تسجيل الدخول


سواد بن قارب الدوسي

((سَوَاد بن قَارِب الأَزْدِيّ الدَّوْسِي. قاله ابن الكلبي، وسعيد بن جُبَير، وقال ابن أَبي خيثمة: هو سدوسي من بني سدوس.)) أسد الغابة.
((قال أبو عمر: كان يتكهّن في الجاهليّة، وكان شاعرًا ثم أسلم، وداعَبه عمر يومًا فقال: ما فعلَتْ كهانتك يا سواد‏!‏ فغضب، وقال: ما كنا عليه نحن وأنت يا عمر من جهلنا وكُفْرِنا شَرٌّ من الكهانة، فمالك تعيّرني بشيء تُبْتُ منه، وأرجو من الله العفو عنه. وقد رُوي أنّ عمر إذ قال له وهو خليفة: كيف كهانتك اليوم؟ غضب سواد، وقال: يا أمير المؤمنين، ما قالها إلي أحد قبلك.. فاستحيى عمر، ثم قال‏‏ له: يا سواد، الذي كُنَّا عليه من الشّرك أعظم من كهانتك، ثم سأله عن حديثه في بدء الإسلام وما أتاه به رِئيّه من ظهور رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأخبره أنه أتاه رئيه ثلاث ليالٍ متواليات، وهو فيها كله بين النائم واليقظان، فقال له: قُمْ يا سواد، فاسمع مقالتي، واعقل إن كنت تعقل، قد بُعث رسولٌ من لؤيّ بن غالب يدعو إلى الله وإلى عبادته، وأنشد في كل ليلة من الثّلاث ليال ثلاثة أبيات معناها واحد وقافيتها مختلفة أولها: [السريع]

عَجِبْتُ
لِلْجِنِّ
وَتَطْلَا بِهَا وَشَدِّهَا العِيْسَ بِأَقْتَابِهَا

تَهْوِي إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الهُدَى مَا صَادِقُ الجِنِّ كَكَـذّابِهَا

فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمٍ لَيْسَ
قُدَامَاهَا كَأْذْنَابِهَا

وذكر تمام الخبر، وفي آخر شعره سواد إذْ قدم على النّبي صَلَّى الله عليه وسلم فأنشده ما كان من الجنيّ رئيّه إليه ثلاث ليالٍ متواليات وذكر قوله في ذلك: [الطويل]

أَتَانِي نَجِيي
بَعْدَ هَدْءٍ وَرَقْدَةٍ وَلَمْ يَكُ
فِيمَا
قَدْ بَلَوتُ بِكَاذِبِ

ثَلَاثُ
لَيَالٍ
قَوْلُهُ
كُلَّ
لَيْلَةٍ أَتَاكَ
نَجِيٌّ
مِنْ
لُؤَيِّ بْنِ غَالِبِ

فَرَفَّعْتُ أَذْيَالَ الإِزَارِ وَشَمَّرَتْ بِيَ الفَرَسُ الوَجْنَاءُ
حَوْل السَّبَائِبِ

فَأَشْهَدُ
أَنَّ اللَّهَ
لَا رَبَّ غَيْرهُ وَأَنْتَ
مَأْمُونٌ
عَلَى
كُلِّ غَائِبِ

وَأَنَّكَ
أَدْنَى
المُرْسَلِينَ وَسِيلَةً إِلَى
اللَّهَ يَابنَ
الأَكْرَمِينَ
الأَطَايِبِ

فَمُرْنَا بِمَا يَأْتِيكَ مِنْ وَحْيِ رَبَنَّـا وَإِنْ كَانَ فِيمَا جِئْتَ شَيْبُ الدَّوَائِبِ

وَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لَا ذُو شَفَاعَةٍ بِمُغْنٍ فَتِيلًا
عَنْ
سَوَادِ بْنِ قَارِب)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((قال البخاريّ وأبو حاتم والبَرْدِيجي. والدّارقطني: له صحبة. وروى ابْنُ أَبي خَيْثَمَة، ومحمد بن هارون الرُّوياني في مسنده مِنْ طريق أبي جعفر الباقر، قال: دخلَ رجل يقال له سواد بن قارب الدّوسي على عمر، فقال: يا سواد، نشدتك الله هل تحسن من كهانتك شيئًا اليوم؟ قال: سبحان الله، والله يا أمير المؤمنين ما استقبلتَ أحدًا مِن جلسائك بمثل ما استقبلتني به. فقال: سبحان الله يا سواد، ما كنا عليه مِنْ شركنا أعظم من كهانتك، فحدَّثني حديثَك. قال: إنه لعجب، كنتُ كاهنًا في الجاهليّة، فبينا أنا نائم إذ أتاني نَجيي فضربني برجله، ثم قال: يا سواد بن قارب، اسمع أقل لك. قلت: هات، قال:

عَجِبْــتُ
لِلْجـِـنِّ وَأَرْجَاسِهَا وَرَحْلِهَا العِيْسَ بِأَحْلاَسِهَا

تَهْوَى إِلَى مَكَّةَ تَبْغِي الهُــدَى مَا مُؤْمِنُـوهَا مِثْلُ أَنـْجَاسِهَا

فَارْحَلْ إِلَى الصَّفْوَةِ مِنْ هَاشِمِ وَاسْمُ بَعَيْنَيْـكَ إِلَـى رَأْسِهَا
[السريع]

فذكر الخبر بطوله. وله طريق أخرى أخرجها ابن شاهين، مِنْ طريق الفضل بن عيسى القرشيّ عن العلاء بن زَيـْدَل عن أنس بن مالك، قال: دخل رجل من دَوْس يقال له سواد بن قارب على النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم... فذكر القصّة بطولها، وفي آخرها شعره، وفي آخره:

فَكُنْ لِي شَفِيعًا يَوْمَ لاَذُو شَفَاعَةٍ سِوَاكَ بِمُغْنٍ عَنْ سَوَادِ بْنِ قَارِبِ
[الطويل]

وله طريق ثالثة أخرجها الحسن بن سفيان، من طريق الحسن بن عمارة، عن عبد الله بن عبد الرَّحمن، قال: دخل سَوَاد بن قارب على عمر، فذكر الحديث بطوله. وله طريق رابعة أخرجها البخاريّ في تاريخه، والبغوي والطَّبراني مِنْ طريق عباد بن عبد الصَّمد: سمعت سَعِيد بن جُبير، أخبرني سَوَاد بن قارب، قال: كنت نائمًا... فذكره بطوله، ولم يذكر القصَّة الأخيرة. وله طريق خامسة أخرجها الحسن بن سفيان، وأبو يعلى، والحاكم، والبيهقيّ، والطّبراني مِنْ طريق عثمان بن عبد الرحمن الوقَّاصي، عن محمد بن كعب القُرظي، قال: بينا عمر قاعد في المسجد... فذكره بطوله مثل حديث أبي جعفر وأتمّ منه. وله طريق سادسة أخرجها البيهقيّ في الدّلائل مِنْ طريق أبي إسحاق، عن البراء بن عازب، قال: بينما عمر يخطب إذ قال: أيـُّهَا النَّاسُ، أفيكم سَوَاد بن قارب؟ فذكر القصَّة مُطوّلة. وأصل هذه القصَّة في صحيح البخاريّ مِن طريق سالم عن أبيه، قال: ما سمعت عمر يقول لشيء إني لأظنه إلا كان كما قال ـــ قال: بينما عمر جالس إذ مَرّ به رجل جميل، فقال: لقد أخطأ ظني لو أن هذا على دينه، أو لقد كان كاهنهم على الرجل، فدعا له، فذكر القصَّة مختصرة. قال البَيْهَقِيُّ: يشبه أن يكون هو سَوَاد بن قارب. وقال أَبُو عَلِيُّ القَالِيُّ: خرج خمسة نفر من طييء من ذوي الحجى منهم بُرْج بن مُسْهِر أحدَ المعمّرين، وأنُيف بن حارثة بن لأم، وعبد الله بن سعد والد حاتم، وعارفٌ الشاعر، ومُرّة بن عَبد رُضا، يريدون سوادَ بن قارب ليمتحنوا عِلْمِه فقالوا: ليَخْبأ كلّ منا خبيئًا، ولا يخبر أصحابه، فإن أصابه، عرفنا علمه، وإن أخطأ ارتحلنا عنه، ثم وصلوا إليه، فأهدوا إليه إبلًا وطُرفًا، فضرب عليهم قُبة ونحر لهم، فلما مضت ثلاثة أيام دعاهم فتكلم بُرْج ـــ وكان أسنَّهم ـــ فذكر القصَّة في معرفته بجميع ما خبؤوه، ثم بمعرفته بأعيانهم وأنسابهم، فقال فيه عارف الشاعر:

أَلاَ للهِ عِلــْمٌ لاَ يُجَــارَى إِلَى الغَايَاتِ في حُصْنَي سَوَادِ

كَـأَنَّ خَبِيئَنَـا لَمَّـا انْتَجَيْنـا بِعَيْنَيـهِ
يُصَـرِّحُ
أَوْ
يُنَـادِي
[الوافر])) الإصابة في تمييز الصحابة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال