تسجيل الدخول


الديلمي

1 من 4
دَيْلَم الحميري: وهو ديلم بن أبي ديلم، ويقال ديلم بن فيروز، ويقال ديلم بن هوشع، صحابيّ مشهور سأل النبي صَلَّى الله عليه وسلم عن الأشربة وغير ذلك، ونزل مصر، فروى عنه أهلها، ونسبه ابن يونس، فقال: ديلم بن هوشع بن سعد بن أبي جناب ابن مسعود، وساق نسبه إلى جَيْشان. قال: وكان أول وافد على النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم من اليمن من عند معاذ بن جبل، وشهد فتح مصر.

وروى عنه أبو الخير مرثد، ثم قال: ديلم بن هوشع الأصغر الجيشانيّ يكنّى أبا وهب، كذا يقوله أهل العلم بالحديث من العراق، وهو عندي خطأ؛ وإنما اسم أبي وهب الجيشاني عبيد بن شرحبيل، كذا سمّاه أهل العلم ببلدنا. انتهى كلامه.

وهو في غاية التحرير. ونقل البغَوِيُّ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ أنه قال: أبو وَهْب الجيشاني اثنان: أحدهما صحابيّ، والآخر روى عنه ابن لهيعة ونظراؤه.

قلت: وهو موافق لما قال ابن يونس إلّا في الكنية: فإن ابْنَ يونس لا يسلّم أن الصّحابي يكنى أبا وهب. وأما البخاريّ وأبو حاتم وابن سَعْد وابن حبان وابن منده فقالوا: ديلم الحميريّ هو ابن فيروز، زاد ابْنُ سَعْدٍ، وإنما قيل له الحميريّ لنزوله في حِمْير.

وقال التِّرْمِذِيُّ: ديلم الحميري يقال هو فيروز الديلميّ. وقال البخاريّ: ديلم بن فيروز الحميريّ روَى عنه ابنه عبد الله.

قلت: وفيه نظر، لأن عبد الله المذكور يقال له ابن الديلميّ، والديلميّ هو فيروز، وهو صحابيّ آخر غير هذا سيأتي في حرف الفاء؛ فالظاهر أنه التبس على البخاريّ.

ومِمَّنْ نبه على وَهْمه في ذلك أبو أحمد الحاكم؛ فإنه قال: عبد الله بن الديلميّ: واسم الديلميّ فيروز. وقد خبط ابن منده في ترجمته فقال بعد الذي سقناه من عند ابن يونس: روى عنه ابناه: الضّحاك، وعبد الله، وأبو الخير وغيرهم، وكان ممن له في قَتل الأسود العَنْسي الكذّاب باليمن أثر عظيم، وهو حمل رأسه إلى المدينة، فوجد النبيَّ صَلَّى الله عليه وسلم قد مات. انتهى.

وقد تعقبه ابْنُ الأَثِيرِ بأنَّ قاتل الأسود هو فيروز الدّيلميّ، وليس هو ديلم الحميري، وهو كما قال.

قُلْتُ: وكان سبب الوهم فيه أن كلًّا من فيروز الديلمي وديلم الحميري سأل عن الأشربة؛ فأمَّا حديثُ الديلمي فأخرجه أبو داود من طريق يحيى بن أبي عمر والشيباني، عن عبد الله الديلمي، عن أبيه، قال: أتينا إلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله، قد علمت من أين نحن؟ فإلى أين نحن؟ قال: "إلَى الله وَالَى رَسُولِهِ". فقلنا: يا رسول الله، إن لنا أعنابًا فماذا نصنع فيها؟ "زبِّبُوها" قالوا: وما نصنع بالزبيب؟ قال: "انْتَبِذُوه عَلَى غَدَائِكُمْ، وَاشْرَبُوهُ عَلَى عَشَائِكُمْ، وَانْتَبِذُوه في الشِّنان لَا في الأَسْقِيَةِ"(*).

وأما حديث ديلم فأخرجه أبو داود أيضًا من طريق أبي الخير مرثد عن دَيْلَم الحميري، قال: سألتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، إنا بأرض باردة نُعالج فيها عملًا شديدًا، وإنا نتخذ شرابًا من هذا القمح نتقوَّى به على عملنا وعلى بَرْد بلادنا؟ فقال: "هَلْ يُسْكِر"؟ قلنا: نعم قال:"فَاجْتَنِبُوهُ". الحديث.

فالحديثان وإن اشتركا في كونهما فيما يتعلق بالأشربة فهما سؤالان مختلفان عن نوعين مختلفين، وإنما أتى الوَهْم على من اختصر؛ فقال: له حديث في الأشربة، فلم يعلم مُرَاده بذلك.

وقد خبط فيه أيضًا أَبُو أَحْمَدَ الْعَسْكَريُّ، فقال: فيمن رَوَى عن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم مرسلًا دَيْلم بن هوشع الحميريّ، وقال: أدخله بعضُهم في المسند، وهو وَهْم، فإن الذي قدم على النبيّ صَلَّى الله عليه وآله وسلم هو ديلم بن هوشع.

وقد ذكر عَبَّاس الدُّورِيُّ عن ابن معين أن أبا وهب الجيشاني يسمى ديلم بن هوشع.

قلت: وقد تقدم رَدّ ابْنُ يُونُسَ على مَنْ زَعم ذلك، وأن أبا وهب الجيشاني تابعي يسمى عبيد بن شرحبيل لا دَيْلم بن هوشع، وأن ديلم بن هوشع صحابيّ لا يُكنى أبا وهب الجيشاني، وبهذا يرتفع الإشكال ويثبت أنه ديلم بن هوشع لا دَيْلم بن فيروز. وأما من قال فيه ديلم بن أبي ديلم فلم يَعْرِفْ اسم أبيه، فكناه بولده؛ وابن منده يصنع ذلك كثيرًا، وليس ذلك باختلاف في التحقيق.

والحاصل أن الذي سأل عن الأشربةِ التي تُتّخذ من القمح هو ديلم بن هوشع، وحديثهُ في المصريين، وانفرد أبو الخير مرثد المصري بالرواية عنه، وهو حميري جَيْشَانِي؛ وأما الديلميّ الذي روى عنه ولده عبد الله فحديثُه في الشّاميين، واسمه فيروز؛ وهو الذي قتل الأسود العنسيّ؛ وأما أبو وهب الجيشاني فتابعيّ آخر. والله أعلم.
(< جـ2/ص 328>)
2 من 4
3 من 4
4 من 4
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال