تسجيل الدخول


عثمان بن عفان الأموي

((عُثْمَانُ بنُ عَفَّان بنِ أَبي العَاصِ بنِ أُمَيَّة بن عَبْدِ شَمْس بن عبد مَنَاف القرشي الأُمَوِي. يجتمع هو ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في "عبد مناف".)) أسد الغابة. ((ذو النّورين: عثمان بن عفان: مشهور بها، والمشهور أن ذلك لكونه تزوَّج ببنتي النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم واحدة بعد أخرى. وروى أبو سَعْد الماليني بإسنادٍ فيه ضعف عن سهل بن سعد، قال: قيل لعثمان ذو النورَيْن لأنه يتنقل من منزل إلى منزل في الجنّة فتبرق له برقتان، فلذلك قيل له ذلك.)) ((عُثيم: بالتصغير. خاطب بها النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم عثمان بن عفان في حديثٍ لعائشة، مِنْ طريق أم كلثوم الحنظلية عنها. قال أَحْمَدُ في أواخر مسند عائشة: حدثنا عبد الصمد، حدثتني فاطمة بنت عبد الرحمن، حدثتني أمي أنها سألت عائشةَ وأرسلها عَمُّها، فقالت: إن أحدَ بنيك يقرئك السلام، ويسألك عن عثمان، فإن الناس قد شتموه. فقالت: لعن الله مَنْ لعنه، فوَالله لقد كان قاعدًا عند رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم وجبرائيل يُوحي إليه، وهو يقول له: "أكتب يا عثيم".(*))) الإصابة في تمييز الصحابة.
((يُكْنَى أبا عبد الله، وأبا عمرو، كُنيتان مشهورتان له.‏ وأبو عمرو أشهرهما‏. قيل‏:‏ إنه وَلَدت له رقيّة ابنة رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ابنًا، فسماه عبد الله، واكتنى به، ومات ثم وُلد له عَمْرو، فاكْتني به إلى أن مات رحمه الله‏.‏ وقد قيل‏: ‏إنه كان يُكْنَى أبا ليلى‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((أبو عمر.))
((ولد بَعْدَ الفيل بست سنين على الصحيح.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((أمّه أرْوَى بنت كُرَيْز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيّ، وأمّها أمّ حَكِيم، وهي البيضاء بنت عبد المطّلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصيّ)) الطبقات الكبير. ((أمه أَرْوَى بنت كُرَيز بن ربيعة بن حبيب بن عَبْد شمس، أسلمت)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((ابن عمة عبد اللّه بن عامر)) أسد الغابة.
((لمّا كان الإسلام وُلد له من رُقيّة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، غلامٌ سمّاه عبد الله واكتنى به فكنّاه المسلمون أبا عبد الله، فبلغ عبد الله ستّ سنين فنقره ديكٌ على عينيه فمرض فمات في جمادى الأولى سنةَ أربع من الهجرة، فصلّى عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ونزل في حُفرته عثمان بن عفّان. وكان لعثمان، رضي الله عنه، من الولد، سِوى عبد الله بن رُقيّة، عبدُ الله الأصغرُ دَرَجَ، وأمّهُ فاختةُ بنت غَزْوان بن جابر بن نُسَيْب بن وُهيب بن زيد بن مالك بن عبد بن عوف بن الحارث بن مازن بن منصور بن عِكْرمَة بن خَصَفَةَ بن قيس بن عيلان، وعمرٌو، وخالدٌ، وأبان، وعمر، ومريم، وأمّهم أمّ عمرو بنت جُنْدب بن عمرو بن حُمَمَةَ بن الحارث بن رفاعة بن سعد بن ثعلبة بن لُؤيّ بن عامر بن غَنْم بن دُهْمان بن مُنْهِب بن دَوْسٍ من الأزْد، والوليد بن عثمانَ، وسعيد، وأمّ سعيد، وأمّهم فاطمة بنت الوَليد بن عبد شمس ابن المُغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وعبدُ الملك بن عثمان دَرَجَ، وأمّه أمّ البنين بنت عُيينةَ بن حِصْن بن حُذَيْفة بن بدر الفَزاريّ، وعائشة بنت عثمان، وأمّ أبان، وأمّ عمرو وأمّهنّ رَمْلَةُ بنت شَيْبَة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصيّ، ومريمُ بنت عثمان، وأمّها نائلة بنت الفُرَافِصَة بن الأحْوَص بن عمرو بن ثعلبة بن الحارث بن حصْن بن ضَمْضَم بن عديّ بن جَنابٍ من كلب، وأمّ البنين بنت عثمان، وأمّها أمّ ولد وهي التي كانت عند عبد الله بن يزيد بن أبي سفيان.)) ((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: وقال غيرُ ابن أبي سَبرة: وَزَوّجَ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، عثمان بن عفّان بعد رُقَيّة أم كلثوم بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فماتت عنده، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لو كان عندي ثالثةٌ زَوّجتُها عثمانَ". (*))) ((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا ابن أبي سَبْرة عن مروان بن أبي سعيد بن المُعَلّى قال: حدّثني الأعرج عن محمّد بن ربيعة بن الحارث قال: كان أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يُوسعون على نسائهم في اللّباس الذي يُصانُ ويُتَجَمّلُ به، ثمّ يقول: رأيتُ على عثمان مطْرَفَ خَزٍّ ثمنَ مائتي درهم، فقال هذا لنائلة كَسَوْتُها إيّاهُ فأنا ألبَسُه أَسُرُّها به.)) الطبقات الكبير. ((أَخبرنا أَحمد بن عثمان بن أَبي علي قال: أَخبرنا أَبو رشيد عبد الكريم بن أَحمد بن منصور، حدثنا أَبو مسعود سليمان بن إِبراهيم بن محمد بن سليمان، أَخبرنا أَبو بكر بن مَرْدُويه الحافظ، أَخبرنا أَبو بكر محمد بن عبد اللّه بن محمد بن أَحمد بن إِسحاق المفسر المقرئ، حدثنا محمد بن إِبراهيم بن مَرْدُويه، حدثنا علي بن أَحمد بن بسطام، أَخبرنا سهل بن عثمان، حدثنا النضر بن منصور العنزي، حدثني أَبو الجنوب عقبة بن علقمة، قال: سمعت علي بن أَبي طالب يقول: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "لو أَن لي أَربعين بنتًا زوجت عثمان واحدة بعد واحدة، حتى لا يبقى منهن واحدة".(*))) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا محمّد بن ربيعة عن أُمّ غُراب عن بُنانة قالت: كان عثمان يَتَنَشّفُ بعد الوضوء. قال: أخبرنا محمّد بن ربيعة عن أُمّ غراب عن بُنانة أنّ عثمان كان يَتَمَطّر. قال: أخبرنا محمّد بن ربيعة عن أُمّ غراب عن بُنانة قالت: كان عثمان إذا اغتسل جئته بثيابه فيقول لي: لا تنظري إلي فإنّه لا يحلّ لك، قالت: وكنتُ امرأته.)) ((قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة قال: أخبرنا سفيان عن عمر بن سعيد قال: كان عثمان بن عفّان إذا وُلد له ولدٌ دعا به وهو في خِرْقَة فيَشَمُّه، فقيل له: لِمَ تَفْعَلُ هذا؟ فقال: إنّي أُحِبّ إنْ أصابه شيءٌ أنْ يكون قد وقع له في قلبي شيءٌ، يعني الحُبّ.)) ((قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: أخبرنا قُرّة بن خالد وسلام بن مسكين قالا: أخبرنا محمّد بن سيرين قال: لمّا أحاطوا بعثمان ودخلوا عليه ليقتلوه قالت امرأته: إنْ تَقْتُلوه أو تَدَعوه فقد كان يُحْيِي اللّيل بركعةٍ يجمع فيها القُرآن.)) الطبقات الكبير.
((أَخبرنا أَبو ياسر بن أَبي حبة بإِسناده إِلى عبد اللّه بن أَحمد: حدثني عثمان بن أَبي شيبة، حدثنا جرير، عن مغيرة، عن أُم موسى قالت: "كان عثمان من أَجمل الناس".)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا محمّد بن ربيعة عن أُمّ غراب عن بُنانة أن عثمان كان أبيض اللّحية.)) ((قال: أخبرنا مَعْن بن عيسى قال: أخبرنا سليمان بن بلال عن جعفر بن محمّد عن أبيه أن عثمان تَخَتّّمَ في اليسار.)) ((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عُتبة بن جَبيرة عن الحُصين بن عبد الرّحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن محمود بن لَبيد: أنّه رأى عثمان بن عفّان على بغلة له، عليه ثوبان أصفران، له غديرتان. قال: أخبرنا يزيد بن هارون ومحمّد بن إسماعيل بن أبي فُديك قالا: أخبرنا ابن أبي ذئب عن عبد الرّحمن بن سعد مولى الأسود بن سفيان قال: رأيتُ عثمان بن عفّان وهو يبني الزّوْراء، على بغلة شهباءَ مُصَفِّرًا لحيته. لم يَقُل ابن أبي فُدَيك على بغلة شهباء وقاله يزيد. قال: أخبرنا خالد بن مَخْلَد قال: حدّثني الحكم بن الصّلْت قال حدّثني أبي قال: رأيت عثمان بن عفّان يخطب وعليه خميصة سوداء وهو مخضوب بحنّاء. قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا شريك بن عبد الله قال: حدّثني شيخ من الحاطبيّين عن أبيه قال: رأيتُ على عثمان قميصًا قوهيًّا على المنبر. قال: أخبرنا هُشَيم بن بشير عن حصين عن عمرو بن جاوان عن الأحنف بن قيس قال: رأيتُ على عثمان بن عفّان مُلاءَة صَفْراء. قال: أخبرنا خالد بن مَخْلَد قال: أخبرنا إسحاق بن يحيَى بن طلحة عن موسى بن طلحة قال: رأيتُ عثمان بن عفّان وعليه ثوبان مُمَصّرَان. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا عبد الله بن محمّد عن ثابت بن عجلان عن سليم أبي عامر قال: رأيتُ على عثمان بن عفّان بردًا يمانيًّا ثمنَ مائة درهم. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا ابن أبي سَبْرة عن مروان بن أبي سعيد بن المُعَلّى قال: حدّثني الأعرج عن محمّد بن ربيعة بن الحارث قال: كان أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يُوسعون على نسائهم في اللّباس الذي يُصانُ ويُتَجَمّلُ به، ثمّ يقول: رأيتُ على عثمان مطْرَفَ خَزٍّ ثمنَ مائتي درهم، فقال هذا لنائلة كَسَوْتُها إيّاهُ فأنا ألبَسُه أَسُرُّها به. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: سألت عمرو بن عبد الله بن عنبسة، وعروَةَ بن خالد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وعبد الرّحمن بن أبي الزناد عن صفَة عثمان فلم أرَ بينهم اختلافًا قالوا: كان رجلًا ليس بالقصير ولا بالطويل، حَسَنَ الوجه، رقيقَ البَشَرَة، كبير اللّحية عظيمها، أسمَرَ اللّون، عظيمَ الكراديس، بعيد ما بين المنكبين، كثير شعر الرأس، يُصَفِّرُ لحيَتَه. قال: أخبرنا مُحَمّد بن عمر قال: أخبرنا واقد بن أبي ياسر أنّ عثمان كان يَشُدّ أسنانَهُ بالذّهب.)) الطبقات الكبير. ((قال الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حدثني محمد بن سلام الجمحي، قال: حدثني أبو المقدام مولى عثمان، قال: بَعث النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم مع رجُلٍ بِلَطَفٍ إلى عثمان، فاحتبس الرجل، فقال له النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم: "مَا حَبَسَكَ؟ ألَا كُنْتَ تَنْظُرُ إِلَى عُثْمانَ وَرُقَيَّةَ تَعْجَبُ مِنْ حُسْنِهِمَا"!(*))) الإصابة في تمييز الصحابة.
((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني محمّد بن صالح عن يزيد بن رومان قال: خرج عثمان بن عفّان وطلحة بن عُبيد الله على أثر الزّبير بن العوّام فدخلا على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فعَرَض عليهما الإسلام وقرأ عليهما القرآن وأنبأهما بحقوق الإسلام ووعدهما الكرامة من الله، فآمنَا وصدّقا فقال عثمان: يا رسول الله قدمتُ حديثًا من الشأم فلمّا كنّا بين مُعانَ والزّرقاء فنحن كالنيام إذا منادٍ ينادينا أيّها النيام هبّوا فإنّ أحمد قد خرج بمكّة، فقدمنا فسمعنا بك. وكان إسلام عثمان قديمًا قبل دخول رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، دار الأرقم.(*) قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني موسى بن محمّد بن إبراهيم بن حارث التيميّ عن أبيه قال: لمّا أسلم عثمان بن عفّان أخذه عمّه الحكَم بن أبي العاص بن أميّة فأوثقه رباطًا وقال: أتَرْغَبُ عن ملّة آبائك إلى دينٍ مُحْدَثٍ؟ والله لا أحُلّكَ أبدًا حتى تَدَعَ ما أنت عليه من هذا الدّين. فقال عثمان: والله لا أدَعُهُ أبدًا ولا أُفارقُه. فلمّا رأى الحكَمُ صَلابته في دينه تركه.)) الطبقات الكبير. ((أَسلم في أَول الإِسلام، دعاه أَبو بكر إِلى الإِسلام فأَسلم، وكان يقول: إِني لرابع أَربعة في الإِسلام. أَخبرنا أَبو جعفر بإِسناده إِلى يونس بن بُكَير عن ابن إِسحاق قال: فلما أَسلم أَبو بكر وأَظهر إِسلامه دعا إِلى الله، عز وجل، ورسوله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان أَبو بكر رجلًا مَأْلَفًا لقومه محببًا سهلًا، وكان أَنسب قريش لقريش، وأَعلم قريش بما كان فيها من خير وشر. وكان رجال قريش يأْتونه ويألفونه لغير واحد من الأَمر، لعلمه وتجاربه وحسن مجالسته، فجعل يدعو إِلى الإِسلام مَنْ وثق به من قومه، مِمَّن يغشاه ويجلس إِليه. فأَسلم على يديه ـــ فيما بلغني ـــ الزبير بن العوام، وعثمان بن عفان، وطلحة بن عُبَيد اللّه ـــ وذكر غيرهم ـــ فانطلقوا ومعهم أَبو بكر حتى أَتوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فعرض عليهم الإِسلام، وقرأَ عليهم القرآن، وأَنبأَهم بحق الإِسلام، فآمنوا، فأَصبحوا مقرين بحق الإِسلام. فكان هؤلاءِ الثمانية الذين سبقوا إِلى الإِسلام، فصلَّوا وصَدَّقوا.)) أسد الغابة. ((كان رَبْعة، حسنَ الوجه، رَقِيق البشرة، عظيم اللحية، بعيد ما بَيْنَ المنكبين. وقد وصف بأَتمّ من هذا في ترجمة خالته سُعْدي. وكذا صفة إسلام عثمان. [[ذكر أَبُو سَعْدٍ النَّيْسَابُورِيُّ في كتاب "شَرَفِ المُصْطَفَى"، مِنْ طريق محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان، وهو الملقب بالديباج، عن أبيه، عن جده؛ قال: كان إسلامُ عثمان أنه قال: كنتُ بفناء الكعبة إذ أتينا، فقيل لنا: إن محمدًا قد أنكح عتبة بن أبي لهب رقية ابنته، وكانت ذات جمال بارع، وكان عثمان مشتهرًا بالنساء، وكان وضيئًا حسنًا جميلًا أبيض مُشربًا صفرة جَعْد الشعر له جُمَّة أسفل من أُذنيه، جَذْل الساقين، طويل الذراعين، أقنى بَيِّن القنا؛ قال عثمان: فلما سمعتُ ذلك دخلتني حسرةٌ ألَّا أكونَ سبقت إليها، فلم ألبث أَن انصرفتُ إلى منزلي، فأصبتُ خالتي قاعدةً مع أهلي؛ قال: وأُمُّه أروى بنت كريز، وأمها البيضاء بنت عبد المطلب، وخالته التي أصابها عند أهله سُعدى بنت كرز، وكانت قد طرقت وتكهنت لقومها؛ قال: فلما رأتني قالت:

أَبْشِرْ وَحُيِّيتُ ثَلَاثًا وِتْرَا ثُمَّ
ثَلَاثًا وَثَلَاثًا أُخْرَى

ثُمَّ بِأُخْرَى كَي تُتِمَّ عَشْرًا لقِيتَ خَيْرًا وَوُقِيتَ شَرَّا

نَكَحْتَ وَاللهِ حَصَانًا زَهْرَا وَأَنْتَ بِكْرٌ وَلِقَيتَ بِكْرَا

[الرجز]

قال: فعجبتُ من قولها، وقلت: يا خالة ما تقولين؟ فقالت:

عُثْمَانُ يَا عُثْمَانُ يَا عُثْمَانُ لَكَ الجَمَالُ وَلَكَ الشَّان

هَذَا نَبِيٌّ مَعَهُ
البُرْهَانُ أَرْسَلَهُ
بِحَقِّهِ
الدَّيَّانُ

وَجَاءَهُ التَّنْزِيلُ
وَالفُرْقَانُ فاتبعه لَا تَغْيا بِكَ الأَوْثَانُ

[الزجر]

فقالت: إن محمد بن عبد الله رسول الله جاء إليه جبريل يدعوه إلى الله، مصباحه مصباح، وقوله صلاح، ودينه فَلَاح، وأَمْرُه نجاح، لِقرْنه نطاح، ذلّت له البطاح، ما ينفع الصياح، لو وقع الرماح، وسلت الصفاح، ومُدَّت الرماح.

ثم انصرفت، ووقع كلامها في قلبي، وبقيت مفكّرًا فيه، وكان لي مجلس من أبي بكر الصديق، فأتيتُه بعد يوم الاثنين، فأصبْتُه في مجلسه، ولا أحد عنده، فجلست إليه، فرآني متفكرًا، فسألني عن أمري ــ وكان رجلًا رقيقًا، فأخبرته بما سمعت من خالتي، فقال لي: ويحك يا عثمان! والله إنكَ لرجل حازم ما يَخْفَى عليك الحقُّ من الباطل؛ هذه الأوثان التي يعبدها قَوْمُك أليست حجارة صُمًّا لا تسمع ولا تبصر، ولا تضر ولا تنفع؟ قلت: بلى، والله؛ إنها لكذلك، قال: والله لقد صدقتكَ خالتك؛ هذا محمد بن عبد الله قد بعثه اللهُ برسالته إلى جميع خَلْقه، فهل لكَ أن تأتيه وتسمع معه؟ فقلت: نعم، فو الله ما كان بأَسرع من أَنْ مَرَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ومعه علي بن أبي طالب يحمل ثوبًا لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلما رآه أبو بكر قام إليه فسارَّه في أُذنه، فجاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقعد ثم أقبل عليّ فقال: "يَا عُثْمَانُ، أَجِبْ اللهَ إِلَى جَنَّتِه،ِ فَإِنّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكَ وَإِلَى جَمِيع خَلْقِهِ"؛ قال: فو الله ما تمالكت حين سمعت قوله أن أَسلمت وشهدتُ أن لا إله إلا الله وَحْدَه لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله، ثم لم ألبث أن تزوّجت رقية، وكان يقال: أَحسن زوجين رآهما إنسان: رُقَية وزوجها عثمان. وفي إسلام عثمان تقول خالته سعدى:

هَدَى اللهُ عُثْمَانَ الصَّفِىَّ بِقَوْلِهِ فَأَرْشَدَهُ
وَاللهُ
يَهْدِي
إِلَى
الحَقِّ

فَتَابَعَ بِالرَّأْيِ السَدِيدِ مُحَمَّدًا وَكَانَ ابْن أَرْوَى لَا يَصُدُّ عَنِ الحَقِّ

وَأَنْكَحَهُ المَبْعُوثُ إِحْدَى بَنَاتِهِ فَكَانَ كَبَدْرٍ مَازَجَ الشَّمْسَ فِي الأُفْقِ

فِدَاؤُكَ يا ابْنَ الهَاشِميينَ مُهْجَتِي فَأَنْتَ أَمِينُ اللهِ أُرْسِلْتَ فِي الخَلْقِ
[الطويل]]] <<من ترجمة سعدى بنت كرز بن ربيعة "الإصابة في تمييز الصحابة".>>.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((قالوا: فكان عثمان ممّن هاجر من مكّة إلى أرض الحبشة الهجرةَ الأولى والهجرة الثانية، ومعه فيهما جميعًا امرأته رُقيّة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنّهما لأوّل من هاجر إلى الله بعد لوط".(*) قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا عبد الجبّار بن عُمارة قال: سمعتُ عبد الله بن أبي بكر بن محمّد بن عمرو بن حزم، قال محمّد بن عمر وأخبرنا موسى بن يعقوب الزّمْعيّ عن محمّد بن جعفر بن الزّبير قالا: لمّا هاجر عثمان من مكّة إلى المدينة نزل على أوْس بن ثابت أخي حَسّان بن ثابت في بني النجّار.)) الطبقات الكبير. ((أَوَّل مَنْ هاجر إلى الحبشة ومعه زَوْجَتُه رُقَية)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((لم يشهد بَدْرًا لتخلُّفه على تمريض زوجته رُقَية ـــ كانت عليلةً فأمره رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بالتخلّف عليها، هكذا ذكره ابن إسحاق‏. وقال غيره‏:‏ بل كان مريضًا به الجدريّ، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم‏: ‏"‏ارْجَع"،‏ وضرب له بسهمه وأَجْره(*)، فهو معدودٌ في البَدْرِيين لذلك، وماتت رُقيَّة في سنة اثنتين من الهجرة حين أتى خَبَر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بما فتح الله عليه يوم بَدْر‏. وأما تخلّفه عن بيعة الرّضوان بالحديبية فلأنَّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم كان وجَّهه إلى مكّة في أمْرٍ لا يقوم به غيره من صُلح قريش، على أنْ يتركوا رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم والعُمْرة، فلما أتاه الخبر الكاذب بأن عثمان قد قُتل جمع أصحابه؛ فدعاهم إلى البيعة، فبايعوه على قتالِ أهل مكّة يومئذ، وبايع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عن عثمان حينئذ بإحدى يديه الأخرى، ثم أتاه الخبر بأنَّ عثمان لم يُقتل، وما كان سبب بَيْعَةِ الرّضوان إلّا ما بلغه صَلَّى الله عليه وسلم من قَتْل عثمان‏.(*) ورَوَيْنا عن ابن عمر أنه قال:‏ يَدُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لعثمان خير من يد عثمان لنفسه‏.‏ فهو أيضًا معدودٌ في أهل الحديبية من أجل ما ذكرناه‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة عن موسى بن سعد مولى أسد بن عبد العُزّى عن يحيَى بن عبد الرّحمن بن حاطب عن أبيه قال سمعته يقول: ما رأيت أحدًا من أصحاب رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم، كان إذا حدّث أتَمّ حديثًا ولا أحسنَ من عثمان بن عفّان، إلاّ أنّه كان رجلًا يهاب الحديث.)) ((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا إسحاق بن يحيَى عن عمّه موسى بن طلحة قال: رأيت عثمان يخرج يومَ الجمعة عليه ثوبان أصفران فيجلس على المنبر فيؤذّّنُ المؤذّنُ وهو يتحدّث يسأل الناسَ عن أسعارهم وعن قُدّامهم وعن مَرْضاهم، ثمّ إذا سكت المؤذن قام يتوكأ على عَصًا عَقْفاء فيخطبُ وهي في يده، ثم يجلس جلسة فيبتدئ كلام النّاس فيسألهم كمسألته الأولى، ثم يقوم فيخطب، ثمّ ينزل ويقيم المؤذّنُ. قال: أخبرنا هشام بن عبد الملك أبو الوليد الطيالسيّ قال: أخبرنا هُشيم قال: أخبرني محمّد بن قيس عن موسى بن طلحة بن عُبيد الله قال: رأيت عثمان بن عفّان والمؤذّن يؤذّن وهو ُيحَدّث النّاسَ، يسألهم ويستخبرهم عن الأسعار والأخبار.)) ((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا واقد بن أبي ياسر عن عُبيد الله بن دارة: أن عثمان كان قد سَلِسَ بَوْلُه عليه فداواه ثمّ أرسله، فكان يتوضأ لكلّ صلاة.)) ((قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا هشام عن محمّد بن سيرين أنّ عثمان كان يُُحيِي الليل فيَخْتِمُ القرآن في ركعة. قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمّد بن عمرو عن محمّد بن إبراهيم عن عبد الرّحمن بن عثمان قال: قُمْتُ خَلْفَ المقام وأنا أريد أن لا يَغْلِبَني عليه أحَدٌ تلك الليلةَ، فإذا رجلٌ يَغْمِزُني فلم ألتفت، ثمّ غَمَزَني فنظرت فإذا عثمان بن عفّان فتنحّيْتُ فتقدّم فقرأ القُرآنَ في ركعةٍ ثمّ انصرف. قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير عن عاصم الأحول عن ابن سيرين قال: قالت امرأة عثمان حين قُتل عثمان: لقد قتلتموه وإنّه ليُحْيِي الليلَ كلّه بالقُرآن في ركعة. قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير عن قيس عن أبي إسحاق عن رجل قد سمّاه قال: رأيتُ رجلًا طيّب الريح نظيف الثوب قائمًا إلى دُبُرِ الكعبة يصلّي وغلامٌ خلفَه، كلّما تَعايا فَتَحَ عليه، فقلت: من هذا؟ فقالوا: عثمان. قال: أخبرنا يوسف بن الغَرِق قال: أخبرنا خالد بن بُكَير عن عطاء بن أبي رَباح أنّ عثمان بن عفّان صلّى بالنّاس ثمّ قام خلف المقام فجمع كتابَ الله في ركعة كانت وِتْرَةً فسُمّيت البُتَيْرَاءَ.)) الطبقات الكبير. ((أَخبرنا الخطيب أَبو الفضل عبد اللّه بن أَبي نصر قال: أَخبرنا نصر بن أَحمد أَبو الخطاب إِجازة إِن لم يكن سماعًا، أَخبرنا أَحمد بن طلحة بن هارون، أَخبرنا أَحمد بن سليمان، حدثنا يحيى بن جعفر، حدثنا علي بن عاصم، حدثني عثمان بن غِيَاث، حدثني أَبو عثمان النَّهْدي، عن أَبي موسى الأَشعري قال: كنت مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في حديقة بني فلان، والباب علينا مغلق، إِذ استفتح رجل فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "يا عبد اللّه بن قيس، قم فافتح له الباب، وبشره بالجنة". فقمت ففتحت الباب، فإِذا أَنا بأَبي بكر الصديق، فأَخبرته بما قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فحمد الله، ودخل، فسلم وقعد، ثمّ أَغلقت الباب فجعل النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم يَنْكُت بِعُود في الأَرض، فاستفتح آخر. فقال: "يا عبد اللّه بن قَيْس، قم فافتح له الباب وبَشِّرْه بالجنة". فقمت ففتحت، فإِذا أَنا بعمر بن الخطاب، فأَخبرته بما قال النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فحَمِد الله، ودخل، فسلم وقعد. وأَغلقت الباب فجعل النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم ينكُت بذلك العودِ في الأَرض إِذا استفتح الثالثُ البابَ، فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "يَا عَبْدُ الْلَّهِ بْنَ قَيْسٍ، قُمْ، فَافْتَحِ الْبَابَ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ عَلَى بَلْوَى تَكُوْنُ". فقمت ففتحت الباب، فإِذا أَنا بعثمان بن عفَّان، فأَخبرته بما قال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: الله المُسْتَعان وعليه التكْلاَن. ثمّ دخل فسلَّم وقعد(*) أخرجه البخاري في الصحيح 9/ 69 كتاب الفتن، 5/ 10، 11 كتاب فضائل الصحابة وأخرجه مسلم في الصحيح 4/ 1866 كتاب فضائل الصحابة (44) باب (3) حديث رقم (28/ 2403) وأخرجه الترمذي في السنن 5/ 589 كتاب المناقب (50) باب (19) حديث رقم 3710وأحمد في المسند 3/ 393، 406.. أَخبرنا أَبو منصور بن مكارم، أَخبرنا أَبو القاسم نصر بن أَحمد بن صفوان، أَخبرنا أَبو الحسن علي بن أَحمد بن السراج، أَخبرنا أَبو طاهر هبة الله بن إِبراهيم بن أَنس، أَخبرنا أَبوالحسن علي بن عبيد اللّه بن طوق، أَخبرنا أَبو جابر زيد بن عبد العزيز بن حيان، حدثنا محمد بن عبد اللّه بن عمّار، حدثنا المعافى بن عمران، عن شُعْبَة بن الحجاج، عن الحر بن الصياح قال: سمعت عبيد اللّه بن الأَخنس قال: قدم سعيد بن زيد ـــ هو ابن عمرو بن نفيل ـــ فقال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَبو بكر في الجنة، وعمر في الجنة، وعثمان في الجنة، وعلي في الجنة، وطلحة في الجنة، والزبير في الجنة، وعبد الرحمن بن عوف في الجنة، وسعد في الجنة"، والآخر لو شئت سميته، ثمّ سمى نفسه".(*))) أسد الغابة. ((قال سهل بن سعد:‏ ارتجّ أُحُد، وكان عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر، وعثمان، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم‏:‏ "‏اثْبُتْ، فَإِنَّمَا عَلَيْكَ نَبِيٌّ وَصِدِّيقٌ وَشَهِيدَانِ"(*) أخرجه ابن ماجة في السنن حديث رقم 134، وأحمد في المسند 3/ 112، والبيهقي في الدلائل 6/ 350، 351، والخطيب في التاريخ 5/ 365، والطبراني في الكبير 11/ 259.. وهو أحَد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستَّة الذين جعل عُمرُ فيهم الشّورى، وأخبر أَنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم تُوفيِّ وهو عنهم رَاضٍ. روى يحيى بن سعيد، وعُبيد الله بن عمر، وعبد العزيز بن أبي سلمة، عن نافع، عن ابن عمر، قال‏:‏ كنّا نقول على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم‏:‏ أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم سكت؛ فقيل‏:‏ هذا في التفّضيل‏.‏ وقيل في الخلافة‏.‏ وقيل للمهلب بن أبي صفرة‏: لم قيل لعثمان ذا النُّورَين؟ قال: لأنه لم يُعلم أنّ أحدًا أُرسل سترًا على ابنتي نبيّ غيره‏. وقال ابن مسعود ـــ حين بويع بالخلافة:‏ بايعنا خَيْرنا ولم نألُ.‏ وقال عليّ بن أبي طالب‏: كان عثمان أوْصلنا للرّحم، وكان من الذين آمنوا ثم اتَّقوا وأحسنوا والله يحبُّ المحسنين‏. واشترى عُثمان رضي الله عنه بئر رُومة، وكانت رَكِيَّة ليهوديّ يبيع المسلمين ماءَها، فقال رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏مَنْ يَشْتَرِي رُومَةَ فَيَجْعَلَهَا لِلْمُسْلِمينَ يَضْرِبُ بِدَلْوِهِ فِي دِلَائِهِمْ، وَلَهُ بِهَا مَشْرَبٌ فِي الْجَنَّةِ‏" ‏‏أخرجه الترمذي في السنن 3703، والنسائي في السنن 6/ 235، وابن خزيمة في صحيحه حديث رقم 2492، والدارقطني في السنن 4/ 197، وذكره الهندي في كنز العمال حديث رقم (36231). . فأتى عثمانُ اليهوديَّ فساومه بها، فأبى أن يبيعها كلَّها، فاشترى نصفَها باثني عشر ألف درهم‏. فجعله للمسلمين، فقال له عثمان رضي الله عنه:‏ إن شئْتَ جعلت على نصيبي قرنين، وإن شئت فلي يوم ولك يوم‏.‏ قال:‏ بل لك يوم ولي يوم‏.‏ فكان إذا كان يوم عثمان استقى المسلمون ما يكفيهم يومين؛ فلما رأى ذلك اليهوديّ قال:‏‏ أفسدتَ عليّ رَكِيَّتي، فاشتر النّصف الآخر، فاشتراه بثمانية آلاف درهم‏.(*) وقال: رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:‏‏ ‏"‏مَنْ يَزِيدُ فِي مَسْجِدِنَا‏"‏‏؛‏ فاشترى عُثمان رضي الله عنه موضع خمس سَوَارِ، فزاده في المَسجد‏.‏(*) وجَهَّزَ جيشَ العُسْرَة بتسعمائة وخمسين بعيرًا، وأتمّ الألف بخمسين فرسًا، وجيشُ العُسْرَة كان في غَزْوَةِ تَبُوك. وذكر أسد بن موسى، قال:‏ حدّثني أبو هلال الرّاسبي، قال:‏‏ حدّثنا قتادة، قال:‏‏ حَمل عثمان في جيش العُسرَةِ على ألف بعير وسبعين فرسًا‏.)) ((روى سفيان بن عُيينة، عن مسعر، عن عَبْد الملك بن عُمير، عن موسى بن طلحة، قال:‏‏ أتينا عائشة رضي الله عنها نسألها عن عثمان؛ فقالت:‏ ‏ اجلسوا أحدِّثْكم عما جئتم له‏:‏ إنّا عَتَبْنا على عثمان رضي الله عنه في ثلاث خلال ـــ ولم تذكرهن ـــ فعمدوا إليه حتى إذا ماصُوه كما يُمَاص الثّوبُ بالصّابون اقتحموا عليه الفِقُرَ الثّلاثة‏: ‏حُرمة البلد الحرام، والشّهر الحرام، وحرمة الخلافة، ولقد قتلوه وإنه لمن أوصلهم للرّحم وأتقاهم لربه‏.)) ((قال:‏ وحدّثنا ضمرة، عن السّدّي، عن السّري بن يحيى، عن ابن سيرين؛ قال:‏ كَثر المالُ في زمن عثمان حتى بيعت جاريةٌ بوَزْنها، وفرس بمائة ألف درهم، ونخلة بألف درهم. قال:‏ ‏وحدّثنا حماد بن زيد، عن يحيى بن سعيد، عن سالم، عن ابن عمر، قال:‏ لقد عتبوا على عثمان أشياء، ولو فعلها عمر ما عتبوا عليه‏. قال:‏ وحدّثنا حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، عن جدّه علقمة بن وقّاص أنَّ عمرو بن العاص قام إلى عُثمان وهو يخطب النّاس فقال:‏ يا عثمان، إنك قد ركبتَ بالنّاس المَهَامة وركبوها منك؛ فتبْ إلى الله عَزّ وجل ولْيَتُوبوا‏. قال:‏ فالتفت إليه عثمان، فقال:‏ ‏وإنك لَهُناك يا ابن النّابغة! ثم رفع يديه واستقبل القبلة وقال:‏‏ أتوب إلى الله، اللّهُمّ إِنِّي أول تَائِبٍ إليك‏. وحدّثنا مبارك بن فضالة، قال:‏‏ سمعْتُ الحسن يقول‏:‏ سمعتُ عثمان يخطب وهو يقول:‏ يأيها النّاس، ما تنقمون عليّ! وما من يوم إلا وأنتم تقسمون فيه خيرًا. قال الحسن‏:‏ وشهدت مناديًا ينادي‏: يَا أَيُّها النّاس، اغدوا على أعطياتكم، فيغدون ويأخذونها وافية‏. يا أيها النّاس، اغدوا على أرزاقكم فيأخذونها وافية، حتى والله سمعَتْهُ أذناي يقول: اغدُوا على كسواتكم فيأخذون الحلل.‏ واغدوا على السّمن والعسل‏.‏ قال الحسن‏: أرزاق دارَّةٌ وخير كثير، وذات بَيْن حسن، ما على الأرض مؤمن إلا يوده وينصره ويألفه، فلو صبر الأنصار على الأثرة لوَسِعَهُم ما كانوا فيه من العطاء والرّزق، ولكنهم لم يصبروا، وسلُّوا السّيفَ مع مَنْ سلَّ، فصار عن الكفار مُغْمَدًا، وعلى المسلمين مسلولًا إلى يوم القيامة‏.)) ((كان يصوم الدّهر‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله عن الزّهريّ عن عُبيد الله بن عبد الله بن عتْبة قال: لمّا أقطع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، الدّورَ بالمدينة خَطّ لعثمان بن عفّان دارَه اليومَ، ويقال إنّ الخوخة التي في دار عثمان اليوم وجَاهَ باب النّبيّ الذي كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يخرج منه إذا دخل بيت عثمان. (*) قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني موسى بن محمّد بن إبراهيم عن أبيه قال: آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بين عثمان بن عفّان وعبد الرّحمن بن عوف، وآخى بين عثمان وأوْس بن ثابت أبي شدّاد بن أوْس، ويُقال أبي عُبادة سعد بن عثمان الزُّرَقيّ. (*))) الطبقات الكبير. ((حدّثنا عبد الرّحمن بن يحيى، حدّثنا أحمد بن سعيد، حدّثنا أحمد بن إسحاق بن إبراهيم بن النعمان، حدّثنا محمد بن علي بن مروان، حدّثنا موسى بن إسماعيل، حدّثنا حماد بن سلمة، حدّثنا علي بن زيد بن جدعان، قال لي سعيد بن المسيّب: انظر إلى وَجْه هذا الرّجل؛ فنظرتُ فإذا هو مسوَدّ الوجه، فقال: سَلْه عن أمره.فقلت: حسبي أنت، حَدّثني. قال: إن هذا كان يسبُّ عليًا وعَثمان رضي الله عنهما، فكنت أنهاه فلا ينتهي؛ وقلت: اللّهُم هَذا يسبُّ رجلين قد سبق لهما ما تعلم. اللّهم إنْ كان يُسْخِطك ما يقول فيهما فأرني به آية، فاسودَّ وَجْههُ كما ترى. أخبرنا عبد الله بن محمد، قال: حدّثنا إسماعيل بن محمد، قال: حدّثنا إسماعيل بن إسحاق. قال: حدّثنا علي بن المدِيني، قال: حدّثنا المعتمر بن سليمان، قال: سمعتُ حُميدًا الطّويل قال: قيل لأنس بن مالك: إنّ حُبّ علي وعثمان رضي الله عنهما لا يجتمعان في قلبٍ أحدٍ. فقال أنس رضي الله عنه: كَذَبوا والله، لقد اجتمع حُبّهما في قلوبنا.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((أَخبرنا أَحمد بن عثمان بن أَبي علي، أَخبرنا أَبو رشيد بن عبد الكريم بن أَحمد بن منصور، أَحبرنا أَبو مسعود سليمان بن إِبراهيم بن محمد بن سليمان، أَخبرنا أَبو بكر بن مَرْدُويه، حدثنا أَحمد بن عبد اللّه بن أَحمد، حدثنا محمد بن أَحمد بن الحسن، حدثنا بشر بن موسى، حدثنا سعيد بن منصور، حدثنا أَبو الأَحوص، عن أَبي إِبراهيم الأَسدي، عن الأَوزاعي، عن حسان بن عَطِيَّة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "غَفَرَ الله لَكَ يَا عُثْمَانُ مَا قَدَّمْتَ وَمَا أَخَّرْتَ، وَمَا أَسْرَرْتَ وَمَا أَعْلَنْتَ، وَمَا هُوَ كَائِنٌ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".(*))) ((أَخبرنا أَبو البركات الحسن بن محمد بن هبة الله الشافعي الدمشقي، أَخبرنا أَبو العشائر محمد بن خليل القيسي، أَخبرنا أَبو القاسم علي بن محمد بن علي المِصِّيصي، أَخبرنا أَبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم، حدَّثنا أَبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حَيْدَرة الأَطْرَابلسي، حدثنا أَبو الحسن أَحمد بن عبد اللّه بن محمد بن سليمان البنا بصنعاءَ، حدثنا إِبراهيم بن أَحمد اليمامي، حدثنا يزيد بن أَبي حكيم، حدثنا سفيان الثوري، عن الكلبي، عن أَبي صالح، عن ابن عباس في هذه الآية: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ}، قال: نزلت في عشرة: أَبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وطلحة، والزُّبير، وسعد، وعبد الرحمن بن عوف، وسعيد بن زيد، وعبد اللّه بن مسعود.(*) أَخبرنا أَبو محمد الحسن بن علي بن أَبي القاسم الحسين بن الحسن الأَسدي، أَخبرنا جدي أَبو القاسم قال: قرأْت على أَبي القاسم علي بن محمد المِصِّيصي، أَخبرنا أَبو نصر محمد بن أَحمد بن هارون بن موسى بن عبد اللّه الغساني، أَخبرنا أَبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة، حدثنا هلال بن العلاءِ، حدثنا أَبي وعبد اللّه بن جعفرقالا: حدثنا عبيد اللّه بن عَمْرو عن زيد بن أَبي أُنيسة، عن إِسماعيل بن أَبي خالد، عن قيس بن أَبي حازم، قال: حدثنا أَبوسهلة مولى عثمان قال: قلت لعثمان يوم الدار: قَاتِلْ يا أَمير المؤمنين! وقال عبد اللّه: قَاتِلْ يا أَمير المؤمنين! قال: لا، والله لا أُقاتل، وعدني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَمرًا، فأَنا صائر أخرجه ابن ماجة في السنن 1/ 42 في المقدمة باب فضل عثمان رضي الله عنه حديث رقم 113. إِليه. قال: وحدَّثنا هلال، حدثنا أَبي، حدثنا إِسحاق الأَزرق، حدثنا أَبو سفيان، عن الضَّحَّاك بن مُزَاحم، عن النَّزَّال بن سَبْرَة الهِلاَلي قال: قلنا لعلي: يا أَمير المؤْمنين، فحدثنا عن عثمان بن عفَّان، فقال: ذاك امرؤُ يدعى في الملأَ الأَعلى ذا النورين، كان خَتَنَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على ابنتيه، ضَمِنَ له بيْتًا في الجنة. أَخبرنا إِسماعيل بن عبيد وإِبراهيم بن محمد وغيرهما بإِسنادهم إِلى محمد بن عيسى قال: حدَّثنا أَبو هِشَام الرِّفَاعِي، حدثنا يحيى بن اليمان، عن شيخ بن بني زُهْرة، عن الحارث بن عبد الرحمن بن أَبي ذُبَاب، عن طلحة بن عُبَيْدِ اللّه قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لِكُلِّ نَبِيٍّ رَفِيْقٌ، وَرَفِيْقِي ـــ يَعْنِي فِي الْجَنَّةِ ـــ عُثْمَانُ" (*)أخرجه الترمذي في السنن 5/ 583 كتاب المناقب (50) باب (19) حديث رقم 3698 وأخرجه أحمد في المسند 1/ 74 وابن ماجة في السنن 1/ 40 من المقدمة حديث رقم 109 عن أبي هريرة.. قال: وحدثنا محمد بن عيسى، حدثنا أَبو زُرْعَة، حدثنا الحسن بن بِشْر، حدثنا الحَكَم بن عبد الملك، عن قَتَادة، عن أَنس بن مالك قال: "لمّا أُمِرَ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم ببيعة الرضوان، كان عثمان بنُ عفَّان رسولَ رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم إِلى أَهل مكة قال: فبايع الناس، قال فقال رَسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إِنَّ عُثْمَانَ فِي حَاجَةِ الله وَحَاجَةِ رَسُوْلِهِ"، فَضَرَبَ بِإِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الْأُخْرَى فَكَانَتْ يَدُ رَسُوْلِ الله صَلَّى الله عليه وسلم لِعُثْمَانَ خَيْرًا مِنْ أَيْدِيْهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ" أخرجه الترمذي في السنن 5/ 585 كتاب المناقب (50) باب (19) حديث رقم 3702 وقال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح غريب.. قـال: وحدَّثنا محمد بن عيسى، حدثنا محمد بن بَشَّار، حدَّثنا عبد الوهَّاب الثَّقَفِيّ، حدَّثنا أَيوب، عن أَبي قِلابة، عن أَبي الأَشْعَث الصنانعي: أَنَّ خُطَبَاءَ قامت في الشام، فيهم رجال من أَصحاب النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقام آخِرَهم رجُلٌ يقال له: مُرَّة بن كعب، فقال: لو لا حديث سمعته من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ما قُمْت، وذكر الفِتَنَ فقَرَّبَها، فَمَرَّ رجل مُقَنَّعٌ في ثوب، فقال: هذا يومئذ على الهدى، فقمت إِليه، فإِذا هو عثمان بن عفَّان، فأَقبلت عليه بوجهه، فقلت: هذا؟ أخرجه أحمد في المسند 4/ 235، 236، 242، 243 وابن ماجة في السنن 1/ 41، في المقدمة فضل عثمان رضي الله عنه حديث رقم (111). قال: نعم. وروي نحو هذا عن ابن عمر. قال: وحدَّثنا محمد بن عيسى، حدَّثنا أَحمد بن إِبراهيم الدَّوْرَقي، حدَّثنا العَلاءُ بن عبد الجبّار العطار، حدَّثنا الحارث بن عُمَيْر، عن عُبَيْد اللّه بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر قال: كنا نقولُ ورسُولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم حَيٌّ: أَبو بكر، وعمر، وعثمان. فقيل: في التفضيل، وقيل: في الخلافة.)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا أبو أُسامة حمّاد بن أُسامة عن عليّ بن مَسْعَدَة عن عبد الله الرومي قال: كان عثمان يَلي وضوءَ اللّيل بنفسه، قال فقيل له: لو أمَرْتَ بعضَ الخَدَم فَكَفَوْكَ، فقال: لا، اللّيلُ لهم يستريحون فيه. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا وُهيب بن خالد قال: أخبرنا خالد الحذّاء عن أبي قلابة عن أنس بن مالك عن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "أصْدَقُ أُمّتي حَياءً عثمانُ". (*) قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا سُليم بن أخضر قال: حدّثني ابن عون عن محمّد قال: كان أعلمهم بالمناسك ابن عفّان، وبعده ابن عمر. قال: أخبرنا رَوْح بن عبادة وعفّان بن مسلم قالا: أخبرنا حَمّاد بن سَلَمَةَ قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خُثَيم عن إبراهيم عن عكرمة عن ابن عبّاس في قوله: {هَلْ يَسْتَوِي هُوَ وَمَنْ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَهُوَ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [النحل: 76]، قال: عثمان ابن عفّان. قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا وهيب بن خالد عن يونس بن عُبيد عن الحسن قال: رأيت عثمان ينام في المسجد متوسّدًا رداءَه. قال: أخبرنا أحمد بن محمّد بن الوليد الأزرقيّ قال: أخبرنا مسلم بن خالد الزّنْجي قال: حدّثني عبد الرّحيم عن هشام بن عروة عن أبيه أنّ عثمان بن عفّان لم يَتَشَهّد في وصيّته. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا عمرو بن عثمان بن هانئ عن عُبيد الله بن دارة قال: كان عثمان رجلًا تاجرًا في الجاهليّة والإسلام وكان يدفع ماله قراضًا. قال: أخبرنا محمّد بن عمر وشِبْل بن العلاء عن العلاء بن عبد الرّحمن عن أبيه أن عثمان دفع إليه مالًا مضاربةً على النصف.)) الطبقات الكبير.
((روى عثمان عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وعن أبي بكر، وعُمر. روى عنه أولاده: عمرو، وأَبان، وسعيد؛ وابن عمه مروان بن الحكم بن أبي العاص؛ ومن الصحابة ابْنُ مسعود، وابْنُ عمر، وابن عباس، وابن الزبير، وزيد بن ثابت، وعمران ابن حُصَين، وأبو هريرة، وغيرهم. ومن التابعين: الأحنف، و عبد الرحمن بن أبي ضمرة، و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وسعيد بن المسَيّب، وأبو وائل، وأبو عبد الرحمن السلمي، ومحمد بن الحنفية، وآخرون.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((أَخبرنا أَبو ياسر بإِسناده عن عبد اللّه بن أَحمد، حدثني أَبي، حدثني أَبو قطن، حدثنا يونس، ـــ يعني ابن أَبي إِسحاق ـــ عن أَبيه، عن أَبي سلمة بن عبد الرحمن قال: "أَشرف عثمان من القصر وهو محصور، فقال: أَنْشُدُ بالله من سمع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم حراء إِذ اهتز الجبل فركله برجله، ثم قال: "اسكن حراءُ، ليس عليك إِلا نبي أَو صديق أَو شهيد"، وأَنا معه، فانتشد له رجال، ثم قال: أَنشد بالله من شهد رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان إِذ بعثني إِلى المشركين إِلى أَهل مكة، قال: "هذه يدي وهذه يد عثمان"، فبايع لي. فأَنتشد له رجال، قال: أَنْشُدُ بالله من شهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: "من يوسع لنا هذا البيت في المسجد ببيت له في الجنة؟" فابتعته من مالي فوسعت به في المسجد. فانتشد له رجال، ثم قال: وأَنشد بالله من شهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم جيش العُسْرة، قال: "من ينفق اليوم نفقه متقبلة؟" فجهزت نصف الجيش من مالي. فانتشد له رجال. قال: وأَنشد بالله من شهد "رُومَة" يباع. ماؤُها من ابن السبيل، فابتعتها من مالي فأَبحتها ابنَ السبيل. فانتشد له رجال" أخرجه أحمد في المسند 1/ 59. قال: وحدثنا عـبد اللّه، حدثنا أَبي، حدثنا عبد الصمد، حدثنا القاسم ـــ يعني ابن الفضل ـــ حدثنا عمرو بن مُرَّة، عن سالم بن أَبي الجَعْد قال: دعا عثمان ناسًا من أَصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيهم عمَّار بن ياسر، فقال: إِني سائلكم، وإِني أُحب أَن تَصْدُقُونِي، نَشَدْتُكم بالله أَتعلمون أَن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كان يُؤثِر قريشًا على سائر الناس، ويؤثر بني [[هاشم]] على سائر قريش؟ فسكت القوم، فقال عثمان: لو أَن بيدي مفاتيحَ الجنة لأَعطيتها بني أُمية حتى يدخلوا من عند آخرهم، فبعث إِلى طلحة والزبير، فقال عثمان: أَلا أُحدثكما عنه ـــ يعني عمارًا ـــ أَقبلت مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو آخذ بيدي، نتمشى في البَطْحَاءِ، حتى أَتى على أَبيه وأُمه يعذبون، فقال أَبو عمار: يا رسول الله، الدَّهْرَ هكذا؟ فقال له النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "اصْبُرْ، ثُمَّ قَالَ: الْلَّهُمَّ اغْفِرْ لِآلِ يَاسِرٍ، وَقَدْ فَعَلْتَ"(*) أخرجه أحمد في المسند 1/ 62. قال: وحدثنا أَبي، حدثنا حجاج، حدثنا لَيْثٌ، حدثني عُقَيْل، عن ابن شهاب، عن يحيى بن سعيد بن العاص: أَن سعيد بن العاص أَخبره: أَن عائشة زوج النبي صَلَّى الله عليه وسلم وعثمان حدثاه: أَن أَبا بكر استأْذن على النبي صَلَّى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه، لابسٌ مِرْطَ عائشة، فأَذن له وهو كذلك، فقضى إِليه حاجته ثم انصرف، ثم استأْذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال، فقضى إِليه حاجته ثم انصرف، قال عثمان: ثم استأْذنتُ عليه فجلس وقال لعائشة: "اجمعي عليك ثيابك". فقضيت إِليه حاجتي ثم انصرفت ـــ قالت عائشة: يا رسول الله، لم أَرك فزعت لأَبي بكر ولا عمر كما فزعت لعثمان؟ قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إِنَّ عُثْمَانَ رَجُلٌ حَيِيٌّ، وَإِنِّي خَشِيْتُ إِنْ أَذِنْتُ لَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ أَنْ لاَ يَبْلُغَ إِلَى حَاجَتِهِ" ـــ وقال الليث: قال جماعة الناس: "أَلاَ أَسْتَحِيي مِمَّنْ تَسْتَحِيَ مِنْهُ الْمَلَائِكَةِ"(*) أخرجه أحمد في المسند 1/71، 6/155..)) أسد الغابة.
((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني إبراهيم بن جعفر عن أُمّ الربيع بنت عبد الرّحمن بن محمّد بن مَسْلَمَة عن أبيها قال: وأخبرنا محمّدبن عُمر قال: حدّثني يحيَى بن عبد العزيز عن جعفر بن محمود، عن محمّد بن مسلمة قال: وأخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني ابن جُرَيج وداود بن عبد الرّحمن العطّار عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله أنّ المصريّين لمّا أقبلوا من مصر يريدون عثمان ونزلوا بذي خُشُب دعا عثمان محمّد بن مسلمة فقال: اذْهَبْ إليهم فارْدُدْهُمْ عني وأعطِهم الرضى وأخبرهم أني فاعلٌ بالأمور التي طلبوا ونازعٌ عن كذا بالأمور التي تكلّموا فيها. فركب محمّد بن مَسْلَمَة إليهم إلى ذي خُشُب، قال جابر وأرسل معه عثمان خمسين راكبًا من الأنصار أنا فيهم، وكان رؤساؤهم أربعة: عبد الرّحمن بن عُدَيس البَلَويّ، وسودان بن حُمْران المرادي، وابن البَيّاع، وعمرو ابن الحَمِق الخُزاعي، لقد كان الاسم غلب حتى يقال: جيش عمرو بن الحمق. فأتاهم محمّد بن مسلمة فقال: إنّ أمير المؤمنين يقول كذا ويقول كذا، وأخْبرهم بقوله فلم يزل بهم حتّى رجعوا، فلمّا كانوا بالبُويب رَأوا جملًا عليه ميسمُ الصدقة فأخذوه فإذا غلامٌ لعثمان فأخذوا متاعَه ففتشوه فوجدوا فيه قَصَبَةً من رَصاص فيها كتاب في جوف الإدَاوَة في الماء: إلى عبد الله بن سعد أن افْعَلْ بفُلان كذا وبفلان كذا من القوم الذين شرعوا في عثمان، فَرَجَعَ القومُ ثانيةً حتى نزلوا بذي خُشُب فأرسل عثمان إلى محمّد بن مسلمة فقال: "اخْرجْ فارْدُدْهم عني، فقال: لا أفعلُ، قال فقدموا فحصروا عثمان. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عبد الله بن الحارث بن الفُضيل عن أبيه عن سفيان بن أبي العوجاء قال: أنكر عثمان أنْ يكون كتَبَ الكتاب أو أرسل ذلك الرسولَ، وقال: فُعِلَ ذلك دوني.)) ((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عمرو بن عبد الله بن عَنْبسة بن عمرو بن عثمان قال: حدّثني محمّد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن ابن لبيبة أنّ عثمان بن عفّان لمّا حُصِرَ أشرفَ عليهم من كُوّةٍ في الطَّمار فقال: أفيكم طَلحة؟ قالوا: نعم، قال: أَنْشُدك الله هل تعلم أنّه لمّا آخى رسولُ الله بين المهاجرين والأنصار آخى بيني وبين نفسه؟ فقال طلحة: اللّهمّ نعم، فقيل لطلحة في ذلك فقال: نَشَدَني، وأمْرٌ رأيْتُهُ ألا أشْهَدُ به؟.(*) قال: أخبرنا محمّد بن يزيد الواسطيّ ويزيد بن هارون قالا: أخبرنا العَوّام بن حَوْشَب عن حَبيب بن أبي ثابت عن أبي جعفر محمّد بن عليّ قال: بعث عثمان إلى عليّ يدعوه وهو محصور في الدار فأراد أن يأتيَه، فتعلَّقوا به ومنعوه، قال فحلّ عمامةً سوداءَ على رأسه وقال هذا أو قال: اللّهمّ لا أرضى قتله ولا آمر به، والله لا أرضى قتله ولا آمر به. قال: أخبرنا كثير بن هشام عن جعفر بن بُرْقان قال: حدّثني راشد بن كَيْسان أبو فَزارة العبْسيّ أنّ عثمان بعث إلى عليّ وهو محصور في الدار أن ائْتِني، فقام عليّ ليأتِيَه، فقام بعض أهل عليّ حتّى حبسه وقال: ألا ترى إلى ما بين يديك من الكتائب؟ لا تَخْلُصُ إليه، وعلى عليّ عمامةٌ سوداءُ فنَقَضَها على رأسه ثمّ رمى بها إلى رسول عثمان وقال: أخْبِرْهُ بالذي قد رأيت. ثمّ خرج عليّ من المسجد حتى انتهى إلى أحجار الزيت في سوق المدينة فأتاه قتله فقال: اللّهمّ إنّي أبرأ إليك من دَمِه أن أكون قتلتُ أو مالأتُ على قتله. قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: أخبرنا جعفر بن بُرْقان قال: أخبرنا ميمون بن مِهران قال: لمّا حوصر عثمان بن عفّان في الدّار بعث رجلًا فقال: سَلْ وانْظر ما يقول النّاس، قال: سمعتُ بعضهم يقول قد حَلّ دَمُه، فقال عثمان: ما يحلّ دمُ امرئٍ مسلم إلا رجل كَفَرَ بعد إيمانه أو زَنَى بعد إحْصَانه أَو قَتَلَ رجلًا فقُتلَ به، قال وأحْسَبُه قال هو أو غيره:" أو سَعَى في الأرض فسادًا". قال: أخبرنا رَوح بن عبادة قال: أخبرنا سعيد بن أبي عَروبة عن يَعْلَى بن حَكيم عن نافع عن ابن عمر قال: لمّا أرادوا أن يقتلوا عثمان أشرف عليهم فقال: "عَلامَ تقتلونني؟ فإني سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: "لا يَحِلّ قتلُ رجلٍ إلا بإحدى ثلاث: رجل كَفر بعد إسلامه فإنّه يُقتل، ورجل زَنــَى بعد إحصانه فإنّه يُرجَمُ،ورجل قَتَل رجلًا متعمّدًا فإنّه يُقْتَل".(*) قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا محمّد بن عمرو عن أبيه عن علقمة بن وقّاص قال: قال عمرو بن العاص لعثمان وهو على المنبر: يا عثمان إنّك قد رَكِبْتَ بهذه الأمّة نَهابِيرَ من الأمر فَتُبْ وَلْيتُوبوا معك، قال فحوّل وجهه إلى القبلة فرفع يديه فقال: اللّهمّ إنّي أستغفِرُك وأتوب إليك: ورفع النّاس أيديهم. قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسيّ من بني عامر بن لؤيّ قال: أخبرنا إبراهيم ابن سعد عن أبيه عن عمرو بن العاص أنه قال لعثمان: إنّك ركبتَ بنا نَهابيرَ وركبناها معك، فتُب يَتُب النّاسُ معك، فرفع عثمان يديه فقال: اللّهمّ إني أتوب إليك. قال: أخبرنا شَبابة بن سَوّار الفزاري قال: وحدّثني إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جدّه قال: سمعتُ عثمان بن عفّان يقول: إنْ وَجَدْتُم في كتاب الله أن تضعوا رجْلَيّ في قيود فضعوهما. قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس قال: أخبرنا هشام بن حسّان عن محمّد بن سيرين قال: جاء زيدُ بن ثابت إلى عثمان فقال: هذه الأنصار بالباب يقولون إنْ شِئْتَ كنّا أنصارًا لله مرّتين، قال فقال عثمان: أمّا القتال فلا. قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس قال: أخبرنا يحيَى بن سعيد عن عبد الله بن عامر ابن ربيعة قال: قال عثمان يوم الدّار: إنّ أعْظَمَكُمْ عَنّي غَناءً رجلٌ كَفّ يَدَه وسلاحه. قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير قال: أخبرنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هُريرة قال: دخلتُ على عثمان يوم الدّار فقلتُ يا أمير المؤمنين طَابَ الضَّرْبُ! فقال: يا أبا هُريرة أيَسُرّكَ أنْ تَقْتُلَ النّاسَ جميعًا وإيـّايَ؟ قال: قلت لا، قال: فإنّك والله إن قتلتَ رجلًا واحدًا فكأنمّا قَتَلْتَ النّاسَ جميعًا، قال: فرجعتُ ولم أُقاتل. قال: أخبرنا أبو أُسامة حمّاد بن أُسامة قال: أخبرنا هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزّبير قال: قلت لعثمان يوم الدّار: قاتلهم فوالله لقد أحلّ الله لك قتالهم. فقال: لا والله لا أقاتلهم أبدًا. قال فدخلوا عليه وهو صائم، قال وقد كان عثمان أمّرَ عبد الله بن الزّبير على الدّار، وقال عثمان: مَنْ كانت لي عليه طاعَةٌ فَلْيُطِعْ عبد الله بن الزّبير. قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي، ابن عُليّةَ عن أيّوب عن ابن أبي مُلَكية عن عبد الله بن الزّبير قال: قلت لعثمان: يا أمير المؤمنين إنّ معك في الدّار عصابة مستنصرةً بنصر الله بأقَلّ منهم لعثمان فأذَنْ لي فَلأقاتلُ، فقال: أَنْشُدُ الله رَجُلًا، أو قال: أذَكّرُ بالله رَجُلًا أهْراق في دمَه، أو قال: أهراق فيّ دمًا. قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن عون عن ابن سيرين قال: كان مع عثمان يومئذ في الدّار سبعُمائة، لَوْ يَدَعُهُم لضربوهم إن شاء الله حتّى يخُرْجوهم من أقطارها، منهم ابن عمر والحسن بن عليّ وعبد الله بن الزّبير. قال: أخبرنا أبو أُسامة حمّاد بن أُسامة، عن عبد الملك بن أبي سليمان قال: حدّثني أبو ليلى الكِنْدي قال: شَهِدْتُ عثمان وهو محصور فاطّلع من كُوٍّ وهو يقول: يا أيّها النّاس لا تقتلوني وَاسْتَتِيبوني، فوالله لئن قتلتموني لا تصلّون جميعًا أبدًا ولا تجاهدون عَدوًّا جميعًا أبدًا ولَتَخْتَلِفُنّ حتّى تصيروا هكذا، وشَبّك بين أصابعه، ثمّ قال: {وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} [سورة هود:89]. وأرسل إلى عبد الله بن سلام فقال: ما ترى؟ فقال: الكفّ الكفّ فإنهّ أبلغ لك في الحجّة. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا عبد الرّحمن بن أبي الزناد عن أبي جعفر القارىء مولى ابن عبّاس المخزوميّ قال: كان المصريوّن الذين حصروا عثمان ستّمائة، رأسهم عبد الرّحمن بن عديس البَلَويّ وكنانة بن بِشْر بن عَتّاب الكنديّ وعمرو بن الحَمِق الخزاعيّ، والذين قدموا من الكوفة مائتين رأسُهم مالك الأشتر النّخَعيّ، والّذين قدموا من البصرة مائة رجل رأسهم حُكَيم بن جَبَلَة العبدي، وكانوا يدًا واحدةً في الشرّ، وكان حُثالة من النّاس قد ضَوَوْا إليهم قد مَرِجَتْ عهودهم وأماناتهم، مفتونون، وكان أصحاب النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، الذين خذلوه كرهوا الفتنة وظنّوا أن الأمر لا يبلغ قتله، فَنَدموا على ما صنعوا في أمره، ولعمري لو قاموا أو قام بعضهم فحثا في وجوههم التراب لانصرفوا خاسرين. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني الحكم بن القاسم عن أبي عون مولى المِسْوَر ابن مخرمة قال: ما زال المصريّون كافّين عن دمه وعن القتال حتى قدمت أمداد العراق من الكوفة ومن البصرة ومن الشأم، فلمّا جاءوا وشَجُعَ القومُ حين بلغهم أن البعوث قد فَصَلَتْ من العراق من عند ابن عامر، ومن مصر من عند عبد الله بن سعد، فقالوا نُعاجلُه قبل أنْ تَقْدَمَ الأمْدَادُ. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة عن عبد المجيد بن سُهيل عن مالك بن أبي عامر قال: خرج سعد بن أبي وقّاص حتّى دخل على عثمان، رحمة الله عليه، وهو محصور، ثمّ خرج من عنده فرأى عبد الرّحمن بن عُديس ومالكًا الأشتر وحُكيم بن جَبَلَةَ، فَصَفَّق بيديه إحداهما على الأخرى، ثمّ استرجع، ثمّ أظهر الكلام فقال: والله إنّ أمْرًا هؤلاء رُؤساؤهُ لأمْرُ سَوءٍ.)) ((قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم عن ابن عون عن الحسن قال: أنبأني وثّاب، وكان فيمن أدركَهُ عِتْق أمير المؤمنين عمر، وكان بين يدي عثمان ورأيت بحلْقه أثر طعنتين كأنـّهما كَيـّتان، طُعِنَهما يومئذ يومَ الدّار دار عثمان، قال: بعثني عثمان فدعوتُ له الأشتر فجاء، قال ابن عون أظنه قال فطرحتُ لأمير المؤمنين وسادةً وله وسادة فقال: يا أشتر ما يريد النّاس مني؟ قال: ثلاثٌ ليس لك من إحداهنّ بدّ، قال: ما هنّ؟ قال: يُخَيّرُونك بين أن تَخْلَعَ لهم أمرهم فتقول هذا أمركم فاختاروا له مَن شئتم، وبين أن تُقِصّ من نفسك، فإن أبيت هاتين فإنّ القوم قاتِلوك، قال: أما من إحْداهنّ بُدّ؟ قال: لا ما من إِحداهنّ بُدّ، قال: أمّا أن أخلَعَ لهم أمرهم فما كنتُ لأخْلَعَ سرْبالًا سَرْبَلَنِيه الله، قال وقال غيره: والله لأنْ أُقَدَّمَ فَتُضْرَبَ عُنُقي أحَبّ إليّ من أن أخْلَعَ أمّةَ مُحَمّدٍ بعضَها على بعض، قالوا هذا أشبهُ بكلام عثمان، وأمّا أن أقِصّ من نفسي فو الله لقد علمتُ أن صاحبيّ بين يديّ قد كانا يعاقبان وما يقومُ بَدَنِي للقصاص، وأمّا أن يقتلوني فو الله لئِنْ قتلوني لا يتحابون بعدي أبدًا ولا يصلّون بعدي جميعًا أبدًا ولا يقاتلون بعدي عدوًّا جميعًا أبدًا)) ((قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا جرير بن حازم قال: أخبرني يَعْلَى بن حكيم عن نافع قال: حدّثني عبد الله بن عمر قال: قال لي عثمان وهو محصور في الدار: ما ترى فيما أشار به عليّ المغيرة بن الأخنس؟ قال قلت: ما أشار به عليك؟ قال: إنّ هؤلاء القوم يريدون خلعي فإنْ خَلَعْتُ تَرَكوني وإن لم أخْلَعْ قَتَلوني، قال قلت: أرَأيْتَ إنْ خَلَعْتَ تُتْرَك مُخَلَّدًا في الدنيا؟ قال: لا، قال: فهل يَمْلِكُونَ الجنّة والنّار؟ قال: لا، قال فقلت: أرأيتَ إن لم تَخْلَعْ هل يزيدون على قتلك؟ قال: لا، قلتُ: فلا أرى أن تَسُنَّ هذه السُّنَّةَ في الإسلام كُلّما سَخطَ قومٌ على أميرهم خلعوه، لا تَخْلَعْ قَميصًا قَمّصَكَهُ الله. قال: أخبرنا موسى بن إسماعيل قال: أخبرنا عمر بن أبي خليفة قال: حدّثتني أُم يوسف بن ماهَكَ عن أمّها قالت: كانوا يدخلون على عثمان وهو محصور فيقولون:اعْتَزِلْنَا، فيقول: لا أنزعُ سِرْبالًا سَرْبَلَنِيه الله ولكن أنْزع عمّا تكرهون. قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: أخبرنا طَلْحة بن زَيد الجَزَريّ أو الشّآميّ عن أبي بكر بن عبد الله بن أبي مريم عن عبد الرّحمن بن جُبير قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، لعثمان: "إنّ الله كَساك يومًا سربالًا فإن أرادكَ المنافقون على خلعه فلا تَخْلَعْه لظالم".(*) قال: أخبرنا أبو أُسامة حمّاد بن أُسامة عن إسماعيل بن أبي خالد قال: أخبرنا قيس قال: أخبرني أبو سَهْلَة مولى عثمان قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في مرضه: "وَددْتُ أنّ عندي بعضَ أصحابي"، فقالت عائشة: فقلتُ يا رسول الله أدْعو لك أبا بكر، فأسكت فعرفتُ أنّه لا يريده، قلت: أدعو لك عُمَرَ، فأسكت فعرفتُ أنه لا يريده، قلت: أدعو لك عليًّا، فأسكت فعرفت أنّه لا يريده، فقلت: فأدعو لك ابن عفّان، قال: "نعم"، فلمّا جاء أشار إليّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أن تباعدي، فجاء عثمان فجلس إلى النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فجعل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول له، ولون عثمان يتغيّر، قال قيس فأخبرني أبو سَهْلَة قال: لمّا كان يوم الدار قيل لعثمان ألا تقاتلُ؟ فقال: إنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عَهِدَ إليّ عَهْدًا وإني صابرٌ عليه، قال أبو سهلة فَيَرَوْنَ أنّه ذلك اليوم.(*) قال: أخبرنا عفّان بن مسلم وسليمان بن حرب قالا: أخبرنا حمّاد بن زيد، أخبرنا يحيَى بن سعيد عن أبي أُمامة بن سهل قال: كنتُ مع عثمان في الدار وهو محصور، قال وكنّا ندخل مدخلًا إذا دخلناه سمعنا كلامَ من على البلاط، قال فدخل عثمان يومًا لحاجةٍ فخرج مُنْتَقِعًا لونُه فقال: إنّهم لَيَتَوَعّدُونَني بالقتل آنفًا، قال قلنا: يَكْفيكَهُمُ الله يا أمير المؤمنين، قال: وَلِمَ يقتلونني وقد سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يقول: " لا يَحِلّ دَمُ امرئ مُسلم إلاّ في إحدى ثلاث: رجلٍ كَفَرَ بعد إيمانه أو زَنَى بعد إحصانه أو قتل نفسًا بغير نفس"، فو الله ما زنيت في جاهليّة ولا في إسلام قطّ، ولا تَمَنّيْتُ أنّ لي بديني بَدَلًا منذ هَداني الله، ولا قتلتُ نفسًا، ففيمَ يقتلونني؟.(*) قال: أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي قال: أخبرنا حفص بن أبي بكر قال: أخبرنا هيّاج بن سريع عن مجاهد قال: أشْرَفَ عثمانُ على الذين حاصروه فقال: يا قوم لا تقتلوني فإني والٍ وأخٌ مسلمٌ، فوالله إنْ أرَدْتُ إلاّ الإصْلاح ما استطعتُ أصَبْتُ أو أخْطَأتُ، وإنكم إنْ تقتلوني لا تصَلّون جميعًا أبدًا ولا تغزون جميعًا أبدًا ولا يُقسَمُ فَيْؤكُمْ بينكم، قال: فلمّا أبَوْا قال: أنْشِدُكم الله هل دَعَوْتُم عند وفاة أمير المؤمنين بما دعوتُم به، وأمْرُكُمْ جَميعًا لم يَتَفَرّقْ وأنتم أهل دينه وحقّه فتقولون إنّ الله لم يُجِبْ دَعْوَتَكُمْ أم تقولون هان الدّين على الله، أم تقولون إني أخذتُ هذا الأمرَ بالسيف والغلبة ولم آخُذْه عن مَشْوَرَةٍ من المسلمين، أم تقولون إنّ الله لم يَعْلَمْ من أوّل أمري شيئًا لم يعلم من آخره؟ فلمّا أبـوا قال: "اللّهمّ أحصهم عَدَدًا واقْتلهم بَدَدًا ولا تُبْق منهم أحَدًا.)) الطبقات الكبير. ((وذكر أسد، أنبأنا عبدةُ بن سليمان، عن إسماعيل بن أبي خالد، عن قيس بن أبي حازم، عن عائشة، قالت‏: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم‏:‏ ‏"‏ادْعُوا لي بَعْضَ أَصْحَابِي‏"‏‏. فقلت‏:‏ أبو بكر؟ قال:‏‏ ‏"‏لَا‏"‏‏. ‏فقلت‏: ‏عمر؟ قال:‏ ‏‏"‏لَا‏"‏‏. فقلت‏: ‏ابن عمك عليّ؟ قال:‏‏ ‏"‏لا‏"،‏ فقلت:‏ ‏ عثمان؟ قال:‏ ‏"‏نَعَمْ‏"‏‏. ‏فلما جاء قال لي بيده، فتنحَّيت، فجعل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يسارّه، ولونُ عثمان رضي الله عنه يتغيَّرُ، فلما كان يوم الدّار وحُصِر قيل له‏:‏ ألَا تقاتل؟ قال:‏ ‏لَا؛ إِنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عهد إليّ عَهْدًا، وأنا صابرٌ نفسي عليه‏.(*) وذكر المعتمر بن سليمان، عن أبيه، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد، قال:‏‏ أشرف عليهم عثمان وهو محصور، فقال:‏ السّلام عليكم. فما رَدَّ عليه أحَد‏.‏ فقال:‏ ‏أنشدكم الله، هل تعلمون أني اشتريت بئر رُومة من مالي، وجعلت فيه رِشائي كرشاء رجُلٍ من المسلمين؟ فقيل‏:‏ نعم‏. ‏قال:‏ ‏فعلَامَ تمنعوني من مائها، وأفطر على الماء المالح، ثم قال:‏ ‏أنشدكم الله، هل تعلمون أني اشتريت كذا وكذا من أرضٍ فزدتُه في المسجد، فهل علمتهم أن أحدًا مُنع أن يُصلّي فيه قبلي! قال ابن عمر‏:‏ أذنب عثمان ذنبًا عظيمًا يوم الْتَقَى الجمعان بأُحد، فعفا الله تعالى عنه عزّ وجل، وأذنب فيكم ذنبًا صغيرًا فقتلتموه‏. ‏وسئل ابن عمر عن علي وعثمان رضي الله عنهما، فقال للسّائل‏: ‏قبَّحك الله! تسألني عن رجلين كلاهما خير منّي، تريد أن أغضَّ من أحدهما وأرفع من الآخر‏. وقال عليّ رضي الله عنه‏:‏ من تبرَّأَ من دين عُثمان فقد تبرّأَ من الإيمان، والله ما أعنْتُ عَلَى قَتْله، ولا أمرت ولا رضيت‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عائذ بن يحيَى عن أبي الحُويرث قال: استخلف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على المدينة في غزوته إلى ذات الرقاع عثمان بن عفّان، واستخلفه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، أيضًا على المدينة في غزوته إلى غَطَفان بذي أمَرّ بنجد. (*))) ((قال: أخبرنا محمّدبن عمر قال: حدّثني شُرَحْبِيلُ بن أبي عون عن أبيه عن المِسْوَر بن مَخْرَمَة قال: كان عمر بن الخطّاب وهو صحيح يُسْألُ أن يَسْتَخْلفَ فَيَأبَى، فصعِدَ يوْمًا المنبر فتكلّم بكلماتٍ وقال: إنْ مِتّ فأمْرُكُمْ إلى هؤلاء الستّة الذين فارقوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وهو عنهم راضٍ: عليّ بن أبي طالب، ونظيره الزّبير بن العوّام، وعبد الرّحمن بن عوف، ونظيره عثمان بن عفّان، وطلحة بن عُبيد الله، ونظيره سعد بن مالك. ألاَ وإنّي أوصيكم بتَقْوَى الله في الحُكْم والعدل في القَسْم. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الأزهريّ عن أبي جعفر قال: قال عمر بن الخطّاب لأصحاب الشورى: تشاوروا في أمركم فإن كان اثنان واثنان فارجعوا في الشورى، وإن كان أربعةٌ واثنان فخذوا صنْفَ الأكثر. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا هشام بن سعد وعبد الله بن زيد بن أسلم عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر قال: وإن اجتمع رَأيُ ثلاثةٍ وثلاثة فاتبعوا صنْفَ عبد الرّحمن بن عوف واسمعوا وأطيعوا. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني الضّحاك عن عثمان بن عبد الملك بن عُبيد عن عبد الرّحمن بن سعيد بن يربوع أن عمر حين طُعن قال: ليُِصَلّ لكُم صُهَيْبٌ ثلاثًا وتَشاوَروا في أمركم والأمر إلى هؤلاء الستّة، فمن بَعَلَ أمرَكم فاضربوا عنقه، يعني مَن خالفكم. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني محمّد بن موسى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال: أرسل عمر بن الخطّاب إلى أبي طلحة قبل أن يموت بساعةٍ فقال: يا أبا طلحة كن في خمسين من قومك من الأنصار مع هؤلاء النفر أصحاب الشورى فإنهم فيما أحسب سيجتمعون في بيت أحدهم، فقم على ذلك الباب بأصحابك فلا تترك أحدًا يدخل عليهم ولا تَتْرُكْهُمْ يَمْضي اليوم الثالث حتى يُؤمّروا أحَدَهم‏، اللّهمّ أنت خليفتي عليهم. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني مالك بن أبي الرجال قال: حدّثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال: وافى أبو طلحة في أصحابه ساعة قَبْر عُمَرَ فَلَزمَ أصحابَ الشورى، فلمّا جعلوا أمرهم إلى عبد الرّحمن بن عوف يختار لهم منهم لَزمَ أبو طلحة بابَ عبد الرّحمن بن عوف بأصحابه حتى بايع عثمان. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني سعيد المُكْتِب عن سَلَمَةَ بن أبي سلَمَةَ بن عبد الرّحمن عن أبيه قال: أوّلُ من بايع لعثمان عبدُ الرّحمن ثمّ عليّ بن أبي طالب. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عمر بن عَميرة بن هُنَيٍّ مولى عمر بن الخطّاب عن أبيه عن جدّه قال: أنا رأيتُ عليًّا بايع عثمان أوّلَ النّاس ثم تَتَابَعَ النّاسُ فبايعوا. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي عن أبيه أن عثمان لمّا بويع خَرَجَ إلى النّاس فخَطَبهم فحمد الله وأثنى عليه، ثمّ قال: أيّها النّاسُ إنّ أوّلَ مَرْكَبٍ صَعْبٌ، وإنّ بعدَ اليوم أيّامًا، وإنْ أعِشْ تَأتِكُمُ الخطبةُ على وَجْهِها، وما كُنّا خُطباء وسَيُعَلّمُنا الله. قال: أخبرنا أبو معاوية قال: أخبرنا الأعمش عن عبد الله بن سنان الأسديّ قال: قال عبد الله حين استُخلف عثمان: ما ألَوْنَا عَنْ أعْلَى ذي فُوقٍ. قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير وعُبيد الله بن موسى وأبو نُعيم الفضل بن دُكين قالوا: أخبرنا مِسعر عن عبد الملك بن مَيْسَرَة، عن النزّال بن سَبْرَة قال: قال عبد الله حين استُخلفَ عثمان: استخلفنا خير من بَقِيَ ولم نألُه. قال: أخبرنا حَجّاج بن محمّد عن شُعبة عن عبد الملك بن مَيْسرة عن النزّال بن سَبْرَة قال: شهدتُ عبدَ الله بن مسعود في هذا المسجد ما خَطَبَ خُطْبَةً إلا قال: أمّرْنا خَيْرَ مَنْ بَقيَ ولم نألُ. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا حمّاد بن سَلَمَة قال: أخبرنا عاصم بن بَهْدَلَة عن أبي وائل أنّ عبد الله بن مسعود سار من المدينة إلى الكوفة ثمانيًا حين استُخلف عثمان بن عفّان فحمد الله وأثنَى عليه ثمّ قال: أما بعد فإنّ أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب ماتَ فلم نرَ يومًا أكثر نشِيجًا من يومئذ، وإنّا اجتمعنا أصحابَ محمّد فلم نَألُ عن خيرنا ذي فُوقٍ، فبايعنا أميرَ المؤمنين عثمان فبايعوه. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن إسماعيل بن محمّد بن سعد بن أبي وقّاص عن عثمان بن محمّد الأخنسي قال: وأخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة عن يعقوب بن زيد عن أبيه قالا: بُويع عثمان بن عفّان يوم الاثنين لليلة بقيت من ذي الحِجّة سنة ثلاثٍ وعشرين، فاستقبل بخلافته المحرّم سنة أربع وعشرين. قال محمّد بن عمر: قال أبو بكر بن عبد الله بن أبي سَبْرة في حديثه: فَوَجّهَ عثمانُ على الحجّ تلك السنةَ عبد الرّحمن بن عَوف فحجّ بالنّاس سنة أربعٍ وعشرين، ثمّ حَجّ عثمان في خلافته كلّها بالنّاس عشر سنين ولاءً إلاّ السنةَ التي حوصرَ فيها فوجّهَ عبدَ الله بن عبّاس على الحجّ بالنّاس، وهي سنة خمسٍ وثلاثين. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني أسامة بن زيد اللّيثي عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عبّاس أنّ عثمان بن عفّان استعمله على الحجّ في السنة التي قُتل فيها سنة خمسٍ وثلاثين، فخرج فحجّ بالنّاس بأمر عثمان. قال: أخبرنا محمّد بن عمر، حدّثني محمّدبن عبد الله عن الزّهريّ قال: لمّا ولِيَ عثمان عاش اثنتي عشرة سنة أميرًا يَعْمَلُ ستّ سنين لا ينْقمُ النّاس عليه شيئًا، وإنّه لأحبّ إلى قريش من عمر بن الخطّاب لأن عمر كان شديدًا عليهم، فلمّا وليَهم عثمان لان لهم ووصلهم، ثمّ توانى في أمرهم واستعمل أقرباءه وأهل بيته في الستّ الأواخر، وكتب لمَرْوَانَ بخُمْس مصر، وأعطى أقرباءه المال، وتأوّلَ في ذلك الصّلَة التي أمر الله بها، واتخذ الأموال، واستسلف من بيت المال وقال: إنّ أبا بكر وعمر تركا من ذلك ما هو لهما وإني أخذتُه فقسمتُه في أقربائي، فأنكر النّاسُ عليه ذلك. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عبد الله بن جعفر عن أمّ بكر بنت المِسْوَر، عن أبيها قال: سمعتُ عثمان يقول: أيّها النّاسُ إن أبا بكر وعمر كانا يتأوّلان في هذا المال ظَلْفَ أنفسهما وذوي أرحامهما وأني تأوّلْتُ فيه صلَةَ رَحمي.)) الطبقات الكبير. ((أَخبرنا مسمار بن عمر بن العُوَيس وأَبو فرج، محمد بن عبد الرحمن الواسطي وغير واحد، قالوا بإِسنادهم إِلى محمد بن إِسماعيل قال: حدثنا موسى بن إِسماعيل، حدثنا أَبو عوانة، عن حُصَين، عن عمرو بن ميمون قال: رأَيت عمر قبل أَن يُصَاب بأَيام بالمدينة، ووقف على حُذَيْفَة بن اليمان وعثمان بن حُنَيْف فقال: كيف فعلتما؟ أَتخافان أَن تكونا حَمَّلْتُما الأَرْض ما لا تُطِيق؟ قالا: حَمَّلناها أَمرًا وهي له مُطِيقة ـــ وذكر قصة قتل عمر رضي الله عنه ـــ قال: فقالوا له: أَوص يا أَمير المؤمنين؛ استخلف. قال: ما أَجد أَحق بهذا الأَمر من هؤلاءِ النفر ـــ أَو: الرَّهْط ـــ الذين تُوفي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، فسمى عَليًّا، وعثمان، والزبير، وطلحة، وسعدًا، وعبد الرحمن ـــ وقال: يَشْهَدُكم عبد اللّه ابن عمر، وليس له من الأمر شيء، كهيئة التعزية له. فإِن أَصابت الإِمْرَةُ سعدًا فهو ذاك، وإِلا فليستعن به أَيكم ما أُمِّر، فإِني لم أَعْزِله من عجز ولاخيانة. وقال: أُوصي الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأَولين، أَن يعرف لهم حَقَّهم، ويحفظ لهم حرمتهم. وأُوصيه بالأَنصار خيرًا الذين تبوأوا الدار والإِيمان من قلبهم، أَن يقبل من محسـنهم، وأَن يغضي عن مسيئهم. وأُوصيه بأهل الأَمصار خيرًا، فإِنهم ردْءُ الإِسلام، وجُبَاة المال، وغيظُ العدو، وأَن لا يُؤخذ منهم إِلا فضلهم عن رضاهم. وأُوصيه بالأَعراب خيرًا، فإِنهم أَصل العرب، ومادة الإِسلام، أَنْ يأْخذ من حواشي أَموالهم، ويُرَدَّ على فقرائهم. وأوصيه بذمة الله وذمة رسوله، أَنْ يوفي لهم بعهدهم، وأَن يقاتل مِنْ وَرَائهم، ولا يُكَلَّفُوا إِلا طاقتهم. فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي، فسلم عبد اللّه بن عُمَر، وقال يستأْذن عمر بن الخطاب، فقالت ـــ يعني عائشة ـــ: أَدخلوه، فأُدخل فوضع هنالك مع صاحبيه. فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاءِ الرهط، فقال عبد الرحمن: اجعلوا أَمركم إِلى ثلاثة منكم ـــ قال الزبير: قد جعلت أَمري إِلى علي، وقال طلحة: قد جعلت أَمري إِلى عثمان. وقال سعد: قد جعلت أَمري إِلى عبد الرحمن ـــ فقال عبد الرحمـن: أَيكما تَبَرَّأَ من هذا الأَمر فنجعله إِليه، واللّهُ عليه والإِسلام، لينظرن أَفضلهم في نفسه. فَأُسْكِتَ الشيخان. فقال عبد الرحمن: أَفتجعلونه إِليّ، والله عَلَيَّ أَن لا آلوَ عن أَفضلكم؟ قالا: نعم. وأَخذ بيد أَحدهما فقال: لك قرابة من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم والقِدَمُ في الإِسلام ما قد علمت، فاللّهُ عليك لئن أَمَّرْتك لتعدلن، ولئن أَمَّرتُ عثمان لتَسْمَعَن ولتُطيعَنَّ. ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك، فلما أَخذ الميثاق قال: ارفع يدك يا عثمان. فبايعه وبايع له عَليٌّ، وولج أَهلُ الدارِ فبايعوه أخرجه البخاري في الصحيح 5/19 ـــ 22 كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عثمان رضي الله عنه..)) أسد الغابة. ((قال ابن إسحاق‏:‏ كانت ولايتُه اثنتي عشرة سنة إلا اثني عشر يومًا.‏ ‏وقال غيره‏:‏ كانت خلافته إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهرًا وأربعة عشر يومًا‏.‏ وقيل: ثمانية عشر يومًا.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((كان سبب قَتْله أنَّ أمراءَ الأمصار كانوا من أقاربه، كان بالشام كلّها معاوية، وبالبصرة سَعِيد بن العاص، وبمصر عبد الله بن سعد بن أبي سَرْح، وبخراسان عبد الله بن عامر؛ وكان مَنْ حَجَّ منهم يشكو من أميره؛ وكان عثمان لَيِّن العَرِيكة، كثير الإحسان والحلم، وكان يستبدل ببعض أمرائه فيُرضيهم، ثم يعيده بَعْدُ إلى أَنْ رحل أهلُ مصر يشكون من ابن أبي سَرْح، فعزله، وكتب له كتابًا بتولية محمد بن أبي بكر الصديق، فرضوا بذلك؛ فلما كانوا في أثناء الطريق رأوْا راكِبًا على راحلة، فاستخبروه؛ فأخبرهم أنه من عند عثمان باستقرار ابْنِ أبي سرح ومعاقبةِ جماعة من أعيانهم؛ فأخذوا الكتابَ ورجعوا وواجهوه به؛ فحلف أنه ما كتب ولا أذِن، فقالوا: سَلِّمْنا كاتبكَ، فخشى عليه منهم القَتْل، وكان كاتبه مروان بن الحكم؛ وهو ابن عمه؛ فغضبوا وحصروه في دارِه. واجتمع جماعةٌ يحمونه منهم، فكان ينهاهم عن القتال إلى أن تسوُّرُوا عليه من دار إلى دار، فدخلوا عليه فقتلوه، فعظم ذلك على أهْلِ الخير من الصحابة وغيرهم، وانفتح بابُ الفتنة، فكان ما كان، والله المستعان.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((قتل عثمان رضي الله عنه بالمدينة يوم الجمعة لثمان عشرة ـــ أَو: سبع عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين من الهجرة، قاله نافع. وقال أَبو عثمان النهدي: قتل في وسط أَيام التشريق. وقال ابن إِسحاق: قتل عثمان على رأْس إِحدى عشرة سنة، وأَحد عشر شهرًا، واثنين وعشرين يومًا من مقتل عمر بن الخطاب، وعلى رأْس خمس وعشرين من مُتَوَفى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. وقال الواقدي: قتل يوم الجمعة لثمان ليال خلت من ذي الحجة يوم التروية سنة خمس وثلاثين. وقد قيل: إِنه قتل يوم الجمعة لليلتين بقيتا من ذي الحجة. وقال الواقدي: حصروه تسعة وأَربعين يومًا. وقال الزبير: حصروه شهرين وعشرين يومًا. أَخبرنا عبد الوهاب بن هبة الله بإِسناده إِلى عبد اللّه بن أَحمد: حدثني أَبي، حدثنا إِسحاق بن عيسى الطباع، عن أَبي معشر قال: وقتل عثمان يوم الجمعة، لثمان عشرة مضت من ذي الحجة، سنة خمس وثلاثين)) أسد الغابة. ((قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال أخبرنا ابن أبي سَبرة عن سعيد بن أبي زيد عن الزّهريّ عن عُبيد الله بن عبد الله بن عُتبة قال: كان لعثمان بن عفّان عند خازنه يومَ قُتِلَ ثلاثون ألفَ ألف درهم وخمسمائة ألف درهم وخمسون ومائة ألف دينار فانْتُهبت وذهبت، وترك ألف بعير بالرّبذَة، وترك صدقاتٍ كان تَصَدّق بها بِبئر أَرِيس وخَيبر ووادي القرى قيمةَ مائتي ألف دينار. قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أُويس قال: حدّثني عَمّ جَدّتي الرّبيع بن مالك بن أبي عامر عن أبيه قال: كان النّاسُ يتوقون أن يَدْفنوا موتاهم في حُشِّ كوكب فكان عثمان بن عفّان يقول: يوشِكُ أنْ يَهْلِكَ رجلٌ صالح فيُدْفَنَ هناك فيأتَسىَ النّاسُ به، قال مالك بن أبي عامر: فكان عثمان بن عفّان أوّلَ مَنْ دُفن هناك. قال محمّد بن سعد: فذكرت هذا الحديث لمحمّد بن عمر فعرفه. وقال: حدّثني عمرو بن عبد الله بن عنبسة عن محمّد بن عبد الله بن عمرو عن ابن لَبِيبَة عن عبد الله بن عمرو بن عثمان قال: بُويع عثمان بن عفّان بالخلافة أوّلَ يوم من المحرّم سنة أربعٍ وعشرين وقُتل، يرحمه الله، يوم الجمعة لثماني عشرة ليلة خلت من ذي الحجّة سنة ستّ وثلاثين بعد العصر، وكان يومئذٍ صائمًا، ودُفن ليلة السّبْت بين المغربِ والعشاء في حُشّ كَوْكَب بالبقيع، فهي مقبرة بني أُميّة اليوم، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة غيرَ اثني عشر يومًا، وقُتل وهو ابن اثنتين وثمانين سنة، وكان أبو معشر يقول: قُتل وهو ابن خمس وسبعين سنة. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني موسى بن محمّد بن إبراهيم التيمي عن أبيه عن عبد الله بن نِيار الأسلمي عن أبيه قال: لما حجّ معاوية نظر إلى بيوت أسْلَمَ شوارع في السوق فقال: أظْلِموا عليهم بيوتهم أظْلَمَ الله عليهم قبورهم قتلةَ عثمان، قال نِيار بن مُكْرَم: فخرجت إليه فقلت له إنّ بيتي يُظْلَمُ عَلَيّ وأنا رابِعُ أربعة حَمَلنا أميرَ المؤمنين وقبرناه وصلّينا عليه، فعرفه معاوية فقال: اقْطَعوا البناءَ لا تبنوا على وجه داره، قال ثمّ دعاني خاليًا فقال: متى حملتموه ومتى قبرتموه ومَنْ صلّى عليه؟ قلت: حملناه، رحمه الله، ليلة السّبْت بين المغربِ والعشاء، فكنتُ أنا وجُبير بن مُطْعِم وحَكيم بن حزام وأبو جهم بن حُذيفة العَدَويّ، وتَقَدّم جُبير بن مُطعِم فصلّى عليه، فصَدّقَه معاوية، وكانوا هم الذين نزلوا في حُفرته. قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عبد الرّحمن بن أبي الزناد عن محمّد بن يوسف قال: خرجت نائلة بنت الفرافصة تلك الليلة وقد شَقّتْ جَيْبَها قُبُلًا ودُبُرًا ومعها سراج وهي تصيح: وا أمير المؤمنيناه! قال فقال لها جُبير بن مُطعم: أطْفِئي السّراج لا يُفْطَن بنا فقد رأيتِ الغُواةَ الذين على الباب، قال فأطْفَأت السراج وانتَهوا إلى البقيع فصلّى عليه جُبير بن مُطعم وخلفه حكيم بن حزام وأبو جهم بن حُذيفة ونيار بن مُكْرَم الأسلمي ونائلة بنت الفرافصة وأمّ البنين بنت عُيينة امرأتاه، ونزل في حفرته نيار بن مُكرم وأبو جهم ابن حذيفة وجُبير بن مطعم، وكان حكيم بن حزام وأُمّ البنين ونائلة يُدَلّونه على الرجال حتّى لحدوا له وبُنيَ عليه وغَبّوْا قبره وتفرّقوا. قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا أبو مالك عبد الملك بن حسين النخعي عن عمران بن مسلم بن رِياح عن عبد الله البهيّ أنّ جُبير بن مُطعم صلّى على عثمان في ستّة عشر رجلًا بجُبَير سبعة عشر. قال ابن سعد: الحديث الأوّل، صلّى عليه أربعة، أثْبَتُ. أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس المدني قال: حدّثني عَمّ جدّتي الربيع بن مالك بن أبي عامر عن أبيه قال: كنتُ أحَدَ حَمَلَة عثمان بن عفّان حين تُوفّي، حملناه على بابٍ، وإنّ رأسه ليَقْرَعُ البَابَ لإسراعنا به، وإنّ بنا من الخوف لأمْرًا عظيمًا، حتى واريناه في قبره حُشّ كوكب. قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي أويس عن عبد الرّحمن بن أبي الزناد قال: حَمَلَ عثمانَ بن عفّان أربعة: جُبير بن مطعم وحَكيم بن حزام ونيار بن مُكْرَم الأسلميّ وفتَى من العرب، فقلت له: الفتى جَدّ مالك بن أبي عامر، فقال لم يُسَمّ لي، قال والعثمانيون أعرف مِنِّي بتلك الحُرمة وأرعاهم لها. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا معتمر بن سليمان سمعتُ أبي يقول أخبرنا أبو عثمان أنّ عثمان قُتل في أوسط أيّام التشريق. قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نُفيل قال: لقد رأيتني وإنّ عُمَرَ موثقي وأخته على الإسلام، ولو ارْفَضّ أُحُدٌ فيما صنعتم بابن عفّان كان حقيقًا. قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس قال: أخبرنا محمّد بن أبي أيّوب عن هلال بن أبي حميد عن عبد الله بن عُكَيْم قال: لا أعين على دم خليفة أبدًا بعد عثمان، قال فيقال له: يا أبا معبد أوَ أعَنْتَ على دمه؟ فقال: إني لأعُدّ ذكرَ مساويه عونًا على دمه. قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس قال: أخبرنا ليث عن زياد بن أبي مليح عن أبيه عن ابن عبّاس قال: لو أجْمَعَ النّاس على قتل عثمان لرُموا بالحجارة كما رمي قوم لوط. قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا الصّعِق بن حَزْن قال: أخبرنا قتادة عن زَهْدَم الجَرْميّ قال: خطب ابن عبّاس فقال لو لم يطلب النّاس بدم عثمان لرُموا بالحجارة من السماء. قال: أخبرنا كثير بن هشام قال: أخبرنا جعفر بن بُرْقان قال: حدّثني العلاء بن عبد الله بن رافع عن ميمون بن مهران قال: لمّا قُتل عثمان، قال حُذيفة هكذا وحَلّق بيده يعني عَقَدَ عَشَرَة، فُتِقَ في الإسلام فَتْقٌ لا يرتُقُه جَبَلٌ. قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا حمّاد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة قال: لمّا بلغ ثُمامةَ بن عديّ قتلُ عثمان، وكان أميرًا على صنعاء، وكانت له صحبة، بكى فطال بكاؤه ثمّ قال هذا حينُ أُنْزعَتْ خلافة النبوّة من أمّة محمّد وصار مُلكًا وجَبْريّةً، من غَلَبَ على شيءٍ أكَله. قال: وأخبرنا أحمد بن إسحاق الحَضرميّ قال: أخبرنا وُهَيب بن خالد عن أيّوب عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصّنعانيّ عن ثُمامة بن عديّ بمثله سواء قال: وكان من قريش. قال: أخبرنا سليمان بن حرب وعارم بن الفضل قالا: أخبرنا حمّاد بن زيد قال: أخبرنا يحيَى بن سعيد قال: قال أبو حميد الساعديّ لمّا قُتل عثمان، وكان ممّن شهد بدرًا: اللّهمّ إنّ لك عليّ ألاّ أفعل كذا ولا أفعل كذا ولا أضحك حتى ألقاك. قال: أخبرنا أبو معاوية قال: أخبرنا الأعمش عن أبي صالح قال: كان أبو هُريرة إذا ذُكر ما صُنع بعثمان بكى، قال فكأني أسمعه يقول هاه هاه ينتحب. قال: أخبرنا محمّد بن عبيد الطنافسي قال: أخبرنا فِطْر بن خليفة عن زيد بن عليّ أنّ زيد بن ثابت كان يبكي على عثمان يوم الدار. قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا اليمان بن المغيرة قال: أخبرنا إسحاق بن سويد، حدّثني من سمع حسّان بن ثابت يقول:

وكَأنّ أصْحابَ النّبيّ عَشِيّةً بُدنٌ تُنَحَّرُ عنْدَ بابِ المَسجدِ

أبْكي أبا عَمروٍ لحُسْنِ بَلائهِ أمْسَى رَهِينًا في بَقِيعِ الغَرْقَدِ

قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: أخبرنا سلام بن مسكين قال: أخبرنا مالك بن دينار: أخبرني من سمع عبد الله بن سلام يقول يوم قُتل عثمان اليومَ هَلَكَتِ العربُ. قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير قال: أخبرنا الأعمش عن أبي صالح قال: سمعت عبد الله بن سلام يوم قُتل عثمان يقول: والله لا تُهَرِقونَ مِحْجمًا من دم إلا ازددتم به من الله بُعْدًا. قال: أخبرنا عبد الرّحمن بن محمّد المحاربي عن ليث عن طاوس قال: سُئل عبد الله بن سلام حين قُتل عثمان: كيف يجدون صفةَ عثمان في كُتُبهم؟ قال: نجده أميرًا يوم القيامة على القاتل والخاذل. قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسديّ عن ليث عن طاؤوس قال: قال عبد الله بن سلام يُحَكَّم عثمانُ يوم القيامة في القاتل والخاذل. قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: أخبرنا أبو شهاب عن خالد الحذّاء عن أبي قلابة قال: بلغني أنّ عثمان بن عفّان يُحَكَّمُ في قتَلَتِهِ يوم القيامة. أخبرنا أبو معاوية عن ليث عن طاوس عن ابن عبّاس قال: سمعتُ عليًّا يقول حين قُتل عثمان: والله ما قتلتُ ولا أمَرْتُ، ولكن غُلِبْتُ. يقول ذلك ثلاث مرّات. قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير عن شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الرّحمن بن أبي ليلى قال: رأيت عليًّا عند أحجار الزيت رافعًا ضَبْعَيْه يقول: اللّهمّ إني أبرَأُ إليكَ من أمر عثمان. قال: أخبرنا رَوْح بن عُبادة قال: أخبرنا عثمان بن عتّاب عن خالد الرّبَعي قال: إنّ في كتاب الله المُنْزل أنّ عثمان بن عفّان رافعُ يديه إلى الله يقول: ياربّ قتلني عبادك المؤمنون. قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير قال: أخبرنا الأعْمش عن خَيْثَمَة عن مسروق عن عائشة قالت حين قُتل عثمان: تركتموه كالثّوب النقيّ من الدّنَس ثمّ قَرّبْتموه تذبحونه كما يُذْبَحُ الكبشُ، هَلا كان هذا قَبْل هذا؟ فقال لها مسروق: هذا عَمَلُكِ أنْتِ، كتبتِ إلى النّاسِ تأمرينهم بالخروج إليه، قال فقالت عائشة: لا والّذي آمن به المؤمنون وكفر به الكافرون ما كتبتُ إليهم بسوداءَ في بيضاء حتّى جلستُ مجلسي هذا. قال الأعمش: فكانوا يرون أنّه كُتبَ على لسانها. قال: أخبرنا عارم بن الفضل قال: أخبرنا حمّاد بن زيد عن الزّبير عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: مُصْتموه مَوْصَ الإناءِ ثمّ قتلتموه. تعني عثمان. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا جرير بن حازم قال: سمعتُ محمّد بن سيرين يقول، قالت عائشة حين قُتل عثمان: مُصْتُم الرجلَ مَوْص الإناء ثمّ قتلتموه.)) ((قال: أخبرنا أبو أُسامة حمّاد بن أُسامة ويزيد بن هارون قالا: أخبرنا سعيد بن أبي عروبة عن يَعلى بن حكيم عن نافع قال: أصبح عثمان بن عفّان يومَ قُتِلَ يقُصّ رؤيا على أصحابه رَآها فقال: رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، البارحة فقال لي يا عثمان أفْطِرْ عندنا، قال فأصبح صائمًا وقُتل في ذلك اليوم، رحمه الله. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا وُهيب بن خالد قال: أخبرنا موسى بن عقبة عن أبي علقمة مولى عبد الرّحمن بن عوف عن كثير بن الصلت الكندي قال: نام عثمان في اليوم الذي قُتل فيه، وذلك يومُ الجمعة، فلمّا استيقظ قال: لولا أن يقولَ النّاسُ تَمَنّى عثمان أُمْنِيّةً لحدّثْتُكُمْ حديثًا، قال قلنا حدّثْنا أصْلَحَكَ الله فلَسنا على ما يقول النّاس، قال إني رأيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في منامي هذا فقال إنّك شاهدٌ فينا الجمعة. قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا وهيب قال: أخبرنا داود عن زياد بن عبد الله عن أُمّ هلال بنت وكيع عن امرأة عثمان، قال وأحسَبها بنت الفرافصة، قالت: أغْفى عثمان فلمّا استيقظ قال: إنّ القوم يقتلونني، فقلت: كلّا يا أمير المؤمنين، قال: إنّي رأيتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأبا بكر وعمر فقالوا: أفْطِرْ عندنا الليلة، أو قالوا: إنّك تُفْطِرُ عندنا الليلة.)) الطبقات الكبير. ((لما قُتِل دُفن ليلًا، وصلى عليه جُبَيْر بن مُطْعِم ـــ وقيل: حكيم بن حِزام ـــ وقيل: المِسوّر بن مَخْرَمة ـــ وقيل: لم يصل عليه أَحد، منعوا من ذلك. ودفن في حَشِّ كَوْكَب بالبقيع، وكان عثمان قد اشتراه وزاده في البقيع. وحضره عبد اللّه بن الزبير، وامرأَتاه: أَم البنين بنت عُيَيْنَة بن حصْن الفَزاريَّة، ونائِلة بنت الفَرافِصَة الكلبية، فلما دَّلوهْ في القبر صاحت ابنته عائشة، فقال لها ابن الزبير: اسكتِي وإِلا قتلتك. فلما دفنوه قال لها: صيحي الآن ما بدا لك أَن تصيحي.)) أسد الغابة. ((قال حسّان بن ثابت الأنصاريّ: [البسيط]

مَنْ سَرَّهُ المَوْتُ صِرْفًا لَا مِزَاجَ لَهُ فَلْيَأْتِ مَأْدُبَةً فِي دَارِ عُثْمَـانَ

وفيها:‏ [البسيط]

ضَحَّوْا بِأَشمَطَ عُنْوَانُ السُّجُوَدِ بِهِ يُقطِّعُ اللَّيْلَ تَسْبِيـحًا وقُـرْآنَا
وهذا البيت يختلف فيه، يُنسب إلى غيره، وقال بعضهم‏:‏ هو لعمران بن حطان، وفيها‏: [البسيط]

صَبْرًا فِدًى لَكُم وأُمِّي وَمَا وَلَدَتْ قَدْ يَنْفَعُ الصَّبْرُ فِي المَكْرُوهِ أَحْيَانَا

لَتَسْمَعُنَّ
وَشِيكًا
فِـي دِيَارِكُـمُ اللَّهُ
أَكْبـَرُ
يـَا ثَـارَاتِ
عُثْمَانَـا
وزاد فيه أهل الشّام أبياتًا لم أرَ لذكرها وجهًا‏. وقال حسّان بن ثابت رضي الله عنه أيضًا شعرًا:‏ [البسيط]

إِنْ تُمْسِ دَارُ بَنِي عَفَّانَ مُوْحِشَةً بَابٌ صَرِيعٌ وَبَابٌ مُخْرَقٌ خَرِبُ

فَقَدْ يُصَادِفُ بَاغِي الخَيْر حَاجَتَهُ فِيهَا وَيَأْوِي إِلَيْهَا الجُودُ وَالحَسَبُ
وله أيضًا:‏

قَتَلْتُمْ وَلِيَّ اللَّهِ فِي جَوْفِ دَارِهِ وَجْئتُمْ بِأَمْرٍ جَائِرٍ غَيْرِ مُهْتَدِي

فَلَا ظَفِرَتْ أَيْمَانُ قَوْمٍ تَعَاوَنُوا عَلَى قَتْلِ عُثْمَانَ الرَّشِيدِ المُسَدَّدِ
وقال كعب بن مالك رضي الله عنه‏: [البسيط]

يَا للرِّجَالِ لأَمْرٍ هَاجَ لِي حَزَنَـا لَقَدْ عَجِبْتُ لِمَنْ يَبْكِي عَلَى الدِّمَـنِ

إِنِّي رَأَيْتُ قَتِيلََ الدَّارِ مُضْطَهَـدًا عُثْمَان يُهْدَى إِلَى الأَجْدَاثِ فِي كَفَنِ

يَا قَاتَلَ اللَّهِ قَوْمًا كَـانَ أَمْرُهُـمُ قَتْلَ الإِمَامِ الزَّكِيِّ الطَّيِّـبِ
الـرَّدنِ

مَا قَاتَلُوهُ عَلَى ذَنْـبٍ أَلـمَّ بِـهِ إِلَّا الَّذِي نَطَقُـوا زُورًا وَلـَمْ يَكُـنِ
ومما ينسب لكعب بن مالك‏. وقال مصعب‏:‏ هي لحسان، وقال عمر بن شبة‏:‏ هي للوليد بن عقبة بن أبي معيط [الطويل]

فَكَفَّ يَـدَيهِ ثُـمَّ
أَغْلَـقَ بَابَـهُ وَأَيْقَـنَ
أَنَّ
اللَّهَ
لَيْـسَ
بِغَافِـلِ

وَقَالَ لأَهْلِ الـدَّارِ لَا تَقْتُلُوهُـمُ عَفَا اللَّهُ عَنْ ذَنْبِ امْرِئٍ لَمْ يُقاتِلِ

فَكَيْفَ رَأَيْتَ اللَّهَ أَلْقَى عَلَيهِمُ الـْ ـعَدَاوَةَ
وَالبَغْضَاءَ بَعْدَ التَّوَاصُـلِ

وَكَيْفَ رَأَيْتَ الخَيْرَ أَدْبَرَ بَعْـدَهُ عَلَى النَّاسِ إِدْبَارَ السَّحَابِ الحَوَافِلِ
وقال حميد بن ثور الهلالي شعرًا:‏ [البسيط]

إِنَّ الخِلَافَةَ لَمَّا أَظْعَنَتْ ظَعَنَـتْ مِنْ يَثْرِبٍ إِذْ غَيْرُ الهُدَى سَلَكُـوا

صَارَتْ إِلَى أَهْلِهَا مِنْهُمْ وَوَارَثَهَا لَمَّا رَأَى اللَّهُ فِي عُثْمَانَ مَا انْتَهَكُوا
وقال القاسم بن أمية بن أبي الصلت‏:‏ [الطويل]

لَعَمْرِي لَبِئْسِ الذِّبْحُ ضَحَّيْتُمُ بِـهِ وَخُنْتُمْ رَسُولَ اللَّهِ فِي قَتْلِ صَاحِبِـهْ
وقالت زينب بنت العوام: [الطويل]

وعَطَّشْتُمُ عُثْمَانَ فِي جَوْفِ دَارِهِ شَرِبْتُمْ كَشُرْبِ الهِيمِ شُرْبَ حَمِيمِ

فَكَيْفَ بِنَا أَمْ كَيْفَ بِالنَّومِ بَعْدَمَـا أُصِيبَ ابْنُ أَرْوَى وَابْنُ أُمِّ حَكِيم
وقالت ليلى الأخيلية شعرًا: [مجزوء الكامل]‏

قُتِـلَ ابْنُ
عَفَّانَ
الإِمَا مُ وَضَاعَ أَمْرُ المُسْلِمِينَا

وَتَشَتَّتَتْ سُبُلُ
الرَّشَا دِ لِصَادِرِينَ
وَوَارِدِينَا

فَانْهَضْ مُعاوِيُ
نَهْضَةً تَشْفِي بِهَا الدَّاءَ الدَّفِينَا

أَنْتَ الَّذِي مِنْ
بَعْدِهِ نَدْعوُ
أَمْيرَ
المُؤْمِنينَا
وقال أيمن بن خزيمة شعرًا: ‏[البسيط]

ضَحُّوا بِعُثْمَانَ فِي الشَّهْرِ الحَرامِ ضُحًى وَأَيُّ
ذِبْحٍ
حَرَامٍ
وَيْلَهُمْ
ذَبَحُوا

وَأَيُّ
سُنَّةِ
كُفْرٍ
سَنَّ أَوَّلُهُمْ وَبَابِ شَرٍّ
عَلَى
سُلْطَانِهِمْ
فَتَحُوا

مَاذَا
أَرَادُوا
أَضَلَّ
اللَّهُ
سَعْيَهُمُ بِسَفْكِ ذَاكَ الدَّمِ الزَّاكِي الَّذِي سَفَحُوا
والأشعار في ذلك كثيرة جدًّا يطول بها الكتاب.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال