خارجة بن عبد المنذر الأنصاري
بعث بنو قريظة إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أن ابعث إلينا أبا لبابة بن عبد المنذر، وكانوا حلفاء الأوس نستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إليهم، فلما رأوه قام إليه الرجال، وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه، فرق لهم، وقالوا له يا أبا لبابة أترى أن ننزل على حكم محمد؟ فقال: نعم، وأشار بيده إلى حلقه إنه الذبح، قال أبو لبابة: فوالله ما زالت قدماي ترجفان؛ حين عرفت أني قد خنت الله ورسوله، ثم انطلق على وجهه، ولم يأت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حتى ارتبط في المسجد إلى عمودين من عمده، وقال: لا أبرح مكاني حتى يتوبَ اللهُ عليّ مما صنعت، وعاهد الله أن لا يطأ بني قريظة أبدا، فلما بلغ رسول الله خبره، وكان قد استبطأ، قال: "أما لو جاءني لاستغفرت له، فإذ فعل ما فعل، ما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه"، وقيل: إن توبة أبي لبابة نزلت على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وهو في بيت أم سلمة، فقالت: سمعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم من السحر وهو يضحك، فقلت: ما يضحك؟ أضحك الله سنك، فقال: "تيب على أبي لبابة"، فلما خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى صلاة الصبح أطلقه.