تسجيل الدخول


أبان بن سعيد بن العاص بن أمية

1 من 1
أبان بن سعِيد: بن العاص بن أمية بن عبد مناف القرشي الأموي. قال البُخَاريُّ، وأََبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ، وابْنُ حِبَّانَ: له صحبة، وكان أبوه من أكابر قريش، وله أولاد نجباء، أسلم منهم قديمًا خالد، وعمرو؛ فقال فيهما أبان الأبيات المشهورة التي أولها:

أَلاَ لَيْتَ مَيْتًا بِالظُّريْبةِ شَاهِدُ لِمَا يَفْتَرِي في الدّيْنِ عَمْرو وخَالدُ [الطويل]

ثم كان عمرو وخالد ممن هاجرا إلى الحبشة، فأقاما بها، وشهد أبان بَدْرًا مشركًا، فقتل بها أخواه العاص وعُبيدة على الشرك، ونجا هو؛ فبقي بمكة حتى أجار عثمان زمنَ الحديبية، فبلّغ رسالةَ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وقال له أبان:

أَسْبِلْ وَأَقْبِلْ وَلاَ تَخَفْ أَحَدًا بَنُو سَعِيدٍ أَعِزَّةُ الحَـرَمِ
[المنسرح]

ثم قدم عَمْرو وخالد من الحبشة فراسلا أبان فتبعهما حتى قدموا جميعًا على النبي صَلَّى الله عليه وسلم فأسلم أبانُ أيام خَيْبَر. وشهدها مع النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فأرسله النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم في سرية.

ذكر جميع ذلك الوَاقِدِيُّ، ووافقه عليه أهلُ العلم بالأخبار وهو المشهور، وخالفهم ابنُ إسحاق فعدّ أبان فيمن هاجر إلى الحبشة ومعه امرأتهُ فاطمة بنت صفوان الكنانية، فالله أعلم.


وروى ابْنُ أَبِي خَيْثَمَةَ من طريق موسى بن عبيدة الربَذِي أحدِ الضعفاء عن إياس بن معاوية بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه، قال: بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم عثمان بن عفان إلى مكة، فأجاره أبانُ بن سعيد، فحمله على سَرْجه، أردفه حتى قدم مكة.(*)

وقال الهَيْثَمُ بْنُ عَدِي: بلغني أن سعيد بن العاص قال: لما قُتِل أبي يوم بَدْر كنت في حِجْر عمي أبان بن سعيد بن العاص، وكان وليّ صدق، فخرج تاجرًا إلى الشام. فذكر قصة طويلة اتفقَتْ له مع راهب يقال له "يكا"، وصف له صفةَ النبي صَلَّى الله عليه وسلم، واعترف بنبوته، وقال له: أقرئ الرجلَ الصالح السلام. فرجع أبان فجمع قومَه، وذكر لهم ذلك، ورحل إلى المدينة فأسلم.(*)

وفي البُخَارِيِّ، وأَبِي دَاوُدَ، عن أَبِي هُرَيْرَةَ، قال: بعث رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم أَبان بن سعيد بن العاص على سرية قبل نجد، فقدم هو وأصحابه على رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بخيبر...(*) الحديث.

وقال الوَاقِديُّ: حدثنا إبراهيم بن جعفر، عن أبيه، عن عمر بن عبد العزيز؛ قال: مات النبي صَلَّى الله عليه وسلم وأبان بن سعيد على البحرين، ثم قدم أبان على أبي بكر، وسار إلى الشام، فقتل يوم أجْنَادِين سنة ثلاث عشرة؛(*) قاله موسى بن عقبة وأكثَرُ أهل النسب.

وقال ابْنُ إِسْحَاقَ: قُتل يوم اليرموك، ووافقه سيفُ بن عمر في الفتوح. وقيل: قتل يوم مَرْج الصفر، حكاه ابن البرقي. وقال أبو حسان الزيادي: مات سنة سبع وعشرين في خلافة عثمان.

ومما يدل على أنه تأخّرت وفاتهُ عن خلافة أبي بكر ما روى ابنُ أبي داود والبغَوي من طريق سليمان بن وَهْب الأنباري، قال: حدثنا النعمان بن بُزُرْج قال: لما تُوفي رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم بعث أبو بكر أبان بن سعيد إلى اليمن، فكلّمه فيروز في دمِ دادويه الذى قتله قَيْس بن مكشوح، فقال أبان لقيس: أقتلْْتَ رجلًا مسلمًا! فأنكر قيس أن يكونَ دادويه مسلمًا، وأنه إنما قتله، بأَبيه وعمّه؛ فخطب أبان فقال: إنَّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قد وضع كلَّ دمٍ كان في الجاهلية؛ فمن أحدث في الإسلام حدَثًا أخذناه به؛ ثم قال أبان لقيس: الحَقْ بأمير المؤمنين عمر، وأنا أكتب لك أني قضيْتُ بينكما. فكتب إلى عُمر بذلك فأَمضاه(*).

قال البَغَوِيُّ: لا أعلم لأبان بن سعيد مسندًا غيره.

قلت: وذكره البُخَارِيُّ في ترجمته مختصرًا، ورجّح ابنُ عبد البر القول الأول، ثم ختم الترجمة بأن قال: وكان أبان هو الذي تولى إملاء مصحف عثمان على زَيْد بن ثابت؛ أمرهما بذلك عثمان. ذكر ذلك ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه. انتهى.

وهو كلامٌ يقتضي التناقضَ والتدافع؛ لأن عثمان إنما أمرَ بذلك في خلافته، فكيف يعيش إلى خلافة عثمان مَنْ قُتل في خلافةِ أبي بكر؟ بل الرواية التي أشار إليها ابن عبد البر روايةٌ شاذة تفرّد بها نعيم بن حماد، عن الدَّرَاوَردي. والمعروفُ أن المأمورَ بذلك سَعِيد بن العاص بن سعيد بن العاص، وهو ابنُ أخي أبان بن سَعِيد. والله أعلم.
(< جـ1/ص 168>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال