تسجيل الدخول


سلمة بن عمرو بن الأكوع

سَلَمة بنُ الأَكوع؛ هكذا يقول جماعة أهل الحديثِ، ينسبُونه إلى جدّه، وقيل: سلَمة بن عَمْرو بن الأَكوع ــ واسم الأكوع سِنّان بن عبد اللّه بن قُشَير ــ الأَسلمي.
يْكَنى أبا مسلم، وقيل: يُكنى أبا إياس، وقيل: يُكْنَى أبا عامر، والأكثر أبو إياس، بابنه إياس. وقال ابنه إِياس: ما كَذَب أَبي قَط. وكان سلمة يُصَفِّر لحيته ورأْسه. وروى قَبيصة بن عقبة عن عثمان بن عُبيد بن أبي رَافع قال: رأيتُ سلمة بن الأكوع يُحْفي شارِبَه آخِرَ الحَلْق. وكان سلمة مِمّن بايع تحت الشجرة مرتين. وسكن المدينة، ثم انتقل فسكن الرَّبَذَة، وكان شجاعًا راميًا مُحْسِنًا خَيِّرًا فاضلًا، وكان يسبق الفرس عَدْوًا، وقال يزيد بن أبي عبيد: كان سَلَمة بن الأكوع إذا سُئل بوجه الله أفّفَ ويقول: مَن لم يُعْطِ بوجه الله فبماذا يعطي؟ قال: وكان يقول: هي مسألة الإلحاف، وقال أيضًا: كان يتحرّى موضع المصحف يسبّح فيه، وذكر أنّ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم كان يتحرّى ذلك المكان، قال: وكان بين القِبلة، والمنبر قدر مَمَرِّ شاة، وقال أيضًا: لما ظهر نَجْدَةُ وَأَخَذَ الصدقات قيل لسلمة: ألا تُباعد منهم؟ قال: فقال: والله لا أتباعَدُ ولا أبايعه، قال: ودفع صدقته إليهم، وذكر يزيد بن أبي عبيد أنّ سلمة بن الأكوع كان يكره أن يَشْتَرِي صَدَقَة مالِه، وأنّه كان ينهَى بنيه عن لعب أربعة عشر ويقول: هي مَأثَمَةٌ، وأنّه توضّأ فمسح مقدّم رأسه وغسل قدميه ونَضَحَ بيده جسدَه وثيابَه، وأنّه يستنجي بالماء، وأنّه أكل حَيْسًا ثمّ جاءت الصلاة فقام إلى الصلاة ولم يتوضّأ، وروى حمّاد بن مسعدة، عن يزيد بن أبي عبيد قال: أجاز الحَجَّاجُ سَلَمَةَ بجائزة فقَبِلها، وروى إياس بن سلمة، عن أبيه قال: كان عبد الملك بن مروان يكتب لنا بجوائز من المدينة إلى الكوفة فنذهب فنأخذها. وروى هشام أبو الوليد الطَّيَالِسِيّ، عن إِيَاس بن سَلَمة، عن أبيه قال: قدمنا مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الحديبية، ثمّ خرجنا راجعين إلى المدينة فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "خير فرساننا اليوم أبو قَتَادة وخير رَجّاَلتِنا سَلَمة"، ثمّ أعطاني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سَهْمين سهم الفارس، وسهم الراجل جميعًا(*)، وروى محمد بن ربيعة الكلابي، عن إياس بن سلمة بن الأكوع، عن أبيه قال: قام رجلٌ من عند النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم فأُخبِرَ أنّه عَيْنٌ للمشركين فقال: "مَن قَتَلَه فله سَلَبُه"، قال فلحقتُه فقتلتُه فنفّلني النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم سَلَبَه(*)، روى حَمّاد بن مَسعدة، عن سلمة بن الأكوع أنّه أستأذن النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم في البَدْوِ فأذن له(*)، وروى سعيد بن منصور، عن عبد الرحمن بن رَزِين قال: أتينا سَلمة بن الأكوع بالرّبذة، فأخرج إلينا يده ضخمةً كأنّها خُفّ البعير قال: بايعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم بيدي هذه، فأخذنا يده فقبّلناها، وقال ابنُ إسحاق‏:‏ وقد سمعتُ أنّ الذي كلمه الذّئب سلَمة بن الأكوع، قال سلمة:‏ رأيتُ الذّئب قد أخذ ظبيًا، فطلبتُه حتى نزعته منه، فقال‏: ويحك‏!‏ ما لي ولك؟ عمدتَ إلى رزق رزقنيه الله، ليس من مالك تنتزعه منّي؟ قال:‏ قلت: أيا عباد الله، إن هذا لعجَب، ذئبٌ يتكلّم!‏ فقال الذّئب‏: أعْجَبُ من هذا أنّ النبيّ صَلَّى الله عليه وسلم في أصول النّخل يَدْعوكم إلى عبادة الله وتأبون إلّا عبادة الأوثان، قال‏‏: فلحقت برسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فأسلمت، فالله علم أي ذلك كان‏، وعُمِّر سلمة بن الأكوع عمْرًا طويلًا.
وروى يَعْلَى بن الحارث المحاربيّ الكوفي، عن إياس بن سلمة بن الأكْوع، عن أبيه وكان من أصحاب الشَّجرة، يعني أنّه شهد الحديبية مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وبايع تحت الشجرة، ونزل فيهم القرآن: {لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَة} [سورة الفتح: 18]، وروى محمد بن عمر، عن إِيّاس بن سَلمة بن الأَكْوَع، عن أبيه قال: كانت الحديبية في ذي القَعْدة سنة ستّ وكنّا فيها ستّ عشرة مائةً، وأهدَى رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم جَمَلَ أَبِي جهل(*)، وروى الضَّحّاك بن مَخْلَد أبو عاصم النبيل قال: حدّثنا يزيد بن أبي عُبيد، عن سَلمة بن الأكْوع قال: غزوتُ مع رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم سبع غزوات، ومع زَيد بن حارثة تسع غزوات حين أمَّره رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم علينا(*)، وروى هشام أبو الوليد الطيالسي، عن إياس بن سَلمة، عن أبيه قال: أَمَّرَ علينا رسولُ الله صَلَّى الله عليه وسلم أبا بكر فغزونا ناسًا من المشركين، فبَيّتْناهم فقتلناهم، وكان شعارُنا: أمِتْ أمِتْ، فقتلتُ بيدي تلك الليلة سبعةً أهلَ أبيات(*)، وروى حمّاد بن مَسْعَدة، عن سَلَمة بن الأكْوع قال: غزوتُ مع رسول الله سبع غزوات، فذكر الحُديبية، وخَيبر، وحُنينًا، ويوم القَرَد، قال: ونسيتُ بقيّتهنّ، وروى الضحّاك بن مَخلد، عن سَلمة بن الأكوع قال: خرجتُ أريد الغابة فلقيتُ غلامًا لعبد الرحمن بن عوف فسمعتُه يقول: أُخِذَتْ لِقاحُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قال: قلتُ: مَن أخذها؟ قال: غَطفان، قال: فانطلقتُ فناديتُ: يَاصَبَاحاهْ، يَاصَبَاحَاه، حتى أسمعتُ مَن بين لابَتَيْها، ثمّ مضيتُ فاستنقذتها منهم، قال: وجاء رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في الناس فقلتُ: يا رسول الله إنّ القومّ عِطاش، أعجلناهم أن يستقوا لِشَفَتِهم، فقال: "يابن الأكوع مَلَكْتَ فأسْجِحْ، إنهم الآن في غطفان يُقْرَوْنَ"، قال: وأردفني رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم خلفه(*)، وروى الضّحّاك بن مخلد، عن سلمة بن الأكوع قال: بايعتُ رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يوم الحُديبية تحت الشجرة، قال: ثمّ تنحّيتُ، فلمّا خفّ الناس قال: "يا سَلَمة ما لك لا تبايع؟" قلت: قد بايعتُ يارسول الله قال: "وأيضًا"، قال: فبايعته، قلتُ على ما بايعتموه يا أبا مسلم؟ قال: على الموت(*).
وروى عنه ابنه إِياس، ويزيد بن أَبي عبيد مولاه، وغيرهما، وروى عنه جماعة من أَهل المدينة. فقد روى الخطيب أَبو الفضل عبد اللّه بن الطوسي، عن يزيد بن أَبي عبيد قال: قال سلمة بن الأَكوع: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "لَا يَقُولُ أَحَدٌ بَاطِلًا لَمْ أَقُلْهُ إِلَّا تَبَوَّأَ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ"(*) أخرجه أحمد في المسند 4/ 50.، وقد روى سلمة عن أبي بكر، وعمر، وعثمان. نزل سلمة المدينة، ثم تحوَّل إلى الرَّبذَة بعد قَتْل عثمان، وتزوّج بها، ووُلد له، حتى كان قبل أن يموتَ بليالٍ نزل المدينة فمات بها؛ رواه البخاريّ، وكان ذلك سنة أربع وسبعين على الصَّحيح، وقيل: مات سنة أربع وستين، وزعم الواقديّ، ومَنْ تبعه أنه عاش ثمانين سنة؛ وهو على القول الأول باطل؛ إذ يلزم منه أن يكون له في الحديبية نحو من عشر سنين، ومَنْ يكون في تلك السنّ لا يبايع على الموت، وقال ابن حجر العسقلاني: ثم رأيت عند ابن سعد أنه مات في آخر خلافة معاوية؛ وكذا ذكر البَلاَذُرِيُّ.
الاسم :
البريد الالكتروني :  
عنوان الرسالة :  
نص الرسالة :  
ارسال