تسجيل الدخول


إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم

أمه مارية القبطية؛ أهداها لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المقوقس صاحب الإسكندرية هي وأختها سيرين، ولدته أمه ماريّةُ القبطيّة في ذي الحجّة سنة ثمانٍ من الهجرة، كانت قابَلتها سَلْمى مولاةُ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ امرأة أبي رافع؛ فبشَّر أبو رافع به النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فوهب له عَبْدًا، فلما كان يوم سابعه عقَّ عنه بكَبْش، وحلَق رأسَه، وسمّاه يومئذ، وتصدَّق بوزن شَعْرِه فضة على المساكين، وأخذوا شَعْرَه فدفنوه في الأرض.
وتنافست الأنصار فيمن يُرْضِعه، فجاءت أمُّ بُرْدة بنت المنذر بن زيد الأنصاريّ زوجة البَرَاء بن أَوْس، فكلّمَتْ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في أَنْ ترضِعَه بلبنَ ابنها في بني مازن بن النّجّار، وترجع به إلى أمّه، وأعطى رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمّ بردة قطعةً من نخل فناقلت بها إلى مال عبد الله بن زَمْعة.
وفي صحيح مسلم عن أنس: ما رأيتُ أحدًا أرحم بالعيال من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، كان إبراهيم مُسْترْضَعًا في عَوَالي المدينة، وكان ينطلق ونحن معه فيأخذه ويقبِّله، وقيل أنه كان أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي "صحيح البُخَارِيِّ" أن إبراهيم عاش سبعة عشر شهرًا أو ثمانية عشر شهرًا على الشكِّ، وقيل: تُوُفِيَّ إبراهيم ابنُ النَّبي صَلَّى الله عليه وسلم، وهو ابن ستة عشر شهرًا.
وقيل: كانت وفاةُ إبراهيم في ربيع الأول، وقيل: في رمضان، وقيل: في ذي الحجة.
وتُوُفِّي إبراهيم في بني مازن عند أمِّ بردة، وغسَّلته أَمّ بردة، وحُمِل من بيتها على سرير صغير، وصَلَّى عليه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالبقيع، وقال‏:‏ "نَدْفِنُهُ عِنْدَ فَرَطِنَا عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ‏"‏‏.
فدعا رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالصبيّ فضمَّه إليه، وقال: ما شاء الله أَن يقول. قال: فلقد رأَيتُه يَكِيد بنفسه، قال: فدمعَتْ عينا النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ فقال‏: ‏"تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ القَلْبُ، وَلاَ نَقُولُ إلاَّ ما يُرْضِي الرَّبَّ، وإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ‏" ‏‏. قال أَبو عمر: ثبتَ أَنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بكى على ابنه إبراهيمَ دون رَفْعِ صَوْتٍ، وقال‏:‏ ‏"تَدْمَعُ العَيْنُ، وَيَحْزَنُ القَلْبُ، وَلاَ نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرّبَّ، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ‏" . وقال جابر: أَخذ النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد عبد الرّحمن بن عوْف؛ فأتى به النّخْل؛ فإذا ابنُه إبراهيم في حِجْر أُمه، وهو يكيد بنفسه، فأخذه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فوضعه في حجره، ثم قال‏:‏ ‏"يَا إِبْرَاهِيمُ، إِنّا لاَ نُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا‏"‏. ثم ذرفَتْ عيناه، ثم قال‏:‏ ‏"يَا إِبْرَاهِيمُ، لَوْلا أَنَّهُ أَمرٌ حَقٌّ، وَوَعْدٌ صِدْقٌ، وَأَنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ أَوَّلَنَا لَحَزِنِّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ، تَبْكِي الْعَيْنُ، ويَحَزْنُ الْقَلْبُ، وَلاَ نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرّبَّ‏"‏‏ .
ووافق موته كسوف الشّمس، فقال قوم: إنّ الشمسَ انكسفت لموتِهِ، فخطبهم رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال‏:‏ ‏"إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيـَتَانِ مِنْ آياتِ اللهِ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتهِ، فَإِذَا رَأْيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلاَةِ‏" . ‏وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم حين تُوفي ابنهُ إبراهيم: "إنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ تُتِمُّ رَضَاعَهُ" .
وقد قيل: إنَّ الفضل بن العبّاس غسَّل إبراهيم ونَزل في قبره مع أُسامة بن زيد، ورسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جالس على شفير القَبْر. قال الزّبير: ورُشَّ قبْرُه، وأُعلم فيه بعلامة. قال: وهو أوّل قَبْر رُشَّ عليه، وروى عن النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: "لَوْ عَاشَ إبْرَاهِيمُ لأَعْتَقْتُ أَخْوَالَهُ، وَلَوَضَعْتُ الْجِزْيَةَ عَنْ كُلِّ قِبْطِيّ"‏ .
وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم‏:‏ ‏"إذَا دَخَلْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا؛ فَإِنَّ لَهُمْ ذِمّةً وَرَحِمًا"‏‏‏.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال