تسجيل الدخول


سهيل بن عمرو بن شمس بن عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي

1 من 1
سهيل بن عمرو العامري:

سُهيل بن عمرو بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤيّ بن غالب القرشيّ العامريّ، يُكْنَى أبا يزيد، كان أحَد الأشراف من قريش وسادتهم في الجاهلية، أسر يوم بدر كافرًا، وكان خطيب قريش، فقال عمر: يا رسول الله، انزع ثنِيَّته، فلا يقوم عليك خطيبًا أبدًا. فقال صَلَّى الله عليه وسلم: "دَعْهُ فَعَسَى أَنْ يَقُومَ مَقَامًا تَحْمِدُهُ".(*) وكان الذي أسره مالك بن الدَّخْشَم، فقال في ذلك: [المتقارب]

أَسَرْتُ سُهَيْلًا
فَمَا
أَبْتَغِي أَسِيرًا
بِهِ
مِنْ
جَمِيعِ
الأُمَمْ

وَخَنْدَفُ
تَعْلَـمُ
أَنَّ
الفَتَى سُهَيلًا
فَتَاها
إِذَا
تُصْطَـلَمْ

ضَرَبْتُ بِذِي الشَّفْرِ حَتَّى انْثنَى وَأَكْرَهْتُ سَيْفِي عَلَى ذِي العَلَم

قال: فقدم مكرز بن حفص بن الأحنف العامري فقاطعهم في فدائه، وقال: ضَعُوا رِجّلي في القيد حتى يأتيكم الفداء، ففعلوا ذلك.

وكان سُهيل أعْلَم مشقوق الشَّفَة، وهو الذي جاء في الصَّلح يوم الحديبية، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ـــ حين رآه‏: "قد سَهُلَ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ" (*) أخرجه البخاري 2/177، وأحمد 4/328، والبيهقي في الدلائل 4/105 وفي السنن الكبرى 9/220.، ‏‏وعقد مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الصلّح يومئذٍ، وهو كان متولي ذلك دون سائر قريش، وهو الذي مدحه أمية بن أبي الصَّلت فقال: [الكامل]

أَبَا يَزِيدَ، رَأَيْتَ سَيْبَكَ وَاسِعًا وَسِجَالَ كَفِّكَ يَسْتَهِلُّ وَيُمْطِرُ

وقال فيه ابنُ قيس الرّقيات حين منع خُزاعة من بني بكر بعد الحديبية، وكانوا أخواله، فقال: [الخفيف]

مِنْهُمُ ذُو النَّدَى سُهَيلُ بْنُ عَمْرو عُصْبَةُ النَّاسِ حِينَ جَبَّ الوَفَاءُ

حَاطَ
أَخُوَالَهُ
خُزاعَةَ
لَمَّا كَثَّرَتْهُمْ بِمَكَّةَ
الأَحْيَاءُ

وكان المقام الذي قامه في الإسلام الذي قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم‏‏ لعمر: "دعه فعسى أن يقوم مقامًا تحمده"(*)، فكان مقامه في ذلك أنه لما ماج أهلُ مكة عند وفاةِ النّبي صَلَّى الله عليه وسلم وارتدَّ من ارتدّ من العرب قام سهيل بن عَمْرو خطيبًا، فقال: والله إني أعلم أنّ هذا الدّين سيمتدُّ امتدادَ الشَّمِس في طلوعِها إلى غروبِها. فلا يغرّنكم هذا من أنفسكم ـــ يعني أبا سفيان، فإنه ليعلم من هذا الأمرِ ما أعلم‏. ولكنه قد ختم على صدْره حَسَدُ بني هاشم. وأتى في خطبته بمثل ما جاء به أبو بكر الصّديق رضي الله عنه بالمدينة، فكان بذلك معنَى قولِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فيه لعمر. والله أعلم.

وروَى ابن المبارك قال: حدّثنا جرير بن حازم، قال: سمعْتُ الحسن يقول: حضر النّاسُ بابَ عمر بن الخطّاب رضي الله عنه، وفيهم سُهيل بن عمرو، وأبو سفيان بن حرب، وأولئك الشيّوخ من قريش، فخرج آذِنُه، فجعل يأذن لأهل بدر: لصُهَيب، وبلال، وأهل بدر، وكان يحبّهم، وكان قد أوصى بهم، فقال‏‏ أبو سفيان: ما رأيتُ كاليوم قط، إنه ليؤذن لهؤلاء العبيد، ونحن جلوس لا يلتفت إلينا، فقال‏‏ سهيل بن عمرو: قال‏‏ الحسن ـــ ويا له من رجل ما كان أعقله: أيَّها القوم، إني والله قد أرى الذي في وجوهكم، فإن كنتم غضابًا فاغضبوا على أنفسكم، دُعِي القومُ ودُعيتم، فأسرعوا وأبطأتم، أما والله لَما سَبَقُوكم به من الفضل أشدّ عليكم فوتًا من بابكم هذا الذي تتنافسون فيه، ثم قال: أيّها القوم، إن هؤلاء القوم قد سبقوكم بما ترون، ولا سبيلَ لكم والله إلى ما سبقوكم إليه، فانظروا هذا الجهاد فالزموه، عسى الله عزّ وجل أنْ يَرْزقكم شَهَادَةً، ثم نفض ثوبه وقام ولحق بالشّام.

قال الحسن: فصدق؛ والله لا يجعل الله عبدًا له أسرع إليه كعبدٍ أبطأ عنه.

وذكر الزَّبير عن عمه مصعب، عن نوفل بن عمارة، قال: جاء الحارث بن هشام، وسهيل بن عمرو إلى عمر بن الخطاب، فجلسا وهو بينهما، فجعل المهاجرون الأوَّلون يأتَونَ عمر رضي الله عنه، فيقول: ههنا يا سهيل، ههنا يا حارث، فينحيهما عنه، فجعل الأنصارُ يأتونَ فينحيهما عنه كذلك، حتى صار في آخر النَّاس، فلما خرجا من عند عمر قال الحارث بن هشام لسُهيل بن عمرو‏: ألَمْ تر مَا صُنع بنا؟ فقال له‏ سهيل: إنه الرجل لا لَوْمَ عليه، ينبغي أن نرجعَ باللّوم على أنفسنا؛ دُعِي القومُ فأسرعوا، ودُعينا فأبطأنا؛ فلما قاموا من عند عمر أتياه، فقالا له: يا أمير المؤمنين، قد رأينا ما فعلْتَ بنا اليوم، وعلمنا أنه أُتِينا من قبل أنفسنا، فهل من شيء نستدرك به ما فاتنا من الفَضْلِ؟ فقال: لا أعلم إِلَّا هذا الوجه ـــ وأشار لهما إلى ثغر الرَّوم. فخرجا إلى الشُّام فماتا بها.

قالوا: وكان سهيل بن عمرو بعد أن أسلم كثير الصَّلاة والصَّوم والصَّدقة، وخرج بجماعة أهله إِلّا بنته هندًا إلى الشَّام مُجاهدًا حتى ماتوا كلهم هنالك، فلم يَبْقَ من ولده أحد إلّا ابنته هند وفاختة بنت عتبة بن سُهيل، فقدم بها على عمر، فزوَّجها عبد الرّحمن بن الحارث بن هشام، وكان الحارث قد خرج مع سُهيل، فلم يرجع ممن خرج معهما إِلّا فاختة وعبد الرَّحمن فقال: زوّجوا الشَّريد الشّريدة. ففعلوا، فنشر الله منهما عددًا كثيرًا. قال المديني‏: قُتل سهيل بن عمرو باليرموك. وقيل بل مات في طاعون عَمَوَاس رضي الله عنه.
(< جـ2/ص 229>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال