التضحية
روى سعيد ابن جُبير قال: لما نزلت: {لَّا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ...} [النساء: 95] الآية، ثم ترخص عنها أناسٌ من المساكين ممن بمكَّة حتى نزلت: {إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ...} [النساء: 97] الآية، فقالوا: هذه مرجفة حتى نزلت: {إِلِّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا} [النساء: 98]، فقال ضمرة بن العيص أَحد بني ليث ـــ وكان مصاب البصر وكان مُوسرًا: لئن كان ذهاب بَصَرِي إني لأستطيع الحيلة، لي مال ورقيق، احملوني، فحمل ودبّ وهو مريض فأدركه الموت، وهو عند التنعيم، فدُفن عند مسجد التنعيم فنزلت فيه خالصة: {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ...} [النساء: 100] الآية.
وقال ابن عبد البر في كتاب "الاستيعاب في معرفة الأصحاب": لما نزلَت: {أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا} [النساء: 97]، قال: اللهم قد أبْلغْتَ في المعذرة والحجّة، ولا معذرة لي ولا حجَّة، ثم خرج وهو شيخٌ كبير، فمات في بعض الطّريق، فقال بعضُ أَصحابِ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: مات قبل أن يهاجرَ، فلا نُدري أعلى ولايةٍ هو أم لا؟ فنزلَتْ: {وَمَن يَخْرُجْ مِن بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ...} [النساء: 100] الآية.