تسجيل الدخول


عثمان بن طلحة العبدري

عُثْمَانُ بنُ طَلْحَة بنِ أَبي طَلحة، واسم أَبي طلحة عبد اللّه، القرشي العَبْدَرِي الحَجَبِي. قُتل أَبوه طلحة، وعمه عثمان بن أَبي طلحة جميعًا يوم أُحد كافرين، وقَتل حمزةُ عثمان، وقَتل عليٌّ طلحةَ مبارزة، وقَتَل عاصم بن ثابت بن أَبي الأَقلح: مسافعًا، والجلاس، وقَتل الزُّبير: كِلابًا، وقَتل قُزْمان: الحارث، وكِلاَب بنو طلحة؛ كلهم إِخوة عثمان بن طلحة، قُتلوا كفَّارًا. وذكر عثمان بن طلحة: أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لقِيَهُ بمكة قبل الهجرة، فدعاه إلى الإسلام فقال عثمان: يا محمد العجبُ لك حيثُ تَطمَعُ أن أتّبعك وقد خالفتَ دينَ قَوْمِكَ، وجئتَ بدينٍ مُحدَثٍ، فَفَرّقتَ جماعَتَهم وأُلْفَتَهُم، وأذهَبتَ بهاءهم، فانصرف النبي صَلَّى الله عليه وسلم، وكانوا يفتحون الكعبةَ في الجاهلية يوم الاثنين، والخميس، فأقبل النبي صَلَّى الله عليه وسلم يوما يريد أن يدخل الكعبة مع الناس فَغَلَّظ عثمان عليه، ونال منه، وَحَلُمَ عَنه النبي صَلَّى الله عليه وسلم، ثم قال: "يا عثمان لعلك سترى هذا المفتاح يومًا بِيَدِي أَضَعُه حَيْثُ شِئْتُ" فقال عثمان: لقد هلكت قريشُ يومئذٍ وَذَلَّت، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "بل عَمِرَتْ وعزَّت يومئذٍ"، قال عثمان: ودخل الكعبة فَوَقَعَتْ كلمتُه مني موقعًا ظننتُ يومئذٍ أن الأمر سيصير إلى ما قال، فأردتُ الإسلام، ومُقاربةَ محمدٍ صَلَّى الله عليه وسلم فإذا قومي يَزْبُرُونني زَبْرًا شديدًا ويُزْرُونَ برأيي، فأمسكت عن ذكره، فلما هاجر رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى المدينة جعلتْ قريشٌ تُشفِقُ من رجوعه عليها، فَهُم على ما هم عليه حتى جاء النفيرُ إلى بَدْر، قال عثمان: "فخرجْت فيمن خرج من قومنا، وشهدتُ المشاهدَ كُلَّها معهم على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فلما دخَل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مكة عام القَضِيَّة غَيَّر الله قلبي عَمَّا كان عليه، ودخلني الإسلام، وجعلت أفكر فيما نحن عليه، وما نعبدُ من حَجَر لا يسمعُ ولا يبصرُ ولا ينفعُ ولا يضرُّ، وأنظر إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وأصحابه، وظَلَفِ أنفسهم عن الدنيا، فيقع ذلك منّي فأقول: ما عمِلَ القومُ إلا على الثواب لما يكون بعد الموت، وجعلتُ أحبُّ النظر إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى أَنْ رأيتُه خارجًا من باب بني شَيْبَة يريد مَنزِلَهُ بالأَبْطَح، فأردتُ أن آتِيَه وآخُذَ بيده وأُسلِّم عليه، فلم يُعْزَمْ لي على ذلك، وانصرفَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم راجعًا إلى المدينة، ثم عُزِمَ لي على الخروج إليه، فأدْلجتُ إلى بطن يَأَجَج، فألقى خالدَ بن الوليد، فاصطحبنا حتى وصلنا الهَدَةَ، فما شعرنا إلا بعمرو بن العاص" ــ مقبلا من عند النجاشي، فانقمعوا منه وانقمع منهم، ثم قال عمرو: أين يُريدُ الرجلان؟ فأخبروه، فقال: وأنا أريد الذي تريدان، فاصطحبوا جميعا حتى قدموا المدينة على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم حين رآهم‏: ‏"رمَتْكُم مكّةُ بِأَفْلَاذِ كبِدها‏"‏ ـــ يقول:‏ "إنهم وجوهُ أهل مكة" ـــ فأسلموا، وأقام عثمان حتى خرج معه في غزوة، ودخل النبي صَلَّى الله عليه وسلم مكة، فبعث إلى أم عثمانَ بن طلحةَ أن ابعثي إلىّ بالمفتاح، قالت: لا. واللاَّتِ والعُزَّى لا أبعث إليه بالمفتاح، فأراد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أن يبعث إليها فيأخذُه منها قَسْرا، فقال عثمان بن طَلحة: يا رسول الله، إنها حديثةُ عهدٍ بالكفر فابعثني إليها، فأرسَلَه إليها، فقال: يَا أُمَّهْ، إنه قد حدث أمرٌ غيرَ الذي كان، فاعلمي أنك إن لم تدفعي إليه المفتاحَ قُتِلْتُ أنا وأخي، فأعطتهُ فجاء به مسرعًا، فلما دنا من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عَثرَ ووقع المفتاحُ، فقام رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فحَنَى عليه بثوبه ووصف حماد: بثوبه: غطاهُ، ففتح الباب فدخل فقام عند أركان البيت، وأرجائه يدعو، ثم صلَّى ركعتين بين الأسطوانتين، وقيل: لما دخل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مكة ففتحها، وأخذَ المفتاح بيده، قام للناس، فقال: "هل من متكلِّم؟ هل من أحدٍ يتكلَّم؟"قال: فتَطَاول العباسُ ورجالٌ من بني هاشم رجاء أن تجمع لهم السقاية، والحِجَابة، فدفعه النبي صَلَّى الله عليه وسلم إلى عثمان مُضْطَبِعًا عليه بثوبه، وإلى شيبة بن عثمان بن أبي طلحة، وقال‏:‏ "خُذها تالدةً خالدةً، لا ينزعُها منكم إلا ظالم: يا عثمان، إنَّ الله استأمنكم على بيته، فكلوا مما يصلُ إليكم من هذا البيت بالمعروف"، قال عثمان: فلما ولَّيتُ ناداني، فرجعت إليه فقال: "ألم يكن الذي قلتُ لك؟" قال: فذكرت قوله صَلَّى الله عليه وسلم لي بمكة قبل الهجرة: "لعلك سترى هذا المفتاح يومًا أضعه حيث شئت" فقلت: بلى أشهد أَنَّكَ رسولُ الله. وكان قدوم عُثمانَ المدينةَ في صفر سنة ثمان، وهذا أثبت الوجوه في إسلام عثمان، ولم يزل مقيمًا بالمدينة حتى قُبض رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فرجع إلى مكة فنزلها حتى مات بها في أول خلافة معاوية بن أبي سفيان"، سنة اثنتين وأربعين، وقيل: إنه قُتل يوم أَجْنادِين‏.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال