تسجيل الدخول


الطفيل بن عمرو بن طريف بن العاص بن ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس...

1 من 1
طُفَيْلُ بْنُ عَمْرٍو

(ب د ع) طُفَيْل بن عَمْرو بن طَرِيف بن العَاصِ بن ثَعْلبة بن سُلَيم بن فَهْم بن غَنْم بن دَوْس بن عُدْثَان بن عبد اللّه بن زَهْران بن كَعْب بن الحارث بن كعب بن عبد اللّه بن نصر ابن الأَزد، الأَزدي الدَّوسي، يلقب ذا النّور.

أَخبرنا أَبو موسى كتابة، أَخبرنا أَبو علي، أَخبرنا أَبو نُعَيم، حدثنا حبيب بن الحسن، حدثنا محمد يحيى، حدثنا أَحمد بن محمد بن أَيوب، عن إِبراهيم بن سعد، عن ابن إِسحاق، قال: كان الطفيل بن عمرو الدَّوْسي يُحَدِّث أَنه قَدِم مكة ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بها، فَمَشى إِليه رجال من قريش، وكان الطفيل شريفًا شاعرًا لبيبًا، فقالوا: يا طفيل، إِنك قدمـت بلادنا، وهذا الرجل بين أَظهرنا، قد عَضَل بنا وفَرَّق جماعتنا، وإِنما قوله كالسحر، يُفَرِّق بين الرجل وبين أَبيه، وبين الرجل وبين أَخيه، وبينه وبين زوجه، وإِنما نخشى عليك وعلى قومك، فلا تكلمه ولا تسمع منه.

قال: فوالله ما زالوا بي حتى أَجمعت أَن لا أَسمع منه شيئًا ولا أُكلمه، حتى حَشَوتُ أُذُنَيَّ كُرسفًا، فَرَقًا أَن يبلغني من قوله، وأَنا أُريد أَن لا أَسمعه.

قال: فَغَدوت إِلى المسجد فإِذا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قائم يُصَلِّي عند الكعبة، قال: فقمت قريبًا منه، فأَبى الله إلا أَن يُسْمِعَني قوله، فسمعت كلامًا حسنًا، قال: فقلت في نفسي: واثُكْلَ أُمِّي! والله إِني لرجل شاعر لبيب ما يخفى علي الحسن من القبيح، فما يمنعني أَن أَسمع هذا الرجل ما يقول! إِن كان الذي يأْتي به حسنًا قَبِلْتُه، وإِن كان قبيحًا تركته.

قال: فمكثت حتى انصرف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إِلى بيته، فتبعته، حتى إِذا دخل بيته دخلت عليه، فقلت: يا محمد، إِن قومـك قالوا لي كذا وكذا، ثم إِن الله أَبى إِلا أَن أَسمع قولك، فسمعت قولًا حسنًا، فَاعرِضْ عَليَّ أَمرك.

قال: فَعَرَض علي الإِسلام، وتلا علي القرآن، قال: فوالله ما سمعت قولًا قطُّ أَحْسَنَ مِنه، ولا أَمرًا أَعدل منه، فأَسلمت، وقلت: يا رسول الله، إِني امرؤٌ مطاع في قومي، وأَنا راجع إِليهم وداعيهم إِلى الإِسلام، فادع الله أَن يجعل لي آية، تكون لي عونًا عليهم فيما أَدعوهم إِليه. فقال: "اللَّهُمَّ، اجْعَلْ لَهُ آيَةً".

قال: فخرجت إِلى قومي حتى إِذا كنت بِثَنِيَّة تطلعني على الحاضر، وقع نور بين عيني مثل المصباح، قال: فقلت: اللهُمَّ، في غير وجهي؛ فإِني أَخشى أَن يظنوا أَنها مُثْلَة لفراقي دينهم. فتحولَتْ في رأْس سَوْطي، فجعل الحاضر يتراءَون ذلك النور في سوطي كالقنديل المعلق، وأَنا أَهبط إِليهم من الثنية، فلما نزلت أَتاني أَبي، وكان شيخًا كبيرًا، فقلت: إِليك عني أَبَة، فلستُ منك ولست مني. قال: ولم، أَيْ بنَُيَّ؟ قلت: إِني أَسلمت. قال: أَيْ بني، فديني دينك، فأَسلم. ثم أَتتني صاحبتي، فقلت لها مثل ذلك، فأَسلمت، وقالت: أَيـُخَافَ عَلَيَّ من ذِي الشَّرى؟ ـ صَنَمٍ لهم ـ فقلت: لا، أَنا ضامن لذلك.

ثم دعوت دَوْسًـا فأَبطئوا عن الإِسلام، فرجعت إِلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بمكة، فقلت: يا رسول الله، إِنه قد غلبني على دَوْس الزنا، فادع الله عليهم. فقال: "اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا، ارْجِعْ إِلَى قَوْمِكَ فَادْعُهُمْ وَارْفُقْ بِهِمْ"(*) أخرجه البخاري في الصحيح 4/118 كتاب الجهاد والسير حديث رقم 2937، 6/10 كتاب المغازي حديث رقم 4392، 8/152، كتاب الدعوات حديث رقم 6397 ومسلم في الصحيح 4/1957 كتاب فضائل الصحابة (44) باب (47) حديث رقم 197/2524) وأحمد في المسند 2/243، 448، 502، والبيهقي في دلائل النبوة 50/ 359، 362.

قال: فرجعت، فلم أَزل بأَرض قومي دوس أَدعوهم إِلى الإِسلام حتى هَاجَرَ النبي صَلَّى الله عليه وسلم إِلى المدينة، وقضى بدرًا وأُحدًا والخندق، ثم قدمت على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بمن أَسلم معي من قومي، ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بخَيْبَرَ، حتى نزلت المدينة بسبعين أَو بثمانين بيتًا من دَوْس، ثم لحقنا برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بخَيْبَر، فأَسهم لنا مع المسلمين.

ثم لم أَزل مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى فتح الله، عز وجل، عليه مكة، فقلت: يا رسول الله، ابعثني إِلى ذي الكَفَّين ـ صنم عَمْرو بن حُمَمَة ـ حتى أَحْرِقَه.

فخرج إِليه طُفَيل يقول وهو يَحْرِقه، وكان من خشب: [الرجز]

يَا ذَا الكَفَينِ لَسْتُ مِنْ عُبَّادِكَـا مِيلَادُنَا أَقْدَمُ مِـنْ ميِلَادِكَـا!
إِنِّي حَشَوْتُ النَّارَ فِي فُؤَادِكَـا

ثم رجع طُفَيل إِلـى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فكان معه بالمدينة، حتى قبض الله رسوله صَلَّى الله عليه وسلم.

فلما ارتدت العرب خرج مع المسلمين مُجَاهِدًا أَهْلَ الرِّدَّة حتى فرغوا من نجد، وسار مع المسلمين إِلى اليمامة، فقال لأَصحابه: إِني رأَيت رؤْيا فاعْبرُوها؛ إِني رأَيت رأْسي حُلِق، وأَنه خرج من فمي طائر، وأَنه لقيتني امرأَة فادخلتني في فَرْجها، وأَرى ابني عَمْرًا يطلبني طلبًا حثيثًا، ثم رأَيت حُبِس عني؛ قالوا: خيًرا، قال: أَما أَنا فقد أَوَّلْتُها، أَما حَلْقُ رأَسي فقطعه، وأَما الطائر فروحي، وأَما المرأَة التي أَدخلتني في فرجها فالأَرض تحفر لي، فَأُغَيَّبُ فيها، وأَما طلب ابني لي ثم حَبْسه عني فإِني أَراه سيَجْهَد أَن يصيبه ما أَصابني، فقتل الطفيل باليمامة شهيدًا، وجرح ابنه عَمْرو بن الطفيل ثم عوفي، وقتل عام اليرموك في خلافة عمر بن الخطاب، رضي الله عنهم، شهيدًا.

أَخرجه الثلاثة.
(< جـ3/ص 77>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال