحسن بن علي؟ قال: إي والله، لقد ذكرته وتَفَيّئَه في مشيته.(*) قال ابن عباس: إنه كان يُشْبِهُهُ. قال: أخبرنا عبد الله بن مَسْلَمَة بن قَعْنَب الحارثي، قال: أخبرنا علي بن عابس الكوفي، عن يزيد بن أبي زياد، عن البَهِيّ مولى الزبير قال: تذاكرنا من أشبه النبي صَلَّى الله عليه وسلم من أهله؟ فدخل علينا عبد الله بن الزبير فقال: أنا أحدثكم بأشبه أهله به وأحبهم إليه، الحسن بن علي، رأيته يجيء وهو ساجد فيركب رقبته، أو قال: ظهره، فما ينزله حتى يكون هو الذي ينزل، ولقد رأيته يجيء وهو راكع فيفرج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر.(*))) ((قال: أخبرنا أَنَس بن عِياض أبو ضَمْرَة الليثي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سمى حسنًا وحسينًا يوم سابعهما واشتق اسم حسين من حسن.(*))) ((قال: أخبرنا أَنَس بن عِيَاض أبو ضَمْرَة الليثي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه: أن فاطمة حلقت حسنًا وحسينًا يوم سابعهما فوزنت شعرهما فتصدقت بوزنه فضة. قال: أخبرنا مَعْن بن عيسى، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: وزنت بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين وزينب وأم كلثوم فتصدّقت بزنته فضة. قال: أخبرنا مَعْنُ بن عيسى، قال: حدثنا مالك بن أنس، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن علي بن حسين، قال: وزنت فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين فتصدقت بزنته فضة. قال: أخبرنا خالد بن خلد البجلي، قال: حدثني سليمان بن بلال، قال: حدثني ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن علي بن حسين، قال: حلق رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حسنًا وحسينًا ثم تصدق بزنة أشعارهما فضة.(*) قال: أخبرنا خالد بن مَخْلد، قال: حدثني سليمان بن بلال، قال: حدثني جعفر بن محمد، عن أبيه قال: ذبحت فاطمة عن حسن وحسين حين ولدا شاة شاة وحلقت رأسهما وتصدقت بزنة شعورهما. قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطَّيَالسي، قال: حدثنا شريك، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن علي بن حسين، قال: لما ولدت فاطمة حسنًا قالت: يا رسول الله، أعق عن ابني بدم؟ قال: "لا ولكن احلقي رأسه وتصدقي بوزن شعره من الوَرِق على المساكين أو على كذا" ـ يعني أهل الصُّفَّة ـ. فلما ولدت [[حسينًا]] فعلت مثل ذلك.(*) قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا الثَّوْرِي، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن علي بن حسين قال: عَقَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عن الحسن بكبشٍ وحلق رأسه وأمر أن يتصدق بزنته فضة على الأوفاض.(*) قال: وأخبرنا أيضا به محمد بن عمر، قال: أخبرنا الثوري، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن علي بن حسين، عن أبي رافع، أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أمر أن يتصدق بزنة شعر حسن وحسين على الأوفاض، يعني المساكين الذين في الصفة.(*) قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أَبِي سَبْرَة، عن جعفر، عن أبيه، قال: أمر النبي صَلَّى الله عليه وسلم أن يُتصدق بزنة شعر حسن وحسين فوزن شعر أحدهما فوجد ثلثي درهم.(*) قال: أخبرنا محمد بن عمر، عن إبراهيم بن يزيد الخُوزِيّ، عم عمرو بن دينار، عن الحسن بن محمد بن علي، أن فاطمة عليها السلامَ عَقَّتْ عن حسن بجزورٍ وحلقت رأسه فتصدقت بزنته ذهبًا وفضة على المساكين. قال: أخبرنا محمد بن عمر، عن مَخْرَمَة بن بُكير، عن أبيه، عن عَمْرَةَ، عن عائشة، قالت: عَقَّ النبي صَلَّى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين يوم السابع.(*))) ((قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، عن أيوب، عن عِكْرِمة، أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم عَقَّ عن الحسن بكبشٍ وعن الحسين بكبش.(*))) ((قال قبيصة وأبو المنذر في حديثهما: بالصلاة. أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: حدثنا ابن عُيَيْنة، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبيد الله بن أَبِي رَافِع، عن أَبِي رَافِع، أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: أَذَّنَ في أُذن الحسن بن علي بالصلاة حين ولدته فاطمة.(*))) الطبقات الكبير. ((أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن عبد القاهر، أخبرنا أبو محمد جعفر بن الحسين القاري، أخبرنا عبيد الله بن عمر، أخبرنا عبد الله بن ابراهيم بن أيوب، أخبرنا موسى بن إسحاق، أخبرنا خالد العمري، أخبرنا سفيان الثوري، عن سعد بن طريف، عن عمير بن مأمون، قال: سمعت الحسن بن علي يقول: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ صَلَّى صَلَاةَ الغَدَاةِ فَجَلَسَ فِي مُصَلَّاهُ حَتَّى تَطْلَعُ الشَّمْسُ كَانَ لَهُ حِجَابٌ مِنَ النَّارِ"، أو قال: "سِتَرٌ مِنَ النَّارِ" (*)أخرجه ابن عدي في الكامل 3/ 1187، وابن أبي حاتم في العلل حديث رقم 37، 237 وذكره الهيثمي في الزوائد 10/ 108 أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد، أخبرنا أبو العباس أحمد بن أبي غالب بن الطلاية الوراق، أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد الأنماطي، أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي، أخبرنا داود بن رشيد، أخبرنا مروان، أخبرنا الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نُعْم البجلي، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "الحَسَنُ وَالحُسِينُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ إِلَّا ابْنَي الخَالَةِ: عِيْسَى وَيَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّاءَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ"(*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 614 كتاب المناقب (50) باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما (31) حديث رقم 3768، وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وأحمد في المسند 3/ 3،62، 64، 82 والحاكم في المستدرك3/ 166، 167 والطبراني في الكبير 3/ 25، 28، 19،272 وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2228 وذكره الهيثمي في الزوائد 9/ 181،185،186،187 والهندي في كنز العمال حديث رقم 17795، 34246،34259. أخبرنا إسماعيل بن عبيد الله وغيره بإسنادهم إلى محمد بن عيسى بن سورة، أخبرنا سفيان بن وكيع، وعبد بن حميد قالا: حدثنا خالد بن الحارث، أخبرنا موسى بن يعقوب الربعي، عن عبد الله بن أبي بكر بن يزيد بن المهاجر قال: أخبرني مسلم بن أبي سهل النَّبَّال، أخبرني الحسن بن أسامة بن زيد قال: أخبرني أبي أسامة بن زيد قال: طرقت النبي صَلَّى الله عليه وسلم ذات ليلة في بعض الحاجة، فخرج إلي وهو مشتمل على شيء لا أدري ما هو، فلما فرغت من حاجتي قلت: ما هذا الذي أنت مشتمل عليه؟ فكشفه فإذا حسن وحسين على وَرْكيه، فقال: "هَذَانِ ابْنَايَ وَابْنَا ابْنَتِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا، وَأَحِبَّ مَنْ يُحِبُّهُمَا"(*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 614 كتاب المناقب (50) باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما (31) حديث رقم 3769 وقال أبو عيسى هذا حديث صحيح وابن حبان في صحيحه حديث رقم 2234 وابن أبي شيبة 12/ 98، والطبراني في الصغير 1/ 199، وذكره الهندي في الكنز حديث 24255. قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن بشار، وأخبرنا محمد بن عبد الله الأنصاري، وأخبرنا الأشعت، هو ابن عبد الملك، عن الحسن، عن أبي بَكْرة قال: صعد النبي صَلَّى الله عليه وسلم المنبر فقال: "إِنَّ ابْنَي هَذَا سَيِّدٌ، يُصْلِحُ الله بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عِظيَمَتَيْنِ"(*)أخرجه أحمد في المسند 5/ 44 بلفظه وذكره الهيثمي في الزوائد 7/ 250، 9/ 181 وابن حجر في المطالب العاليه حديث رقم 4000. قال: وأخبرنا محمد، أخبرنا الحسين بن حريث، أخبرنا علي بن الحسين بن واقد، حدثني أبي، حدثني عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدة يقول: كان النبي صَلَّى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين، عليهما قميصان أحمران، يمشيان ويعثران، فنزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: "صَدَقَ الله" {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ} [التغابن / 15] "نَظَرْتُ إِلَى هَذَيْنِ الصَّبِيَيّنِ يَمْشِيَانِ وَيَعْثُرَانِ، فَلَمْ أَصْبِرْ حَتَّى قَطَعْتُ حَدِيثِي وَرَفَعْتُهُمَا".(*) قال: وحدثنا محمد، أخبرنا محمد بن يحيى، أخبرنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن أنس بن مالك قال: لم يكن أشبه برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من الحسن بن علي. قال: وحدثنا محمد، أخبرنا محمد بن بشار، أخبرنا أبو عامر العَقَدِي، أخبرنا زمعة بن صالح، عن سلمة بن وَهْرام، عن عكرمة، عن ابن عباس قال: "كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حامل الحسن على عاتقه فقال رجل: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم "وَنِعْمَ الرَّاكِبُ هُوَ" (*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 620 كتاب المناقب (50) باب مناقب الحسن والحسين (31)حديث رقم 3784. أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء الثقفي بإسناده إلى مسلم بن الحجاج، أخبرنا محمد بن بشار وأبو بكر بن نافع، أخبرنا غُنْدَر، وأخبرنا شعبة عن عدي بن ثابت، عن البراء قال: رأيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم واضعًا الحسن بن علي على عاتقه، وهو يقول: "اللَّهُمَّ، إِنِّي أُحِبُّهُ فَأَحِبَّهُ" (*)أخرجه البخاري في الصحيح 5/ 33، 7/ 205 ومسلم في الصحيح 4/ 1882 كتاب فضائل الصحابة (44)باب فضائل الحسن والحسين رضي الله عنهما (8) حديث رقم (56/ 2421)والترمذي في السنن 5/ 620 كتاب المناقب (50) باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما (31)حديث رقم 3783 وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح. قال أخبرنا محمد بن عيسى، أخبرنا قتيبة بن سعيد، أخبرنا محمد بن سليمان الأصفهاني، عن يحيى بن عبيد، عن عطاء، عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صَلَّى الله عليه وسلم قال: نزلت هذه الآية على النبي صَلَّى الله عليه وسلم {إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب/ 33] في بيت أم سلمة، فدعا النبي صَلَّى الله عليه وسلم فاطمة، وحسنًا، وحسينًا، فجللهم بكساء، وعليُّ خلف ظهره، ثم قال: "هَؤُلَاءِ أَهْلُ بَيْتِي، فَاذْهِبْ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهِّرْهُمْ تَطْهِيرًا"، قَالَتْ أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: "أَنْتِ عَلَى مَكَانَكِ؛ أَنْتِ إِلَى خَيْرٍ"(*) أخرجه الترمذي في السنن 5/ 621 ـــ 622 كتاب المناقب (50) باب مناقب أهل بيت النبي صَلَّى الله عليه وسلم (32)حديث رقم 3787 وقال أبو عيسى هذا حديث غريب . قال محمد: وحدثنا علي بن المنذر الكوفي، حدثنا محمد بن فضيل، أخبرنا الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد والأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت، عن زيد بن أرقم، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ مَا إِنَ تَمَسَّكْتُمْ بِهِ لَنْ تَضِلُّوا؛ أَحَدَهُمَا أَعْظَمَ مِنَ الآخَر: كِتَابُ الله حَبْلٌ مَمْدُودٌ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ وَعِتْرَتي أَهْلُ بَيْتِي، وَلَنْ يَتَفَرَّقَا حَتَّى يَرِدَا عَلَى الحَوْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ تَخْلُفُونِي فِيهِمَا"(*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 622 كتاب المناقب (50) باب مناقب أهل بيت النبي صَلَّى الله عليه وسلم (32)حديث رقم 3788 وقال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب . قال: وأخبرنا محمد، أخبرنا أبو داود سليمان بن الأشعث، أخبرنا يحيى بن معين، أخبرنا هشام بن يوسف، عن عبد الله بن سليمان النوفلي، عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَحِبُّوا الله لِمَا يَغْذُوكُمْ مِنْ نِعَمِهِ، وَأَحِبُّونِي بِحُبِّ الله، وَأَحِبُّوا أَهْلَ بَيْتِي بِحُبِّي" (*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 622 كتاب المناقب (50) باب مناقب أهل بيت النبي صَلَّى الله عليه وسلم (32)حديث رقم 3789 وقال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب .)) أسد الغابة. ((في البخاريّ عن ابن أبي مُلَيْكة عن عقبة بن الحارث، قال: صلى بنا أبو بكر العصر، ثم خرج، فرأى الحسن بن علي يلعب، فأخذه فحمله على عُنقه وهو يقول: بأبي شبيه بالنبي: ليس شبيهًا بعلي؛ وعليّ يضحك. وفي المسند من طريق زَمْعَة بن صالح، عن ابن أبي مُلَيْكة: كانت فاطمة تنقر الحسن وتقول مثل ذلك. وذكر الزبير عن عمه، قال: ذكر عن البَهيّ، قال: تذاكرنا مَنْ أشبه النبي صَلَّى الله عليه وسلم من أهله؟ فدخل علينا عبد الله بن الزبير، فقال: أنا أحدِّثكم بأشبه أهله به وأحبهم إليه: الحسن بن علي، رأيته يجيء وهو ساجد، فيركب رقبته، أو قال ظهره ــ فما ينزله حتى يكونَ هو الذي ينزل. ولقد رأيته يجيء وهو راكعٌ فيفرّج له بين رجليه حتى يخرج من الجانب الآخر. وساقه ابنُ سعد موصولًا من طريق يزيد بن أبي رياد عن عبد الله البَهيّ مَوْلى الزبير. وقال الطَّبَرَانِيُّ: حدّثنا عبدان، حدثنا قتيبة، حدثنا حاتم بن إسماعيل عن معاوية بن أبي مُزرِّد، عن أبيه، عن أبي هريرة: سَمَعت أُذناي هاتان، وأبصرت عيناي هاتان رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو آخِذ بكفيه جميعًا ــ يعني حسنًا أو حسينًا وقدَماه على قدم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو يقول: "حُزُقه حُزقّه تَرَق عَين بَقّة". فيرقى الغلامُ حتى يضعَ قدميه على صَدْر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. ثم قال له: "افْتَحْ". ثم قَبله ثم قال: "اللَّهُمَّ أحِبَّهَ فَإِني أُحِبُّهُ"(*). وأخرجه خَيْثَمَةُ عن إبراهيم بن أبي العَنبس، عن جعفر بن عون، عن معاوية نحوه. وعند أحمد من طريق زُهير بن الأقمر: بينما الحسن بن علي يخطب بعدما قتل علي إذ قام رجل من الأزد آدمُ طوال، فقال: لقد رأيت رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم واضعه في حبوته؛ يقول "مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبَّهُ، فليبلغ الشَّاهدُ الغَائِبَ"(*). ومن طرق عبد الرحمن بن مسعود عن أبي هريرة، قال: خرج علينا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ومعه الحسن وحُسين، هذا على عاتقه، وهذا على عاتقه، وهو يليم هذا مرة وهذه مرة حتى انتهى إلينا، فقال: "مَنْ أحبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، أخرجه ابن عدي في الكامل 3/950 وَمَنْ أَبْغَضْهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي"(*) أخرجه أحمد في المسند0/288، 440، 531، عبد الرازق في المصنف حديث6369، الطبراني في الكبير 3/40، البيهقي في السنن الكبرى 4/29، الحاكم في المستدرك 3/166، الهيثمي في الزوائد 9/128. وعند أبي يعلي من طريق عاصم، عن زِرّ، عن عبدالله: كان رسُول الله صَلَّى الله عليه وسلم يصلّي، فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا أرادوا أن يمنعوهما أشار إليهم أن دَعُوهما؛ فإذا قضى الصّلاة وضعهما في حجْره، أخرجه أحمد في المسند 5/51، الهيثمي في الزوائد 9/178 فقال: "مَنْ أَحَبَّنِي فَلْيُحِبّ هَذَيْنِ" (*) أخرجه ابن حبان في صحيحه حديث 2233،ابن خزيمة في صحيحه حديث 887، البيهقي في السنن الكبرى 2/263، الهيثمي في الزوائد 9/182، أورده ابن حجر في المطالب العالية حديث 3992. وله شاهد في السنن وصحيح ابن خزيمة عن بُرَيدة؛ وفي معجم البغوي نحوه بسند صحيح عن شَدّاد بن الهاد. وفي المسند من حديث أم سلمة، قالت: دخل عليّ وفاطمة ومعهما الحسَن والحُسين فوضعهما في حجره فقبلهما، واعتنق عليًا بإحدى يديه وفاطمة بالأخرى، فجعل عليهم خَمِيصة سوداء، فقال: " اللَّهُمَّ إلَِيْكَ لاَ إلى النَّارِ"(*) أخرجه أحمد في المسند 6/295، 269، الطبراني في الكبير 3/48، ابن أبي شيبة في المصنف 12/73، الهيثمي في الزوائد 9/169، كنز العمال 34187، 37628، 37630. وله طرق في بعضها كساء، وأصله في مسلم.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي المَوَالِ، قال: سمعت عبد الله بن حسن يقول: كان حسن بن علي قلما يفارقه أربع حرائر، فكان صاحب ضرائر، فكانت عنده ابنة منظور بن سَيَّار الفَزَارِيّ، وعنده امرأة من بني أسد من آل خُرَيْم فطلقهما وبعث إلى كل واحدة منهما بعشرة آلاف درهم، وزِقاق من عَسْلٍ، مُتْعَةً. وقال لرسوله: يسار أَبِى سعيد بن يسار ـ وهو مولاه ـ احفظ ما تقولان لك. فقالت الفَزَارِية: بارك الله فيه وجزاه خيرًا. وقالت الأَسَدِيّة: متاع قليلٌ من حَبِيبٍ مفارقٍ، فرجع فأخبره فَرَاجَعَ الأَسَدِيَّة وتركَ الفَزَارِيَّة. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: قال علي: مازال الحسن يتزوج ويطلق حتى خشيت أن يورثنا عدواة في القبائل. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: قال علي: ياأهل الكوفة: لا تزوجوا الحسن بن علي فإنه رجل مطلاق فقال رجل من همدان والله لنُزوجنّه فما رضي أمسك وما كَره طلق. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني علي بن عمر، عن أبيه، عن علي بن حُسَين قال: كان الحسن بن علي مِطلاقًا للنساء وكان لا يفارق امرأة إلّا وهي تحبّه.)) ((قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا خالد بن الحارث، قال: حدثنا ابن عون، عن محمد، قال: خطب الحسن بن علي، فلما اجتمعوا للملاك، قال: إني لأزوجك وإني لأعلم أنك عَلِقٌ طلِقٌ مَلِقٌ ولكنك خير العرب نفسًا وأرفعها بيتًا فزوجه. قال محمد: وكان الحسن بن علي إذا أراد أن يطلق إحدى نسائه ـ قال: وكان مطلاقا ـ قال: فيجلس إليها فيقول أيَسرّك أن أَهَبَ لكِ كذا وكذا؟ هُو لَكِ مِرارًا فيما وَصَفَ ثم يَخْرُج فيُرْسِل إليها بطلاقها.)) ((ولد الحسن بن علي: محمدًا الأصغر وجعفرًا وحمزة وفاطمة دَرَجُوا وأمهم أم كلثوم بنت الفضل بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم. ومحمدًا الأكبر وبه كان يكنى والحسن وامرأتين هلكتا ولم تبرزا وأمهم خَوْلَة بنت منظور بن زَبَّان بن سَيَّار بن عَمْرو بن جابر بن عَقِيل بن هلَال بن سُمَيّ بن مَازِن بن فَزَارة بن ذُبْيَان بن بَغِيض بن رَيْث بن غَطَفَان. وزيدا وأمَّ الحسن وأمَّ الخير وأمُّهم أمُّ بَشِير بنت أبي مسعود وهو عُقْبة بن عَمْرو بن ثَعْلَبة بن أَسِيرَة بن عَسِيرَة بن عَطِيَّة بن جدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج من الأنصار. وإسماعيلَ ويعقوب وجاريتين هلكتا وأمهم جعدة بنت الأشعث بن قيس بن مَعْدِيَكَرِب الكندي. والقاسم وأبا بكر وعبدَ الله قتلوا مع الحسين بن علي بن أبي طالب ولا بقية لهم، وأمهم أم ولد تدعى بُقَيْلَة. وحسينًا الأثرَم وعبدَ الرحمن وأمَّ سلمة وأمهم أم ولد تدعى ظَمْيَاء وعمرًا لا بقية له، وأمه أم ولد. وأمَّ عبد الله وهي أم أبي جعفر محمد بن علي بن حسين وأمها أمُّ ولد تدعى صافية. وطلحة لا بقية له، وأمه أم إسحاق بنت طلحة بن عبيد الله بن عثمان التيمي وعبد الله الأصغر وأمه زينب بنت سُبيع بن عبد الله أخي جَرِير بن عبد الله البَجَلي.))
((قال: أخبرنا مَعْن بن عيسى، قال: حدثنا سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن الحسن بن علي تَخَتَّمَ في اليسار. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: حدثنا حاتم بن إسماعيل، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، قال: كان في خاتم الحسن والحسين ذكر الله. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: حدثنا سفيان، عن عبد العزيز بن رُفَيْع، عن قيس مولى خَبَّاب، قال رأيت الحسن يخضب بالسواد. قال: أخبرنا حجاج بن نصير، قال: حدثنا اليمَان بن المغيرة، قال: حدثني مُسْلِم بن أبي مريم، قال: رأيت الحسن بن علي يخضب بالسواد. قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن العَيْزَار، أن الحسن كان يخضب بالسواد. قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء، قال: أخبرنا أبو الربيع السمان، عن عبيد الله بن أبي يزيد، قال: رأيت الحسن بن علي قد خضب بالسواد وَعَنْفَقَته غراء بيضاء.)) الطبقات الكبير. ((ذكر معمر عن الزّهري، عن أنس، قال: لم يكن فيهم أحدٌ أشبه برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الحسن‏. وقال أبو جحيفة: رأيت رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكان الحسين يُشبهه‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((كان يخضِبُ بالوسْمة.)) أسد الغابة.
((قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا شيبان، عن أبي إسحاق، عن خالد بن مُضَرِّب، قال: سمعت الحسن بن علي يقول: والله لا أبايعكم إلا على ما أقول لكم، قالوا: ماهو؟ قال: تسالمون من سالمتُ وتحاربون من حاربتُ. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَين، قال: حدثنا المغيرة بن زيد الجعفي، قال: حدثتني جدتي أن الحسن بن علي دخل على جدتي عائشة بنت خليفة في يوم حار فقالت لجاريتها: خوضي له لبنا فأخذه فشربه، فقالت: تجرعه، فقال: إنما يتجرع أهل النار. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: حدثنا سفيان بن عُيَيْنة، عن محمد جُحَادَة، عن قَتَادة، عن أبي السَّوَّار الضبعي، عن الحسن بن علي، قال رفع الكتاب، وجف القلم، وأمور تقضى في كتاب قد خلا. قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم، عن القاسم بن الفضل، قال: حدثنا أبو هارون، قال: انطلقنا حجّاجا فدخلنا المدينة فقلنا لو دخلنا على ابن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الحسن فسلمنا عليه، فدخلنا عليه فحدثناه بمسيرنا وحالنا، فلما خرجنا من عنده بعث إلى كل رجل منا بأربعمائة، أربعمائة. فقلنا إنا أغنياء وليس بنا حاجة. فقال: لا تردوا عليه معروفي، فرجعنا إليه فأخبرناه بيسارنا وحالنا. فقال لا تردوا عليّ معروفي، فلو كنت على غير هذه الحال كان هذا لكم يسيرا، أما إني مزوّدكم: إن الله تبارك وتعالى يباهي ملائكته بعباده يوم عرفة يقول: عبادي جاءوني شُعثا يتعرضون لرحمتي فأشهدكم أني قد غفرتُ لمحسنهم وشفّعت مُحسنهم في مسيئهم، وإذا كان يوم الجمعة فمثل ذلك.)) الطبقات الكبير. ((ريحانة النبي صَلَّى الله عليه وسلم وشبيهه، سماه النبي صَلَّى الله عليه وسلم الحسن، وعَقَّ عنه يوم سابعه، وحلق شعره وأمر أن يتصدق بزنة شعره فضه، وهو خامس أهل الكساء.)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل، أبو غَسَّان النَّهْدِيّ، قال: حدثنا مسعود بن سعد، قال: حدثنا يونس بن عبد الله بن أَبِي فَرْوَة، عن شُرَحْبِيل أبي سعد، قال: دعا الحسن بن علي بنيه وبني أخيه فقال: يا بَنيّ وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين فتعلّموا العلم فمن لم يستطع منكم أن يرويه أو يحفظه فليكتبه وليضعه في بيته. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد ربه، قال: حدثني شُرَحْبِيل أبو سعد، قال: رأيت الحسن والحسين يصليان المكتوبة خلف مروان. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: حدثنا عبيد أبو الوَسِيم الجَمّال عن سلمان أبي شداد، قال: كنت أُلاعب الحسن والحسين بالمداحي فكنت إذا أصبت مدحاته فكان يقول لي: يحل لك أن تركب بضعة من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ وإذا أصاب مدحاتي قال: أما تحمد ربك أن يركبك بضعة من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال: أخبرنا أبو معاوية، وعبد الله بن نُمير، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن حكيم بن جابر، قال: حدثتني مولاة لنا، أن أبي أرسلها إلى الحسن بن علي فكانت لها رقعة تمسح بها وجهه إذا توضأ، قالت: فكأني مقته على ذلك فرأيت في المنام كأني أقيء كبدي، فقلت: ما هذا إلّا مما جعلت في نفسي للحسن بن علي. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن أبي معشر، عن محمد الضَّمْرِيّ، عن زيد بن أرقم، قال: خرج الحسن بن علي وعليه بُرْدَة، ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يخطب فعثر الحسن فسقط، فنزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من المنبر وابتدره الناس فحملوه وتلقاه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فحمله ووضعه في حجره، وقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنّ للولد لفتنة ولقد نزلت إليه وما أدري أين هو؟".(*) قال: أخبرنا علي بن محمد، عن أبي عبد الرحمن العجلاني، عن سعيد بن عبد الرحمن، عن أبيه، قال: قال: تفاخر قوم من قريش فذكر كل رجل ما فيهم فقال معاوية للحسن: يا أبا محمد ما يمنعك من القول، فما أنت بكليل اللسان، قال يا أمير المؤمنين: ما ذكروا مكرمة ولا فضيلة إلّا ولي مَحْضُها ولُبَابها ثم قال:

فِيمَ الكَلَامُ وقد سَبَقْتُ مُبَرِّزًا سَبْقَ الجِيَاد مِنَ المَدَى المُتَنَفِّسِ
قال: أخبرنا علي بن محمد، عن محمد بن عمر العبدي، عن أبي سعيد، أن معاوية قال لرجل من أهل المدينة من قريش: أخبرني عن الحسن بن علي قال: يا أمير المؤمنين إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس ثم يساند ظهره فلا يبقى في مسجد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم رجل له شرف إلا أتاه فيتحدثون حتى إذا ارتفع النهار صلى ركعتين ثم نهض فيأتي أمهاتِ المؤمنين فيسلم عليهن فربما أتْحفْنَه، ثم ينصرف إلى منزله ثم يروح فيصنع مثل ذلك. فقال: ما نحن معه في شيء. قال: أخبرنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة، عن سليمان، عن حبيب بن أبي ثابت، عن أبي إدريس، عن المُسَيَّب بن نَجَبَة، قال: سمعت عليا يقول: ألا أحدثكم عني وعن أهل بيتي، أما عبد الله بن جعفر فصاحب لهو، وأما الحسن بن علي فصاحب جَفْنَة وَخِوَان فتى من فتيان قريش لو قد التقت حَلْقتا البِطَان لم يُغْن في الحرب عنكم شيئا، وأما أنا وحسين فنحن منكم وأنتم منا. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن سليمان بن أيوب، عن الأسود بن قيس العبدي، قال: لقي الحسن بن علي يومًا حَبِيب بن مَسْلَمة فقال له: يا حبيب رب مسير لك في غير طاعة الله، فقال: أما مسيري إلى أبيك فليس من ذلك قال: بَلَى ولكنك أطعت معاوية على دنيا قليلة زائلة فلئن كان قام بك في دنياك لقد قعد بك في دينك، ولو كنت إذ فعلت شرا قلت خيرا كان ذاك كما قال الله تبارك وتعالى: {خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَءَاخَرَ سَيِّئًا} [التوبة:102] ولكنك كما قال جل ثناؤه: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14]. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن خَلَّاد بن عُبَيدة، عن علي بن زيد بن جُدْعَان، قال: حجّ الحسن بن علي خمس عشرة حجّة ماشيًا وإنّ النجائب لتُقاد معه، وخرج من ماله لله مرتين، وقاسم الله ماله ثلاث مرات، حتى إنْ كان ليعطي نعلًا ويمسك نعلًا ويعطي خُفًّا ويمسك خُفًّا.)) ((قال: أخبرنا الفضل بن دُكَين، قال: حدثنا شَرِيك، عن عاصم، عن أَبِي رَزِين قال: خطبنا الحسن بن علي يوم جمعة، فقرأ إبراهيم على المنبر حتى ختمها. قال: أخبرنا سفيان بن عُيَيْنة، عن عمرو، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: كان الحسن والحسين لا يريان أمهاتِ المؤمنين، فقال ابن عباس: إن رؤيتهن لهما لحلال. قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، عن ابن عون، عن عُمَيْر بن إسحاق، قال: ما تكلم عندي أحد كان أحب إليّ إذا تكلم أَلّا يسكت من الحسن بن علي وما سمعت منه كلمة فحش قط إلا مرة، فإنه كان بين حُسين بن علي وعمرو بن عثمان بن عفان خصومة في أرض، فعرض حُسَين أمرًا لم يرضه عمرو، فقال الحسن: فليس له عندنا إلا ما رغم أنفه. قال: فهذا أشد كلمة فحش سمعتها منه قط. قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن عون، عن ابن سيرين، قال: قال الحسن: الطعام أدق من أن يُقْسَمَ عليه. قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم، قال: حدثنا قرة، قال: أكلت في بيت محمد طعامًا، فلما شبعت أخذت المنديل ورفعت يدي، فقال لي محمد: كان الحسن بن علي يقول: إن من الطعام أهون من أن يقسم عليه. قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن أشعث بن سَوَّار، عن رجل، قال: جلس رجل إلى الحسن بن علي، فقال: إنك جلست إلينا على حين قيام منا أفتأذن؟. قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس المدني، عن سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن الحسن والحسين كانا يقبلان جوائز معاوية. قال: أخبرنا شَبَابَة بن سَوَّار، قال أخبرني إسرائيل بن يونس، عن ثُوَيْر بن أَبِي فَاخِتَة، عن أبيه، قال: وفدت مع الحسن والحسين إلى معاوية فأجازهما فقبلا. قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا شداد الجعفي، عن جدته أرجوانة، قالت: أقبل الحسن بن علي وبنو هاشم خلفه وجليس لبني أمية من أهل الشام فقال: من هؤلاء المقبلون؟ ما أحسن هيئتهم!! فاستقبل الحسن فقال: أنت الحسن بن علي؟ قال: نعم قال: أتحب أن يدخلك الله مدخل أبيك. فقال: ويحك، ومن أين؟ وقد كانت له من السوابق ما قد سبق. قال الرجل: أدخلك الله مدخله فإنه كافر وأنت. فتناوله محمد بن على من خلف الحسن فلطمه لطمة لزم بالأرض، فنشر الحسن عليه ردءاه وقال: عزمة مني عليكم يا بني هاشم لتدخلن المسجد ولتصلن، وأخذ بيد الرجل فانطلق إلى منزله فكساهُ حلة وخلى عنه. قال: أخبرنا عبيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن مسلم بن أبي مسلم، قال: سمعت الحسن بن على يزيد في التلبية: لبيك ياذا النعماء والفضل الحسن. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: أخبرنا مُسَافِر الجَصّاص، عن رُزَيْق بن سَوَّار، قال: كان بين الحسن بن علي وبين مروان كلام فأقبل عليه مروان فجعل يغلظ له وحسن ساكت، فامتخط مروان بيمينه فقال له الحسن: ويحك أما علمت أن اليمين للوجه والشمال للفرج، أفٍ لك. فسكتَ مروان. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبيه، أن عمر بن الخطاب لما دون الديوان وفرض العطاء ألحق الحسن والحسين بفريضة أبيهما مع أهل بدر لقرابتهما من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ففرض لكل واحد خمسة آلاف درهم. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن حماد بن سلمة، عن عمار بن أبي عمار، عن ابن عباس قال: اتخذ الحسن والحسين عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فجعل يقول: "هِي يا حسن، خُذْ يَاحَسَن". فقالت عائشة رضي الله عنها: تعين الكبير على الصغير؟ فقال: "إن جبريل يقول: خذ يا حسين".(*) قال: أخبرنا علي بن محمد، عن عثمان بن عثمان، عن رجل من آل أبي رافع، عن أبيه، قال: قال علي: إن ابني هذا الحسن سيخرج من هذا الأمر وأشبه أهلي بي الحسين.)) ((قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا حماد بن سلمة، قال: أخبرنا هشام بن عروة، عن عروة، أن الحسن بن علي بن أبي طالب كان يقول إذا طلعت الشمس: سمع سامع بحمد الله الأعظم لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على شيء قدير. سمع سامع بحمد الله الأمجد لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير.)) ((قال: أخبرنا علي بن محمد، عن عبد الله بن عبد الرحمن، عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، قال: خطب الحسن بن علي امرأة من بني همام بن شيبان، فقيل له: إنها ترى رأي الخوارج. فقال: إني أكره أن أضم إلى صدري جمرة من جهنم. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن الهُذَلِيّ، عن ابن سِيرِينِ، قال: كانت هند بنت سهيل بن عمرو عند عبد الرحمن بن عَتَّاب بن أَسِيد، وكان أبا عُذْرَتِها، فطلقها فتزوجها عبد الله بن عامر بن كُرَيْز، ثم طلقها، فكتب معاوية إلى أبي هريرة أن يخطبها على يزيد بن معاوية، فلقيه الحسن بن علي فقال: أين تريد؟ قال: أخطب هند بنت سهيل بن عمرو على يزيد بن معاوية، قال: اذكرني لها. فأتاها أبو هريرة فأخبرها الخبر فقالت: خِرْ لي، قال: أختار لك الحسن. فتزوجها. فقدم عبد الله بن عامر المدينة. فقال للحسن: إن لي عندها وديعة فدخل إليها والحسن معه وجلست بين يديه فَرَقّ ابن عامر فقال الحسن: ألا أنزل لك عنها فلا أراك تجد مُحَلِّلا خيرًا لكما مني فقال: وديعتي فأخرجت سفطين فيهما جواهر ففتحهما فأخذ من واحد قبضة وترك الباقي، فكانت تقول: سيدهم جميعًا الحسن وأسخاهم ابن عامر وأحبهم إليّ عبد الرحمن بن عتاب. أخبرنا علي بن محمد، عن سُحَيْم بن حفص الأنصاري، عن عيسى بن أبي هارون المُزني، قال: تزوج الحسن بن علي حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر، وكان المنذر بن الزبير هَوِيَها، فأبلغ الحسن عنها شيئًا فطلقها الحسن، فخطبها المنذر فأبت أن تزوّجَهُ وقالت: شهرني، فخطبها عاصم بن عمر بن الخطاب فتزوجها فرقي إليه المنذر أيضًا شيئا فطلقها، ثم خطبها المنذر، فقيل لها: تزوجيه فيعلم الناس أنه كان يَعْضَهُكِ فتزوجته فعلم الناس أنه كذب عليها. فقال الحسن لعاصم بن عمر: انطلق بنا حتى نستأذن المنذر فندخل على حفصة فاستأذناه، فشاور أخاه عبد الله بن الزبير فقال دعهما يدخلان عليها، فدخلا فكانت إلى عاصم أكثر نظرا منها إلى الحسن وكانت إليه أبسط في الحديث، فقال الحسن للمنذر خذ بيدها فأخذ بيدها، وقام الحسن وعاصم فخرجا وكان الحسن يهواها وإنما طلقها لما رقا إليه المنذر، فقال الحسن يومًا لابن أبي عتيق وهو عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن وحفصة عمته هل لك في العقيق؟ قال: نعم، فخرجا فمرا على منزل حفصة، فدخل إليها الحسن فتحدثا طويلًا ثم خرج، ثم قال أيضًا بعد ذلك بأيام لابن أبي عتيق: هل لك في العقيق؟ قال: نعم. فخرجا فمرا بمنزل حفصة، فدخل الحسن فتحدثا طويلًا، ثم خرج قال: نعم. فخرجنا فمرا بمنزل حفصة، فدخل الحسن فتحدثا طويلًا، ثم خرج ثم قال الحسن مرة أخرى لابن أبي عتيق: هل لك في العقيق؟ فقال: ياابن أم ألا تقول هل لك في حفصة؟. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن ابن جُعْدُبَة، عن ابن أبي مُلَيْكَةَ، قال: تزوج الحسن بن علي خولة بنت منظور فبات ليلة على سطح أَجْم فشدت خمارها برجله والطرف الآخر بخلخالها فقام من الليل فقال: ما هذا؟ قالت: خفت أن تقوم من الليل بوَسَنك فتسقط فأكون أشأم سَخْلَة على العرب. فأحبها. فأقام عندها سبعة أيام فقال ابن عمر: لم نر أبا محمد منذ أيام. فانطلقوا بنا إليه، فأتوه فقالت له خولة: احتبسهم حتى نهيئ لهم غدَاءً قال: نعم، قال ابن عمر: فابتدأ الحسن حديثا ألهانا بالاستماع إعجابا به حتى جاءنا الطعام. قال علي بن محمد: وقال قوم: التي شَدّت خمارها برجله هند بنت سهيل بن عمرو. وكان الحسن أحصن تسعين امرأة. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، وهشام أبو الوليد الطيالسي، قالا: حدثنا شَرِيك، عن عاصم، عن أبي رَزِين، قال: خطبنا الحسن بن علي وعليه ثياب سود وعمامة سوداء. قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن، قال: حدثنا أبو الأحوص، عن أبي إسحاق، عن أبي العلاء، قال: رأيت الحسن بن علي يصلي وهو مقنع رأسه. قال: أخبرنا حجاج بن محمد، قال: أخبرنا ابن جُرَيج، قال: أخبرني عمران بن موسى، قال: أخبرني سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه، أنه رأى أبا رافع مولى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، مرّ بحسن بن علي، وحسن يصلي قائمًا قد غرز ضفريه في قفاه، فحلّهما أبو رافع فالتفت حسن إليه مغضبًا، فقال أبو رافع: أقبل على صلاتك ولا تَغضب فإني سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "ذلك كِفْلُ الشيطان"، يعني مقعد الشيطان، يعني مغرز ضفريه.(*) قال: أخبرنا مالك بن إسماعيل، قال: حدثنا زهير بن معاوية، قال: حدثنا مُخَوَّل، عن أبي سَعْد: أن أبا رافع أتى الحسن بن علي وهو يصلي عاقصًا رأسه، فحلّه فأرسله، فقال له الحسن: ما حملك على هذا يا أبا رافع قال: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أو قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ـ شك زهير ـ: "لا يصلي الرجل عاقصًا رأسه".(*) قال: أخبرنا محمد بن ربيعة الكلابي، عن مستقيم بن عبد الملك، قال: رأيت الحسن والحسين شَابَا ولم يَخْضِبا، ورأيتهما يركبان البراذين، ورأيتهما يركبان السروح المُنَمَّرَة.)) ((قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا سلام بن مسكين، عن عمران بن عبد الله بن طلحة، قال: رأى الحسن بن علي كأن بين عينيه مكتوب: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ}، فاستبشر به أهل بيته، فقصوها على سعيد بن المسّيب فقال: إن صَدَقت رؤياه فَقَلَّ ما بقي من أجله، فما بقي إلا أياما حتى مات. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا عبد الله بن جعفر، عن عبد الله بن حسن، كان الحسن بن علي كثير نكاح النساء وكُنَّ قَلّما يَحْظَيْن عنده، وكان قَلّ امرأة تزوجها إلا أحبته وَصَبَتْ به، فيقال: إنه كان سُقي، ثم أفلتَ، ثم سقي فأفلتَ، ثم كانت الآخرة توفي فيها، فلما حضَرته الوفاة قال الطبيب وهو يختلف إليه: هذا رجلٌ قد قَطَع السّم أمعاءه، فقال الحسين: يا أبا محمد خَبِّرني مَن سَقَاك؟ قال: وَلِمَ يا أخي؟ قال: أقتله، والله قبل أن أدفنك، أو لا أقدر عليه؟ أو يكون بأرض أتكلف الشخوص إليه؟ فقال: يا أخي إنما هذه الدنيا ليالٍ فانية دَعْهُ حتى ألتقي أنا وهو عند الله فأبىَ أن يُسَمِّيه.)) ((قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم، عن ابن عون، عن عُمَير بن إسحاق قال: دخلتُ أنا وصاحب لي على الحسن بن عليّ نَعودُه، فقال لصاحبي: يا فلانُ! سَلْني. قال: ما أنابِسَائِلِك شيئًا، ثم قام من عندنا فدخل كَنِيفًا له، ثم خرج فقال: أي فلان سَلْنِي قبل أن لا تسألني، فإني والله لقد لَفظتُ طائفة من كَبَدِي قَبْلُ، قلبتها بعود كان معي وإني قد سُقيت السم مرارًا فلم أُسقَ مثل هذا قط فَسَلْني، فقال: ما أنا بسائلك شيئًا، يعافيك الله إن شاء الله، ثم خرجنا فلما كان الغد أتيته وهو يَسُوق، فجاء الحسين فقعدَ عند رأسه فقال: أي أخي أنبئني مَن سَقاكَ؟ قال: لِمَ؟ أَتقتله؟ قال: نعم، قال: ما أنا بِمُحَدِّثِك شيئا، إِنْ يَكُ صاحبي الذي أظن، فالله أشد نِقمةً، وإلا فوالله لاَ يُقْتَلُ بي بريءٌ.)) الطبقات الكبير. ((قيل: إن الحسن بن علي حج عدة حجات ماشيًا، وكان يقول: [[إني]] لأستحيي من ربي أن ألقاه ولم أمش إلى بيته، وقاسم الله تعالى ماله ثلاث مرات، فكان يترك نعلًا ويأخذ نعلًا وخرج من ماله كله مرتين. وقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "حَسَنٌ سِبْطٌ مِنَ الأسْبَاطِ"(*)أخرخه الترمذي في السنن 5/ 617 كتاب المناقب (50) باب مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما حديث رقم 3775)) أسد الغابة.
((قال أبو عمر رضي الله عنه: حفظ الحسن بن علي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أحاديثَ ورواها عنه)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((روى عن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أحاديث حفظها عنه، منها في السنن الأربعة، قال: علّمني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في الوتر... الحديث. ومنها عن أبي الحوراء ــ بالمهملة والراء: قلت: للحسن: ما تذكر مِنْ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: أخذت تمرة من تَمْر الصدقة فتركتها في فمي فنزعها بلُعَابها.. الحديث(*). وهذه القصّة أخرجها أصحابُ الصحيح من حديث أبي هريرة. وروى الحَسَنُ أيضًا عن أبيه وأخيه الحسين وخاله هند بن أبي هَالة؛ روى عنه ابنه الحسن وعائشة أم المؤمنين، وابن أخيه علي بن الحسين، وابناه عبد الله، والباقر؛ وعكرمة، وابن سيرين، وجُبير بن نُفَير. وأبو الْحَوْرَاء ــ بمهملتين ــ واسمه ربيعة بن شيبان، وأبو مجْلَز، وهبيرة بن يَريم ــ بفتح المثناة التحتانية أوله ــ بوزن عظيم، وسفيان بن الليل وغيرهم.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((روى عنه عائشة، والشعبي، وسويد بن غفلة، وشقيق بن سلمة، وهبيرة بن يريم، والمسيب بن نجَبَة، والأصبعْ بن نُبَاتة، وأبو الحوراء، ومعاوية بن حُدَيج، وإسحاق بن بشار، ومحمد بن سيرين، وغيرهم.)) أسد الغابة.
((قال: أخبرنا الحسن بن موسى، وأحمد بن عبد الله بن يونس، قالا: حدثنا زهير بن معاوية، قال: حدثنا أبو إسحاق، عن عَمرو بن الأصم، قال، قلت للحسن بن علي: إن هذه الشيعة تزعم أن عليا مبعوث قبل يوم القيامة قال: كذبوا، والله ما هؤلاء بالشيعة لو علمنا أنه مبعوث ما زوجنا نساءه ولا اقتسمنا ماله. قال: أخبرنا كَثِير بن هشام، قال: حدثنا جعفر بن بُرْقَان، قال: سمعت مَيْمُون بن مِهْرَان، قال: إن الحسن بن علي بن أبي طالب بايع أهل العراق بعد عَلِيٍّ على بيعتين؛ باعيهم على الإمرة، وبايعهم على أن يدخلوا فيما دخل فيه، ويرضوا بما رضي به. قال: أخبرنا محمد بن عبيد، قال: حدثني صَدَقَة بن المُثَنَّى، عن جده رِياح بن الحارث، أن الحسن بن علي قام بعد وفاة علي رضي الله عنهما فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن كل ما هو آت قريب، وإن أمر الله واقع، وإن كره الناس، وإني والله ما أحببت أن ألي من أمر أمة محمد ما يزن مثقال حَبة من خَرْدل يُهراق فيه مِحْجَمة من دم، قد علمتُ ما يضرني مما ينفعني فألحقوا بِطِيَّتِكِم. قال: أخبرنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا العَوَّام بن حَوْشَب، عن هلال بن يِسَاف، قال: سمعت الحسن بن علي وهو يخطب وهو يقول: ياأهل الكوفة، اتقوا الله فينا، فإنا أمراؤكم وإنا أضيافكم، ونحن أهل البيت الذين قال الله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33]. قال: فما رأيت يومًا قط أكثر باكيًا من يومئذ. قال: أخبرنا سليمان أبو داود الطيالسي، قال: أخبرنا شُعبة، عن يزيد بن خُمَيْر، قال: سمعتُ عبد الرحمن بن جُبير بن نُفير الخضرمي يحدث عن أبيه، قال: قلتُ للحسن بن علي: إن الناس يزعمون أنك تريد الخلافة؟ فقال: كانت جماجم العرب بيدي يسالمون مَن سالَمت، ويحاربون مَن حارَبت، فتركتها ابتغاء وجه الله، ثم أثيرها بأتْيَاس أهل الحجاز. قال: أخبرنا أبو عبيد، عن مجالد، عن الشَّعْبِيّ. وعن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، وعن أبي السَّفَر وغيرهم، قالوا: بَايَعَ أَهْلُ العراق بعد علي بن أبي طالب الحسنَ بن علي، ثم قالوا له: سِر إلى هؤلاء القوم الذين عَصوا الله ورسولَه، وارتكبوا العَظِيم وابتزوا الناس أمورَهُم، فإنا نرجوا أن يُمَكِّن الله منهم، فسار الحسنُ إلى أهل الشام وجعل على مُقَدِّمته قيسَ بن سَعْد بن عُبادة، في اثني عشر ألفًا، وكانوا يسمون شرطة الخميس. وقال غَيْرُهُ: وَجَّهَ إلى الشام عُبَيْدَ الله بن العباس ومعه قيس بن سَعْد، فسار فيهم قيسٌ حتى نزل مَسْكِن والأَنْبار وناحيتها. وسار الحسن حتى نزل المدائن؛ وأقبل معاوية في أهل الشام يريد الحسن حتى نزل جسر مَنْبِج فبينا الحسَن بالمدائن إذ نادى مناديه في عسكره ألا إن قَيْس بن سَعد قد قُتل. قال: فشدّ الناسُ على حُجْرة الحسن فانتهبوها حتى انتهِبَت بُسُطُه وجواريه، وأخذوا رداءه من ظهره، وطَعَنه رجل من بني أسد يقال له: ابن أُقَيْصر بخنجر مَسْمُوم في أَلْيَته، فتحوَّلَ من مكانه الذي انتهب فيه متاعُهُ، ونزل الأبيضَ قصرَ كِسرى، وقال عليكم لعنة الله من أهل قرية، فقد علمتُ أنْ لا خيرَ فيكِم، قتلتم أبي بالأمس، واليوم تفعلون بي هذا؟! ثم دعا عَمرو بن سَلَمَة الأَرْحَبيّ، فأرسله وكتب معه إلى معاوية بن أبي سفيان يسأله الصلح ويُسَلِّم له الأمر على أن يُسَلِّم له ثلاث خصال: يُسَلِّم له بيت المال فيقضي منه دَيْنَه ومواعيدَه التي عليه، ويتحَمّل منه هو وَمَنْ معه مِنْ عيالِ أبيه وولده وأهل بيته، ولا يُسَبُّ علي وهو يَسْمَع. وأن يُحْمَلَ إليه خراج فَسَا ودَرَابِجَرْد من أرض فارس كل عام إلى المدينة مابقي، فأجابه معاوية إلى ذلك وأعطاه ماسأل. ويقال: بل أرسل الحسن بن علي عبدَ الله بن الحارث بن نَوْفَل إلى معاوية حتى أخذ له ما سأل، وأرسل معاوية عبد الله بن عامر بن كُرَيْز، وعبد الرحمن بن سَمُرَة بن حَبيب بن عبد شمس فقدما المدائن إلى الحسن فأعطياه ما أراد، ووثَّقا له، فكتب إليه الحسن أن أَقْبِل، فأقبلَ من جسر مَنْبِج إلى مَسْكِن في خمسة أيام وقد دخل يوم السادس. فسلّم إليه الحسن الأمر وبايعه ثم سارا جميعًا حتى قدما الكوفة، فنزل الحسن القَصْرَ، ونزل معاوية النُّخَيْلَة، فأتاه الحسن في عسكره غير مرة، ووفَّى معاوية للحسن ببيت المال، وكان فيه يومئذ ستة آلاف ألف درهم واحتملها الحسن وتجهَّز بها هو وأهل بيته إلى المدينة، وكفَّ معاوية عن سبّ علي والحسن يسمع. ودَسَّ معاويةُ إلى أهل البصرة فطردوا وكيلَ الحسن، وقالوا: لا يحمل فيئنا إلى غيرنا، يعنون خَراج فَسَا ودَرَابجرد. فأجرى معاوية على الحسن كل سنة ألف ألف درهم، وعاش الحسن بعد ذلك عشر سنين. قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسي، قال: حدثنا أبو عَوَانة، عن حصين، عن أَبِي جَمِيلَة، أن الحسن بن علي لما استُخلِفَ حين قتل علي، فبينما هو يصلي إذ وَثَبَ عليه رجلٌ فطعنه بخنجر ـ وزعم حصين أنه بلغه أن الذي طعنه رجل من بني أسد ـ وحسن ساجد قال حصين: وعمي أدرك ذاك، قال: فيزعمون أن الطعنة وقعت في وَرِكِهِ فمرض منها أشهرًا ثم برئ، فقعد على المنبر فقال: ياأهل العراق اتقوا الله فينا فإنا أمراؤكم وضيفانكم أهل البيت الذين قال الله: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا} [الأحزاب: 33] قال: فما زال يقول ذاك حتى مارُئِيَ أحدٌ من أهل المسجد إلا وهو يَخِنُّ بكاءًا. قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا عون بن موسى، قال: سمعت هلال بن خَبَّاب، يقول: جمع الحسن بن علي رءوس أصحابه في قصر المدائن، فقال: ياأهل العراق لو لم تَذْهَل نفسي عنكم إلا لثلاث خصال لذهَلَت: مقتلكم أبي، ومطعنكم بغلتي، وانتهابكم ثقلي أو قال: ردائي عن عاتقي، وإنكم قد بايعتموني أن تسالمون مَن سالَمت وتحاربون مَن حاربت وإني قد بايعتُ معاوية فاسمعوا له وأطيعوا قال: ثم نزل فدخل القصر.)) ((قال: أخبرنا هَوْذَة بن خليفة، قال: حدثنا عوف، عن محمد، قال: لما كان زمن وَرَدَ معاوية الكوفة، واجتمع الناس عليه، وبايعه الحسن بن علي، قال: قال أصحاب معاوية لمعاوية: عَمرو بن العاص والوليد بن عُقْبة وأمثالهما من أصحابه: إن الحسَن بن علي مُرتفع في أنفس الناس لقَرابته من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وإنه حديث السن عَيِيُّ، فَمُرْهُ فليخطب فإنه سَيَعْيَى في الخطبة فيسقط من أنفس الناس، فأبَى عليهم، فلم يزالوا به حتى أمره، فقام الحسن بن عَلِيّ على المنبر دون معاوية، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: والله لو ابتغيتم بين جَابَلْق وجَابَرْس رجلا جَدُّه نبيّ غيري وغير أخي لم تجدوه، وإنا قد أعطينا بَيْعتنا معاوية، ورأينا أن ما حقن دماء المسلمين خير مما هَرَاقها، والله ما أدري: {لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} وأشار بيده إلى معاوية. قال: فغضب معاوية فخطب بعده خطبة عَيِيّة فاحشة ثم نزل. وقال له: ما أردتَ بقولك: {فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}. قال: أردتُ بها ما أراد الله بها. قال هَوذة: قال عوف: وحدثني غير محمد، أنه بعدما شهد شهادة الحق قال: أما بعد: فإن عليًا لم يسبقه أحدٌ من هذه الأمة من أولها بعد نبيها، ولن يلحق به أحد من الآخرين منهم، ثم وصله بقوله الأول. قال: أخبرنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا هُشَيم، قال: أخبرنا مجاهد، عن الشعبي، قال: لما سَلَّم الحسن بن علي الأمر لمعاوية، قال له: اخطب الناس. قال: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن أكيس الكيس التُّقى، وإن أحمق الحُمق الفُجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت فيه أنا ومعاوية إما حَقٌّ كان أحقَّ به مني، وإما حقّ كان لي فتركته التماس الصلاح لهذه الأمة: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء:111]. قال: أخبرنا محمد بن سُلَيم العبدي، قال: حدثنا هُشيم، عن أبي إسحاق الكوفي، عن هَزَّان، قال: قيل للحَسن بن علي: تركتَ إِمارتك وسلّمتها إلى رُجل من الطُّلَقَاء وقدمتَ المدينة؟! فقال: إني اخترتُ العارَ على النارِ. قال: أخبرنا عبد الله بن بكر بن حبيب السهمي، قال: حدثنا حاتم بن أبي صَغيرة، عن عَمرو بن دينار: أن معاوية كان يعلم أن الحسنَ كان أكره الناس للفتنة، فلما توفي علي بعث إلى الحسن فأصلحَ الذي بينه وبينه سرًّا وأعطاه معاوية عهدًا إنْ حدث به حدث والحسن حيّ ليسمينه وليجعلن هذا الأمر إليه، فلما توثق منه الحسن، قال ابن جعفر: والله إني لجالسٌ عند الحسن إذ أخذت لأقُوم فجذَب بثوبي وقال: اقعد ياهناه اجلس. فجلست. قال: إني قد رأيتُ رأيًا وأحب أن تتابعني عليه قال: قلت: ما هو؟ قد رأيتُ أن أعمد إلى المدينة فأنزلها وأخلي بين معاوية وبين هذا الحديث، فقد طالت الفتنة وسقطت فيها الدماء، وقطعت فيها الأرحام وقطعت السُّبُل وعُطِّلَت الفُروج ـ يعني الثغور ـ فقال ابن جعفر: جزاك الله عن أمة محمد خيرًا فأنا معك على هذا الحديث فقال الحسن: ادعُ لي الحسين، فبعث إلى حسين فأتاه فقال: أي أخي إني قد رأيتُ رأيًا وإني أحبُ أن تتابعني عليه. قال: ما هو؟ قال: فقصَّ عليه الذي قال لابن جعفر. قال الحسين: أُعيذك بالله أن تُكَذِّبَ عليًا في قبره وتُصَدِّقَ معاوية، فقال الحسن: والله ما أردتُ أمرًا قط إلا خالَفتَني إلى غيره، والله لقد هممتُ أن أقذفك في بيت فأطيِّنه عليك حتى أقضيَ أمري قال: فلما رأى الحسين غَضَبه قال: أنت أكبر ولد علي وأنت خليفتُه وأمرُنا لأمرك تَبع فافعل ما بَدَا لك فقام الحسن فقال: يا أيها الناس! إني كنت أكرَهَ الناس لأول هذا الحديث وأنا أصلحتُ آخره لذي حقّ أديتُ إليه حقه أحق به مني، أو حق جُدتُ به لصلاح أمة محمد وإن الله قد ولاّك يا معاوية هذا الحديث لخير يعلمه عندكَ، أو لشرٍّ يعلمه فيك {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}[سورة الأنبياء:111].ثم نزل. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن إبراهيم بن محمد، عن زيد بن أسلم، قال: دخل رجل على الحسن بالمدينة وفي يده صحيفة فقال: ما هذه؟ قال: من معاوية يَعِدُ فيها ويتوعّدُ. قال: قد كنتَ على النَّصف منه. قال: أجل، ولكني خشيتُ أن يأتي يوم القيامة سبعون ألفا أو ثمانون ألفا أو أكثر من ذلك وأقل كلهم تَنْضَح أوْدَاجهم دمًا كلهم يستعدي الله فيما هُرِيق دمه.)) ((قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو عَوَانَةَ، عن المغيرة، عن ثابت بن هُرَيْمز، قال: لما أتى الحسن بن علي قصر المدائن قال المختار لعمه: هل لك في أمر تسود به العرب؟ قال: وما هو؟ قال: تدعني أضرب عنق هذا وأذهب برأسه إلى معاوية. قال: ما ذاك بلاؤهم عندنا أهل البيت.)) الطبقات الكبير. ((كان حليمًا كريمًا ورعًا، دعاه ورعه وفضله إلى أن ترك الملك والدنيا، رغبة فيما عند الله تعالى، وكان يقول: ما أحببت أن ألِيَ أمر أمة محمد صَلَّى الله عليه وسلم على أن يهراق في ذلك مِحْجَمَة دم، وكان من المبادرين إلى نصرة عثمان بن عفان. وولي الخلافة بعد قتل أبيه علي رضي الله عنهما، وكان قتل علي لثلاث عشرة بقيت من رمضان من سنة أربعين، وبايعه أكثر من أربعين ألفًا، كانوا قد بايعوا أباه على الموت، وكانوا أطوع للحسن، وأحب له. وبقي نحو سبعة أشهر خليفة بالعراق، وما وراءه من خراسان والحجاز واليمن وغير ذلك، ثم سار معاوية إليه من الشام، وسار هو إلى معاوية، فلما تقاربا علم أنه لن تغلب إحدى الطائفتين حتى يقتل أكثر الأخرى، فأرسل إلى معاوية يبذل له تسليم الأمر إليه، على أن تكون له الخلافة بعده، وعلى أن لا يطلب أحدًا من أهل المدينة والحجاز والعراق بشيء مما كان أيام أبيه، وغير ذلك من القواعد؛ فأجابه معاوية إلى ما طلب، فظهرت المعجزة النبوية في قوله صَلَّى الله عليه وسلم: "إن ابني هذا سيد يصلح الله به بين فئتين من المسلمين"(*) أخرجه أحمد في المسند 5/ 44 بلفظه،وذكره ابن حجر في المطالب العالية حديث رقم 4000. وذكره الهيثمي في الزوائد 7/ 250، 9/ 181. وأيُّ شرف أعظم من شرف من سماه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سيدًا؟. أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن الدمشقي إجازة، أخبرنا أبي، أخبرنا أبو السعود، حدثنا أحمد بن محمد بن المجلي، أخبرنا محمد بن محمد بن أحمد العكبري، أخبرنا محمد بن أحمد بن خاقان، أخبرنا أبو بكر بن دريد قال: قام الحسن بعد موت أبيه أمير المؤمنين فقال بعد حمد الله عز وجل: إنا والله ما ثنانا عن أهل الشام شك ولا ندم، وإنما كنا نقاتل أهل الشام بالسلامة والصبر، فسلبت السلامة بالعداوة، والصبر بالجزع، وكنتم في منتدبكم إلى صفين ودينكم أمام دنياكم، فأصبحتم اليوم ودنياكم أمام دينكم، ألا وإنا لكم كما كنا، ولستم لنا كما كنتم، ألا وقد أصبحتم بين قتيلين: قتيل بصفين تبكون له، وقتيل بالنهروان تطلبون بثاره، فأما الباقي فخاذل، وأما الباكي فثائر، ألا وإن معاوية دعانا إلى أمر ليس فيه عز ولا نَصَفَة، فإن أردتم الموت رددناه عليه، وحاكمناه إلى الله ـــ عز وجل ـــ بِظُبَا السيوف، وإن أردتم الحياة قبلناه وأخذنا لكم الرضا، فناداه القوم من كل جانب: البقيةَ البقيةَ، فلما أفردوه أمضى الصلح. أخبرنا ابراهيم بن محمد بن مهران الفقيه وغير واحد، قالوا بإسنادهم إلى أبي عيسى الترمذي قال: حدثنا محمود بن غيلان، أخبرنا أبو داود الطيالسي، أخبرنا القاسم بن الفضل الحُدَّاني، عن يوسف بن سعد. قال: قام رجل إلى الحسن بن علي بعد ما بايع معاوية، فقال: سَوَّدْتَ وجوه المؤمنين، أو: يا مُسَوّد وجوه المؤمنين، فقال: لا تُؤَنِّبْنِي، رحمك الله؛ فإن النبي صَلَّى الله عليه وسلم أريَ بني أمية على منبره فساءه ذلك، فنزلت: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلِةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} تملكها بعدي بنو أمية. وقد اختلف في الوقت الذى سلَّم فيه الحسن الأمر إلى معاوية؛ فقيل: في النصف من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين، وقيل: لخمس بقين من ربيع الأول منها، وقيل: في ربيع الآخر؛ فتكون خلافته على هذا ستةَ أشهر واثني عشر يومًا، وعلى قول من يقول: في ربيع الآخرتكون خلافته ستة أشهر وشيئًا، وعلى قول من يقول: في جمادى الأولى نحو ثمانية أشهر، والله أعلم، وقولُ من قال سَلَّّم الأمر سنة إحدى وأربعين، أصح ما قيل فيه، وأما من قال: سنة أربعين، فقد وهم. ولما بايع الحسن معاوية خطب الناس قبل دخول معاوية الكوفة فقال: أيها الناس، إنما نحن أمراؤكم وضيفانكم، ونحن أهلُ بيت نبيكم الذين أذهب الله عنهم الرجس، وطهَّرَهم تطهيرًا، وكرر ذلك حتى ما بقي إلا من بكى حتى سُمع نَشِيجُه. ولما دخل معاوية الكوفة وبايعه الناس قال عمرو بن العاص لمعاوية: لتأمر الحسن ليخطب، فقال: لا حاجة بنا إلى ذلك، فقال عمرو: لكني أريد ذلك ليبدو عِيُّه؛ فإنه لا يدري هذه الأمور، فقال له معاوية: قم يا حسن فكلم الناس فيما جرى بيننا؛ فقام الحسن في أمر لم يُرَوّ فيه، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال في بديهته: أما بعد، أيها الناس، فإن الله هداكم بأولنا، وحقن دماءكم بآخرنا، ألا إن أكيس الكَيْس التقى، وإن أعجز العجز الفجور، وإن هذا الأمر الذي اختلفت أنا ومعاوية فيه: إما أن يكون أحق به مني، وإما أن يكون حقي تركته لله عز وجل، ولإصلاح أمة محمد صَلَّى الله عليه وسلم حقن دماءكم، ثم التفت إلى معاوية وقال: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء/111]. فأمره معاوية بالنزول، وقال لعمرو: ما أردتَ إلا هذا.)) أسد الغابة. ((قال أَحْمَدُ: حدثنا هاشم بن القاسم، حدثنا المبارك بن فضالة، حدثنا الحسن بن أبي الحسن، حدثنا أبو بكرة: كان رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم يصلّي بالناس، وكان الحسن بن علي يَثب على ظَهْرَه، إذا سجد، ففعل ذلك غير مرة، قالوا له: إنكَ لتفعل بهذا شيئًا ما رأيناك تفعله بأحد. قال: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَسَيُصْلِح الله بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ" (*) قال: فلما ولي لم يهرق في خلافته محجمة من دَم. وأخرجه إِسْمَاعِيلٌ الخُطَبِي من طريق حماد بن زيد، عن علي بن زيد وهشام، عن الحسن نحوه. قال: فنظر إليهم أمثالَ الجبال في الحديد؛ فقال: أضرِبُ هؤلاء بعضهم ببعض في ملك من ملك الدنيا، لا حاجةَ لي به. وقال العَبَّاسُ الدُّورِيُّ: حدثنا علي بن الحسن بن شقيق، حدثنا الحسين بن واقد، عن عبد الله بن بُريدة. قال: قدم الحسن بن عَليّ عَلَى معاوية، فقال: لأجيزنَّك بجائزة ما أجزت بها أحدًا قبلك، ولا أجيز بها أحدًا بعدك؛ فأعطاه أربعمائة ألف.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا علي بن محمد العمري، عن عيسى بن معمر، عن عباد بن عبد الله بن الزبير، قال: سمعت عائشة تقول يومئذ: هذا الأمر لا يكون أبدًا، يدفن ببقيع الغرقد ولا يكون لهم رابعًا، والله إنه لبيتي أعطانيه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في حياته وما دفن فيه عُمر وهو خليفة إلا بأمري وما أَثَرُ عَلِيٍّ رحمه الله عندنا بِحَسَنٍ. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا أبو بكر بن عبد الله بن أَبِي سَبْرَة، عن مروان بن أبي سعيد، عن نملة بن أبي نملة، قال: أعْظَمَ النّاسُ يومئذٍ أن يُدْفَن معهم أحدٌ وقالوا لمروان: أصبتَ يا أبا عبد الملك لا يكون معهم رابع أبدًا. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الرحمن بن أَبِي الزِّناد، عن إبراهيم بن يحيى بن زيد، قال: سمعت خارجة بن زيد يقول: صَوَّبَ الناس يومئذ مَروان ورأوا أنه عمل بحق لا يكون معهما ـ يعني أبا بكر وعمر ـ ثالث أبدا. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني محرر بن جعفر، عن أبيه قال: سمعتُ أبا هريرة يقول يوم دُفِنَ الحسن بن علي: قاتَلَ الله مروان قال: والله ما كنتُ لأدَع ابنَ أَبِي تُراب يُدْفَن مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وقد دُفن عثمان بالبقيع فقلت: يامروان اتق الله ولا تقل لعلي إلا خيرا فأشهد لسَمَعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول يوم خَيبر: "لأعطين الراية رجلًا يحبه الله ورسوله ليس بفرَّار"(*)، وأشهد لسَمَعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول في حَسن: "اللهم إني أحبه فأحبه وأحب من يحبه"(*)، فقال مروان: والله إنك قد أكثرت على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الحديث فلا نسمع منك ما تقول، فهلم غيرك يعلم ما تقول، قال قلت: هذا أبو سعيد الخدري، فقال مروان: لقد ضاع حديث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين لا يرويه إلا أنت وأبو سعيد الخدري، والله ما أبو سعيد الخُدْري يوم مات رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلا غلام، ولقد جئت أنت من جبال دَوْس قبل وفاة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بيسير فاتق الله يا أبا هريرة قال: قلت: نِعْمَ ما أوصيتَ به وَسَكَتُّ عنه. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني كثير بن زيد، عن الوليد بن رباح، قال: سمعت أبا هريرة يومئذ يقول لمروان: والله ما أنت والٍ وإن الوالي لغيرك فدعه، ولكنك تدخل في مالا يعنيك، إنما تريد بهذا إرضاء من هو غائب عنك. قال: فأقبل عليه مروان مغضبًا فقال له: يا أبا هريرة إن الناس قد قالوا أكثر عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الحديث، وإنما قدم قبل وفاة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بيسير. فقال أبو هريرة: قدمت والله ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بخيبر سنة سبع وأنا يومئذ قد زدت على الثلاثين سنة سنوات، فأقمتُ معه حتى توفي صَلَّى الله عليه وسلم أدور معه في بيوت نسائه وأخدمه، وأنا والله يومئذ مُقل وأُصلّي خلفه وأغزو وأحج معه، فكنتُ والله أعْلَمَ الناسِ بحديثه قد والله سبقني قوم بصحبته والهجرة؛ من قريش والأنصار، فكانوا يعرفون لزومي له فيسألوني عن حديثه، منهم عمر بن الخطاب ـ وَهَدْي عمر هَدْي عمر ـ ومنهم عثمان وعلي والزبير وطلحة، ولا والله ما يخفى عَلَيّ كُلُّ حدث كان بالمدينة، وكل من أحب الله ورسوله، وكل من كانت له عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم منزلة، وكل صاحب لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكان أبو بكر رضي الله عنه صاحبه في الغار، وغيره قد أخرجه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من المدينة أن يساكنه، فليسألني أبو عبد الملك عن هذا وأشباهه فإنه يجد عندي منه علمًا كثيرًا جَمًّا، قال: فوالله إن زال مروان يقصر عنه عن هذا الوجه بعد ذلك ويتقيه ويخاف جوابه، ويحب على ذلك أن يُنَالَ من أبي هريرة ولا يكون هو منه بسبب، يَفْرَقُ من أن يبلغ أبا هريرة أن مروان كان من هذا بسبب. فيعود له بمثل ذلك فكفّ عنه. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن سُحَيْم بن حفص وعبد الله بن فائد، عن بشير بن عبد الله، قال: أول من نعى الحسن بن علي بالبصرة عبد الله بن سلمة بن المُحَبَّق أخو سنان نعاه لزياد، فخرج الحكم بن أبي العاص الثقفي فنعاه، وبكى الناس وأبو بكرة مريض فسمع الضجة، فقال: ما هذا؟ فقالت امرأته ميسة بنت سحام من بني رُبيع: مات الحسن بن علي فاحْمِد الله الذي أراح الناس منه، فقال أبو بكرة: اسكتي ويحك فقد أراحَه الله من شرٍّ كثير وفَقَدَ الناسُ خيرًا كثيرًا. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد، عن عمرو بن ميمون، عن أبيه، قال: لما جاء معاويةَ نَعْيُ الحسنِ بن علي، استأذن ابن عباس على معاوية، وكان ابن عباس قد ذهب بصره ـ فكان يقول لقائده: إذا دخلتَ بي على معاوية فلا تَقُدْني فإن معاوية يشمت بي، فلما جلس ابن عباس قال لمعاوية: لأخبرنَّه بما هو أشد عليه من أن أشمت به فلما دخل قال: يا أبا العباس هلك الحسن بن علي، فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون، وعرف ابن عباس أنه شامت به فقال: أما والله يا معاوية لَا يَسُدُّ حفرتَك وَلَا تَخْلُدُ بعده، ولقد أصبنا بأعظم منه فجبرنا الله بعده، ثم قام، فقال معاوية: لا والله ما كلمت أحدًا قط أعدّ جوابًا ولا أعقل من ابن عباس. قال: أخبرنا عفان بن مسلم، قال: حدثنا سلَّام أبو المنذر، قال: قال معاوية لابن عباس: مات الحسن بن علي يبكّته بذلك. قال: فقال: لئن كان مات فإنه لا يسد بجسده حفرتك، ولا يزيد موته في عمرك، ولقد أُصبنا بمن هو أشدّ علينا فقدًا منه، فجبر الله مصيبته. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن مَسْلَمَة بن مُحَارب، عن حرب بن خالد، قال: قال معاوية لابن عباس: يا عجبًا من وفاة الحسن شرب عسلة بماء رُومَة فقضى نحبه لا يحزنك الله ولا يسؤك في الحسن فقال: لا يسوءني ما أبقاك الله، فأمر له بمائة ألف وكسوة. قال: ويقال إنّ معاوية قال لابن عباس يومًا: أصبحت سيد قومك قال: ما بقي أبو عبد الله فلا. قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا أبو هلال، عن قتادة، قال: قال معاوية: واعجبًا للحسن شرب شربة من عسل يمانية بماء رُومَة فقضى نحبه، ثم قال لابن عباس: لا يسوءك الله ولا يحزنك في الحسن فقال: أما ما أبقى الله لي أمير المؤمنين فلن يسوءني الله ولن يحزنني. قال: فأعطاه ألف ألف من بين عرض وعين فقال: أقسم هذه في أهلك. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبيه، لما مات الحسن بن علي، بعث مروان بن الحكم بريدًا إلى معاوية يخبره أنه قد مات، قال: وبعث سعيد بن العاص رسولًا آخر يخبره بذلك، وكتب مروان يخبره بما أوصى به حسن بن علي من دفنه مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأن ذلك لا يكون وأنا حَيّ، ولم يذكر ذلك سعيد، فلما دُفن حسن بن علي بالبقيع أرسل مروان بريدًا آخر يخبره بما كان من ذلك ومن قيامه ببني أمية وموالهم وإني يا أمير المؤمنين عقدتُ لوائي وتلبَّسنا السلاح وأحضرتُ معي ممن اتبعني ألفَيْ رجل، فلم يزل الله بِمَنِّه وفضله يدرأ ذلك أن يكون مع أبي بكر وعمر ثالثًا أبدًا حيث لم يكن أمير المؤمنين عثمان المظلوم رحمه الله)) ((كتب معاوية إلى مروان يشكر له ما صنع واستعمله على المدينة ونزع سعيد بن العاص، وكتب إلى مروان: إذا جاءك كتابي هذا فلا تدع لسعيد بن العاص قليلًا ولا كثيرًا إلا قبضته، فلما جاء الكتاب إلى مروان بعث به مع ابنه عبد الملك إلى سعيد يخبره بكتاب أمير المؤمنين، فلما قرأه سعيد بن العاص صاح بجارية له هاتي كتابَيْ أمير المؤمنين، فَطَلَعتْ عليه بكتابَيْ أمير المؤمنين، فقال لعبد الملك: اقرأهما، فإذا فيهما كتاب من معاوية إلى سعيد بن العاص يأمره حين عزل مروان بقبض أموال مروان التي بذي المَرْوة والتي بالسويداء والتي بذي خُشُب ولا يدع له عَذْقًا واحدًا فقال: أخبر أباك، فجزاه عبد الملك خيرًا، فقال سعيد: والله لولا أنك جئتني بهذا الكتاب ما ذكرت مما ترى حرفًا واحدًا، قال: فجاء عبد الملك بالخبر إلى أبيه فقال: هو كان أوصل لنا منا له. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني أبو بكر بن عبد الله بن أَبي سَبْرَة، عن صالح ابن كيسان قال: كان سعيد بن العاص رجلًا حليمًا وقورًا، ولقد كانت المأمومة التي أصابت رأسه يوم الدار قد كاد أن يَخِفّ منها بعض الخِفّة، وهو على ذلك من أوقر الرجال وأحلمه، وكان مروان رجلًا حديدًا، حديد اللسان سريع الجواب ذلق اللسان قَلَّما صبر أن يكون في صدره شيء من حُبّ أحدٍ أو بغضه إلا ذكره، وكان في سعيد خلاف ذلك، كان مَنْ أحبّ صَبَرَ عن ذكر ذلك له، ومن أبغض فمثل ذلك ويقول: إن الأمور تغيّر والقلوب تغيّر فلا ينبغي للمرء أن يكون مادحًا اليوم عائبًا غدًا. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن أبيه، قال: حج معاوية سنة خمسين وسعيد بن العاص على المدينة وقد وليها قبل ذلك في آخر سنة تسع وأربعين، وهي السنة التي مات فيها الحسن بن علي. فلم يزل معاوية يَهِمّ بعزله، ويكتب إليه مروان يعلمه ما أبلى في شأن حسن بن علي وأن سعيد بن العاص قد لافى بني هاشم ومالأهم على أن يُدْفَن الحسن مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فوعده معاوية أن يعزله عن المدينة ويوليه، فأقام عليها سعيد ومعاوية يستحي من سرعة عزله إياه، وسعيد يعلم بكتب مروان إلى معاوية، فكان سعيد يلقى مروان ممازحًا له يقول: ما جاءك فيما قِبَلَنا بَعْدُ شيء؟ فيقول مروان: ولِمَ تقول لي هذا؟ أتظن أني أطلب عملك؟ فلما أكثر مروان من هذا سكت سعيد بن العاص واستحيا، وبلغ مروان أنه كتب إلى سعيد من الشام يُعْلَم بكتبك إلى أمير المؤمنين. تمحل بسعيد وتزعم أن سعيدًا في ناحية بني هاشم، ثم جاءه بَعْدُ العملُ، وقال حج سعيد سنة ثلاث وخمسين ودخل في الرابعة، فجاءه ولاية مروان بن الحكم فكان سعيد إذا لقيه بعد يقول ممازحًا له: قد كان وعدك حيث توفي الحسن بن علي أن يوليك ويعزلني فأقمت كما ترى سنين، والله يعلم لولا كراهة أن يُعَدّ ذلك مني خِفَّة لاعتزلت ولحقت بأمير المؤمنين، فيقول مروان: أقصر فإنا رأينا منك يوم مات الحسن بن علي أمورًا ظننا أَنَّ صَغْوَك مع القوم، فقال سعيد: فوالله للقوم أشد لي تهمة وأسوأ في رأيا منهم فيك، فأما الذي صنعت من كفي عن حسين بن علي فوالله ما كنت لأعرض دون ذلك بحرف واحد وقد كَفَيْتَ أنت ذلك. قال محمد بن عمر: قال: عبد الرحمن بن أبي الزناد: قال أبي: فلم يزالا متكاشَرين فيما بينهما فيما يُغَيّب أحدهما عن صاحبه ليس بحسن، وهم بعد يتلاقيان ويقضي أحدهما الحق لصاحبه إذا لزمه، وإذا التقيا سلم أحدهما على صاحبه سلامًا لا يعرف أن فيه شيئا مما يكره، فكان هذا من أمورهما.)) الطبقات الكبير. ((كان رضي الله عنه حليمًا وَرعًا فاضلًا، دعاه ورعُه وفضْله إلى أنْ ترك الملك والدنيا رغبة فيما عند الله، وقال: والله ما أحبَبتُ منذ علِمْتُ ما ينفعني وما يضرني أنّ إليَّ أَمْرَ أَمةِ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم على أن يهراق في ذلك محْجَمة دَم. وكان من المبادرين إلى نُصْرَة عثمان والذابِّين عنه، ولما قتل أبوه علي رضي الله عنهما بايعه أكثرُ من أربعين ألفًا، كلُّهم قد كانوا بايعوا أباه عليًا قبل موته على الموت، وكانوا أطوَع للحسن وأحبَّ فيه منهم في أبيه، فبقي نحوًا من أربعةِ أشهر خليفة بالعراق وما وراءها من خراسان، ثم سار إلى معاوية، وسار معاويةُ إليه، فلما تراءى الجمعان، وذلك بموضع يقال له: مَسْكن من أرض السوَاد بناحية الأنبار علم أنه لن تُغْلَبَ إحدى الفئتين حتى تذهب أكثر الأخرى، فكتب إلى معاوية يُخْبره أنه يصَيِّر الأمر إليه على أن يشترط عليه ألا يطلب أحدًا من أهل المدينة والحجاز ولا أهل العراق بشيء كان في أيام أَبيه، فأجابه معاوية، وكاد يطير فرحًا، إلا أنه قال: أَمَّا عشرة أَنفس فلا أؤمّنهم. فراجعه الحسن فيهم فكتب إليه يقول: إني قد آلَيْتُ أَني متى ظفرْتُ بقيس بن سعد أَنْ أَقطع لسانه ويَده، فراجعه الحسن أني لا أُبايعك أَبدًا وأَنت تطلب قيْسًا أَو غيره بتَبِعَةٍ قلّت أَو كثرت. فبعث إِليه معاوية حينئذٍ برَقّ أَبيض. وقال: اكتُب ما شِئْتَ فيه وأَنا أَلتزمه. فاصطلحا على ذلك، واشترط عليه الحسن أَن يكون له الأمر من بعده، فالتزم ذلك كله معاوية. فقال له عمرو بن العاص: إنهم قد انفلَّ حدّهم، وانكسرت شوكتُهم، فقال له معاوية: أما علمت أنه قد بايع عليًّا أربعون ألفًا على الموت، فوالله لا يُقتلون حتى يُقتل أعدادهم من أهل الشّام، ووالله ما في العيش خير بعد ذلك. واصطلحا على ما ذكرنا، وكان كما قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: "إِنَّ اللَّهَ سَيُصْلِحُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمَين"(*) ‏‏أخرجه البخاري في الصحيح 3/244، 9/71 بنحوه، وأحمد في المسند 5/51، والطبراني في الكبير 3/21، 22، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال، حديث رقم 34264.. حدّثنا عبد الوارث بن سفيان، قال: حدّثنا قاسم بن أصبغ، قال: حدّثنا أحمد بن زهير، قال: حدّثنا هارون بن معروف، حدّثنا ضمرة، عن ابن شَوْذَب، قال: لما قُتل عليّ سار الحسن فيمن معه من أهل الحجاز والعِراق، وسار معاوية في أهل الشّام، فالتَقوا، فكَرهَ الحسنُ القتالَ، وبايع معاوية على أن يَجْعَل العَهْدَ للحسن من بعده قال: فكان أصحابُ الحسن يقولون له: يا عار المؤمنين. فيقول: العار خَيْرٌ من النّار. حدّثنا خلف بن قاسم، قال: حدّثنا عبد الله بن عمر بن إسحاق بن معمر، قال: حدّثنا أحمد بن محمد بن الحجاج بن رِشْدين، قال: حدّثني عمرو بن خالد مرارًا، قال: حدّثني زهير بن معاوية الجُعْفِي، قال: حدّثني أبو رَوْق الهمدانيّ أن أبا الغَريف حدّثهم قال: كنا في مقدّمة الحسَن بن علي اثني عشر ألفًا بمسْكِن مستميتين تقطر أَسيافنا من الجدّ والحرص على قتال أهلِ الشّام. وعلينا أبو العمر طه، فلما جاءنا صُلْحُ الحسن بن علي كأنما كسِرت ظهورنا من الغيْظ والحزن. فلما جاء الحسَن الكوفة أتاه شيخٌ منّا يُكْنَى أبا عامر سُفيان بن ليلى، فقال: السّلام عليك يا مُذِلَّ المؤمنين. فقال: لا تقل يا أبا عامر، فإني لم أذلّ المؤمنين، ولكني كرهْتُ أن أقتلَهم في طَلَبِ الملك. وحدّثنا خلف، حدّثنا عبد الله، حدّثنا أحمد، حدّثنا يحيى بن سليمان، حدّثني الحسن بن زياد، حدّثني أبو معشر، عن شرحبيل بن سَعْد قال: مكث الحسَنُ بن علي نحوًا من ثمانية أشهر لا يُسلّم الأمرَ إلى معاوية، وحجَّ بالناس تلك السنة سنة أربعين المغيرة بن شُعبة من غير أن يؤمّره أحد، وكان بالطّائف. قال: وسلَّم الأمرَ الحسنُ إلى معاوية في النّصف من جمادى الأولى من سنة إحدى وأربعين، فبايع الناسُ معاوية حينئذ، ومعاوية يومئذ ابن ستّ وستين إِلّا شهرين. قال أبو عمر رضي الله عنه: هذا أصحُّ ما قيل في تاريخ عام الجماعة، وعليه أكثر أهل هذه الصّناعة من أهل السّير والعلم بالخبر، وكلُّ من قال: إنّ الجماعة كانت سنة أربعين فقد وَهِم، ولم يقلْ بعلم، والله أعلم. ولم يختلفوا أنّ المغيرة حجَّ عام أربعين على ما ذكر أبو معشر، ولو كان الاجتماع على معاوية قبل ذلك لم يكن كذلك، والله أعلم. ولا خلاف بين العلماء أنّ الحسَن إنما سلّم الخلافة لمعاوية حياته لا غير، ثم تكون له من بعده، وعلى ذلك انعقد بينهما ما انعقد في ذلك، ورأى الحسنُ ذلك خيرًا مِن إراقة الدّماء في طلبها، وإن كان عند نفسه أحقَّ بها. حدّثنا خلف، حدّثنا عبد الله، حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا أحمد بن صالح، ويحيى بن سليمان، وحَرْمَلة بن يحيى، ويونس بن عبد الأعلى، قالوا: حدّثنا ابن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: لما دخل معاوية الكوفة حين سلّم الأمر إليه الحسنُ بن علي كلَّم عمرو بن العاص معاوية أن يأمر الحسن بن علي فيخطب النّاس، فكَرهَ ذلك معاوية، وقال: لا حاجةَ بنا إلى ذلك. قال عمرو: ولكني أريد ذلك ليبدوَ عِيُّه، فإنه لا يَدري هذه الأمور ما هي؟ ولم يَزل بمعاوية حتى أمر الحسن أَنْ يخطب، وقال له: قم يا حسن فكلّم الناس فيما جرى بيننا. فقام الحسن فتشهّد، وحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال في بديهته: أما بعد أيّها النّاس، فَإِنّ الله هداكم بأوّلِنا، وحقَن دماءكم بآخرنا، وإنَّ لهذا الأمر مدّة، والدّنيا دُوَل، وإن الله عز وجل يقول: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَم بَعِيدٌ مَّا تُوعَدُونَ (109) إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ مِنَ الْقَوْلِ وَيَعْلَمُ مَا تَكْتُمُونَ (110) وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ}‏ [الأنبياء‏: 109 ـــ 111]. فلما قالها قال له معاوية: اجلس، فجلس ثم قام معاوية فخطب النّاس، ثم قال لعمرو: هذا مِنْ رأْيك‏. وأخبرنا خلف، حدّثنا عبد الله، حدّثنا أحمد، قال: حدّثني يحيى بن سليمان، قال: حدّثني عبد الله الأجلح، أَنه سمع المجالد بن سعيد يذكر عن الشّعبي، قال: لما جرَى الصُّلْح بين الحسن بن علي ومعاوية قال له معاوية: قم فاخطُب النّاس، واذكر ما كنْتَ فيه‏. فقام الحسن فخطب فقال: الحمدُ لله الذي هدَى بنا أوّلكم، وحقن بنا دماء آخركم، ألا إنّ أكْيَس الكيس التّقي، وأعجز العَجْز الفجور، وإنَّ هذا الأمر الذي اختلفْتُ فيه أنا ومعاوية إما أنْ يكونَ كان أحقّ به مني، وإمّا أنْ يكون حقي فتركتُه لله، ولإصْلَاح أمّة محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وحَقْنِ دمائهم، قال: ثم التفت إلى معاوية فقال‏: {وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَّكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ} [الأنبياء‏:‏ 111‏].‏ ثم نزل‏. فقال عَمْرو لمعاوية: ما أَرَدْتُ إلا هذا‏. ومات الحسن بن عليّ رضي الله عنهما بالمدينة واختلف في وقت وفاته؛ فقيل: مات سنة تسع وأَربعين. وقيل: بل مات في ربيع الأوّل من سنة خمسين بعدما مضى من إمارة معاوية عشر سنين. وقيل: بل مات سنة إحدى وخمسين، ودُفن ببقيع الغَرْقد وصلّى عليه سعيد بن العاص، وكان أميرًا بالمدينة قدّمة الحسين للصّلاة علي أخيه، وقال: لولا أنّها سنّة ما قدّمْتُك. وقد كانت أباحَتْ له عائشة أن يُدْفن مع رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في بيتها، وكان سألها ذلك في مرضِه، فلما مات مَنَع من ذلك مَرْوان وبنو أُميّة في خبر يطول ذِكْرُه‏. وقال قتادة وأَبو بكر بن حفص: سُمَّ الحسن بن علي رضي الله عنهما سمَّته امرأَته جعدة بنت الأشعث بن قيس الكنديّ‏.))
((تواترت الآثار الصّحاح عن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أَنه قال لحسن بن علي: "إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَعَسَى اللَّهُ أَنْ يُبْقِيَهُ حَتَّى يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيْمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمينَ"(*) ‏‏أخرجه أحمد في المسند 5/51 بلفظه، والبخاري في الصحيح 3/244، 99/71 بنحوه، والطبراني في الكبير 3/21، 22، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال، حديث رقم 34263.. رواه جماعه من الصّحابة. وفي حديث أبي بكرة في ذلك: "وَإِنَّهُ رَيْحَانَتِي مِنَ الدُّنْيَا".(*) ولا أسَود ممن سمّاه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سيّدًا)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((كان سبب موته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس سقته السم، فكانت توضع تحته طست، وترفع أخرى نحو أربعين يومًا، فمات منه، ولما اشتد مرضه قال لأخيه الحسين رضي الله عنهما: يا أخي سقيت السم ثلاث مرات لم أسْقَ مثل هذه، إني لأضَع كبدي، قال الحسين: من سقاك يا أخي؟ قال: ما سؤالك عن هذا؟ أتريد أن تقاتلهم؟ أكِلُهم إلى الله عز وجل. ولما حضرته الوفاة أرسل إلى عائشة يطلب منها أن يدفن مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فأجابته إلى ذلك، فقال لأخيه: إذا أنا مت فاطلب إلى عائشة أن أدفن مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فلقد كنت قد طلبت منها فأجابت إلى ذلك، فلعلها تستحي مني، فإن أذنَتْ فادفني في بيتها، وما أظن القوم، يعني بني أمية، إلا سيمنعونك، فإن فعلوا فلا تراجعهم في ذلك، وادفني في بقيع الغرقد. فلما توفي جاء الحسين إلى عائشة في ذلك فقالت: نعم وكرامة، فبلغ ذلك مروان وبني أمية فقالوا: والله لا يدفن هنالك أبدًا. فبلغ ذلك الحسين فلبس هو ومن معه السلاح، ولبسه مروان، فسمع أبو هريرة فقال: والله إنه لظلم؛ يمنع الحسن أن يدفن مع أبيه! والله إنه لابن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم أتى الحسين فكلمه وناشده الله؛ وقال: أليس قد قال أخوك: إن خفت فردني إلى مقبرة المسلمين، ففعل، فحمله إلى البقيع. ولم يشهده أحد من بني أمية إلا سعيد بن العاص، كان أميرًا على المدينة، فقدمه الحسين للصلاة عليه، وقال: لولا أنها السنة لما قدمتك. وقيل: حضر الجنازة أيضًا خالد بن الوليد بن عقبة بن أبي معيط؛ سأل بني أمية فأذنوا له في ذلك، ووصى إلى أخيه الحسين، وقال له: لا أرى أن الله يجمع لنا النبوة والخلافة؛ فلا يَسْتَخِفَّنَّك أهلُ الكوفة ليُخْرِجُوك. قال الفضل بن دكين: لما اشتد المرض بالحسن بن علي رضي الله عنهما جَزِع، فدخل عليه رجل فقال: يا أبا محمد، ما هذا الجزع! ما هو إلا أن تفارق روحُك جسدَك فتقدم على أبويك: علي وفاطمة، وجديك النبي صَلَّى الله عليه وسلم وخديجة، وعلى أعمامك حمزة وجعفر، وعلى أخوالك القاسم والطيب والطاهر وابراهيم، وعلى خالاتك: رقية وأم كلثوم وزينب، فَسُرِّيَ عنه. ولما مات الحسن أقام نساءُ بني هاشم عليه النوح شهرًا، ولبسوا الحداد سنة.)) أسد الغابة. ((قيل: كانت سنّه يوم مات ستًّا وأربعين سنة، وقيل: سبعًا وأربعين‏. وكان معاوية قد أشار بالبيعة إلى يزيد في حياة الحسن، وعَرَّض بها، ولكنه لم يكشفها، ولا عزَم عليها إلا بعد موت الحسن‏. وروينا من وجوهٍ أن الحسن بن علي لما حضَرَته الوفاة قال للحسين أخيه: يا أخي؛ إنَّ أبانا ـــ رحمه الله تعالى ـــ لما قُبض رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم استشرف لهذا الأمر، ورجا أَنْ يكون صاحبَه، فصرفه الله عنه، وَوَلِيهَا أبو بكر، فلما حضرت أبا بكر الوفاة تشوّف لها أيضًا، فصُرفتْ عنه إلى عمر، فلما احتضر عمر جعلها شورى بين ستّة هو أحدهم، فلم يشك أنها لا تَعْدُوه، فصرفت عنه إلى عثمان، فلما هلك عثمان بُويع، ثم نُوزع حتى جَرَّد السيف وطلبها، فما صفا له شيء منها، وإني والله ما أرى أن يَجمعَ الله فينا ـــ أَهْلَ البيت ـــ النبوّة والخلافة، فلا أَعرفنَّ ما استخفّك سفهاء أَهل الكوفة فأخرجوك‏. وقد كنْتُ طلبْتُ إلى عائشة إِذا متّ أَنْ تأذن لي فأُدفن في بيتها مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقالت: نعم. وإني لا أَدري لعلها كان ذلك منها حياء، فإذا أَنا متّ فاطلب ذلك إليها فإن طابت نفسُها فادفنِّي في بيتها، وما أَظنُّ القوم إِلا سيمنعونك إذا أَردْتَ ذلك، فإنْ فعلوا فلا تراجعهم في ذلك، وادفنّي في بقيع الغَرْقد، فإن فيمن فيه أَسوة‏. فلما مات الحسن أَتَى الحسين عائشة، فطلب ذلك إليها، فقالت: نعم وكرامة.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المِسْوَر، قالت: كان الحسن بن علي سُقي مرارًا كل ذلك يَفلت منه، حتى كان المرة الآخرة التي مات فيها، فإنه كان يختلف كبده، فلما مات أقام نساء بني هاشم عليه النّوح شهرًا. قال: أخبرنا يحيى بن حماد، قال: حدثنا أبو عوانة، عن حصين، عن أبي حازم، قال: لما حُضِرَ الحسن، قال للحُسين: ادفنوني عند أبي ـ يعني النبي صَلَّى الله عليه وسلم ـ إلا أن تخافوا الدماء، فإن خِفتم الدماء فلا تهريقوا فِيَّ دمًا، ادفنوني عند مقابر المسلمين، قال: فلما قُبض تسلّح الحسين وَجَمَعَ مَوَالِيَه. فقال له أبو هريرة: أَنْشُدُكَ الله ووصيةَ أخيك، فإنَّ القومَ لن يَدَعُوكَ حتى يكون بينكم دمًا، قال: فلم يزل به حتى رجع. قال: ثم دفنوه في بَقِيع الْغَرْقَد. فقال أبو هريرة: أرأيتم لو جيء بابن موسى ليدفن مع أبيه فمُنِعَ أكانوا قد ظَلَموه؟ قال: فقالوا: نعم، قال: فهذا ابن نبي الله قد جِيءَ به ليدفن مع أبيه. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا عبيد الله بن مِرْدَاس، عن أبيه، عن الحسن بن محمد بن الحنفية، قال: لما مرض حسن بن علي مرض أربعين ليلة، فلما اسْتُعِزَّ به، وقد حضرت بنو هاشم، فكانوا لا يفارقونه يبيتون عنده بالليل، وعلى المدينة سعيد بن العاص، فكان سعيد يعوده فمرة يُؤذَن له، ومرة يُحْجَبُ عنه، فلما اسْتُعِزَّ به بَعثَ مَروان بن الحَكَم رسولًا إلى معاوية يخبره بثقل الحسن بن علي. وكان حسن رجلًا قد سُقي، وكان مَبْطونًا، إنما كان تختلف أمعاؤه، فلما حُضِرَ وكان عنده إخوته، عهد أن يدفن مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إن استطيع ذلك، فإن حِيلَ بينه وبينه وخِيفَ أن يُهراق فيه مِحْجَم من دم دُفِِنَ مع أمه بالبَقِيع. وجعل الحسن يوعز إلى الحسين ياأخي: إياك أن تسفك الدماء فيَّ، فإن الناس سِرَاع إلى الفتنة، فلما توفي الحسن ارتجّت المدينة صياحًا فلا يُلْقَى أحدٌ إلا باكيًا. وأبرد مروان يومئذ إلى معاوية يخبره بموت حسن بن علي، وأنهم يريدون دفنه مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وأنهم لا يصلون إلى ذلك أبدًا وأنا حي، فانتهى حسين بن علي إلى قبر النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: احفروا هاهنا، فَنكب عنه سعيد بن العاص وهو الأمير فاعتزل، ولم يحل بينه وبينه، وصاح مروان في بني أمية ولَفها وتلبسوا السلاح، وقال مروان: لا كان هذا أبدًا، فقال له حسين: يا ابن الزرقاء! مالك ولهذا أوالٍ أنت؟ قال: لا كان هذا ولا خُلِصَ إليه وأنا حي. فصاح حسين بحلف الفضول، فاجتمعت هاشم، وتَيْم، وزُهرة، وأَسد، وبنو جَعْوَنَةَ بن شَعُوب من بني ليث قد تلبسوا السلاح، وعقد مروان لواءًا وعقد حُسين بن علي لِوَاءًا. فقال الهاشميون: يُدفن مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم حتى كانت بينهم المراماة بالنبل، وابن جَعونة بن شَعوب يومئذ شاهر سيفه، فقام في ذلك رجال من قريش، عبد الله بن جَعفر بن أبي طالب والمِسْور بن مَخْرمة بن نَوفل، وجعل عبد الله بن جعفر يلح على حسين وهو يقول: يابن عم ألم تسمع إلى عهد أخيك: إن خِفتَ أن يُهراق فيّ مِحجم من دم فادفني بالبقيع مع أمي؟ أذكرك الله أنْ تُسْفَك الدّماءُ، وحسين يأبَى دفنه إلا مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم وهو يقول: ويعرض مروان لي: ماله ولهذا؟ قال: فقال المسور بن مخرمة: يا أبا عبد الله اسمع مني، قد دعوتنا بحلف الفضول فأجبناك، تعلم أني سمعت أخاك يقول قبل أن يموت بيوم: يابن مخرمة إني قد عهدت إلى أخي أن يدفنني مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إن وجد إلى ذلك سبيلا، فإن خاف أن يهراق في ذلك محجم من دمٍ فليدفني مع أمي بالبقيع. وتعلم أني أذكرك الله في هذه الدماء، ألا ترى ما هاهنا من السلاح والرجال؟ والناس سِراع إلى الفتنة. قال: وجعل الحسين يأبَى، وجعلت بنو هاشم والحلفاء يلغطون ويقولون: لا يُدْفَنُ أبدًا إلا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال الحسن بن محمد: سمعت أبي يقول: لقد رأيتني يومئذ وإني لأريد أن أضرب عنق مروان، ما حال بيني وبين ذلك إلَّا أَنْ لا أكون أراه مستوجبًا لذلك، إلا أني سمعت أخي يقول: إن خفتم أن يهراق فيّ محجم من دم فادفنوني بالبقيع، فقلت لأخي: يا أبا عبد الله ـ وكنت أرفقهم به ـ إنا لا ندع قتال هؤلاء القوم جبنا عنهم ولكنا إنما نتبع وصية أبي محمد إنه والله لو قال ادفنوني مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم لَمُتْنَا من آخرنا أو ندفنه مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم ولكنه خاف ماقد ترى فقال: إن خفتم أن يهراق فيّ محجم من دم فادفنوني مع أمي فإنما نتبع عهده وننفذ أمره. قال: فأطاع حسين بعد أن ظننت أنه لا يطيع فاحتملناه حتى وضعناه بالبقيع، وحضر سعيد بن العاص ليصلي عليه فقالت بنو هاشم: لا يصلي عليه أبدًا إلا حسين. قال: فاعتزل سعيد بن العاص فوالله ما نازعنا في الصلاة عليه. وقال: أنتم أحق بميتكم فإن قدمتموني تقدمت، فقال حسين بن علي: تقدم فلولا أن الأئمة تقدم ما قدمناك. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا هاشم بن عاصم، عن المنذر بن جهم، قال: لما اختلفوا في دفن حسن بن علي نزل سعد بن أبي وقاص وأبو هريرة من أرضهما فجعل سعد يكلم حسينًا يقول: الله الله فلم يزل بحسين حتى ترك ما كان يريد. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا عبد الله بن أبي عبيدة، عن عبد الله بن حسن، قال: لما دعا الحسين حلف الفضول جاءه عبد الله بن الزبير فقال: هذه أسَد بأسرها قد حضرت، قال معاوية ـ بعد ذلك لابن الزبير ـ: وحضرت مع حسين بن علي ذلك اليوم؟ فقال: حضرت للحلف الذي تعلم دعيت به فأجبت، فسكت معاوية. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن جعفر، عن ابن الهاد، عن محمد بن إبراهيم التيمي قال: قال ابن الزبير ـ وذكر حلف الفضول ـ: لقد دعاني الحسين بن علي به فأجبته ثم قال لحسين: تعلم ذلك؟ فقال حسين: نعم. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا موسى بن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن أبيه، قال: حضرت بنو تيم يومئذ حين دعا الحسين بن علي بحلف الفضول. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا إبراهيم بن الفضل، عن أبي عتيق، قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: شهدنا حسن بن علي يوم مات فكادت الفتنة تقع بين حسين بن علي ومروان بن الحكم، وكان الحسن قد عهد إلى أخيه أن يدفن مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فإن خاف أن يكون في ذلك قتال فليدفن بالبقيع، فأبى مروان أن يدعه، ومروان يومئذ معزول يريد أن يرضي معاوية بذلك، فلم يزل مروان عدوًا لبني هاشم حتى مات. قال جابر: فكلمت يومئذ الحسين بن علي فقلت: يا أبا عبد الله، اتق الله فإن أخاك كان لا يحب ما ترى فادفنه بالبقيع مع أمه ففعل. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن نافع، عن أبيه، عن ابن عمر قال: حضرت موت حسن بن علي فقلت للحسين بن علي: اتق الله ولا تُثِرْ فتنة ولا تسفك الدماء وادفن أخاك إلى جنب أمه فإن أخاك قد عهد ذلك إليك، فأخذ بذلك حسين. قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأسدي، قال: حدثنا سفيان الثوري، عن أبي الجحَّاف، عن إسماعيل بن رجاء، قال: أخبرني من رأى حسين بن علي قَدّم على الحسن بن علي سعيد بن العاص وقال: لولا أنها سُنّة ما قدمتك. قال: أخبرنا سعيد بن منصور، قال: حدثنا سفيان بن عُيَينْة، عن سالم بن أبي حفصة، عن أبي حازم الأشجعي، قال: قال حسين بن علي لسعيد بن العاص: تقدم فلولا أنها سُنَّة ما قدمتك، يعني على الحسن بن علي. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا إسرائيل، عن جابر، عن أبي الأشعث، عن الحسين بن علي: أنه قال لسعيد بن العاص ـ وهو يطعن بإصبعه في منكبه ـ: تقدم فلولا أنها السنة ما قدمناك. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا الحسن بن عمارة، عن راشد، عن حسين بن علي أنه قال يومئذ: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "الإمام أحق بالصلاة".(*) قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا هاشم بن عاصم، عن جهم بن أبي جهم، قال: لما مات الحسن بن علي، بعثت بنو هاشم إلى العوالي صائحًا يصيح في كل قرية من قرى الأنصار بموت حسن، فنزل أهل العوالي ولم يتخلف أحد عنه. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا داود بن سنان، قال: سمعتُ ثَعْلَبَة بن أبي مالك، قال: شهدنا حسن بن علي يوم مات ودفناه بالبقيع، فلقد رأيت البَقِيع ولو طُرِحَتْ إِبْرَةٌ ما وَقَعَت إلا على إنسان. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبيد بن عمير، عن ابن أبي نجيح، عن أبيه، قال: بُكِيَ على حسن بن عليّ بمكة والمدينة سبعًا، النساءُ والرجالُ والصبيانُ. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثنا حفص بن عمر، عن أبي جعفر قال: مكث الناس يبكون على حسن بن علي سبعًا ماتقوم الأسواق. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثني عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المِسور، قالت: كان الحسن بن علي سُقِيَ مِرَارًا كل ذلك يُفْلِت، حتى كانت المرة الآخرة التي مات فيها، فإنه كان يختلف كبده، فلما مات أقام نساء بني هاشم عليه النوح شهرًا. قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: حدثتنا عبيدة بنت نابل، عن عائشة بنت سعد، قالت: حَدّ نساء بني هاشم على حسن بن علي سَنَة. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبيه، عن عَمرو بن بعجة، قال: أول ذُلٍّ دخلَ على العرب موت الحسن بن علي. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن جُوَيرية بن أسماء، قال: لما مات الحسن بن علي رضي الله عنه، أخرجوا جنازته، فحمل مروان سريره فقال له الحسين: تَحْمِلُ سريره! أما والله لقد كنت تُجرّعه الغيظ، فقال مروان: إني كنت أفعل ذلك بمن يُوازِن حلمُه الجبال. قال: أخبرنا علي بن محمد، عن مَسْلمة بن محارب، عن حرب بن خالد، قال: مات الحسن بن علي لخمسِ ليالٍ خَلَونَ من شهر ربيع الأول سنة خمسين.)) الطبقات الكبير. ((قال الْوَاقِدِيُّ: حدثنا داود بن سنان، حدثنا ثعلبة بن أبي مالك، شهدت الحسن يوم مات ودُفن في البَقِيع فرأيت البَقيع ولو طرحت فيه إبرة ما وقعت إلا على رأس إنسان. قال الْواقِدِيُّ: مات سنة تسع وأربعين. وقال المدائنيّ: مات سنة خمسين. وقيل سنة إحدى وخمسين. وقال الهيثم بن عدي: سنة أربع وأربعين. وقال ابن منده: مات سنة تسع وأربعين ــــ وقيل خمسين. وقيل سنة ثمان وخمسين.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال