تسجيل الدخول


إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم

((إبراهيم ابن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم آخرَ. ذكر عليّ بن الحسين بن الجنيد الرّازي في تاريخه، وهو جزء لطيف ـــ أن خديجة ولدت للنبي صَلَّى الله عليه وسلم بناته الأربع، ثم ولدت من بعد البنات: القاسم، والطّاهر، وإبراهيم، والطّيب، فذهبت الغلمة وهم مُرْضَعُون؛ ولم يذكر مارية القبطية. وقال في قصتها: ولدت إبراهيم ومات صغيرًا. وهذا لم يره لغيره، ولم يذكر مارية وما له منها، ولم يكن ما ذكره غلطًا مَحْضًا بل يكون انتقل ذهْنُه فظنَّ أن الأولاد كلهم من خديجة، وغفل عن مارية.)) ((أخرج ابن منده، من طريق ابن لَهِيعة، عن عقيل ويَزِيد بن أبي حبيب، كلاهما عن ابن شهاب، عن أنس: لما وُلد إبراهيم من مارية جاريته كان يَقعُ في نفس النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، حتى أتاه جبريل عليه السّلام، فقال: "السّلَامُ عَلَيْكَ يَا أبَا إِبْرَاهِيمَ"؛(*) هذا حديث غريبٌ مِنْ حديثِ الزهريّ.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((أمه مارية القبطية، أهداها لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم المقوقس صاحب الإسكندرية هي وأختها سيرين. فوهب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سيرين لحسان بن ثابت، فولدت له عبد الرحمن بن حسان، فهو وإبراهيم ابن النبي صَلَّى الله عليه وسلم ابنا خالة.)) أسد الغابة. ((ولدته أمه ماريّةُ القبطيّة في ذي الحجّة سنة ثمانٍ من الهجرة، وذكر الزُّبَيْر عن أشياخه أن أمَّ إبراهيم مارية ولَدتْه بالعالية في المال الذي يُقَال له اليوم مَشْربة أم إبراهيم بالقُفِّ، وكانت قابَلتها سَلْمى مولاةُ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، امرأة أبي رافع؛ فبشَّر أبو رافع به النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، فوهب له عَبْدًا، فلما كان يوم سابعه عقَّ عنه بكَبْش، وحلَق رأسَه، حلقَهُ أبو هند، وسمّاه يومئذ، وتصدَّق بوزن شَعْرِه وَرِقًا على المساكين، وأخذوا شَعْرَه فدفنوه في الأرض. هكذا قال الزّبير: سمّاه يوم سابعه. والحديثُ المرفوع أصحُّ من قوله وأَوْلى إن شاء الله عزّ وجل‏. حدّثنا سعيد بن نصر، قال: حدّثنا قاسم بن أَصْبَغ، قال: حدّثنا محمد بن وضَّاح، قال: حدّثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدّثنا شَبَابَةُ بن سَوَّار، قال: حدّثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس، قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم‏:‏‏ "‏وُلِدَ لِي اللَّيْلَةَ غُلَامٌ فَسَمَّيـّتُهُ بِاسْمِ أَبِي إبْرَاهِيمَ‏"(*) أخرجه البخاري في الصحيح 7/108، ومسلم في الصحيح 4/1807، كتاب الفضائل (43)، باب رحمته صَلَّى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه...(15)، حديث رقم (62/2315)، وأحمد في المسند 3/194، وعبد الرازق حديث رقم 7983، 7984، والبيهقي في السنن 4/69، وابن أبي شيبة 3/393، وذكره المتقي الهندي في كنز العمال، حديث رقم 32208 قال الزّبير: ثم دفعه إلى أمِّ سيف؛ امرأةِ قَيْنٍ بالمدينة يقال له أبو سيفَ‏. قال أبو عُمر رضي الله عنه في حديث أنس: تصديقُ ما ذكره الزّبير أنه دفعه إلى أمِّ سيف، قال أنس في حديثه في موت إبراهيم، قال: فانطلق رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، وانطلقْتُ معه، فصادفْنَا أبا سَيْف ينفخُ في كيره، وقد امتلأ البيت دخانًا؛ فأسرعْتُ في المَشْي بين يدَي رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى انتهيت إلى أبي سيف، فقلت: يا أَبا سيف، أَمْسِك، جاء رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فأَمْسَك فدعا رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالصبيّ فضمَّه إليه، وقال: ما شاء الله أَن يقول. قال: فلقد رأَيتُه يَكِيد بنفسه، قال: فدمعَتْ عينا النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ فقال‏: ‏"تَدْمَعُ الْعَيْنُ، وَيَحْزَنُ القَلْبُ، وَلاَ نَقُولُ إلاَّ ما يُرْضِي الرَّبَّ، وإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ‏"(*) أخرجه مسلم في الصحيح 4/1808، كتاب الفضائل (43)، باب رحمته صَلَّى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه (15)، حديث رقم (62/2315)‏‏. قال الزّبير أَيضًا: وتنافست الأنصار فيمن يُرْضِعه، وأَحبُّوا أَنْ يُفرِّغوا مارية للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، لما يعلمون مِنْ هَوَاهُ فيها، وكانَتْ لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قطعةٌ من الضأن تَرْعَى بالقُفّ، ولِقَاحٌ بذي الجَدْر تروح عليها، فكانت تُؤْتى بلبنها كلَّ ليلة فتشربُ منه وتسقي ابنَها، فجاءت أمُّ بُرْدة بنت المنذر بن زيد الأنصاريّ زوجة البَرَاء بن أَوْس، فكلّمَتْ رسولَ الله ــ صلّى الله عليه وآله وسلّم ــ في أَنْ ترضِعَه بلبنَ ابنها في بني مازن بن النّجّار وترجع به إلى أمّه، وأعطى رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمّ بردة قطعةً من نخل فناقلت بها إلى مال عبد الله بن زَمْعة)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((لمسلم من طريق عمرو بن سعيد عن أنس: ما رأيتُ أحدًا أرحم بالعيال من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، كان إبراهيم مُسْترْضَعًا في عَوَالي المدينة، وكان ينطلق ونحن معه فيأخذه ويقبِّله، فذكر قصةَ موته.(*))) الإصابة في تمييز الصحابة. ((قال صلّى الله عليه وآله وسلّم‏:‏ ‏"إذَا دَخَلْتُمْ مِصْرَ فَاسْتَوْصُوا بِالْقِبْطِ خَيْرًا، فَإِنَّ لَهُمْ ذِمّةً وَرَحِمًا"‏‏.(*)‏ وكانت مارية القبطيةُ قد أهداها إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المقوقسُ صاحبُ الإسكندرية ومصر هي وأختها سيرين، فوهب رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سيرين لحسَّان بن ثابت الشّاعر، فولدتْ له عبد الرّحمن بن حسَّان‏. حدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا يعقوب بن المبارك أبو يوسف، قال: حدّثنا داود بن إبراهيم، قال: حدّثنا عبيد الله بن عمر، قال: حدّثنا عمرو بن محمد، قال: حدّثنا أسباط بن نصر الهمداني عن السُّدِّي، قال: سأَلتُ أنـَس بن مالك: كم كان بلغ إبراهيمُ ابن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ قال: قد كان ملأ مهْدَه، ولو بقي لكان نبيًّا، ولكن لم يكن ليَبْقَى؛ لأنَّ نبيكم آخر الأنبياء صلّى الله عليه وآله وسلّم‏. حدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا الحسن بن رشيق، حدّثنا أبو بشر الدُّولابي، قال: حدّثنا إبراهيم بن يعقوب، قال: حدّثنا أحمد بن جَناب، قال: حدّثنا عيسى بن يونس عن ابن أبي خالد، قال: قلت لابن أبي أوفى: أرأيْتَ إبراهيم ابن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم؟ قال: مات وهو صغير، ولو قُدّرَ أنْ يكون بعد محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم نبيٌّ لعاش، ولكنه لا نبيَّ بعد محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم‏. قال أَبو عمر: هذا لا أدري ما هُوَ؟ وقد وَلَد نوح عليه السّلام مَنْ ليس نبيًا، وكما يلد غير النبيّ نبيًا فكذلك يجوز أن يلِدَ النبيُّ غير نبيّ والله أعلم. ولو لم يلد النبىُّ إلا نبيًا لكان كلُّ واحدٍ نبيًا؛ لأنه من ولد نوح عليه السّلام، وذا آدم نبي مكلم، وما أعلم في ولده لصُلْبه نبيًا غير شيث‏. حدّثنا خلف بن قاسم، قال: حدّثنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد، قال: حدّثنا زكريا بن يحيى السّجْزي، قال: حدّثنا عمرو بن علي، قال: حدّثنا أبو داود، قال: حدّثنا ورقاء عن ابن أبي نَجيح عن مجاهدٍ في قوله عزَّ وجل‏: ‏‏{أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد‏: ‏28‏]. قال: بمحمّد وأصحابه رضى الله عنهم‏.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
((قلت: أخرج البُخَارِيُّ من طريق محمد بن بشر، عن إسماعيل بن أبي خالد، قلت: لعبد الله بن أبي أوفى: رأيت إبراهيم ابن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم أكبر؟ قال: مات صغيرًا، ولو قضى أنْ يكونَ بعد محمد نبيّ عاش ابنه إبراهيم، ولكني لا نبيّ بعده. وأخرجه أَحْمدُ عن وَكيع، عن إسماعيل: سمعت ابْنَ أبي أَوْفَى يقول: لو كان بعد النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم نبيّ ما مات ابنه إبراهيم. وروى إِسْمَاعِيلُ السُّدِّيُّ، عن أنس، كان إبراهيم قد ملأ المهد، ولو بَقِيَ لكان نبيًّا، لكن لم يكن ليبقى، فإنَّ نبيكم آخر الأنبياء. وأخرج ابْنُ مَندَه أيضًا، من طريق إبراهيم بن حميد، عن إسماعيل بن أبي خالد، قلت لابْنِ أَبِي أَوْفَى: هل رأيت إبراهيم ابن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم؟ قال: نعم كان أشبه الناس به، مات وهو صغير. وقد استنكر ابْنُ عَبْدِ البَرِّ حديثَ أنس، فقال ـــ بعد إيراده في التمهيد: لا أدري ما هذا؟ فقد وَلد نوح عليه السلام غير نبي، ولو لم يلد النبي إلا نبيًّا لكان كل أحد نبيًّا؛ لأنهم من ولد نوح، ولا يلزم من الحديث المذكور ما ذكره لما لا يخفى. وقال النَّوَوِيُّ في ترجمة إبراهيم من تهذيبه: وأما ما رُوي عن بعض المتقدمين: لو عاش إبراهيم لكان نبيًّا فباطلٌ وجسارة على الكلام على المغيّبَات، ومجازفة وهجوم على عظيم. انتهى. وهو عجيب مع وُروده عن ثلاثة من الصحابة؛ وكأنه لم يظهر له وَجهْ تأويله فبالغ في إنكاره. وجوابه أنَّ القضيةَ الشرطية لا تستلزم الوقوع، ولا نظنُّ بالصّحابي أنه يهجم على مثل هذا بظنه، والله أعلم.)) ((في صحيح البُخَارِيِّ أنه عاش سبعة عشر شهرًا أو ثمانية عشر شهرًا على الشكِّ. وأخرج ابْنُ مَنْدَه، من طريق أبي عامر الأسدي، عن سفيان، عن السُّدِّيِّ، عن أنس، قال: تُوُفِيَّ إبراهيم ابنُ النَّبي صَلَّى الله عليه وسلم، وهو ابن ستة عشر شهرًا)) ((روى أَحْمَدُ من طريق جابر الجعفي ـــ أحَد الضعفاء، عن الشعبي، عن البَراء. قال: قد صلّى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم. ومات وهو ابن ستة عشر شَهْرًا(*))) ((قالت عَائِشَةُ: عاش ثمانية عشر شهرًا. وقال محمد بن المؤمّل: بلغ سبعة عشر شهرًا وثمانية أيام.))
((كانت وفاةُ إبراهيم في ربيع الأول. وقيل: في رمضان: وقيل في ذي الحجة. وهذا الثالث باطل على القول بأنه مات سنة عشر؛ لأن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم كان في حجة الوداع إلا إِن كان مات في آخر ذي الحجة. وقد حكى البيهقيّ قولًا بأَنه عاش سبعين يومًا فقط، فعلى هذا يكون مات سنة ثمان والله أعلم.)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((تُوُفِّي إبراهيم في بني مازن عند أمِّ بردة، وهو ابنُ ثمانية عشر شهرًا، وكانت وفاتُه في ذي الحجّة سنة ثمان، وقيل: بل وُلد في ذي الحجّة سنة ثمان، وتوفِّي سنة عشر، وغسَّلته أَمّ بردة، وحُمِل من بيتها على سرير صغير، وصَلَّى عليه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بالبقيع، وقال‏:‏ "نَدْفِنُهُ عِنْدَ فَرَطِنَا عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ‏"‏‏.(*) وقال الواقديّ: توفِّي إبراهيمُ بن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم يوم الثلاثاء لعَشْرِ ليالٍ خَلَتْ من ربيع الأوّل سنة عشر، ودُفِنَ بالبَقيع، وكانت وفاته في بني مازن عند أمّ بردة بنت المنذر من بني النّجّار، ومات وهو ابنُ ثمانية عشر شهرًا، وكذلك قال مصعب الزّبيري، وهو الذي ذكره الزّبير‏. وقال آخرون: توفِّي وهو ابنُ ستة عشر شهرًا، قال محمّد بن عبد الله بن مؤمل المخزوميّ في تاريخه: ثم دخلت سنة عشر، ففيها تُوفِّي إبراهيم ابن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم، وكُسفَت الشّمس يومئذعلى اثنتي عشر ساعة من النّهار، وتُوفِّي وهو ابن ستة عشر شهرًا وثمانية أيّام. وقال غيره: تُوفِّي وهو ابنُ ستة عشر شهرًا وستة أَيام، وذلك سنة عشر‏. وأرفعُ ما فيه ما ذكره محمد بن إِسحاق؛ قال: حدّثنا عبد الله بن أَبي بكر عن عمرة بنت عبد الرّحمن عن عائشة قالت: تُوفِّي إبراهيم ابن النّبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو ابنُ ثمانية عشر شهرًا‏. قال أَبو عمر: ثبتَ أَنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بكى على ابنه إبراهيمَ دون رَفْعِ صَوْتٍ، وقال‏:‏ ‏"تَدْمَعُ العَيْنُ، وَيَحْزَنُ القَلْبُ، وَلاَ نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرّبَّ، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ‏"(*) أخرجه مسلم في الصحيح 4 / 1808، كتاب الفضائل (43)، باب رحمته صَلَّى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه (15)، حديث رقم 62 / 2315. حدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا الحسن بن رشيق، حدّثنا أبوبشرالدُّولابي حدّثنا إبراهيم بن يعقوب البغدادي، حدّثنا عُبيد الله بن موسى، حدّثنا ابن أَبي ليلى عن عطاء عن جابر، قال: أَخذ النبيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد عبد الرّحمن بن عوْف؛ فأتى به النّخْل؛ فإذا ابنُه إبراهيم في حِجْر أُمه، وهو يكيد بنفسه، فأخذه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فوضعه في حجره، ثم قال‏:‏ ‏"يَا إِبْرَاهِيمُ، إِنّا لاَ نُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئًا‏"‏. ثم ذرفَتْ عيناه، ثم قال‏:‏ ‏"يَا إِبْرَاهِيمُ، لَوْلا أَنَّهُ أَمرٌ حَقٌّ، وَوَعْدٌ صِدْقٌ، وَأَنَّ آخِرَنَا سَيَلْحَقُ أَوَّلَنَا لَحَزِنِّا عَلَيْكَ حُزْنًا هُوَ أَشَدُّ مِنْ هَذَا، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ، تَبْكِي الْعَيْنُ، ويَحَزْنُ الْقَلْبُ، وَلاَ نَقُولُ مَا يُسْخِطُ الرّبَّ‏"‏‏(*) أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف 3 / 393. وحدّثنا خلف بن قاسم، قال: حدّثنا الحسن، حدّثنا أبو بشر، حدّثنا إبراهيم بن يعقوب حدّثنا عفّان بن مسلم، حدّثنا سليمان بن المغيرة، حدّثنا ثابت عن أنس، قال: لقد رأيتُ إبراهيم وهو يَكيد بنفسه بين يدَيّ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فدمعت عينًا رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال‏:‏ ‏"تَدْمَعُ العَيْنُ، وَيَحْزَنُ القَلْبُ، وَلاَ نَقُولُ إِلاَّ مَا يُرْضِي الرَّبَّ، وَإِنَّا بِكَ يَا إِبْرَاهِيمُ لَمَحْزُونُونَ‏"‏‏(*) اخرجه مسلم في الصحيح 4 / 1808 كتاب الفضائل (43) باب رحمته صَلَّى الله عليه وسلم الصبيان والعيال وتواضعه (15) حديث رقم (62 / 2315). ووافق موته كسوف الشّمس، فقال قوم: إنّ الشمسَ انكسفت لموتِهِ، فخطبهم رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فقال‏:‏ ‏"إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ آيـَتَانِ مِنْ آياتِ اللهِ لاَ يَخْسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ وَلاَ لِحَيَاتهِ، فَإِذَا رَأْيْتُمْ ذَلِكَ فَافْزَعُوا إِلَى ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَالصَّلاَةِ‏"(*) أخرجه البخاري في الصحيح 2 / 44، 46، 49، 4 / 132، 7 / 40، 182. ومسلم في الصحيح 2 / 618 كتاب الكسوف (10) باب صلاة الكسوف (1) حديث رقم (1 / 901، 3 / 901، 17 / 907) وأحمد في المسند 1 / 298، 358، 2 / 159، 3 / 318 والطبراني في الكبير 1 / 343، 17 / 210، 211، 292. ‏وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم حين تُوفي ابنهُ إبراهيم: "إنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ تُتِمُّ رَضَاعَهُ"(*) أخرجه أحمد في المسند 4 / 300، 302 والحاكم في المستدرك 4 / 38 وابن أبي شيبة في المصنف 3 / 379، 13 / 74 والبيهقي في دلائل النبوة 7 / 289 وذكره الهيثمي في الزوائد 9 / 165 والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 32211، 32221، 32222، 35546، 35555. حدّثنا سعيد، حدّثنا قاسم، حدّثنا أبو بكر، حدّثنا وكيع عن شعبة، عن عديّ بن ثابت، قال: سمعْتُ البَرَاء بن عازب يقول: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، لما مات إبراهيم‏:‏ "أَما‏ إِنَّ لَهُ مُرْضِعًا فِي الْجَنَّةِ‏".(*) وصلّى عليه رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وكبَّر أربعًا، هذا قول جُمهور أهل العلمِ، وهوالصّحيح، وكذلك قال الشّعبي، قال: مات إبراهيم ابنُ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو ابنُ ستة عشر شهرًا، فصلّى عليه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم‏. ورَوى ابنُ إسحاق عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة عن عائشة أَنَّ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم دَفن ابْنَه إبراهيم ولم يصلِّ عليه.(*) وهذا غيرُ صحيح، والله أعلم، لأنَّ الجمهورَ قد أجمعوا على الصّلاة على الأطفال إذا استهلوا وراثة وعملًا مستفيضًا عن السّلف والخَلَف، ولا أعلم أحدًا جاء عنه غيرُ هذا إلاَّ عن سمُرة بن جُنْدَب، والله أعلم‏.‏ وقد يحتمل أن يكونَ معنى حديث عائشة أنه لم يصلَّ عليه في جماعةٍ أو أمرَ أصحابه فصلُّوا عليه ولم يحضرهم، فلا يكون مخالفًا لما عليه العلماء في ذلك، وهو أوْلَى ما حُمِل عليه حديثُها ذلك، والله أعلم‏. وقد قيل: إنَّ الفضل بن العبّاس غسَّل إبراهيم ونَزل في قبره مع أُسامة بن زيد، ورسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جالس على شفير القَبْر. قال الزّبير: ورُشَّ قبْرُه، وأُعلم فيه بعلامة. قال: وهو أوّل قَبْر رُشَّ عليه، وروى عن النبيَّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: "لَوْ عَاشَ إبْرَاهِيمُ لأَعْتَقْتُ أَخْوَالَهُ، وَلَوَضَعْتُ الْجِزْيَةَ عَنْ كُلِّ قِبْطِيّ"(*)أخرجه ابن ماجة في السنن 1 / 484 كتاب الجنائز (6) باب ما جاء في الصلاة على ابن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وذكر وفاته (27) حديث رقم 1511. وأورده في كنز العمال حديث رقم 35557، 32206.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال