تسجيل الدخول


عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب القرشي الزهري

1 من 1
عبد الرّحمن بن عوف:

عبد الرّحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد بن الحارث بن زهرة بن كلاب بن مُرَّة بن كعب بن لؤيّ بن غالب القرشيّ الزهريّ، يُكْنَى أبا محمد، كان اسمه في الجاهليّة عبد عمرو، وقيل عبد الكعبة، فسمّاه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم عبد الرّحمن.(*)‏ أمّه الشّفاء بنت عَوف بن عبد بن الحارث بن زهرة‏. وُلِدَ بَعْدَ الفيل بعشر سنين، وأَسلم قبل أنْ يدخلَ رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم دار الأرقم، وكان من المهاجرين الأوّلين، جمع الهجرتين جميعًا:‏ هاجر إلى أرض الحبشة، ثم قدم قبل الهجرة، وهاجر إلى المدينة، وآخى رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الرّبيع، (*) وشهدَ بَدْرًا والمشاهد كلَّها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وبعثه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى دُومَة الجندل إلى كلب وعمَّمَه بيده، وسدلها بين كتفيه، وقال له:‏ ‏"‏سِرْ بِاسْمِ اللَّهِ"‏،(*) وأوصاه بوصاياه لأمراء سراياه.

ثم قال له:‏ ‏"‏إِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكَ فَتَزَوَّجْ بِنْتَ مَلِيكِهِمْ‏"،‏ أو قال:‏ ‏"‏بِنْتَ شَرِيِفِهِمْ".‏(*) وكان الأصبغ بن ثعلبة الكلبيّ شريفهم، فتزوَّج بنته تماضر بنت الأصبغ، وهي أمُّ ابنه أبي سلمة الفقيه‏.

قال الزّبير:‏ وأم ابنه محمد الذي كان يُكْنَى به‏. وُلِد في الإسلام، وابنه سالم الأكبر مات قبل الإسلام، وابنته أُم القاسم وُلِدَت في الجاهليّة؛ أُمُّ هؤلاء الثّلاثة أُم كلثوم بنت عُتبة بن ربيعة بن عبد شمس‏. ‏وأُمّ إبراهيم، وحُميد وإسماعيل أم كلثوم بنت عُقبة بن معيط. وأُم عروة بُجيرة بنت هانئ بن قبيصة، من بني شيبان.‏ قتل عروة بن عبد الرّحمن بن عَوْف بإفريقية. وأُم سالم الأصغر سهلة بنت سُهيل بن عمرو العامريّ، أخوه لأمه محمد بن أبي حُذيفة. وأم أبي بكر بن عبد الرّحمن بن عوف أمُّ حكيم بنت قارظ بن خالد بن عُبيد بن كنانة. وأُم عبد الله الأكبر.‏ يُكْنَى أبا عثمان، قُتل أيضًا بإفريقية، والقاسم؛ أمهما بنت أنس بن رافع الأنصاريّ من بني عبد الأشهل، هي أمّهما جميعًا. قال: وعبد الله الأصغر هو أبو سلمة الفقيه. وعبد الرّحمن بن عبد الرّحمن بن عوف أُمُّه أسماء بنت سلامة بن مخرمة بن جندب، من بني نهشل بن دارم.‏ ومصعب بن عبد الرّحمن بن عوف أُمُّه سبية من بهز وسهيل بن عبد الرّحمن بن عوف أُمُّه مجد بنت يزيد بن سلامة الحميريّ. وعثمان ابن عبد الرّحمن بن عوف أمُّه غزال بنت كسرى، من سَبْي سعد بن أبي وقّاص يوم المدائن. وجويرية بنت عبد الرّحمن بن عوف زوج المسور بن مخرمة، أمّها بادية بنت غيلان بن سلمة الثّقفيّ. ومحمّد؛ ومعن، وزيد، بنُو عبد الرّحمن بن عوف، أُمُّهم سهلة الصّغرى بنت عاصم بن عديّ العجلانيّ، هذا كله قول الزّبير بن بكّار.

وكان عبد الرّحمن بن عوف أحدَ العشرة الذين شهد لهم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بالجنّة.‏ وأحد السّتة الذين جعل عمر الشورَى فيهم، وأخبر أنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم تُوفِّي وهو عنهم رَاضٍ.

وصلّى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم خَلْفَه في سفرة، وروي عنه صَلَّى الله عليه وسلم أنه قال:‏ ‏"‏عَبْدُ الرَّحْمنَ بْنَ عَوْفِ سَيُّدُ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمين"،(*)‏‏ وروي عنه عليه السّلام أنه قال:‏ ‏"‏عَبْدُ الرَّحَمنِ بْنُ عَوْفٍ أَمِينٌ فِي السَّمَاءِ وَأَمِينٌ فِي الأَرْضِ".(*)

أنبأنا أحمد بن زهير، حدّثنا القاسم بن أصبغ، حدّثنا الحارث بن أبي أسامة، حدّثنا يزيد بن هارون، حدّثنا أبو المعلى الجزريّ، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمران عبد الرّحمن بن عوف، قال‏‏ لأصحاب الشّورى‏: هل لكم أنْ أختار لكم وأنتقي منها، قال عليّ رضي الله عنه:‏ أنا أول مَنْ رضِيَ، فإِني سمِعْتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: ‏"‏أَنْتَ أَمِينٌ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَمِينٌ فِي أَهْل الأَرْضِ"‏‏.(*)

قال الزّبير بن بكّار:‏ كان عبد الرّحمن بن عوف أمينَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على نسائه.

وروى عبد الملك بن عمير عن قبيصة بن جابر قال‏: دخلت على عُمر، وعن يمينه [[رجلٌ]] كأنه قلب فضّة، وهو عبد الرّحمن بن عوف، قال‏ الواقديّ: كان رجلًا طويلًا فيه جَنَأ، أبيض مُشْرَبًا بالحمرة، حسن الوجه رقيق البشرة، ولا يغيّر لحيته ولا رأسه.

وروينا عن سهلة بنت عاصم زوجه قالت‏: كان عبد الرّحمن بن عوف أبيض أعين أهدب الأشفار أقْنَى الأصابع طويل النّابين الأعليين، ربما أدمى شفتيه، له جمّة، ضخم الكفّين، غليظ الأصابع، جُرح يوم أُحُدٍ إحدى وعشرين جراحة، وجرح في رجله، وكان يعرج منها.

قال أبو عمر: كان تاجرًا مجدودًا في التجارة، وكسب مالًا كثيرًا، وخلَّف ألف بعير وثلاثة آلاف شاة، ومائة فرس ترعى بالبقيع، وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحًا، فكان يدخل منه قوت أهله سنة‏.

وروى ابن عُيينة، عن عمرو بن دينار، عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرّحمن بن عوف، قال‏: صالحنا امرأة عبد الرّحمن بن عوف التي طلقها في مَرَضِهِ من ثلث الثمن بثلاثة وثمانين ألفًا.

وقد روى غير ابن عُيينة في هذا الخبر أنها صُولِحت بذلك عن رُبع الثمن من ميراثه.

وروى الثّوريّ. عن طارق، عن سعيد بن جُبير، قال:‏ حدّثنا أبو الهَيَّاج قال‏: رأَيت رجلًا يطوفُ بالبيت وهو يقول:‏ اللهم قِنِي شُحَّ نفسي‏. فسألت عنه فقالوا:‏ هذا عبد الرّحمن بن عوف‏.

وروي عنه أنه أعتق في يوم واحدٍ ثلاثين عبدًا. ولما حضرته الوفاة بكى بكاءً شديدًا، فسُئل عن بكائه، فقال: إِنَّ مُصْعَب بن عمير كان خيرًا مني، تُوفِّي على عهد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ولم يكن له ما يكفَّن فيه، وإنّ حمزة بن عبد المطلّب كان خيرًا مني لم نجد له كفنًا، وإِني أخشى أَنْ أكونَ ممن عُجِّلَتْ له طيباته في حياة الدّنيا، وأخشى أن أحتبس عن أصحابي بكثرة مالي.

وذكر ابن سنجر، عن دُحيم بن فديك، وذكره ابن السّراج.‏ قال:‏ حدّثنا محمد بن الصباح، حدّثنا علي بن ثابت جميعًا، عن ابن أبي ذئب، عن مسلم بن جندب، عن نوفل ابن إياس الهذليّ، قال:‏ كان عبد الرّحمن بن عوف لنا جليسًا، وكان نعم الجليس، وإنه انقلب بنا ذات يوم حتى دخلنا منزله، ودخل فاغتسل، ثم خرج فجلس معنا، فأتينا بقصعةٍ فيها خبر ولحم، ولما وُضِعت بكى عبد الرّحمن بن عوف، فقلنا له:‏ ما يُبكيك يا أبا محمد؟ قال:‏ مات رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ولم يشبع هو وأهل بيته من خُبْز الشّعير، ولا أرانا أخرّنا لهذا لما هو خَيْرٌ لنا.(*)

أخبرنا عبد الله بن محمد، حدّثنا أحمد بن جعفر بن حمدان، حدّثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل، قال: حدّثني أبي قال: حدّثنا أبو معاوية قال‏: حدّثنا الأعمش، عن شقيق، عن أم سلمة، قال:‏ دخل عليها عبد الرّحمن بن عوف قالت: فقال‏‏ يا أمّه، قد خفت أنْ يهلكني كثرةُ مالي، أنا أكثَرُ قريش مالًا. قالت: يا بني، أنفق، فإِني سمعْتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول:‏ ‏"‏إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لَا يَرَانِيَ بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ‏"‏‏.‏ فخرج عبد الرّحمن، فلقي عُمر، وأخبره، فجاء عمر فدخل عليها، فقال‏: بالله منهم أنا؟ فقالت‏: لا والله، ولن أبرئ بعدك.(*)

وذكر ابن أبي خيثمة من حديث زيد بن أبي أوفى ــ أنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم آخَى بين عثمان، وعبد الرّحمن بن عوف‏.(*)

حدّثنا سعيد، حدّثنا قاسم، حدّثنا أبو وضاح، حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدَّثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن شقيق، عن أمّ سلمة، قالت: دخل عليها عبدُ الرّحمن بن عوف، فقال:‏ يا أُمّه، قد خشيْتُ أن يهلكني كثرةُ مالي، أنا أكثر قريش كلهم مالًا.‏ قالت‏: يا بنيّ، تصدَّقْ، فإني سمعْتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول:‏ ‏"‏إِنَّ مِنْ أَصْحَابِي مَنْ لَا يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ". فخرج عبد الرّحمن، فلقي عمر فأخبره بما قالت أُمُّ سلمة، فدخل عليها فقال لها:‏ بالله منهم أنا؟ قالت‏: لا. ولن أَقولَ لأحدٍ بعدك.(*) هكذا رواه الأعمش، عن شقيق أَبي وائل، عن أُم سلمة.

ورواه عاصم بن أبي النّجود عن أَبي وائل، عن مسروق، عن أُمَّ سلمة قالت:‏ قال النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم:‏ ‏"‏إِنَّ مِنْ أَصْحَابِيَ مَنْ لَا أَرَاهُ وَلَا يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أَمُوتَ أَبَدًا".‏ قال:‏ فبلغ ذلك عُمر، فأتاها يشتدُّ ويسرع، فقال:‏ أنشدك بالله أَنا منهم؟ قالت: لا. ولن أُبرئ بعدك أَحدًا أَبدًا.(*) ذكره أحمد بن حنبل، قال‏: حدّثنا أَسود بن عامر قال:‏ حدّثنا شريك، عن عاصم عن أَبي وائل، عن مسروق، عن أُم سلمة.

تُوفِّي عبد الرّحمن بن عوف سنة إحدى وثلاثين.‏ وقيل سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابنُ خمس وسبعين سنة بالمدينة.

ورُوي عن أَبي سلمة أَنه قال:‏ تُوفِّي أبي وهو ابنُ اثنتين وسبعين سنة بالمدينة، ودُفن بالبَقيع، وصلّى عليه عثمان، هو أَوْصَى بذلك‏.

وقال إِبراهيم بن سعد:‏ كانت سنُّ عبد الرّحمن بن عوف ثمانيًا وسبعين سنة‏.
(< جـ2/ص 386>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال