الشهادة
روى عبد اللّه بن سهل، عن عائشة أَنها كانت في حِصْن بني حارثة يوم الخندق وكانت أُمُّ سَعْد بن معاذ معها في الحصن، وذلك قبل أَن يُضْرَبَ عليهن الحجاب، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأَصحابه حين خرجوا إِلى الخندق قد رفعوا الذراري والنساء في الحصون؛ مخافَةً عليهم العدوّ، قالت عائشة: فَمَرَّ سعد بن مُعَاذ، عليه درع له مُقَصِّلَة قد خرجت منها ذراعه، وفي يده حَرْبة، وهو يقول:
لَبِّثْ قَلِيلًا يَلْحَقِ الهَيْجَا حَملْ لَا بَأْسَ بِالمَوْتِ إِذَا حَانَ الأَجَلْ
فقالت أَم سعد: الْحَقْ يا بني، قد واللّه أَخَّرت، فقالت عائشة: يا أَم سعد، لوِددْتُ أَنَّ دِرْع سعد أَسْبَغُ مما هي، فخافت عليه حيث أَصاب السهمُ منه، فرماه حِبَّان بُن العَرِقة، وهو من بن عامر بن لُؤَي، فقطع أَكْحَلَه، فلما رماه قال: خُذْها مِنِّي وأَنا ابن العَرِقة، فقال سعد: "عَرَّق اللّه وجهك في النار، اللهمّ إِن كنت أَبقيت من حرب قريشٍ شيئًا فأَبقني لها، فإِنه لا قوَم أَحبَّ إِليِّ أَن أَجاهد مِنْ قَوْمٍ آذَوا رسولك، وكذبوه، وأَخرجوه، وإِن كنت وضعت الحرب بيننا وبينهم فاجعله لي شهادة، ولا تُمتْني حتى تَقَرّ عيني في بني قريظة".
الجهاد
مقامات سعد بن معاذ في الإِسلام مشهودة كبيرة، ولو لم يكن له إِلا يوم بدر؛ فإِن النبي صَلَّى الله عليه وسلم لما سار إِلى بدر، وأَتاه خبر نَفِير قريش، استشار الناس، فقال المقداد فأَحسن، وكذلك أَبو بكر، وعمر، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يريد الأَنصار؛ لأَنهم عَدَدُ الناس، فقال سعد بن معاذ: واللّه لكأَنَّك تريدنا يا رسول الله؟ قال: "أَجَلْ"، قال سعد: فقد آمنّا بك وَصَدّقناك، وشهدنا أَن ما جئت به الحق، وأَعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أَردت، فنحن معك، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضْت بنا هذا البحر لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أَن تَلْقَى بنا عدوَّنا غدًا، إِنا لصُبُر عند الحرب، صُدُق عند اللقاء، لعل اللّه يريك فينا ما تَقَرُّ به عينك، فسرْ بنا على بركة اللّه، فَسُر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لقوله، ونشطه ذلك للقاءِ الكفار، فكان ما هو مشهور.
وروى هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة أنّ سعدًا كان قد تحجّر كَلْمُهُ للبُرء، قالت فدعا سعد فقال: اللّهمّ إنّك تعلم أنّه ليس أحد أحبّ إليّ أن أجاهد فيك من قوم كذّبوا رسولك وأخرجوه، اللّهمّ فإنّي أظنّ أنّك قد وضعت الحرب بيننا وبينهم، فإن كان بقي من حرب قريش شيء فأبقني لهم حتى أجاهدهم فيك، وإن كنتَ قد وضعت الحرب فيما بيننا وبينهم فافجرْها واجعلْ موتتي فيها. قال ففُجر من ليلته، قال فلم يَرُعْهُمْ، ومعهم في المسجد أهل خيمة من بني غفار، إلا الدم يسيل إليهم فقالوا: يا أهل الخيمة ما هذا الدم الذي يأتينا من قِبَلكم؟ فإذا سعد جرحه يَغْذُو دمًا فمات منها.
الجهاد
مقاماته ـــ رضي الله عنه ـــ في الإسلام مشهودةً كبيرة، ولو لم يكن له إلا يوم بدر لكفاه؛ فإن النبي صَلَّى الله عليه وسلم لما سار إلى بدر وأتاه خبر نفير قريش استشار الناس، فقال المقداد فأحسن، وكذلك أبو بكر وعمر، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يريد الأنصار لأنهم عدد الناس، فقال سعد بن معاذ: والله لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال:"أجل"، قال سعد: فقد آمنا بك وصدقناك وشهدنا أن ما جئت به الحق، وأعطيناك مواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فنحن معك، فوالذى بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر لخضناه معك ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدونا غدًا؛ إنا لصُبر عند الحرب صدق عند اللقاء، لعل الله يريك فينا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله، فسُرَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لقوله، ونشطه ذلك للقاء الكفار، فكان ما هو مشهور، وكفى به فخرًا دع ما سواه.
الجهاد
روى محمد بن الحنفية، قال: رأيتُ أبا عَمْرو الأنصاري يوم صِفّين؛ وكان عَقبيًا بدريًا أحُديًا، وهو صائم يتلوَّى من العطش، وهو يقول لغلامٍ له: تَرِّسني، فَترَّسَهُ الغلام حتى نزع بسهم نَزْعًا ضعيفًا حتى رمى بثلاثة أسهم؛ ثم قال: سمعْتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَلغَ أَوْ قَصَّرَ كَانَ ذَلِكَ نُورًا لَهُ يَوْمَ القِيَامَةِ"(*) أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 395.، فقُتل قبل غُروب الشمس.
الدعوة
أَسلم سعد بن معاذ على يد مصعب بن عُمَير، لما أَرسله النبي صَلَّى الله عليه وسلم إِلى المدينة يُعَلِّم المسلمين، فلما أَسلم سعد قال لبني عبد الأَشهل: كلام رجالكم ونسائكم عليَّ حرام حتى تُسْلِموا، فأَسلموا، فكان من أَعظم الناس بركةً في الإِسلام.