العلم
كانت راية بني مالك بن النجار يوم تبوك مع عُمارة بن حزم، فأخذها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ودفعها إلى زيد بن ثابت، فقال عمارة: يا رسول الله، بلغك عني شيء؟ قال: "لَا، وَلَكِنَّ القُرْآنَ مُقَدَّمٌ، وَزَيْدٌ أَكْثَرُ أَخْذًا لِلْقُرْآنِ مِنْكَ"(*)أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 421..
روى زيد بن ثابت قال: قال لي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنّه يأتيني كُتُب من أُناس لا أحبّ أن يقرأها أحدٌ، فهل تستطيع أن تَعَلّم كتاب العِبْرانيّة" أو قال "السّرْيانيّة؟" فقلت: نعم! قال: فتعلّمتها في سبعَ عشرةَ ليلة(*). وكان زيد بن ثابت يتعلّم في مَدَارِس مَاسِكَة، فَعلم كتابَهم في خمس عشرة ليلة حتى كان يَعلم ما حرّفوا وَبَدَّلُوا.
وروى أنس بن مالك قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أعلَمُهم بالفرائض زيد"(*).
وروى أنس بن مالك، عن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم قال: "أفْرَضُ أمّتي زيد بن ثابت"(*).
وروى سليمان بن يَسار قال: ما كان عُمر ولا عثمان يقدّمان على زيد بن ثابت أحدًا في القضاء، والفتْوى، والفرائض، والقِراءة.
وروى موسى بن عُلَيّ بن رَباح، عن أبيه قال: خطب عمر بن الخطّاب بالجابية فقال: مَنْ كان يريد أن يسأل عن الفرائض؛ فليأتِ زيد بن ثابت.
وروى أبو سلمة، عن ابن عبّاس أنه أخذ لزيد بن ثابت بالركاب فقال: تَنَحّ يا ابن عمّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم! فقال: هكذا نَفعل بعُلمائنا وكبرائنا.
وكان أبو بكر الصّديق قد أَمرَ زيد بن ثابت بجمع القرآن في الصحّف، فكتبه فيها، فلما اختلف النّاسُ في القراءة زمن عثمان، واتفق رأَيُه ورأْيُ الصّحابة أنْ يُرَدُّ القرآن إلى حرفٍ واحد، وقع اختيارَه على حرْف زيدٍ، فأمره أَن يملي المصحف على قوم من قريش جمعهم إليه، فكتبوه على ما هو عليه اليوم بأيدي النَّاس، والأخبار بذلك متواترةُ المعنى، وإن اختلَفَتْ ألفاظُها، وكانوا يقولون: غلب زيدُ بن ثابت النّاسَ على اثنين: القرآن والفرائض.
وقال بُكير بن عبد الله بن الأشجّ: جُلّ ما أخذ به سعيدُ بن المسيّب من القضاء وما كان يُفتي به عن زيد بن ثابت، وكان قَلّ قَضَاءٌ أوْ فتوَى جليلةٌ تَرِدُ على ابن المسيّب تُحكى لهُ عن بعض مَن هو غائب عن المدينة من أصحاب النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، وغيرهم إلاّ قال: فأينَ زيد بن ثابت عن هذا؟ إنّ زيد بن ثابت أعلم النّاسِ بما تقدّمه من قضاء، وأبصرهم بما يَرِدُ عليه ممّا لم يُسمَع فيه شيءٌ، ثمّ يقول ابن المسيّب: لا أعلم لزيد بن ثابت قولًا لا يُعْمَلُ به مُجمَع عليه في الشّرق والغَرْب أو يَعْمَلُ به أهل مصر، وإنّه ليأتينا عن غيره أحاديثُ وعلمٌ ما رأيتُ أحدًا من النّاس يَعْمَلُ بها ولا من هو بين ظَهْرانيهم.
الحياء
عن محمد بن سِيرين، قال: خرج زيد بن ثابت يريد الجمعة فاستقبله الناس راجعين فدخل دارًا فقيل له، فقال: إنه من لا يستَحِي من الناس لا يَسْتَحِي من الله.