تسجيل الدخول


الوليد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي

الوليد بن الوليد بن المغيرة القرشيّ المخزوميّ، وهو أخو خالد بن الوليد:
روى عبد الله بن وليد بن الوليد بن المغيرة، عن أبان بن عثمان، قال: دخل الوليد بن الوليد بن المغيرة وهو غلامٌ على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "مَا اسْمُكَ يَا غُلاَمُ؟" فقال: أنا الوليد بن المغيرة، قال: "ابنُ الوَليدِ بنُ الوَليدِ، مَا كَادَتْ بَنُو مَخْزِومٍ إلاَّ أن تَجْعَلَ الْوَلَيدَ رَبًّا وَلَكِنْ أنْتَ عَبْدُ الله"(*) قال ابن حجر: هذا هو الصواب مرسل، وكذا ذكره ابن عبد البر بغير إسنادٍ، ووصله ابن منده من وَجْهٍ آخر عن أيوب بن سلمة، فقال: عن أبيه، عن جده أنه أتى النبي صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ"، قلت: وفي سنده النضر بن سلمة، وهو كذاب، قالت أم سلمة لما مات الوليد بن الوليد:
يَا عَيْـنُ فَابْكِـى لِلْوَلِيدِ بْنِ الـوَلِيـدِ بْنِ المُغِيرَهْ
مِثْلُ الوَلِيدِ بْنِ الوَلِيدِ أبِـي الوَلِيدِ كَفَى العَشِيرَهْ
فكأنها أشارت إلى وَلِده هذا، وكان الوليد يُكنى أبا الوليد، فلم يغيّر لَمّا غَيّر النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وكأنّ تغيير اسْمِ ابنه إنما وقع بعد موته، فقد روت زينب بنت أم سلمة، عن أمها أم سلمة، قالت: دخل عليَّ النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم وعندي غلام يسمى الوليد بن الوليد، فقال: "اتَّخَذْتُمُ الْوَلِيدَ حَنَانًا؛ غَيِّرُوا اسْمَهُ"(*) قال ابن حجر العسقلاني: "وهذا سَنَدٌ جيد"، وأخرج أحْمَدُ في مسنده عن ابن عمر، قال: وُلد لأخي أم سلمة مولود فسمي الوليد وقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "بل اسمه عبد الله " الحديث(*) قال ابن حجر العسقلاني: "وأظنه صاحب الترجمة؛ لأن الوليد بن الوليد بن المغيرة كان ابن عم أم سلمة فكأنه أطلق عليه أنه أخوها على سبيل التجوّز، أو يكون أخاها من الرضاعة، وسياقَ قصته يقتضي أنه كان في حياةِ النبي صَلَّى الله عليه وسلم يُجيد فَهْمَ الخطاب وَرَدّ الجواب".
أمّه أميمة بنت الوليد بن عُشيّ من بجيلة، وقيل: آمنة أو عاتكة بنت حَرْملة، وروى محمد بن الضّحاك، عن أبيه: لمّا هاجر الوليد بن الوليد قالت أمه:
هَاجَرَ الوَلِيدُ رُبْعَ المَسَافَةْ فَاشْتَرِ مِنْهَا جَمَلًا وَنَاقَهْ
وَاسْمُ بِنَفْسٍ نَحْوَهُمْ تَوَّاقَهْ
وفي رواية عمي مصعب:
وَارْمِ بِنَفْسٍ عَنْهُمُ ضَيَّاقَهْ
وفي شعرها أشعارٌ بأنها أسلمت.
وروى محمد بن يحيى بن حَبَّان، عن الوليد بن الوليد أَنه قال: يا رسول الله، إِني أَجد وَحْشَةً في منامي؟ فقال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: "إِذَا اضْطَجَعْتَ لِلْنَّوْمِ فَقُلْ: بِسْمِ الله، أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ الله مِنْ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ وَشَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الْشَّيَاطِيْنِ، وَأَنْ يَحْضُرونَ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَضُرُّكَ، وَبِالْحَرَى أَنْ لاَ يَقْرُبَكَ" فقالها، فَذَهب ذلك عنه(*) أخرجه أحمد 4 / 57، 6 / 6، وانظر كنز العمال (41276)..
ولما مات الوليد قالت أم سلمة زوج النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وهي ابنة عمه:
يَا عَيْنُ فَابْـكِي
لِلْوَلِيـ
ـدِ بْنِ الوَلِيدِ بـنِ المُغِيرَهْ
قَدْ كَانَ غَيْثًا فِي السِّنِيـ
ـنَ وَرَحْمَةً فِينَا مُنِيرَهْ
ضَخْمَ الدَّسِيَعِة مَاجِدًا يَـسْمُو إِلَى طَلَـبِ الوَتِيرَهْ
مِثْلُ الوَلِيدِ بْنِ الـوَلِيـ ـدِ أَبِي الوَلِيدِ كَفَى العَشِيرَهْ
وقال ابن حجر: وهكذا ذكر الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ، عن محمّد بن الضّحاك الحرامي، عن أبيه مثله، وقال بدل قوله: ورحمة فينا منيره، وجعفرًا غدقًا وميره، وفي رواية: وجعفرًا خضلًا، وروى حبيب بن أبي ثابت أن أم سلمة قالت للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: إن الوليد بن الوليد مات، فكيف أبكي عليه؟ قال: "قُولِي..." فذكر الشعر، قال ابن حجر العسقلاني: "وهذا باطل؛ وكأنه انقلب على الرّاوي"، وروى إبراهيم بن جعفر، عن أبيه قال: لم يزل الوليد بن الوليد بن المغيرة على دين قومه، وخرج معهم إلى بدر فأُسر يومئذٍ، أسَرَه عبدُ الله بن جَحْش، ويقال: سليط بن قيس المازنيّ من الأنصار، فقدم في فدائه أخواه خالد وهشام ابنا الوليد بن المغيرة، فتمنّع عبد الله بن جَحْش حتى افتكّاه بأربعة آلاف، فجعل خالد يريد ألا يبلغ ذلك، فقال هشام لخالد: إنّه ليس بابن أمّك، والله لَو أبَى فيه إلاّ كَذا وكذا لفعلتُ، وكان هشام شقيقه لأبيه وأمه، ويقال: إنّ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أبَى أن يفديه إلاّ بشكة أبيه الوليد بن المغيرة، فأبَى ذلك خالد، وطاع به هشام بن الوليد لأنّه أخوه لأبيه وأمّه، وكانت الشّكة دِرْعًا فَضْفاضةً وسيفًا وَبيْضَةً، فأقيم ذلك مائة دينار وطاعا به وسلَّماه، فلمّا قُبضَ ذلك خرجا بالوليد حتى بلغا به ذا الحُلَيْفة فأفلتَ منهما فأتَى النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم فأسلم، فقال له خالد: هلاّ كان هذا قبل أن تُفْتَدَى، وتُخْرِجَ مأثُرَةَ أبينا من أيدينا فاتّبَعتَ مُحَمّدًا إذ كان هذا رأيكَ؟ فقال: ما كنتُ لأُسْلِمَ حتى أُفْتديَ بمثل ما افتدى به قومي، ولا تقول قريش إنّما اتّبعَ محمَدًا فرارًا من الفدى، ثمّ خرجا به إلى مكّة وهو آمنٌ لهما، فحبساه بمكّة مع نَفَر من بني مَخْزوم كانوا أقدَمَ إسلامًا منه: عيّاش بن أبي ربيعة، وسَلَمَة بن هشام، وكانا من مهاجرة الحبشة، فدعا لهما رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قبل بدر ودعا بعد بدر للوليد معهما، فدعا ثلاث سنين لهؤلاء الثلاثة جميعًا، قال: ثمّ أفلت الوليد بن الوليد من الوثاق فقدم المدينة فسأله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عن عيّاش بن أبي ربيعة، وسَلَمة بن هشام فقال: تركتُهما في ضيقٍ وشِدّة، وهما في وِثاقٍ رِجْلُ أحدِهما مع رِجْل صاحبه، فقال له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:"انْطَلِقْ حتى تنزل بمكّة على القَين فإنّه قد أسلم، فتَغَيّبْ عنده واطلب الوصول إلى عيّاش وسَلمَة، فأخْبِرْهُما أنّك رسولُ رسولِ الله بأن تأمرهما أن ينطلقا حتى يخرجا قال الوليد: ففعلتُ ذلك، فخرجا وخرجتُ معهما، فكنتُ أسوق بهما مخافة من الطلب والفتنة، حتى انتهينا إلى ظهر حَرّة المدينة(*)، وقيل: إنه لما أسلم حبسه أخواله، فكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يدعو له في القنوت، كما ثبت في الصّحيح، مِنْ حديث أبي هريرة أنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: "اللَّهُمَّ أَنْجِ الوَلِيدَ بْنَ الوَلِيدِ، وَالمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ المُؤْمِنينَ" أخرجه البخاري في صحيحه1/ 203،2/ 33،53،97،182،وأبو داود1/ 457 حديث رقم1442 والنسائي2/ 201 حديث رقم1073 وابن ماجة1/ 394 باب 145 حديث رقم1244 وأحمد في المسند2/ 239 وكنز العمال حديث رقم21996 ثم أفلت من أسرهم، ولحق بالنّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم في عُمْرَة القضية(*) ويقال: إنه مشى على رجليه لما هرب وطلبوه فلم يدركوه، ويقال: إنه مات ببئر أبي عتبة قبل أن يدخل المدينة، ويقال: إن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لما اعتمر خرج خالدٌ من مكّة حتى لا يرى المسلمين دخلوا مكة، فقال النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم للوليد بن الوليد: "لو أتانا خالد لأكْرَمْنَاه، وما مثله سقط عليه الإسلام في عقد"(*) فكتب الوليد بذلك إلى خالد، فكان ذلك سبب هجرته، وقيل: إن الوليد أفلتَ من قريش بمكّة، فخرج على رجليه فطلبوه فلم يدركوه شدّا، ونكبت إصبع من أصابعه فجعل يقول‏:
هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَـعٌ دَميْتِ وَفِي سَبِيلِ اللَّـهِ مَا لَقِيتِ
فمات ببئر أبي عِنَبَة على ميل من المدينة ــ رضي الله عنه ــ وقال مصعب: والصحّيح أنه شهد مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عمرة القضيّة، وروى إسماعيل بن أيوب المخزوميّ أن الوليد بن الوليد بن المغيرة كان محبوسًا بمكّة، فلما أراد أن يهاجرَ باع مالًا له بالطّائف، ثم وجد غَفْلةً من القوم، فخرج هو وعياش بن أبي ربيعة، وسلمة بن هشام مشاةً يخافون الطلب، فسعوا حتى تعبوا وقصر الوليد، فقال:
يَا قَدَمَيَّ أَلْحِقَانِي بِالقَوْم وَلَا تَعِدَانِي كَسَلًا بَعْدَ اليَوْمِ
فلما كان عند الأحْرَاس نكب، فقال:
هَلْ أَنْتِ إِلَّا إِصْبَعٌ دَمِيتِ وَفِي سَبِيل الله ما لَقِيتِ
فدخل على النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله حَسَرْت وأنا ميت فكــفـنّي في فَضْل ثوبك، واجعله مما يلي جِلْدك، ومات فكفنّه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في قميصه، فبكته أمّ سَلَمَة بنت أبي أميّة فقالت:
يا عينُ فابـكي للوَليـ ــد بن الوَليدِ بن المغـيرَهْ
كان الوليـدُ بنُ الوليـ ــدِ أبو الوليدِ فتى العشيرَةْ
فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:"لا تقولي هكذا يا أمّ سَلَمة ولكن قولي": {وَجَآءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ} [سورة ق: 19](*) وروى يحيَى بن المنذر من ولد أبي دُجانة قال: قالت أمّ سَلَمة بنت أبي أميّة: جَزْعتُ حين مات الوليد بن الوليد جزعًا لم أجْزَعْه على ميّت، فقلتُ: لأَبـْكِيَنَّ عليه بكاءً تحدّث به نساءُ الأوس والخزرج، وقلتُ: غريبٌ توفّي في بلاد غُربة، فاستأذنتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأذن لي في البكاء، فصنعتُ طعامًا وجمعتُ النساء، فكان ممّا ظهر من بكائها:
يا عينُ فابكي للوليـ ـد بنِ الوَلـيدِ بن المُغيرَهْ
مثلُ الوليدِ بنِ الوليـــ ــد أبي الوليدِ كفى العشيرَهْ
فلمّا سمع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال: "ما اتّخذوا الوليدإلاّ حَنانًا"(*) قال محمد بن عمر: ووَجْهٌ آخر في أمر الوليد؛ قالوا: إنّ الوليد بن الوليد أفلت هو وأبو جَنْدَل بن سهل بن عمرو من الحبس بمكّة فخرجا حتى انتهيا إلى أبي بصير، وهو بالساحل على طريق عير قريش، فأقاما معه، وسألت قريش رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بأرحامهما ألاّ أدخلتَ أبا بصير وأصحابه فلا حاجةَ لنا بهم، فكتب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى أبي بصير أن يقدم ويقدم أصحابه معه، فجاءه الكتاب وهو يموت فجعل يقرأه فمات وهو في يده، فقَبَره أصحابُه هناك وصلّوا عليه وبَنَوْا على قبره مسجدًا، وأقبل أصحابه إلى المدينة وهم سبعون رجلًا فيهم الوليد بن الوليد بن المغيرة، فلمّا كان بظَهْرِ الحَرّة عثر فانقطعت إصبَعُه فربطها وهو يقول:
هَلْ أنْتِ إلاّ إصْبَعٌ دَميتِ وفي سبيلِ اللهِ ما لَقيتِ
فدخل المدينة فمات بها، وله عقب منهم أيّوب بن سَلَمة بن عبد الله بن الوليد بن الوليد، وكان الوليد بن الوليد سمّى ابنَه الوليدَ فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ما اتخذتم الوليد إلاّ حَنانًا"، فسمّاه عبد الله(*).
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال