تسجيل الدخول


رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم

((رُقيّة بنت سيد البشر صَلَّى الله عليه وسلم؛ محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمية)) الإصابة في تمييز الصحابة.
((قال أبو عمر: لا أعلم خلافًا أَنَّ زينب أَكْبَرُ بناته صَلَّى الله عليه وسلم. واختلف فيمَنْ بعدها منهن؛ ذكر أبو العبّاس محمد بن إسحاق السّرّاج، قال: سمعت عبد الله بن محمد بن سليمان بن جعفر بن سليمان الهاشميّ، قال: وُلدت زينب بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم ورسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم ابْنُ ثلاثين سنة، وَوُلدت رقيةُ بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ورسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم ابنُ ثلاثٍ وثلاثين سنة.))
((زعم الزّبير وعمه مصعب أنها كانت أصْغَر بناتِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وإياه صحّح الجرجاني النسّابة. وقال غيرهم: أكبر بناته زينب ثم رقية.)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال أَبُو عُمَرَ: لا أعرف خلافًا أنّ زينب أكبر بنات النبي صَلَّى الله عليه وسلم. واختلف في رقية وفاطمة وأم كلثوم، والأكثر أنهنّ على هذا الترتيب. ونقل أبو عمر عن الجرجاني أنه صح أن رُقية أصغرهن، وقيل: كانت فاطمة أصغرهن)) الإصابة في تمييز الصحابة. ((أسلمت حين أسلمت أمّها خديجة بنت خُوَيلد وبايعت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، هي وأخواتها حين بايعه النساء)) ((أمّها خَديجة بنت خُوَيْلِد بن أَسَد بن عَبْد العُزَّى بن قُصَيّ.)) الطبقات الكبير. ((روى الزبير بن بكار، عن عمه مصعب بن عبد الله: أن خديجة ولدت لرسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فاطمة، وزينب، ورقية، وأم كلثوم. وروى أيضًا عن ابن لَهِيعة، عن أبي الأسود: أن خديجة ولدت للنبي صَلَّى الله عليه وسلم زينب ورقية، وفاطمة، وأم كلثوم. وروى محمد بن فضالة قال: سمعت أن خديجة ولدت للنبي صَلَّى الله عليه وسلم زينب، وأم كلثوم، وفاطمة، ورقية)) أسد الغابة.
((تزوّجها عثمان بن عفّان وهاجرت معه إلى أرض الحبشة الهجرتين جميعًا. قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "إنّهما لأوّل من هاجر إلي الله تبارك وتعالي بعد لوط".(*) وكانت في الهجرة الأولى قد أسقطت من عثمان سقطًا ثمّ ولدت له بعد ذلك ابنًا فسمّاه عبد الله. وكان عثمان يكنى به في الإسلام وبلغ سنّه سنتين فنقره ديك في وجهه فطمر وجهه فمات، ولم تلد له شيئًا بعد ذلك. وهاجرت إلى المدينة بعد زوجها عثمان حين هاجر رسول الله)) الطبقات الكبير. ((قال مصعب وغيره من أهل النّسب: كانت رُقَيَّة تحت عُتْبَة بن أبي لَهَب، وكانت أُختها أمّ كلثوم تحت [[عُتَيْبَة]] بن أبي لهب، فلما نزلت: ‏{تَبَّتْ يَدَآ أَبِي لَهَبٍ} قال لهما أبوهما أبو لهب وأُمهما حَمّالة الحطب: فارقَا ابنتي محمد. وقال أبو لهب: رأسي مِنْ رأسيكما حرام إنْ لم تفارِقَا ابنتي محمد. ففارَقاهُما. قال ابن شهاب: فتزوّجَ عثمان بن عفان رُقَيَّة بمكّة، وهاجرت معه إلى أَرْض الحبشة، وولدت له هناك ابْنًا، فسماه عبد الله، فكان يُكْنَى به. وقال مُصعب: كان عثمان يُكْنَى في الجاهليّة أبا عبد الله، فلما كان الإسلام ووُلد له من رُقَيَّة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم غلامٌ سَمَّاه عبد الله، واكتنى به، فلبغ الغلام ستّ سنين، فنقر عينه ديك فتوَرَّم وَجْهُه ومرض ومات. وقال غيره: تُوفّي عبد الله بن عثمان من رُقَية بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، في جمادى الأولى سنة أربع من الهجرة، وهو ابْنُ ستّ سنين، وصلَّى عليه رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم، ونزل في حُفْرَته أبوه عثمان رضي الله عنهما. وقال قتادة: تزوَّجَ عثمان رُقَيَّة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فَتُوفّيت عنده ولم تَلِدْ منه. وهذا غَلَطٌ من قتادة ولَم يَقُلْه غيره وأَظنُّه أراد أُمّ كلثوم بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فإنّ عثمان تزوَّجَها بعد رقَيّة فتُوفيتْ عنده، ولم تَلِدْ منه. هذا قولُ ابْنِ شهاب وجمهور أهل هذا الشّأن؛ ولم يختلفوا أَنَّ عثمان إنما تزوّج أم كلثوم بعد رقيّة، وهذا يشهد لصحَّةِ قول مَنْ قال: إنّ رقيّة أكبرُ من أم كلثوم. وفي الحديث الصّحيح، عن سعيد بن المسيب، قال: تأيَّم عثمان من رُقَية بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وتأيَّمَتْ حفصةُ من زوجها، فمَّر عمر بعثمان فقال له: هل لك في حَفْصة. وكان عثمانُ قد سمع رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم يَذْكُرُها، فلم يجبه؛ فذكر ذلك عمر للنّبي صَلَّى الله عليه وسلم، فقال: "هَلْ لَكَ فِي خَيْرٍ مِنْ ذَلكَ؟ أتزوَّجُ أَنَّا حَفْصَة وأُزَوّج عُثْمَانَ خَيْرًا مِنْهَا أُمُّ كُلْثُومٍ"!(*) هذا أخرجه أحمد في المسند 6/277، والطبراني في الكبير 12/432، وذكره الطحاوي في المعاني 3/21، والهيثمي في الزوائد 8/295. معنى الحديث‏، وقد ذكرناه بإسناده في التمهيد، وهو أوضح شيء فيهما قصدناه والحمد لله. وأما وفاة رقية فالصَّحيحُ في ذلك أنَّ عثمان تخلَّفَ عليها بأَمْر رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم وهي مريضةٌ في حين خروج رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم إلى بدْر)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((قال قتادة: حدثني النضر بن أنس، عن أبيه أنس قال: خرج عثمان مهاجرًا إلى أرض الحبشة، ومعه زوجه رُقَيَّة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فاحتبس خَبَرُهم عن النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فكان يخرج فيسأل عن أخبارهما، فجاءته امرأة فأخبرته أنها رأتهما، فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "صَحِبَهُمَا الله، إِنَّ عُثْمَانَ أَوَّلَ مَنْ هَاجَرَ بِأَهْلِهِ بَعْدَ لُوطٍ عَلَيْهِ الْسَّلَامُ".(*))) أسد الغابة.
((مرضت ورسول الله يتجهّز إلى بدر فخلّف عليها رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، عثمان بن عفّان فتوفّيت ورسول الله ببدر في شهر رمضان على رأس سبعة عشر شهرًا من مهاجر رسول الله. وقدم زيد بن حارثة من بدر بشيرًا فدخل المدينة حين سوّي التراب على رقيّة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم. أخبرنا عفّان بن مسلم، حدّثنا حمَّاد بن سَلَمة، أخبرنا عليّ بن زيد عن يوسف بن مِهْرَان عن ابن عبّاس قال: لما ماتت رقيّة بنت النبيّ، صلّى الله عليه وسلّم، قال النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم: "الحقي بسَلَفِنا عثمان بن مَظْعُون". فبكَت النساء على رقيّة فجاء عمر بن الخطّاب فجعل يضربهنّ بسوطه، فأخذ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، بيده ثمّ قال:"دعهنّ يا عمر يُبْكِينَ". ثمّ قال: "إبكين وإيّاكُنّ ونَعِيقَ الشيطان، فإنّه مهما يكن من القلب والعين فمن الله والرحمة، ومهما يكن من اليد واللسان فمن الشيطان"، فقعدت فاطمةُ على شَفِير القبر إلى جنب النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، فجعلت تبكي فجعل رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، يَمْسَحُ الدَّمْعَ عن عَينها بطرف ثوبه. (*) قال محمد بن سعد: فذكرت هذا الحديث لمحمد بن عمر فقال: الثَّبْتُ عندنا من جميع الرواية أنّ رُقَيّة تُوُفِّيتْ ورسول الله ببدر ولم يشهد دفنها، ولعلّ هذا الحديث في غيرها من بنات النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم، اللاتي شهد دفنهنّ، فإن كان في رقيّة وكان ثبتًا فلعلّه أتى قبرها بعد قدومه المدينة، وبكاء النساء عليها بعد ذلك.)) الطبقات الكبير. ((رَوى حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس، قال: لما ماتت رقيةُ بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: ‏"‏لَا يَدْخُلُ الْقَبْرَ رَجُلٌ قَارَفَ أَهْلَهُ‏"‏‏، فلم يدخل عثمان.(*) وهذا الحديث خطأ من حماد بن سلمة، لأنّ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم لم يشهد دَفْنَ رقية ابنته، ولا كان ذلك القول منه في رقية؛ وإنّما كان ذلك القول منه في أم كلثوم. ذكر البخاريّ، قال: حدّثنا محمد بن سنان، حدّثنا فليح بن عثمان، حدّثنا هلال بن عليّ، عن أنَس بن مالك، قال: شهدنا دَفْنَ بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، ورسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم جالسٌ على القبر، فرأيت عينيه تدمعان: ‏"‏هَلْ مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ لَمْ يُقَارِفْ اللَّيْلَةَ‏"؟‏ فقال أبو طلحة: أنا. فقال: ‏"‏انْزِلْ فِي قَبْرِهَا‏" أخرجه البخاري في الصحيح 2/100، والحاكم في المستدرك 4/74، والبيهقي في السنن 4/53.، فنزل في قبرها(*) وهذا هو الصّحيح من حديث أَنَس، لا قول مَنْ ذكر فيه رقية. ولَفْظُ حديث حماد بن سلمة أيضًا في ذلك مِنْكَرٌ مع ما فيه من الوهم في ذكر رُقَيّة. وروى ابنُ المبارك، وابن وهب، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، قال: تخلَّفَ عثمان عن بَدْرٍ على امرأته رُقَيّة بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكان قد أصابتها الحَصْبَةُ فماتت. وجاء يزيد بن حارثة بَشِيرًا بوقعة بَدْر وعثمانُ على قبر رقية. وذكر محمد بن إسحاق السّراج، حدّثنا الحسن بن حماد، حدّثنا عبيدة، عن هشام بن عُروة، عن أبيه، قال: تخلَّفَ عثمان وأُسامة بن زيد عن بَدْرٍ، وكان تخلَّف عثمان على امرأته رقيةَ بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فبينا هم يَدْفنونها سمع عثمان تكبيرًا، فقال: يا أُسامةُ؛ ما هذا التكبيرُ؟ فنظروا فإذا زيد بن حارثة على ناقةِ رسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم الجَدْعَاء بشيرًا بِقَتْل أهل بَدْر من المشركين. قال أبو عمر: لا خلافَ بين أهل السّير أنَّ عثمان بن عفان إنما تخلّف عن بَدْرٍ على امرأته رُقيةَ بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بأمْرِ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وأنه ضربَ له بسهمه وأجرِه. وكانت بَدْر في رمضان من السّنة الثانية من الهجرة. وقد روى موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، قال: "تُوفيت رقية بنت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم قدوم أهلِ بَدْر المدينة. فلم يُقِم موسى المعنى، وجاء فيه بالمقاربة. وليس موسى بن عقبة في ابن شهاب حجة إذا خالفه غيره. والصَّحيحُ ما رواه يونس عن ابن شهاب على ما قدمناه وبالله توفيقنا. في نسخة ابن شافع الحافظ في الأصل عند آخر ترجمة رقية رضي الله عنها هذه حديث: ‏"‏دَفْنُ الْبَنَاتِ مِنَ الْمَكْرُمَاتِ‏"‏‏‏،(*) وليس هذا موضعه لو صَحّ، لكن قد كتبه فكتبته. قال أبو علي: حدّثنا أبو عمر النمريّ، حدّثنا خلف بن قاسم، حدّثنا الحسن بن رشيق، حدّثنا أبو بشر الدّولابي، قال: حدّثنا أبو جعفر محمد بن عوف الطائي، ويزيد بن عبد الصّمد أبو القاسم الدّمشقي، قالا: حدّثنا عبد الله بن ذكوان، حدَّثنا عراك بن خالد بن زيد بن صفيح المزي، عن عثمان بن عطاء الخراساني، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عبّاسِ قال: لما عُزّي رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بابنته رقية قال: ‏"‏الْحَمْدُ لِلَّهِ، دَفْنُ الْبَنَاتِ مِنَ الْمَكْرُمَاتِ‏"(*) ‏‏أخرجه الطبراني في الكبير 11/376، وأبو نعيم في الحلية 5/209 وابن عدي في الكامل 2/2200، وذكره الهيثمي في الزوائد 3/15، والهندي في كنز العمال 6588، 42961، 45376، والعجلواني في كشف الخفاء 1/445، 490..)) الاستيعاب في معرفة الأصحاب. ((أخرج ابْنُ مَنْدَه بسند واهٍ عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن أسماء بنت أبي بكر؛ قالت: كنت أحمل الطعام إلى أبي وهو مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بالغار، فاستأذنه عثمان في الهجرة، فأذن له في الهجرة إلى الحبشة، فحملتُ الطعام، فقال لي: "مَا فَعَلَ عُثْمَانُ وَ رُقَيَّةُ؟" قلت: قد سارا. فالتفت إلى أبي بكر، فقال: "وَالَّذي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهُ أوَّلُ مَنْ هَاجَرَ بَعْدَ إبراهِيمَ وَلُوطٍ".(*) قلت: وفي هذا السياق من النكارة أن هجرة عثمان إلى الحبشة كانت حين هجرة النبي صَلَّى الله عليه وسلم؛ وهذا باطل، إلا إن كان المراد بالغار غير الذي كانا فيه لما هاجرا إلى المدينة، والذي عليه أهلُ السير أنَّ عثمان [[رجع إلى مكة من الحبشة مع من رجع]]، ثم هاجر بأهله إلى المدينة، ومرضت بالمدينة لما خرج النبي صَلَّى الله عليه وسلم إلى بدر، فتخلف عليها عثمان عن بدر، فماتت يومُ وصول زيد بن حارثة مبشرًا بوقعة بدر. وقيل: وصل لما دُفنت. وروى حماد بن سلمة، عن ثابت، عن أنس؛ قال: لما ماتت رُقية قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لاَ يَدْخُلُ القَبْرُ رَجُلٌ قَارِفٌ". فلم يدخل عثمان.(*) قال أَبُو عُمَرَ: هذا خطأ من حماد، إنما كان ذلك في أم كلثوم. وقد روى ابْنُ المُبَارَكِ، عن يونس، عن الزهري؛ قال: تخلف عثمان عن بدر على امرأته رقية، وكانت قد أصابها الحصبة، فماتت، وجاء زيد بشيرًا بوقعة بدر؛ قال: وعثمان على قبر رقية.)) الإصابة في تمييز الصحابة.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال