1 من 2
سَعْدُ بن أبي وقَّاص
واسم أبي وقّاص مالك بن وُهَيب بن عبد مناف بن زُهرة بن كلاب بن مُرّة ويُكنى أبا إسحاق. وأُمّه حَمْنَةُ بنت سفيان بن أُميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصيّ.
قال: أخبرنا محمّد بن سُليم العبدي قال: أخبرنا سُفيان بن عُيينة عن عليّ بن زيد عن سعيد بن المسيّب عن سعد قال: قلت يا رسول الله من أنا؟ قال: "أنت سعد بن مالك بن وُهَيْب بن عبد مناف بن زهرة، مَنْ قال غيرَ ذلك فعليه لعنةُ الله".(*)
قال: أخبرنا عليّ بن عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا يحيَى بن سعيد القَطّان عن مجالد عن الشعبيّ عن جابر بن عبد الله قال: أقبل سعد ورسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، جالس فقال: "هذا خالي فَليُرِني امرؤٌ خَالَه".(*)
قالوا: وكان لسعد بن أبي وقّاص من الولد إسحاق الأكبر وبه كان يكنى، دَرَجَ وأمّ الحَكَمِ الكبرى وأمّهما ابنة شِهاب بن عبد الله بن الحارث بن زُهْرة، وعُمَرُ قَتَلَهُ المُخْتَارُ، ومحمّد بن سعد قُتل يومَ دير الجماجم قتله الحجّاج، وحَفْصَةُ وأمّ القاسم وأمّ كلثوم وأمهم ماوِيّة بنت قَيْس بن مَعْدِيكَرِبَ بن أبي الكَيْسَم بن السِّمْط بن امرئ القيس بن عمرو بن معاوية من كِنْدَةَ وعامر وإسحاق الأَصغر وإسماعيل وأمّ عمران وأمّهم أمّ عامر بنت عمرو بن عمرو بن كعب بن عمرو بن زُرْعة بن عبد الله بن أبي جُشَمَ بن كعب بن عمرو من بَهْراءَ وإبراهيم وموسى وأمّ الحكم الصغرى وأمّ عمرو وهند وأمّ الزّبير وأمّ موسى وأمّهم زَبَدُ ويزعم بنوها أنّها ابنة الحارث بن يَعْمُرَ بن شراحيل بن عبد عوف بن مالك بن جَنَاب ابن قيس بن ثعلبة بن عُكابة بن صَعْب بن عليّ بن بكر بن وائل، أصيبت سباءً.
وعبد الله بن سعد وأمّه سلمى من بني تغلب بن وائل، ومُصْعَبُ بن سعد وأمّه خَوْلَةُ بنت عمرو بن أوس بن سَلامَة بن غَزِيّةَ بن مَعْبَد بن سعد بن زُهير بن تيم الله بن أُسامة ابن مالك بن بكر بن حُبيب بن عمرو بن تغلب بن وائل، وعبد الله الأصغر وبُجَيْر واسمه عبد الرّحَمن وحَميدة وأمّهم أمّ هلال بنت ربيع بن مُرَيّ بن أوس بن حارثة بن لام بن عمرو بن ثمُامة بن مالك بن جَدْعاءَ بن ذُهل بن رُومان بن حارثة بن خارجة بن سعد بن مَذحِج وعُمير بن سعد الأكبر، هلك قبل أبيه، وحَمْنَةُ وأمّهما أمّ حكيم بنت قارض من بني كنانة حُلفاءِ بني زُهرة، وعُمير الأصغر وعمر وعمران وأمّ عمرو وأمّ أيّوب وأمّ إسحاق وأمّهم سَلْمى بنت خَصَفَة بن ثَقْفِ بن ربيعة من تيم اللاّت بن ثعلبة بن عُكابة وصالح بن سعد كان نزل الحِيرَةَ لشَرٍّ وقع بينه وبين أخيه عمر بن سعد ونزلها وَلَدُهُ ثمّ نزلوا رأسَ العين، وأمّه طيّبَةُ بنت عامر بن عُتْبة بن شراحيل بن عبد الله بن صابر بن مالك بن الخزرج بن تيم الله من النّمر بن قاسط، وعثمان ورملة وأمّهما أمّ حُجير، وعَمْرَة وهي العمياء تزوّجها سهيل بن عبد الرّحمن بن عوف وأمّها امرأة من سَبي العرب، عائشة بنت سعد.
ذِكر إسْلامِ سعد بن أبي وقّاص
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمّد بن سعد عن عامر بن سعد عن أبيه قال: ما أسْلَمَ رجلٌ قبلي إلاّ رجلٌ أسلم في اليوم الذي أسلمت فيه، ولقد أتَى عَلَيّ يومٌ وإني لَثُلُثُ الإسلام.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن إسماعيل بن محمّد بن سعد عن أبيه عن عامر بن سعد عن أبيه قال: كنتُ ثالثًا في الإسلام.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن إسماعيل بن محمّد عن المهاجر بن مسْمار عن سعد قال: لقد أسلمتُ يومَ أسلمتُ وما فَرَضَ الله الصّلوات.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني سَلَمَةُ بن بُخْت عن عائشة بنت سعد قالت: سمعتُ أبي يقول وأسلمتُ وأنا ابن سبع عشرة سنة.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني أبو بكر بن إسماعيل بن محمّد عن أبيه قال: لما هاجر سعد وعُمير ابنا أبي وقّاص من مكّة إلى المدينة نزلا في منزل لأخيهما عُتْبة بن أبي وقّاص كان بناه في بني عمرو بن عوف وحائطٍ له، وكان عُتْبَة أصاب دمًا بمكّة فهرب فنزل في بني عمرو بن عوف وذلك قبل بُعاث.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله عن الزّهريّ عن عُبيد الله ابن عبد الله بن عُتبة قال: منزل سعد بن أبي وقّاص بالمدينة خِطّةٌ من رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا موسى بن محمّد عن أبيه قال: آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بين سعد بن أبي وقّاص ومُصْعَب بن عُمير.(*)
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر عن سعد بن إبراهيم وعبد الواحد بن أبي عون قالا: آخى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، بين سعد بن أبي وقّاص وسعد بن مُعاذ.(*)
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن إسماعيل بن محمّد عن أبيه عن عامر بن سعد عن أبيه أنّه كان مع حمزة بن عبد المطّلب في سريّته التي بعثهُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عليها.
ذِكر أوّلِ من رمى بسهْمٍ في سبيل الله
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا عمرو بن سلمة بن أبي بُريد عن عمّه عن سعد بن أبي وقّاص قال: أنا أوّل من رمى في الإسلام بِسَهْم، خرجنا مع عُبيدة بن الحارث ستّين راكبًا سَرِيّة.
قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سمعتُ سعدًا يقول إنّي لأوّل رجلٍ من العرب رمى بسهم في سبيل الله.
قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير ويَعْلَى ومحمّد ابنا عُبيد قالوا: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سمعتُ سعد بن أبي وقّاص يقول والله إنّي لأوّل رجل من العرب رمى بسهمٍ في سبيل الله، ولقد كنّا نغزو مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وما لنا طعامٌ نَأكله إلاّ وَرَقَ الحُبْلَةِ وهذا السَّمُرُ، حتّى إنّ أحدنا لَيَضَعُ كما تضع الشاه ما له خِلْطٌ، ثمَّ أصبحت بنو أسد يَعْزِرونَني عن الدين لقد خبتُ إذًا وَضَلّ عَمَلِيَهْ، قال ابن نُمير: وضَلّ عَمَلي.
قال: أخبرنا وكيع بن الجراح ومحمّد بن عُبيد والفضل بن دُكين عن المسعودي عن القاسم بن عبد الرّحمن قال: أوّل من رمى بسهمٍ في سبيل الله سعد بن مالك.
قال: أخبرنا وهب بن جرير قال: أخبرنا شُعْبة عن عاصم عن أبي عثمان عن سعد ابن مالك قال: وهو أوّل من رمى بسهم في سبيل الله.
قال: أخبرنا أبو معاوية الضرير قال: أخبرنا الأعمش عن إبراهيم قال قال عبد الله: لقد رأيتُ سعدًا يقاتل يوم بدرٍ قتال الفارس في الرجال.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا ابن أبي حبيبة عن داود بن الحُصين قال: بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، سعد بن أبي وقّاص في سريّة إلى الخرّار فخرج في عشرين راكبًا يعترض لعير قريش فلم يلق أحدًا.
ذِكر جَمْعِ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، لسعد أبويه بالفِداء
قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن عبد الله بن شَدّاد عن عليّ بن أبي طالب قال: ما سمعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يَفْدي أحدًا بأبويه إلاّ سعدًا فإنّي سمعته يقول يوم أُحُدٍ: "ارْمِ سَعْدُ فِدَاكَ أبي وأمّي".(*)
قال: أخبرنا عبد الله بن نُمير عن يحيَى بن سعيد عن سعيد بن المسيّب قال: سمعتُ سعد بن أبي وقّاص يذكر أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، جمع له أبويه يومَ أُحُد.
قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسدي عن أيّوب سمعتُ عائشة بنت سعد تقول: أبي والله الّذي جمع له النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، الأبويْن يوم أُحُد.
قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا محمّد بن بجاد من ولد سعدِ بن أبي وقّاص أنّه سمع عائشة بنت سعد تذكر عن أبيها سعد أنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، قال له يومَ أُحُد: "فِدًى لك أبي وأُمّي".(*)
قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا محمّد بن بجادٍ عن عائشة بنت سعد عن أبيها سعد بن أبي وقّاص أنّه قال:
ألا هَلَ أتى رسولَ اللهِ أنّي حَمَيْتُ صِحابتي بصُدورِ نَبْلي
أذودُ بهـا عَـدُوَّهُمُ ذيــــادًا بكُـــلّ حُزُونَةٍ وَبكُــــلّ سَهْـــــلِ
فما يَعْتَـدّ رامٍ مـن مَعَــــــــدٍّ بسَهْـمٍ مَـــــعْ رَسولِ الله قَبْـــــلي
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: نُبّئتُ أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قال لسعد بن مالك:"اللّهُمّ اسْتَجِبْ لَهُ إذا دَعاك".(*)
قال: أخبرنا عبد العزيز بن عبد الله الأويسي قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر الزّهريّ عن إسماعيل بن محمّد بن سعد عن سعد قال: لقد شهدتُ بدرًا وما في وجهي غير شعرة واحدة أمَسّها ثمّ أكثر الله لي بعدُ من اللّحي، يعني أولادًا كثيرًا.
قالوا: وشهد سعد بدرًا وأُحُدًا وثبت يومَ أُحُد مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، حين ولّى النّاس، وشهد الخندق والحديبية وخيبر وفتح مكّة وكانت معه يومئذٍ إحدى رايات المهاجرين الثلاث، وشهد المشاهد كلّها مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان من الرماة المذكورين من أصحاب رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم.
قال: أخبرنا هشام أبو الوليد الطيالسيّ قال: أخبرنا ليث بن سعد عن محمّد بن عَجْلان عن نَفَرٍ قد سمّاهم أنّ سعدًا كان يَخْضِبُ بالسواد.
قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: أخبرنا عبد العزيز بن المطّلب عن يونس بن يزيد الأيْْلي عن ابن شهاب عن سعد بن أبي وقّاص أنّه كان يَصْبُغُ بالسواد.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدثني بُكير بن مِسمار عن عائشة بنت سعد قالت: كان أبي رجلًا قصيرًا، دحداحًا، غليظًا، ذا هامةٍ، شَثْنَ الأصابع، أشعر، وكان يخضب بالسواد.
قال: أخبرنا خالد بن مخلد قال: أخبرنا عبد الله بن عمر عن وهب بن كيسان قال: رأيتُ سعد بن أبي وقّاص يلبس الخزّ.
قال: أخبرنا وكيع بن الجرّاح عن أبي سعد سعيد بن المرزبان عن عمرو بن ميمون قال: أمّنا سعدٌ في مُسْتُقَة.
قال: أخبرنا قبيصة بن عقبة عن سفيان عن حكيم بن الديلمي أن سعدًا كان يُسبّح بالحُصِيّ.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا إسرائيل عن أبي حُصين عن مُصْعَب بن سعد عن سعد بن أبي وقّاص أنه كان يلبس خاتمًا من ذهب.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا قيس بن الربيع عن عمران بن موسى بن طلحة قال: أخبرني محمّد بن إبراهيم بن سعد عن أبيه أنّ سعدًا كان في يده خاتمٌ من ذهب.
قال: أخبرنا محمّد بن عبد الله الأسديّ قال: أخبرنا يونس بن أبي إسحاق عن مُصْعَب بن سعد عن سعد أنّه كان إذا أراد أن يأكل الثّوم بدا.
قال: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم الأسديّ عن أيّوب عن محمّد قال: نُبّئت أن سعدًا كان يقول: ما أزعُمُ أني بقميصي هذا أحَقّ مني بالخلافة، قد جاهدتُ إذ أنا أعرفُ الجهاد ولا أبْخَعُ نفسي إنْ كان رجلٌ خيرًا منّي، لا أُقَاتِلُ حتى تأتوني بسيفٍ له عينان ولسان وشفتان فيقول هذا مؤمنٌ وهذا كافرٌ.
قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا شُعْبَة عن يحيَى بن الحُصَين قال: سمعتُ الحيّ يتحدّثون أنّ أبي قال لسعد: ما يَمْنَعُكَ من القتال؟ قال: حتّى تجيئوني بسيفٍ يعْرِفُ الموْمن من الكافر.
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم وعارم بن الفضل قالا: أخبرنا حمّاد بن زيد قال: أخبرنا يحيَى بن سعيد عن السائب بن يزيد أنّه صَحِبَ سعدَ بن أبي وقّاص من المدينة إلى مكّة قال: فما سمعتُه يحدّث عن النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، حديثًا حتّى رجع.
أخبرنا يحيَى بن عبّاد قال: أخبرنا شعبة قال: أخبرنا سعدٌ عن خالته أنّهم دخلوا على سعد بن أبي وقّاص فسُئِلَ عن شيءٍ فاستعجم فقال: إنّي أخاف أن أحدّثكم واحدًا فتزيدوا عليه المائة.
ذِكر وصيّة سعد، رحمه الله
قال: أخبرنا سفيان بن عُيينة عن الزّهريّ عن عامر بن سعد عن سعد قال: مرضتُ مرضًا أَشْفَيْتُ منه على الموت فأتاني رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، يعودني فقلت: يا رسول الله لي مال كثير وليس يرثني إلا ابنتي أفأُوصي بثُلُثَيْ مالي؟ قال: "لا"، قلت: فالشّطرِ؟ قال: "لا"، قلت: فالثلثِ؟ قال: "الثلثِ والثلثُ كثير، إنّكَ أنْ تَتْرُك وَلَدَك أغنياءَ خيرٌ من أن تتركهم عالَةً يتكفّفون النّاس، إنّك لن تنفق نفقةً إلاّ أُجِرْتَ عليها حتى اللّقْمَة تجعلها في فِي امرأتك، ولعلّك أنْ تُخَلّفَ حتّى ينْتَفعَ بك أقوامٌ ويُضرّ بك آخرون، اللّهمّ أمْضِ لأصحابي هجْرَتَهم ولا تَرُدّهم على أعقابهم، لكنّ البائس سعد بن خَوْلَةَ" يَرْثي له رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، إنْ مات بمكّة.(*)
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين ومحمّد بن عبد الله الأسديّ قالا: أخبرنا سفيان عن سعد عن عامر بن سعد عن سعد قال: جاءني النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، يعودني وأنا بمكّة وهو يكره أن أموت بالأرض التي هاجرتُ منها، فقال: "يرحمُ الله ابنَ عفراء!" فقلت: يا رسول الله أُوصي بمالي كله؟ قال: "لا"، قلت: فالشطرِ؟ قال: "لا"، قلت: الثلثِ، قال: "الثلثِ والثلثُ كثير، إنّك أنْ تَدَعَ ورَثَتَكَ أغنياءَ خيرٌ من أنْ تَدَعَهم عالةً يتكفّفون النّاسَ في أيديهم، وإنّك مهما أنْفَقْتَ على أهلك من نفقةٍ فإنها صَدَقَةٌ حتّى اللّقْمَة ترفعها إلى في امرأتك، وعسى الله أن يرفعك فينتفع بك قومٌ ويُضَرّ بك آخرون"، قال ولم يكن له يومئذٍ إلا ابنةٌ.(*)
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا وهيب قال: أخبرنا أيّوب عن عمرو بن سعيد عن حُميد بن عبد الرّحمن عن ثلاثة من ولد سعد عن سعد أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، دخل عليه يعوده وهو مريض وهو بمكّة فقال: يا رسول الله لقد خشيتُ أن أموت بالأرض التي هاجرت منها كما مات سعد بن خَوْلَةَ فادْعُ الله أن يشْفِيَني، فقال: "اللّهُمّ اشْفِ سعدًا، اللّهمّ اشْفِ سعدًا، اللّهمّ اشْفِ سعدًا!" فقال: يا رسول الله إنّ لي مالًا كثيرًا وليس لي وارثٌ إلا ابنةٌ أفَأُوصي بمالي كلّه؟ قال: "لا"، قال: أفأُوصي بثلثيه؟ قال: "لا"، قال: أفأُوصي بنصفه؟ قال: "لا"، قال: أفأُوصي بثلثه؟ قال: "الثلثِ والثلثُ كثير، إنّ نفقتك من مالك لك صَدَقَةٌ، وإنّ نفقتك على عيالك لك صدقة، وإنّ نفقتك على أهلك لك صدقة، وإنّك أنْ تَدَعَ أهْلَك بعَيْش، أو قال بخَيْر، خيرٌ مِنْ أنْ تَدَعَهُمْ يتكفّفون النّاس". (*)
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا همام بن يحيَى قال: أخبرنا قتادة عن يونس بن جُبير عن محمّد بن سعد عن أبيه أنّ النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، دخل عليه وهو بمكّة وهو يريد أن يوصي، قال فقلت: إنّه ليس لي إلاّ ابنةٌ واحدة أفأُوصي بمالي كلّه؟ قال: "لا"، قال: أفأُوصي بالنصف؟ قال: "لا"، قال: أفأُوصي بالثلث؟ قال: "الثلثِ والثلثُ كثير".(*)
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا وُهيب قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان بن خُثيمٍ عن عمرو بن القاريّ عن أبيه عن جدّه عمرو بن القاريّ أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، قدم فخلّف سعدًا مريضًا حيث خرج إلى حُنين، فلمّا قدِم من الجِعِرّانَة معتمرًا دخل عليه وهو وَجِعٌ مغلوبٌ، فقال: يا رسول الله إنّ لي مالًا وإنّي أُورَثُ كَلالةً أفأُوصي بمالي أو أتصدّق به؟ قال: "لا"، قال: أفأُوصي بثلثيه؟ قال: "لا"، قال: أفأُوصي بشطره؟ قال: "لا"، قال: أفأُوصي بثلثه؟ قال: "نعم وذلك كثير أو كبير"، قال: أيْ رسول الله، أميّت أنا بالدار التي خرجتُ منها مهاجرًا؟ قال: "إنّي لأرجو أن يرفعك الله فيَنْكَأَ بك أقوامًا وينتفع بك آخرون، يا عمرو بن القاريّ إنْ مات سعدٌ بعدي فهاهنا ادْفِنْه نحو طريق المدينة"، وأشار بيده هكذا.(*)
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني سفيان بن عُيينة عن إسماعيل بن محمّد عن عبد الرّحمن الأعرج قال: خلّف رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على سعد بن أبي وقّاص رجلًا فقال: "إنْ مات سعد بمكّة فلا تَدْفِنْه بها".(*)
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني سفيان بن عُيينة عن محمّد بن قيس عن أبي بردة بن أبي موسى قال: قال سعد بن أبي وقّاص للنّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: أتَكْرَهُ أن يموتَ الرّجلُ في الأرض التي هاجر منها؟ قال: "نعم".(*)
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا سفيان بن عُيينة عن ابن أبي نَجيح عن مجاهد عن سعد بن أبي وقّاص قال: مرضتُ فأتاني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يعودني فوضع يده بين ثَدْيَيّ فوجدتُ بَرْدَها على فؤادي ثمّ قال: "إنّك رجل مَفْئُود فأتِِ الحارثَ بن كَلَدَةَ أخا ثقيف فإنّه رجل يتطبّب، فمُرْه فَلْيَأخُذْ سبْعَ تَمَرَاتٍ منْ عَجْوَةِ المدينة فَلْيَجَأْهُنّ بنوَاهنّ ثمّ ليَلُدّكَ بهنّ".(*)
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم والحسن بن موسى الأشيب قالا: أخبرنا حمّاد بن سلمة عن سِماك بن حَرْب عن مُصْعَب بن سعد قال: كان رأس أبي في حُجْري وهو يقْضي، قال فَدَمَعَتْ عينايَ فنظَر إليّ فقال: ما يبكيك أيْ بُنَيّ؟ فقلت: لمكانك وما أرى بك، قال: فلا تَبْكِ عليّ فإنّ الله لا يعذّبني أبدًا وإنّي من أهل الجنّة، إنّ الله يَدينُ المؤمنين بحَسَنَاتهم ما عملوا لله، قال: وأمّا الكُفّار فيُخَفِّفُ عنهم بحسناتهم فإذا نَفِدَتْ قال ليطلُبْ كلُّّ عامل ثواب عَمَله ممّن عَمِلَ لَهُ.
ذِكر موت سعد ودفنه
قال: أخبرنا معن بن عيسى قال: أخبرنا مالك بن أنس أنّه سمع غير واحد يقول: إنّ سعد بن أبي وقّاص مات بالعقيق فحُمل إلى المدينة ودُفن بها.
قال: أخبرنا مُطَرّف بن عبد الله قال: أخبرنا عبد العزيز بن أبي حازم عن محمّد بن عبد الله ابن أخي ابن شهاب أنّه سأل ابن شهاب هل يُكْرَهُ أن يُحْمَلَ الميّتُ من أرض إلى أرض؟ قال: فقد حُمل سعد بن أبي وقّاص من العقيق إلى المدينة.
قال: أخبرنا أنس بن عياض أبو ضَمْرَّة الليثيّ عن يونس بن يزيد قال: سُئل ابن شهاب هل يُكْرَهُ أن يحمل الميّت من قريةٍ إلى قرية؟ فقال: قد حُمل سعد بن أبي وقّاص من العقيق إلى المدينة.
ذِكر الصّلاة على سعد، وكيف حُملت جنازتُه
قال: أخبرنا عفّان بن مسلم قال: أخبرنا وُهيب قال: أخبرنا موسى بن عُقبة عن عبد الواحد عن عبّاد بن عبد الله بن الزّبير يحدّث عن عائشة أنّه لمّا توفّي سعد بن أبي وقّاص أرْسَلَ أزْواجُ النّبي،ّ صَلَّى الله عليه وسلم، أنْ يَمُرّوا بجنازته في المسجد، ففعلوا فوُقِف به على حُجَرهنّ فَصَلَّيْنَ عليه وخُرِجَ به من باب الجنائز الذي كان إلى المقاعد، فبلغهنّ أنّ النّاس عابوا ذلك وقالوا: ما كانت الجنائز يُدْخَلُ بها المسجد، فبلغ ذلك عائشة فقالت: ما أسرعَ النّاسَ إلى أن يعيبوا ما لا علمَ لهم به، عابوا علينا أن يُمَرّ بجنازةٍ في المسجد وما صلّى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على سُهَيل بن بيضاء إلاّ في جوف المسجد.
قال: أخبرنا سعيد بن منصور قال: أخبرنا فُليح بن سليمان عن صالح بن عَجْلان ومحمّد بن عَبّاد بن عبد الله عن عبّاد بن عبد الله بن الزّبير أنّ عائشة أمرت بجنازة سعد أن يُمَرّ بها عليها في المسجد فبلغها أن قد قيل في ذلك، فقالت: ما أسرع النّاس إلى القول، والله ما صلّى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، على سُهيل بن بيضاء إلاّ في المسجد.
قال: أخبرنا الفضل بن دُكين قال: أخبرنا خالد بن إلْياس عن صالح بن يزيد مولى الأسود قال: كنت عند سعيد بن المسيّب فمر عليه عليّ بن حُسين فقال: أين صلّي على سعد بن أبي وقّاص؟ قال: شُقّ به المسجد إلى أزواج النّبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، أرْسَلْنَ إليهم إنّا لا نستطيع أن نَخْرُجَ إليه نُصَلّي عليه، فدخَلوا به فقاموا به على رءُوسهنّ فصَلّيْنَ عليه.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا بُكير بن مِسْمار وعُبيدة بنت نابلٍ عن عائشة بنت سعد قالت: مات أبي، رحمه الله، في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة فحُمل إلى المدينة على رقاب الرجال وصلّى عليه مروان بن الحكم وهو يومئذ والي المدينة، وذلك في سنة خمسٍ وخمسين، وكان يوم مات ابن بضع وسبعين سنة.
قال محمّد بن عمر: وهذا أثبت ما رُوينا في وقت وفاته، وقد روى سعد عن أبي بكر وعمر.
قال محمّد بن سعد: وقد سمعتُ غير محمّد بن عمر ممّن قد حمل العِلْم ورواه يقول مات سعد سنة خمسين فالله أعلم.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: أخبرنا فَرْوَة بن زُبير عن عائشة بنت سعد قالت: أرسل سعد بن أبي وقّاص إلى مروان بن الحكم بزكاة عين ماله خمسة آلاف درهم وترك سعدٌ يوم مات مائتي ألف وخمسين ألفَ درهم.
قال: أخبرنا محمّد بن عمر قال: حدّثني إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة عن أبيه وعمّه عن سالم بن عبد الله عن أبيه أنّ عمر قاسَمَ سعد بن أبي وقّاص ماله حين عزله عن العراق.
(< جـ3/ص 127>)
2 من 2
سعد بن أبي وقّاص
واسمه مالك بن أُهيب بن عبد مناف بن زُهرة بن كلاب، ويُكنى أبا إسحاق، وأمّه حَمْنة بنت سفيان بن أميّة بن عبد شمس بن عبد مناف بن قُصَيّ. وقد شهد بدرًا وهو الذي افتتح القادسيّة ونزل الكوفة وخطّها خططًا لقبائل العرب وابتنى بها دارًا، ووليها لعمر بن الخطّاب وعثمان بن عفّان، ثم عُزل عنها ووليها بعده الوليد بن عُقْبة بن أبي مُعيط، ورجع سعد إلى المدينة فمات في قصره بالعقيق على عشرة أميال من المدينة، فحمل إلى المدينة على رقاب الرجال فدُفن بالبقيع، وذلك سنة خمسٍ وخمسين، وصلى عليه مروان بن الحَكَم وهو يومئذٍ والي المدينة لمعاوية. وكان سعد يوم مات ابن بضعٍ وسبعين سنة، وكان قد ذهب بصره. هكذا قال محمّد بن عمر في وقت وفاته، وقال غيره: تُوفّي سنة خمسين، وقد كتبنا خبره فيمن شهد بدرًا.
(< جـ8/ص 135>)