تسجيل الدخول

المفاوضات وحيازة الغنائم

عندما قرر يهود خيبر الاستسلام، أرسل ابن أبي الحقيق إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: أنزل فأكلمك؟ قال: "نعم"، فنزل وصالح على حقن دماء من في حصونهم من المقاتلين، وترك الذرية لهم، ويخرجون من خيبر وأرضها بذراريهم، ويخلون بين رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم وبين ما كان لهم من مال وأرض، وعلى الصفراء والبيضاء ــ أي على الذهب والفضة ــ والكراع والحلقة ــ السلاح والدروع، إلا ثوبا على ظهر إنسان، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "وبرئت منكم ذمة الله وذمة رسوله إن كتمتموني شيئا"، فصالحوه على ذلك، وبعد هذه المصالحة تم تسليم الحصون إلى المسلمين، وبذلك تم فتح خيبر.
وعلي الرغم من هذه المعاهدة غيب ابنا أبي الحقيق مالا كثيرا وحليا لحيي بن أخطب، كان حمله معه إلى خيبر حين أجليت بنو النضير. قال ابن إسحاق: وأتى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بكنانة بن أبي الحقيق، وكان عنده كنز بني النضير، فسأله عنه، فجحد أن يكون يعرف مكانه، فأتى رجل من اليهود فقال: إني رأيت كنانة يطوف بهذه الخربة كل غداة، فقال رسول الله لكنانة: "أرأيت إن وجدناه عندك أأقتلك؟" قال: نعم، فأمر بالخربة فحفرت فأخرج منها بعض كنزهم، ثم سأله عما بقي، فأبي أن يؤديه فدفعه إلى الزبير، وقال: "عذْبُه حتى نستأصل ما عنده"، فكان الزبير يقدح بزند في صدره ــ أي يضربه بما يشبه العصا ــ حتى أشرف على نفسه ــ أي قارب على الموت ــ ثم دفعه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى محمد بن مسلمة، فضرب عنقه ثأرا لمحمود بن مسلمة ــ وكان محمود قد قتل تحت جدار حصن ناعم، ألقي عليه الرحى وهو يستظل بالجدار فمات.
وذكر ابن القيم أن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أمر بقتل ابني أبي الحقيق، وكان الذي اعترف عليهما بإخفاء المال هو ابن عم كنانة، وسبى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم صفية بنت حيي بن أخطب، وكانت تحت كنانة بن أبي الحقيق، وكانت عروسا حديثة عهد بالدخول.
وأراد رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أن يجلي اليهود من خيبر، فقالوا: يا محمد، دعنا نكون في هذه الأرض نصلحها، ونقوم عليها، فنحن أعلم بها منكم، ولم يكن لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ولا لأصحابه غلمان يقومون عليها، وكانوا لا يفرغون ليقوموا عليها، فأعطاهم خيبر على أن لهم الشطر ــ أي النصف ــ من كل زرع ومن كل ثمر، وعلى أن لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أن يخرجهم في أي وقت.
ويدل على كثرة مغانم خيبر ما رواه البخاري عن ابن عمر قال:ما شبعنا حتى فتحنا خيبر، وما رواه عن عائشة قالت: لما فتحت خيبر قلنا: الآن نشبع من التمر، ولما رجع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى المدينة رد المهاجرون إلى الأنصار ما كانوا منحوهم من النخيل بعدما صار لهم بخيبر مال ونخيل.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال