تسجيل الدخول


زينب بنت سيد ولد آدم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشية الهاشمية

زينب بنت سيد ولد آدم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب القرشية الهاشمية:
قال محمد بن إسحاق السرّاج: سمعْتُ عبد الله بن محمد بن سليمان الهاشميّ يقول: وُلِدَتْ زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في سنة ثلاثين من مولد النّبي صَلَّى الله عليه وسلم. وقال أبو عمر: كانت زينب أكْبَرَ بناته صَلَّى الله عليه وسلم، لا خلاف أعلمه في ذلك إلّا ما لا يصحُّ ولا يلتفت إليه وإنما الاختلاف بين زينب والقاسم أيهما وُلِد له صَلَّى الله عليه وسلم أولًا؛ فقالت طائفة من أهل العلم بالنّسب: أول مَنْ وُلِد له القاسم، ثم زينب، وقال ابن الكلبي: زينب ثم القاسم.
وأمّ زينب هي خديجة بنت خُوَيْلِد بن أسد، وتزوّج زينب ابن خالتها أبو العاص بن الربيع بن عَبْد العُزَّى قبل النبوّة، وكانت أوّل بنات رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم تزوّج، وأمّ أبي العاص هَالَة بنت خُوَيْلِد بن أسد، خالة زينب بنت رسول الله، وولدت زينب لأبي العاص: عليًّا، وأُمامة ــ امرأة، فتوفّي عليّ وهو صغير وقد ناهز الاحتلام، وكان رديف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم الفت، وبقيت أُمامة فتزوّجها عليّ بن أبي طالب بعد موت فاطمة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.
وروى عامر الشعبيّ أنّ زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كانت تحت أبي العاص بن الربيع فأسلمت وهاجرت مع أبيها، وأبَى أَبُو العاص أن يسلم. وروى عبّاد بن عبد الله بن الزّبير، عن عائشة، أنّ أبا العاص بن الربيع كان فيمن شهد بدرًا مع المشركين فأسَرَه عبد الله بن جُبَير بن النُّعمان الأنصاري، فلمّا بعث أهل مكّة في فداء أسراهم قَدِم في فداء أبي العاص أخوه عَمْرو بن الرَّبِيع، وبعثت معه زينب بنت رسول الله ــ وهي يومئذٍ بمكّة ــ بقِلاَدَة لـها كانت لخديجة بنت خُوَيـْلِد من جَزْعِ ظَفار ــ وظفار جبل باليمن، وكانت خديجة بنت خُوَيْـلِد أدخلتها بتلك القِلاَدة على أبي العاص بن الربيع حين بَنَى بها، فبعثت بها في فداء زوجها أبِي العاص، فلمّـا رأى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلّم القلادة عرفها وَرَقَّ لـها، وذكر خديجة وترحَّم عليها وقال:"إنْ رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردّوا إليها متاعها فعلتم". قالوا: نعم يا رسول الله، فأطلقوا أبا العاص بن الربيع وردّوا على زينب قِلاَدَتها وأخذ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم على أبي العاص أن يُخلّي سبيلها إليه فوعده ذلك ففعل.(*) قال محمد بن عمر: وهذا أثبت عندنا من رواية من روى أنّ زينب هاجرت مع أبيها صَلَّى الله عليه وسلم.
وروى معروف بن الخَرَّبُوذ المكّي قال: خرج أبو العاص بن الربيع في بعض أسفاره إلى الشأم فذكر امرأته زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأنشأ يقول:
ذَكَرْتُ زينبَ لمّـا ورّكتْ إرمـــــا فقلتُ سَقْيًا لشخصٍ يسكن الحَرَما
بنت الأمين جَزَاها اللهُ صالحة وكلّ بَعل سيثنــى بالـذي عَـلِمَــــــــا
قال محمد بن عمر: وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يقول: "ما ذْممنا صِهْر أبي العاص"(*). وروى يزيد بن رُومَان قال: صَلَّى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بالناس الصبح، فلمّا قام في الصّلاة نادت زينب بنت رسول الله: إني قد أجَرت أبا العاص بن الربيع، فلمّا انصرف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "هل سمعتم ما سمعت؟" قالوا: نعم، قال: "أما والذي نَفْسُ محمد بيده ما علمت بشيء ممّا كان حتى سمعت منه الذي سمعتم، إنّه يجير على الناس أدناهم"(*).
وروى إسماعيل، عن عامر قال: قدم أبو العاص بن الربيع من الشأم وقد أسلمت امرأته زينب مع أبيها وهاجرت، ثمّ أسلّم بعد ذلك، وما فرّق بينهما. وروى قتادة أنّ زينب بنت رسول الله كانت تحت أبي العاص بن الربيع فهاجرت مع رسول الله ثمّ أسلم زوجها فهاجر إلى رسول الله فردّها عليه. قال قتادة: ثمّ أُنزلت سورة براءة بعد ذلك فإذا أسلمت المرأة قبل زوجها فلا سبيل له عليها إلا بخطبة، وإسلامها تطليقة بائنة.
وروى عمرو بن شُعيب، عن أبيه، عن جَدّه أنّ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم ردّ ابنته على أبي العاص بن الربيع بنكاح جديد. قال يزيد: ومهر جديد.(*) وروى عكرمة، عن ابن عبّاس أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ردّ ابنته إلى أبي العاص بعد سنتين بنكاحها الأول ولم يُحْدِث صَدَاقًا.(*) وروى موسى بن محمّد بن إبراهيم بن الحارث التَّيْمِي، عن أبيه قال: خرَج أبو العاص بن الربيع إلى الشأم في عِير لقريش، وبلغ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أنّ تلك العِير قد أقبلت من الشأم، فبعث زَيد بن حارثة في سبعين ومائة راكب فلقوا العير بناحية العِيص في جُماد الأولى سنة ستّ من الهجرة فأخذوها وما فيها من الأثقال وأسروا ناسًا ممّن كان في العير، منهم أبو العاص بن الربيع، فلم يَغْدُ أن جاء المدينة فدخل على زينب بنت رسول الله بسحر وهي امرأته فاستجارها فأجارته، فلمّا صَلَّى رسول الله الفجر قامت على بابها فنادت بأعلى صوتها: إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع! فقال رسول الله: "أيها الناس هل سمعتم ما سمعتُ؟" قالوا: نعم، قال: "فوالذي نفسي بيده ما علمت بشيء ممّا كان حتى سمعتُ الذي سمعتم، المؤمنون يَدٌ على مَن سِواهم يُجير عليهم أدناهم، وقد أجرنا مَن أَجَارَت". فلمّا انصرف النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم إلى منزله دخلت عليه زينب فسألته أن يردّ عَلَى أبي العاص ما أُخِذ منه ففعل، وأمرها أن لا يقربها، فإنّها لا تحلّ له ما دام مشركًا،ورجع أبو العاص إلى مكّة فأدّى إلى كلّ ذي حقّ حقّه ثمّ أسلم ورجع إلى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم مسلمًا مهاجرًا في المحرّم سنة سبعٍ من الهجرة، فردّ عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم زينبَ بذلك النكاح الأوّل.(*) وهاجرت زينب رضي الله عنها بعد بدر.
وروت عائشة رضي الله عنها قالت: وكان الإسلام قد فَرِّق بين زينب وبين أبي العاص حين أسلمت، إلا أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كان لا يقدر على أن يفرق بينها، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مغلوبـًا بمكة، لا يُحِلّ ولا يُحَرّم. وقيل: إن أبا العاص لما أسلم ردّ عليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم زينب، قيل: بالنكاح الأول، وقيل: ردّها بنكاح جديد. وروى عكرمة، عن ابن عباس: أن النبي صَلَّى الله عليه وسلم ردّ زينب على أبي العاص بعد سنين بالنكاح الأول، لم يحدث صَدَاقا. وروى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده: أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ردّ زينب على أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد.
وروى الزهري، عن أنس ابن مالك قال: رأيت على زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بُرْدَ سَيْرَاء من حرير. وقال أبو عمر: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مُحِبًّا فيها. وتُوفيت زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في حياةِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سنة ثمانٍ من الهجرة، وكان سببُ موتها أنها لما خرجت من مكّة إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عمد لها هبار بن الأسود ورجل آخر فدفعها أحَدُهما فيما ذكروا؛ فسقطت على صَخْرةٍ فأسقطت وأهراقت الدّماء، فلم يزل بها مَرَضُها ذلك حتى ماتت سنة ثمانٍ من الهجرة، وكان زوجها محِبًّا فيها.
وروى معاوية بن عبد الله بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن جدّه قال: كانت أُمّ أيمن ممّن غسّل زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وسَودة بنت زمعة، وأم سَلَمة زوج النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم. وروت حفصة، عن أمّ عطيّة، قالت: لما ماتت زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلّم، قال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: "اغْسِلْنَها، وترًا ثلاثًا أو خَمسًا، واجْعَلْن في الخامسة كافورًا، أو شيئًا من كافور، وإذا غَسَلْتُنَّها فأعْلِمْنَنِي". فلمّا غسلناها أعلمناه فأعطانا حَقْوه فقال:"أشعِرْنَها إّياه"(*). وقال يزيد في حديثه: قالت فضفرنا شعرها ثلاثة أثلاث، قرنيها، وناصيتها، وألقينا خلفها مقدّمها، وقال إسحاق الأزرق: وحَقْوه: يعني: إِزَاره.
وروت حفصة بنت سِيريِن، عن أمّ عطيّة قالت: لما غسلنا بنت النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم قال لنا رسول الله ونحن نغسلها: "ابدأوا بميامنها ومَواضع الوضوء".(*) وتوفيت زينب بالمدينة في السنة الثامنة، ونزل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في قبرها وهو مهموم ومحزون، فلما خرج سُري عنه وقال: "كُنْتُ ذَكَرْتُ زَيْنَبَ وَضَعْفَهَا، فَسَأَلْتُ الله تَعَالَى أَنْ يُخَفِّفَ عَنْهَا ضِيقَ الْقَبْرِ وَغَمَّهِ، فَفَعَلَ وَهَوَّنَ عَلَيْهَا".(*) ثم توفي بعدها زوجها أبو العاص.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال