1 من 2
زيد بن أرقم
الأنصاري أحد بني الحارث بن الخزرج.
قال محمد بن عمر: يكنى أبا سعد، وقال غيره: كان يكنى أبا أُنـَيْسة وأوّل مشاهده مع النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، المُرَيـْسيع، ونزل الكوفة وابتنى بها دارًا في كِنْدة وتوفّي بها أيـّام المختار سنة ثمان وستّين.
(< جـ8/ص 140>)
2 من 2
زيدُ بنُ أَرْقَمَ
ابن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك الأَغَرّ بن ثعلبة بن كعب بن الخَزْرَج بن الحارث بن الخَزْرَج. قال: ولم تُسَمَّ لنا أُمّهُ. فولد زيدُ بن أرقم: قيسًا وسويدًا. وأمهما هند بنت يزيد بن عَمْرو بن شرحبيل بن النعمان بن نُميرة بن معاوية بن الحارث بن زيد بن مالك بن معاويةَ بن ثور بن كندةَ. وقد درجَ ولد قيس بن النعمان فلم يبق لهم عَقِبٌ.
قال: أخبرنا عُبَيد الله بن موسى والفضل بن دُكَيْن قالا: حدّثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، قال: سألت زيد بن أرقم يومَ فِطْرٍ وهو إلى جنبي: كم غزوت مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: سبعَ عشرةَ غزوةً. قلت: كم غزا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: تسع عشرةَ غزوةً(*).
قال: أخبرنا سعيد بن منصور، قال: حدّثنا حُدَيْج بن معاوية، عن أبي إسحاق قال: سمعت زيد بن أرقم يقول غزوت مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سبع عشرة غزوة.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكَيْن والحسن بن موسى، قالا: حدّثنا زُهير، عن أبي إسحاق قال: سألت زيد بن أرقم: كم غزوتَ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: سبع عشرة غزوةً. قال: وسمعت زيد بن أرقم يقول: غزا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، تسعَ عشرةَ(*).
قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطَّيَالِسيّ قال: حدّثنا شُعْبة قال: أخبرني أبو إسحاق قال: خرج الناس يستسقون وزيدُ بن أرقم فيهم ما بيني وبينهُ إلاّ رَجُلٌ. قال: قلتُ: كم غزا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: تسع عشرة. قال: قلتُ: كم غزوتَ معه؟ قال: سبعَ عشرةَ. قال: قلتُ: ما أول ما غزا؟ قال: ذو العشيرا ـــ أو ذو العشير ـــ قال: فصلّى عبد الله بن يزيد بالناس ركعتين(*).
قال: قال محمد بن عمر: حدثتُ عبد الله بن جعفر الزُّهْرِيّ بحديث إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن زيد بن أرقم فيما ذكرنا أنه غزا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. فقال: هذا إسناد العراق، هكذا يقولون. وأمّا في روايتنا ورواية غيرنا من أهل البلد والعِلم بالسيرة: فأول غزوة غزاها زيد بن أرقم حين بلغ الحلم مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، غزوة المُرَيْسِيع، فَحَضَرَ كلامَ عبد الله بن أُبَيّ بن سلول حين غضب من دعاء جَهْجَاه بن سعيد: يا آل قريش! فذكر المهاجرين فقال: قَدْ نَافَرُونا وكَاثَرونا في بلدنا، وأنكروا مِنَّتَنَا، ثم أقبل على من حضر من قومه فقال: هذا ما فعلتم بأنفسكم، أحللتموهم بلادكم، فنزلوا منازلكم، وآسيتموهم في أموالكم، وجعلتم أنفسكم أغراضًا للمنايا، فَقُتِلْتُم دونهُ، فَأَيْتَمْتُم أولادَكم، وقللتم وكثروا. والله، لقد ظننتُ أَني سأموت قبل أَن أَسمع جهجاه يهتف بما هتف به. أَمَا والله، لئن رجعنا إلى المدينة لَيُخْرِجَنّ الأَعَزُّ منها الأذَلّ! في كلامٍ له يومئذٍ كثير.
فقام زيد بن أرقم بهذا الحديث كلّه إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبره به، فكَرِهَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، خبرهُ وتغيرَ وجهَهُ، وقال: "ياغلام لعلك غضبتَ عليه!" قال: لا والله، لقد سمعتُهُ منهُ، قال: "لعلَّه أَخطأ سمعك!" قال: لا والله يا نبي الله! قال: "فَلَعَلَّهُ شُبِّهَ عليك!" قال: لا والله لقد سمعته منه يا رسول الله! وشاع الحديث في العسكر، فأقبل رَهْطٌ مِن الأنصار يُؤنِّبُونَ زيدًا ويلومونهُ ويقولون: عمدت إلى سيد قومك تقول عليه ما لم يقل، وقد ظلمتَ وقطعت الرحم! فقال زيدٌ: والله لقد سمعتهُ منهُ! ووالله ما كان في الخزرج رجلٌ أحبّ إِلى أَبِي من عبد الله بن أُبَيّ، ووالله لو سمعتُ هذه المقالة من أَبِي لنقلتها إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وإني لأرجوا أن يُنْزل الله على نبيه تصديق قولي. وجعل زيدٌ يقول: الّلهُم، أَنزل على نبيّك ما يُصدق حديثي! ومشى ابنُ أُبَيّ إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فجعل يحلف بالله ما قلتُ ما قال زيد ولا تكلمتُ به. وكان في القومِ شريفًا فَظَانٌّ يظنُّ أنه قد صدق، وَظَانٌّ يظنُّ بهِ أسوأ الظن، لما كانوا يعرفون من رأيه ونفاقه.
وسار رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، من ساعتهِ راجعًا إلى المدينة، وجعل زيدٌ يعارض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في المسيرَ يُريهُ وجههُ، إذ نزل على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الوحيُ فَسُرِّي عنه، فأخذ بأُذن زيد بن أرقم وهو على راحلته حتى ارتفع من مقعدهِ ويرفع أذنهُ إلى السماء وهو يقول: وَفَتْ أُذُنُك يا غلام، وصدّق الله حَدِيثَك ونزلت في ابن أُبَيّ السورة: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} إلى آخِرها(*).
قال: أخبرنا عُبَيد الله بن موسى، قال: أخبرنا إسرائيل، عن أَبِي إسحاق، عن زيد ابن أرقم قال: كنت مع عَمِّي فسمعتُ عبد الله بن أُبَيِّ بن سَلُول يقول: لأصحابهِ: لا تُنْفِقوا على مَنْ عند رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حتى يَنْفَضُّوا، ولَئِنْ رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ منها الأَذَلّ. فذكرت ذلك لِعَمِّي فذكره للنبي صَلَّى الله عليه وسلم، فدعاني النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فحدثته. فأرسل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إلى عبد الله بن أُبَيّ وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذبني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وصدقهُ، فأصابني همٌّ لم يُصبني مثلهُ قَطّ، وجلست في البيت فقال لي عَمِّي: ما أردتَ إلى أَنْ كَذَّبك النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ومَقتك! فأنزل الله: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ} [سورة المنافقون: 1] فَبَعَثَ إِلَيَّ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، فقرأها عَلَيَّ ثم قال: "إنّ الله قد صَدَّقك"(*).
قال: أخبرنا عُبيد الله بن موسى قال: حدّثنا إسرائيل، عن السُدِّي، عن أبي سعيد الأَزْدِي قال: حدّثنا زَيْد بن أَرْقَم قال: غزونا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان معنا أناسٌ من الأَعْراب، قال: فكُنّا نبتدر الماء، وكان الأعرابُ يسبقوننا، فَيَسبقُ الأَعرابيُّ أصحابَهُ فَيَمْلأُ الحوضَ، ويجعل حولَهُ حجارةً، ويجعل النِّطَع عليه حتى يجيء أصحابهُ قال: فأتى رجلٌ من الأنصار أعرابيًا فَأَرْخَى زِمَام ناقتهِ أن تشرب، فأبى أن يَدَعَه، فانتزع حجرًا ففاض الماء، فرفع الأعرابي خَشَبةً فضرب بها رأس الأنصاري فشجَّهُ، فَأَتَى عبدَ الله بن أُبَيّ رأسَ المنافقين فأخبره وكان من أصحابه، فغضب عبد الله بن أُبَيّ ثم قال: {لَا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا} [سورة المنافقون: 7] يعني الأعرابَ. وكانوا يَحضُرون رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عند الطعام، فقال عبد الله لأصحابه: إذا أنْفَضُّوا مِن عند محمدٍ فَأْتوا محمدًا بالطعام، فليأكل هو ومن عِنْدَه. ثم قال لأصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة فَلْيُخْرِج الأَعَزُّ منكم الأذَلّ. قال زيدٌ. كنتُ رِدْفَ عَمِّي قال: فسمعت عبد الله، وكنا أخوالَهُ فأخبرتُ عَمِّي، فانطلق فأخبر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأرسل إليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فحلف وجَحَد. قال: فَصَدَّقهُ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكَذَّبَنِي. قال: فجاء إِلَيَّ عَمِّي فقال: ما أردتَ إلى أَنْ مقتكَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وَكَذَّبَكَ المسلمون. قال: فوقع عَلَيَّ من الهَمِّ ما لم يقع عَلَى أَحَدٍ قَطّ.
قال: فبينا أنا أسير مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في سفرٍ قد خَفَقْتُ بِرَأْسي من الهَمِّ. إذ أتاني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فَحَرك أذني وضحك في وجهي، فما يسرني بها الخُلد ـــ أو قال: الدنيا ـــ: ثم إن أبا بكر لحقني فقال: ما قال لك رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ فقلت ما قال لي شيئًا إلا أن عَرك أذني وضحِك في وجهي فقال: أبشر ثم لحقني عُمَر فقلت له مثل قولي لأبي بكر. فلما أصبحنا قرأ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سورة المنافقين(*).
قال: أخبرنا الحسن بن موسى وعمرو بن خالد المصري قالا: حدّثنا زُهير، قال: حدّثنا أبو إسحاق أنه سمع زيد بن أرقم يقول: خرجنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في سفر أصابَ الناس فيه شِدّةٌ فقال عبد الله بن أبيّ لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى يَنْفَضُّوا من حوله. قال زهير: وهي في قراءة عبد الله: من حوله. وقال لئن رجعنا إلى المدينة ليُخْرِجَنّ الأَعزُّ منها الأذل. قال فأتيت النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبرته ذلك، فأرسل إلى عبد الله بن أُبَيّ فسأله، فاجْتَهَدَ يَميِنه ما فعل، فقالوا: كذَبَ زيدٌ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم. قال: فوقع في نفسي ممّا قالوا شدةٌ حتى أنزل الله تَصْدِيقِي في: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُون} [سورة المنافقون: 1] قال: ودعاهم النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ليستغفر لهم فَلَوَّوْا رءوسهم(*).
قال: أخبرنا محمد بن عُبَيد، قال: حدّثنا سفيان الثَّوْرِيّ، عن جابر بن حَنْتَمَةَ قال: اشتكى زيدٌ بن أرقم عينَهُ أَوْ عَيْنَيْه فأتاهُ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، يعوده فقال: "أرأيت لو ذهب بَصَرُكَ ما كنت صانعًا؟" قال: كنت أصبر وأحتسب، قال: "إذًا لَلَقِيتَ الله تعالى ولا ذنب لك"(*).
قال: أخبرنا الفَضْل بن دُكَيْن قال: حدّثنا شَرِيك، عن جابر، عن أَبِي نصر، عن أنسٍ قال: دخلت مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم، على زيد بن أرقم وهو يشتكي بصرَهُ، فقال: "كيفَ أنت يا زيد إن كان بَصَرُك لِمَا به؟" قال: إذًا أصبر وأحتسب، قال: "لئن صبرت وأحتسبت لَتَلْقَنَّ الله ليس لك ذنبٌ"(*).
قال: أخبرنا عمرو بن الهَيْثَم أَبُو قَطَن عن يونس بن عَمرو بن عبد الله، عن أبيه، عن زيد بن أَرْقَم قال: أصابني رمدٌ، فعادني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلما بَرَأْتُ قال: "يا زيد، لو كانت عيناك لما بِهما ما كنتَ صانعًا ـــ أو كيف كُنتَ صانعًا؟" قال: كنتُ أحتسب. قال: "إذًا لَلَقِيتَ الله لاَ ذَنْبَ لك"(*).
قال: أخبرنا عفان بن مسلم، وهشام أبو الوليد الطَّيَالِسِيّ قالا: حدّثنا شُعبة، عن عمرو بن مُرّةَ، قال سمعت عبد الرحمن بن أَبِي لَيْلَى قال: كنا إِذَا قُلنا لزيد بن أَرْقَم: حَدِّثْنا، قال: كبرنا ونَسِينا. والحديث ـــ قال عفان: على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، شديدٌ. وقال أبو الوليد: عَنْ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، شديدٌ.
قال: أخبرنا محمد بن عمر، قال: كان زيدٌ بن أرقم يُكنى أبا سعيد. وقال غيره كان يُكنى أبا أُنَيسةَ. وتُوفي بالكوفة زمن المختار بن أَبِي عُبيد سنة ثمان وستين.
(< جـ5/ص 357>)