تسجيل الدخول


أبو قلابة الجرمي

عبد الله بن زيد الجَرْميّ:
يكنى أبا قِلابة. وكان يخضب بالسواد، وكان ديوانه بالشأم. كان ثقة كثير الحديث. قيل له: أيّ النّاس أغنى؟ قال: الذي يرضى بما يُؤتى، قيل: فأيّ النّاس أعلم؟ قال: الذي يزداد من علم النّاس إلى علمه. قال أَبو قِلابة: إذا كان الرجل النّاس أعلم به من نفسه فذاك قمَن من أن يهلك، وإن كان هو أعلم بنفسه من النّاس فذاك قمَن من أن ينجو. وقال مسلم بن يسار: لو كان أبو قلابة من العجم لكان موبذ موبذان، يعني: قاضي القضاة. وقال أيـّوب: وجدتُ أعلم النّاس بالقضاء أشدّهم منه فرارًا وأشدّهم له كراهيةً، وما أدركت بالبصرة رجلًا كان أقضى من أبي قلابة لا أدري ما محمّد لو خُبر. وقال أيـّوب أيضًا: طُلِبَ أبو قلابة للقضاء ففرّ فلحق بالشأم فأقام زمانًا ثمّ جاء، قال أيوب: فقلتُ لهُ لو أنـّك وليت القضاء وعدلت بين النّاس رجوتُ لك في ذلك أجرًا، قال لي: يا أيـّوب، السابحُ إذا وقع في البحر كم عسى أن يسبح؟ ذُكر أبو قلابة عند محمّد بن سيرين فقال: ذاك أخي حقًّا. ولما قدم أبو قلابة على عمر بن عبد العزيز قال عمر: يا أبا قلابة حَدِّثْ، قال: يا أمير المؤمنين إني لأكره كثيرًا من الحديث، وأكره كثيرًا من السكوت. قال أبو قلابة: إذا حدّثتَ الرجل بالسّنّة فقال: دَعْنا من هذا وهاتِ كتابَ الله، فاعلم أنـّه ضالٌّ. وقال أيضًا: ما ابتدع رجل بدعةً إلا استحلّ السيف. وقال: لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم فإنني لا آمن أن يغمسوكم في ضلالتهم أو يلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون. وقال: إنّ أهل الأهواء أهل ضلالة ولا أرى مصيرهم إلا إلى النـّار فجرّتهم فليس منهم أحد ينتحل رأيًا ويقول قولًا فيتناهى به الأمر دون السيف، وإن النفاق كان ضروبًا، ثمّ تلا: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ} [سورة التوبة: 75] و: {وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ} [سورة التوبة: 61] و: {وَمِنْهُمْ مَن يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ} [سورة التوبة: 58]، وقال: فاختلف قولهم واجتمعوا في الشكّ والتكذيب، وإن هؤلاء اختلف قولهم واجتمعوا في السيف ولا أرى مصيرهم إلاّ إلى النّار. قال أيـّوب: وكان والله من الفقهاء ذوي الألباب، يعني أبا قلابة، وقال: أقمتُ بالمدينة ثلاثًا ما لي بها من حاجة إلاّ حديث بلغني عن رجل أقمتُ عليه حتّى قدم فسألته. قال خالد: كنّا نأتي أبا قلابة فإذا حدّثنا ثلاثة أحاديث قال: قد أكثرتُ. قال غيلان بن جَرير: أردتُ أن أخرج مع أبي قلابة إلى مكّة فاستأذنتُ عليه فقلتُ: أأدخل؟ فقال: نعم إن لم تكن حَرُوريًّا. وكان أبو قلابة يأتي الخزّازين فيقول: اكتبوا لي في مطرف طوله كذا، وعرضه كذا، وهيئته كذا، فإذا جاء اشتراه.
مَرِضَ أبو قلابة بالشأم فأتاه عمر بن عبد العزيز يعوده، فقال: يا أبا قلابة تَشدّدْ لا يـَشْمَتْ بنا المنافقون. ولمّا دخل أبو العالية على أبي قلابة قال: تجلّد لا يشمت بنا المنافقون. وأوصى أبو قلابة: ادفعوا كتبي إلى أيـّوب إن كان حيًّا وإلاّ فاحرقوها. قال محمّد بن عمر: مات أبو قلابة بالشأم بدَيرأيـّا، وكان مكتبه بالشأم، توفي في سنة أربع أو خمس ومائة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال