1 من 3
عبد الله بن الوليد بن المغيرة:
كان اسمه الوليد. ويقال: إن النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم غَيّره. قال الزبير بن بكار: حدثنا إبراهيم بن حمزة، حدثني إسحاق بن إبراهيم بن نسطاس، عن أيوب بن سلمة عن عبد الله بن وليد بن الوليد بن المغيرة، عن أبان بن عثمان، قال: دخل الوليد بن الوليد بن المغيرة وهو غلامٌ على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "مَا اسْمُكَ يَا غُلاَمُ؟" فقال: أنا الوليد بن المغيرة. قال: "ابنُ الوَليدِ بنُ الوَليدِ، مَا كَادَتْ بَنُو مَخْزِومٍ إلاَّ أن تَجْعَلَ الْوَلَيدَ رَبًّا وَلَكِنْ أنْتَ عَبْدُ الله".(*)
هذا هو الصواب. مرسل، وكذا ذكره ابن عبد البر بغير إسنادٍ، ووصله ابن منده من وَجْهٍ آخر عن أيوب بن سلمة، فقال: عن أبيه، عن جده ـــ أنه أتى النبي صَلَّى الله عليه وسلم. قال: "غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ".
قلت: وفي سنده النضر بن سلمة، وهو كذاب. وقال الزبير أيضًا في ترجمة الوليد بن الوليد بن المغيرة: كان سَمَّى ابنه الوليد، فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "مَا اتَّخَذْتُمُ الْوَلَيِدَ إلا حَنَانًا، هُوَ عَبْدُ الله".(*) قالت أم سلمة: لما مات الوليد بن الوليد:
يَا عَيْـنُ فَابْكِـى لِلْوَلِيدِ بْنِ الـوَلِيدِ بْنِ المُغِيرَهْ
مِثْلُ الوَلِيدِ بْنِ الوَلِيدِ أبِـي الوَلِيدِ كَفَى العَشِيرَهْ
[مجزوء الكامل]
فكأنها أشارت إلى وَلِده هذا.
وكان الوليد يكنى أبا الوليد، فلم يغيّر لَمّا غَيّر النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وكأنّ تغيير اسْمِ أبيه إنما وقع بعد موته؛ فقد أخرج إبراهيم الحربي في غريب الحديث مِنْ طريق محمد ابن إسحاق، عن محمد بن عمرو، عن زينب بنت أم سلمة عن أمها أم سلمة، قالت: دخل عليَّ النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم وعندي غلام يسمى الوليد بن الوليد، فقال: "اتَّخَذْتُمُ الْوَلِيدَ حَنَانًا؛ غَيِّرُوا اسْمَهُ".(*) وهذا سَنَدٌ جيد.
وأخرج أحْمَدُ في مسنده من طريق الأوزَاعي عن الزّهري، عن سعيد بن المسيب، عن ابن عمر، قال: وُلد لأخي أم سلمة مولود فسمي الوليد وقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "بل اسمه عبد الله " الحديث(*) وأظنه صاحب الترجمة؛ لأن الوليد بن الوليد بن المغيرة كان ابن عم أم سلمة فكأنه أطلق عليه أنه أخوها على سبيل التجوّز أو يكون أخاها من الرضاعة، وكنت كتبْتُ ترجمةَ عبد الله بن الوليد هذا في القسم الثاني ثم حولته؛ لأن سياقَ قصته يقتضي أنه كان في حياةِ النبي صَلَّى الله عليه وسلم يُجيد فَهْمَ الخطاب وَرَدّ الجواب.
(< جـ4/ص 223>)
2 من 3
عبد الله ابن أخي أم سلمة: تقدم ذكره في ترجمة عبد الله بن الوليد قريبًا.
(< جـ5/ص 23>)
3 من 3
الوليد بن الوليد: بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزوميّ، أخو خالد بن الوليد.
كان حضَر بَدْرًا مع المشركين، فأُسر فافتداه أخواه: هشام، وخالد. وكان هشام شقيقه؛ أُمُّهما آمنة أو عاتكة بنت حَرْملة، فلما افتدى أسلم وعاتَبُوه في ذلك، فقال: أجبت. فقال: كرهت أن يظنوا بي أني جزعتُ من الأسر، ذكر الواقديّ بأسانيده. ولما أسلم حبسه أخواله، فكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يدعو له في القنوت، كما ثبت في الصّحيح، مِنْ حديث أبي هريرة ـــ أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: "اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنينَ" أخرجه البخاري في صحيحه1/ 203،2/ 33،53،97،182،وأبو داود1/ 457 حديث رقم1442 والنسائي2/ 201 حديث رقم1073 وابن ماجة1/ 394 باب 145 حديث رقم1244 وأحمد في المسند2/ 239 وكنز العمال حديث رقم21996. ثم أفلت من أسرهم، ولحق بالنّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم في عُمْرَة القضية.(*) ويقال: إنه مشى على رجليه لما هرب وطلبوه فلم يدركوه، ويقال: إنه مات ببئر أبي عتبة قبل أن يدخل المدينة. ويقال: إن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لما اعتمر خرج خالدٌ من مكّة حتى لا يرى المسلمين دخلوا مكة، فقال النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم للوليد بن الوليد: "لو أتانا خالد لأكْرَمْنَاه، وما مثله سقط عليه الإسلام في عقد".(*)
فكتب الوليد بذلك إلى خالد، فكان ذلك سبب هجرته، حكاه الواقديّ أيضًا، وذكر الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ عن محمد بن الضّحاك، عن أبيه: لما هاجر الوليد بن الوليد قالت أمه:
هَاجَرَ الوَلِيدُ رُبْعَ المَسَافَةْ فَاشْتَرِ مِنْهَا جَمَلًا وَنَاقَهْ
وَاسْمُ بِنَفْسٍ نَحْوَهُمْ تَوَّاقَهْ
[الرجز]
قال: وفي رواية عمي مصعب:
وَارْمِ بِنَفْسٍ عَنْهُمُ ضَيَّاقَهْ
[الرجز]
وفي شعرها أشعارٌ بأنها أسلمت. ولما مات الوليد قالت أم سلمة زوج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وهي ابنة عمه:
يَا عَيْنُ فَابْـكِي
لِلْوَلِيـ ـدِ بْنِ الوَلِيدِ بـنِ المُغِيرَهْ
قَدْ كَانَ غَيْثًا فِي السِّنِيـ ــنَ وَرَحْمَةً
فِينَا مُنِيرَهْ
ضَخْمَ الدَّسِيَعِة مَاجِدًا يَـسْمُو إِلَى طَلَـبِ الوَتِيرَهْ
مِثْلُ
الوَلِيدِ بْنِ
الـوَلِيـ ـدِ أَبِي الوَلِيدِ كَفَى العَشِيرَهْ
[مجزوء الكامل]
وهكذا ذكر الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ عن محمّد بن الضّحاك الحرامي، عن أبيه مثله، وقال بدل قوله: ورحمة فينا منيره ـــ وجعفرًا غدقًا وميره، وفي رواية: وجعفرًا خضلًا. وفي الكامل لابن عديّ، مِنْ طريق كامل بن العلاء، عن حبيب بن أبي ثابت ـــ أن أم سلمة قالت للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: إن الوليد بن الوليد مات، فكيف أبكي عليه؟ قال: "قُولِي..." فذكر الشعر؛ وهذا باطل؛ وكأنه انقلب على الرّاوي.
وأَخرج الطَّبَرَانِيُّ مِنْ طريق عبد العزيز بن عمران، عن إسماعيل بن أيوب المخزوميّ ـــ أن الوليد بن الوليد بن المغيرة كان محبوسًا بمكّة، فلما أراد أن يهاجرَ باع مالًا له بالطّائف، ثم وجد غَفْلةً من القوم، فخرج هو وعياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام مشاةً يخافون الطلب؛ فسعوا حتى تعبوا وقصر الوليد، فقال:
يَا قَدَمَيَّ أَلْحِقَانِي بِالقَوْم وَلَا تَعِدَانِي كَسَلًا بَعْدَ اليَوْمِ
فلما كان عند الأحْرَاس نكب، فقال:
هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيل الله ما لَقِيتِ
[الرجز]
فدخل على النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، حَسَرْت وأنا ميت فكــفـنّي في فَضْل ثوبك، واجعله مما يلي جِلْدك؛ ومات فكفنّه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في قميصه، ودخل إلى أم سلمة وبين يديها صبي وهي تقول: ابْك الوليد بن الوليد بن المغيرة فقال: "إِنْ كِدْتُمْ تَتَّخِذُونَ الوَلِيدَ حَنَانًا"، فسمّاه عبد الله.(*)
وذكر قصّته هذه مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ بغير إسناد، وسيأتي في ترجمة الوليد بن المغيرة شيء من ذلك.
وقد أخرج له أَحْمَدُ في مسنده حديثًا مِنْ رواية محمد بن يحيى بن حبان عنه أنه قال: يا رسول الله، إني أجِد وَحْشةٍ في منامي. فقال: "إِذَا اضْطَجَعْتَ لِلنّومِ فَقُلْ: بِسْمِ الله، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُون، فَإِنَّهُ لَا يَضُرُّكَ..." الحديث.(*)
وهو منقطع؛ لأن محمد بن يحيى لم يدركه. وقد أخرجه أبو داود من رواية ابن إسحاق عن عَمْرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه؛ قال: كان الوليد بن الوليد يفزع في مَنامه، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وآله وسلم... فذكر الحديث.
(< جـ6/ص 484>)