تسجيل الدخول


مالك بن نويرة التميمي

مَاِلك بن نُوْيَرة بن حمزة، وقيل: مالك بن نويرة بن جمرة التيميميّ اليربوعي.
يلقب الجَفُول، ويُكنى أبا حنظلة، وكان قد أسلم هو وأخوه متمم بن نويرة الشَّاعر، وقال المَرْزَبَانِيُّ: كان مالكُ شاعرًا شريفًا فارسًا، معدودًا في فرسان بني يربوع في الجاهلية وأشرافهم، وكان من أرداف الملوك.
قال متمم بن نويرة وَاصَفًا أَخاه مالكَ بنَ نويرة: كان يركب الفرس الحَرُون، ويقود الجمل الثَّفَال، وهو بين المزادتين النَّضُوحَتَين في الليلة القَرَّة، وعليه شملة فلُوت، معتقِلًا رُمحًا خَطِّيًا فيسري ليلته ثم يصبح وجهه ضاحكًا كأَنه فلقة قمر، رحمه الله ورضي عنه.
وقال الْمَرَزَبَانِيُّ: ولمالك شعر جيد كثير منه يرثي عُتَيبة بن الحارث بن شهاب اليربوعي:
فَخِرَتْ بَنُو أسَدٍ عَقِيلٌ وَاحِدٌ صَدَقَتْ بَنُو أسَدٍ عُتَيْبَةُ أفْضَلُ
بَجَحُوا بِمَقْتَلِهِ وَلَا تُوفَي بِهِ مَثْنى سَرَاتِهِمُ
الَّذينَ
يُقَتَّلُوا
وكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم استعمل مالك على صدقات قومه، فلما بلغته وفاةُ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أمسكَ الصدقةَ وفَرَّقَها في قومه؛ وقال في ذلك:
فَقُلْتُ خُذُوا أمْوَالَكُمْ غَيْرَ خَائِفٍ وَلَا نَاظَرٍ فِيمَا يَجِيءُ مِنَ الغَدِ
فَإنْ
قَامَ بِالدِّينِ
المُحَوَّقِ قَائِمٌ أطَعْنَا وَقُلْنَا الدِّينُ دِينُ مُحَمَّدِ
ولمّا تُوُفِّي النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم وارتدَّت العرب، وظهرت "سَجَاح" وادّعت النبوّة، صالحها إِلاَّ أَنه لم تظهر عنه رِدْة، وأَقام بالبُطاح. وقُتِلَ مالكُ بن نويرة خطأً في حروب الردة، فقدم أخوه متمم بن نويرة على أَبي بكر الصديق يطلب بدم أَخيه، وأَن يرد عليهم سبيهم، فأَمر أَبو بكر بردّ السبي، ووَدَى مالكًا من بيت المال.
وقال عمر بن الخطاب لمُتَمّم بن نُوَيْرَة: ما بلغ من حُزنك على أخيك؟ قال: لقد مكثتُ سنة لا أنام بليل حتى أصبح، وَمَا رأيتُ نارًا رُفِعَتْ بِلَيْلٍ إلا ظننتُ أن نفسي ستخرج أذكر بها نَارَ أَخِي، أنه كان يأمر بالنار فتوقد حتى يصبح، مخافة أن يبيت ضيفه قريبًا منه، فَمَتَى يرى النار يأوى إلى الرَّحْل، ولهو بالضيف يأتي مجتهدًا أسرّ من القوم يقدم عليهم القادم لهم من السفر البعيد، فقال عمر: أكرم به. وقال عمر له يومًا: خبرنا عن أخيك، قال: يا أمير المؤمنين لقد أُسرِتُ مرة في حَيٍّ من العرب، فأُخبر أخي، فأقبل إليّ، فما هو إلا أن طلع على الحاضر فما أحد كان قاعدًا إلا قام على رجليه، ولا بقيت امرأة إلا تطلّعت من خلال البيوت، فما نزل عن جَمَلِه حتى لقوه بي في رُمَّتي فَحَلَّني هو، فقال عمر إن هذا لهو الشرف، وفي رواية: قال متمم بن نويرة لعمر بن الخطّاب: أغارَ حيّ من أحياء العرب على حيّ مالك بن نُويرة وليس هو في الحاضر، فخرج في آثارهم على جمل ثَفال يَسُوقه مرة ويركبه أخرى، حتى أدركهم على مسيرة ثلاث وهم آمنون، فما هو إلا أن رأوه فأرسلوا ما في أيديهم من الأسرى والنَّعَم وهربوا، فأدركهم مالك فاستأسروا جميعًا حتى كَتّفهن وَكَرَّبِهِم إلى بلاده مكتّفين، فقال عمر: قد كنا نعلم سَخَاءه وشَجَاعتَه، ولم نعلم بكل ما تذكر.
وقال عمر بن الخطاب يوما لمُتَمّم بن نُوَيْرَة: حدثنا عن أخبار أخيك ببعض خصاله، فقال متمم: في أَيّها يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: هل كانت له شجاعة مع السخاء؟ قال: يا أمير المؤمنين لقد كان يكون في الليلة القَرَّة عليه البُرْدَة الفَلتةَ، على الجمل الثَّفَال، يحمل المزادة الوافرة، يقود الفرس الحَرُون فيصبح في مغار الخيل، فقال عمر: وأبيك إن هذا لجلد وإقدام، ورثا متمم بن نويرة أخاه مالكًا بشعر كثير، وهو الذي يقول:
وكُنا كَنَدْمَانَيْ جَذيمةَ حِقبةً من الدَّهرِ حتى قِيلَ لن يَتَصَدَّعَا
فَلَما تَفَرَّقْنَا
كَأَنِّي وَمَالِكًا لِطُولِ اجتماعٍ لم نَبِتْ لَيلةً معَا
فقال عمر بن الخطاب لمتَمِّم: لقد قلتَ في أخيك وذكرتَ خصالًا قَلَّما تكون في الرجال، فقال: يا أمير المؤمنين ما كذبتُ في حَرْفٍ واحد، إلا إني أعلم أن خصلة واحدة قد قلتها، قال: ما هي؟ قال قلت:

غير مِبْطَان العَشِيات أرْوَعَا
وقد علمت أنه قد كان له بطين حادر، فقال عمر: وأبيك إن هذه لخصلة يسيرة فيما يقول الشعراء، وقال له عمر بن الخطاب: ما أشد ما لقيت على أخيك من الحزن،قال: كانت عيني هذه قد ذهبت، وأشار إليها، فبكيتُ بالصحيحة، فأكثرتُ البكاء حتى أسعدتها العين الذاهبة وجرَت بالدمع، فقال عمر: إن هذا لَحزنٌ شديدٌ، ما يحزن هكذا أحدٌ على هالكه، ثم قال: يرحم الله زَيد بن الخطاب، لو كنتُ أقدر على أن أقول الشعر لَبَكَيته كما بكيتَ أخاك، قال متمم: يا أمير المؤمنين لو قُتل أخي يوم اليمامة كما قتل أخوك ما بكيته أبدًا، فأبصر عمر وتعزى عن أخيه، وقد كان حزن عليه حزنًا شديدًا، وكان عمر يقول: إن الصَّبَا لتهب فتأتيني بريح زيد بن الخطاب، وقال عبد الله بن جعفر: قلت لابن أبي عون: ما كان عمر يقول الشعر؟ قال: لا ولا بيتًا واحدًا.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال