وهب بن عبد الله بن مسلم بن جنادة بن حبيب بن سواءة السوائي بن عامر بن...
سماه علي بن أبي طالب وهب الخير، ووهب الله أَيضًا، وهو أَبو جُحَيفةَ، مشهور بكنيته.
قُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ولم يبلغ الحُلُم، وقد رآه؛ قال أبو جحيفة: رأيت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم هذه منه ــ وأشار إلى عَنْفَقَتِه ــ بيضاء، فقيل لأبي جحيفة: ومثل من أنت يومئذ؟ قال: أَبْرِي النّبل وأرِيْشُها.
وفي الصّحيح عنه: رأيْتُ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وكان الحسن بن علي يُشبهه، وأمر لنا بثلاثة عشر قَلُوصًا، فمات قبل أنْ نقبضها. وكان قد نزل الكوفة وابتنى بها دارًا في بني سواءة بن عامر، وقد قدم على النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في أواخر عمره، وحفظ عنه ثم صحب عليًّا بعده، وروى عون بن أبي جُحَيفة، عن أبيه، قال: أكلت ثريدةِ بُرٍّ بِلَحْمٍ، وأتيت رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم وأنا أتجشَّأ، فقال: "تكْفُفْ، أَوِ احْبِسْ، عَلَيْكَ جُشَاءك أَبَا جُحَيْفَةَ، فَإِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ شَبَعًا فِي الدّنْيا أَطْوَلُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ". قال: فما أكل أبو جحيفة وملأ بطنه حتى فارق الدُّنيا؛ كان إذا تعشى لا يتغّدى، وإذا تغدّى لا يتعشى.
روى عن النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وعن عليّ، والبراء بن عازب، وروى عون بن أَبي جُحَيفة، عن أَبيه قال: نزل رسول الله ـــ صَلَّى الله عليه وسلم ـــ بالأَبطح، فجاء بلال فآذنه بالصلاة، قال: فتوضأَ، وجعل الناس يأْتون، فصلى ركعتين والظُّعُن يَمْرُرْنَ بين يديه، والمرأَة والحمار.. وروى علي بن الأَقمر، عن أَبي جُحَيفة قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "أَمَّا أَنَا فَلَا آكُلُ مُتِّكِئًا".
وروى الشعبي، عن أَبي جُحَيفة قال: قال لي علي: يا أَبا جحيفة، أَلا أُخبرك بأَفضل هذه الأُمة بعد نبيها؟ قال: قلت: بلى ــ قال: ولم أَكن أَرى أَن أَحدًا أَفضلُ منه ــ قال: أَفضل هذه الأُمة بعد نبيها أَبو بكر، وبعد أَبي بكر عمر.
كان على شُرْطةِ عليّ بن أَبي طالب، وكان يقوم تحت منبره، واستعمله على خُمس المتاع الذي كان في حربه، وكان عليّ قد جعله على بيت المال بالكوفة.
توفي أبو جحيفة في خلافة عبد الملك بن مروان، وولاية بشر بن مروان بالكوفة وقيل: بالبصرة، وقال الوَاقِدِيُّ: مات في ولاية بشر على العراق. ويقال أنه توفي سنة اثنتين وسبعين، وقال ابن حبّان: سنة أربع وستين.