1 من 1
زِيَادُ ابْنُ سُمَيَّةَ
(ب ع س) زِيَادُ ابن سُمَيَّة، وهي أمه، قيل: هو زياد بن أبي سفيان صَخْرِ بن حرب ابن أمَيَّة بن عبد شَمْس بن عبد مناف، وهو المعروف بزياد ابن أبيه، وبزياد ابن سمية، وهو الذي استلحقه معاوية بن أبي سفيان، وكان يقال له قبل أن يستحلقه: زياد بن عُبَيد الثقفي، وأمه سُمَيَّة جارية الحارث بن كلدة وهو أخو أبي بَكْرَة لأمه، يكنى أبا المغيرة، ولد عام الهجرة، وقيل: ولد قبل الهجرة، وقيل: ولد يوم بدر، وليست له صُحْبَة ولا رواية.
وكان من دهاة العرب، والخطباء الفصحاء، واشترى أباه عُبَيْدًا بألف درهم فأعتقه، واستعمله عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، على بعض أعمال البصرة، وقيل: استخلفه أبو موسى وكان كاتبًا له. وكان أحد الشهود على المغيرة بن شعبة مع أخَويه أبي بَكْرة ونافع، وشِبْل بن معبد، فلم يقطع بالشهادة، فحدهم عُمَر ولم يَحُده وعَزَله، فقال: يا أمير المؤمنين، أخبر الناس أنك لم تعزلني لخَزْية. فقال: ما عزلتك لخزية، ولكن كرهت أن أحمل على الناس فضل عقلك.
ثم صار مع علي رضي الله عنه، فاستعمله على بلاد فارس، فلم يزل معه إلى أن قتل وسلَّم الحسن الأمر إلى معاوية، فاستلحقه معاوية وجعله أخًا له من أبي سفيان، وكان سبب استلحاقه أن زيادًا قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه بشيرًا ببعض الفتوح، فأمره فخطب الناس فأحسن، فقال عمرو بن العاص: لو كان هذا الفتى قُرَشِيًّا لساق العرب بعصاه. فقال أبو سفيان: والله إني لأعرف الذي وضعه في رحم أمه، فقال علي ابن أبي طالب رضي الله عنه: ومن هو يا أبا سفيان؟ قال: أنا. قال علي رضي الله عنه: مهلًا. فلو سمعها عمر لكان سريعًا إليك.
ولما ولي زياد بلاد فارس لعلي كتب إليه معاوية يُعَرَض له بذلك ويتهدده إن لم يطعه، فأرسل زياد الكتاب إلى علي، وخطب الناس وقال: عجبت لابن آكلة الأكباد، يتهددني، وبيني وبينه ابن عم رسول الله في المهاجرين والأنصار. فلما وقف على كتابه عَلِيٌّ رضي الله عنه كتب إليه: إنما وليتك ما وليتك وأنت عندي أهل لذلك، ولن تدرك ما تريد إلا بالصبر واليقين، وإنما كانت من أبي سفيان فَلْتة زمن عمر لا تستحق بها نسبًا ولا ميراثًا، وإن معاوية يأتي المَرْء من بين يديه ومن خلفه، فاحذره، والسلام.
فلما قرأ زياد الكتاب قال: شهد لي أبو حسن ورب الكعبة، فلما قُتِل علي وبقي زياد بفارس خافه معاوية فاستلحقه، في حديث طويل تركناه، وذلك سنة أربع وأربعين، وقد ذكرناه مستقصى في الكامل في التاريخ.
واستعمله معاوية على البصرة، ثم أضاف إليه ولاية الكوفة لما مات المغيرة بن شعبة، وبقي عليها إلى أن مات سنة ثلاث وخمسين.
وكان عظيم السياسة ضابطًا لما يتولاه، سئل بعضهم عنه وعن الحَجَاج: أيُّهما كان أقوم لما يتولاه؟ فقال: إن زيادًا ولي العراق عقب فتنة واختلاف أهواء، فضبط العراق برجال العراق، وجبى مال العراق إلى الشام، وساس الناس فلم يختلف عليه رجلان. وإن الحجَّاج ولي العراق، فعجز عن حفظه إلا برجال الشام وأمواله، وكثرت الخوارج عليه والمخالفون له، فحكم لزياد.
أخرجه أبو عمر وأبو نعيم وأبو موسى.
(< جـ2/ص 336>)