تسجيل الدخول


أبو بكر الصديق بن أبي قحافة

روى عروة بن الزبير قال: سأَلت عبد اللّه بن عمرو بن العاص قلت: أَخبرني بأَشد شيءٍ رأَيتَه صنعه المشركون برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال: أَقبل عقبة بن أَبي مُعَيْط، ورسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم يصلي عند الكعبة، فلوى ثوبه في عُنُقِه فخنقه خنقًا شديدًا، فأَقبل أَبو بكر، فأَخذ مَنْكِبَه فدفعه عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ثم قال أَبو بكر: يا قوم، أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَن يقولَ رَبِّي اللّهُ وَقَدْ جَاءَكمْ بالبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُم.
وروت أسماء بنت أبي بكر أنهم قالوا لها:‏ ما أشدَّ ما رأيت المشركين بلغوا من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ فقالت:‏ كان المشركون قعودًا في المسجد الحرام، فتذاكرُوا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وما يقول في آلهتهم، فبينما هم كذلك، إذ دخل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المسجد، فقاموا إليه، وكانوا إذا سألوه عن شيء صدّقهم، فقالوا:‏‏ ألستَ تقول في آلهتنا كذا وكذا؟ قال:‏‏ ‏"بَلَى‏"،‏ قال: فتشبَّثُوا به بأجمعهم، فأتى الصريخ إلى أبي بكر، فقيل له‏:‏ أدرك صاحبَك‏، فخرج أبو بكر حتى دخل المسجد، فوجد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم والنَّاسُ مجتمعون عليه، فقال:‏ ويلكم، أتقتلون رجلًا أنْ يقولَ ربِّيَ الله، وَقَدْ جاءكم بالبيِّنات من ربكم؟ قال:‏ فلهوا عن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأقبلوا على أَبي بكر يضربونه،‏ قالت:‏ فرجع إلينا، فجعل لا يمس شيئًا من غدائره إلا جاء معه وهو يقول:‏ تباركت يا ذا الجلال والإكرام‏(*).
روى البَرَاءِ بن عازِب قال: اشترى أَبو بكر من عازب سَرْجًا بثلاثة عشر درهمًا، قال: فقال أَبو بكر لعازب: مُرِ البراءَ فَليحمله إِلى منزلي، فقال: لا، حتى تُحَدِّثنا كيف صنعـت حيث خرج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأَنت معه، قال: فقال أَبو بكر: خرجنا فأَدْلَجْنا فأَحيينا يومنا وليلتنا، حتى أَظهرنا وقام قائم الظهيرة، فضربت ببصري: هل أَرى ظلًا نأوي إِليه؟ فإِذا أَنا بصخرة، فأَهويتُ إِليها فإِذا بقية ظلها، فسويته لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وفرشت له فَرْوَةً، وقلت: اضطجع يا رسول الله فاضطجع، ثم خرجت أَنظر هل أَرى أَحدًا من الطلب؟ فإِذا أَنا براعي غنم، فقلت: لمن أَنت، فقال: لرجل من قريش، فسماه فعرفتُهُ، فقلت: هل في غنمك من لبن؟ قال: نعم، قلت: هل أَنت حالبٌ لي؟ قال: نعم، فأَمرتُهُ فاعتقل شاة منها، ثم أَمرته فنفض ضَرْعها، ثم أَمرته فنفض كفيه من الغُبَار، ومعي إِداوة على فمها خرقة، فحلب لي كُثْبَـة من اللبن، فصببت على القدح، حتى برد أَسفله، ثم أَتيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فوافيتُهُ وقد استيقظ، فقلت: اشرب يا رسول الله، فشَرِبَ حتى رضيتُ، ثم قلت: هل آن الرحيل؟ قال: فارتحلنا، والقوم يطلبوننـا، فلم يدركنا أَحد منهم إِلا سُراقة بن مالك بن جُعْشُم على فرس له، فقلت: يا رسول الله، هذا الطَلَبُ قد لَحِقنا؟ قـال: {لَا تَحْزَنْ إِنَّ الْلَّهَ مَعَنَا} حتى إِذا دنا منا فكان بيننا وبينه قدر رُمح أَو رمحين ــ أَو قال: رمحين أَو ثلاثة ـــ قال قلت: يا رسول الله، هذا الطَّلَب قد لحقنا وبْكيتُ، قال: "لم تبكي؟" قال قلتُ: والله، ما على نفسي أَبكي، ولكني أَبكي عليك. قال: فدعا عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال: "الْلُّهُمَّ اكْفِنَاهُ بِمَا شِئْتَ"، فساخَتْ فرسهُ إِلى بطنها في أَرض صَلْد، ووثب عنها وقال: يا محمد، قد علمتُ أَن هذا عَمَلُك، فادع الله أَن ينجيني مما أَنا فيه، فوالله لأعَمِّيَنَّ عَلَى مَنْ وَرَائي من الطَّلَب، وهذه كِنَانتي فَخُذْ منها سهمًا، فإِنك ستمر على إِبلي وغنمي في موضع كذا وكذا، فَخُذْ منها حاجتك، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لاَ حَاجَةَ لِي فِيْهَا"، قال: ودعا له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فَأُطْلِقَ ورجع إِلى أَصحابه، ومضى رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم وأَنا معه، حتى قدمنا المدينة، فتلقاه الناس في الطريق وعلى الأَجَاجِير واشتدَّ الخَدَمُ والصِّبْيَانُ في الطريق يقولون: الله أَكبر، جاءَ رسول الله، جاءَ محمد، قال: وتنازع القوم أَيُّهم ينزل عليه؟ قال: فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَنزلُ الليلة على بني النجار، أَخوالِ عبد المطلب؛ أَكرمهم بذلك". قال: وقال البراءُ: أَول من قَدِم علينا من المهاجرين ثم مُصْعَبُ بن عُمَيْر، أَخو بني عبد الدار، ثم قَدِم علينا ابن أُم مَكْتُوم الأَعمى، أَخو بني فهر، ثم قدم علينا عمرُ بن الخطاب في عشرين راكبًا، فقلنا: ما فعل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: هو على أَثَرِي. ثم قَدِم رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم وأَبو بكر معه، قال البَرَاءَ: ولم يَقْدَم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حتى قرأت سُوَرًا من المُفَصَّل ـــ قال إِسرائيل: وكان البراءُ من الأَنصار من بني حارثة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال