تسجيل الدخول


عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم

عُبَيْدُ اللّهِ بنُ العَبَّاس بن عبد المطلب القُرَشي الهاشمي، ابن عم رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم:
يُكْنَى أبا محمّد، وقد رأى النبي صَلَّى الله عليه وسلم ولم يحفظ عنه، وقيل: حفظ عنه، وذكر ابْنُ إسْحَاقَ أن العباس لما أسر يوم بَدْر قال له النبي صَلَّى الله عليه وسلم: "افْدِ نَفْسَكَ؟ فَإنَّكَ ذَو مَالٍ"، فقال: لاَ مَالَ لِي، قال: "فأيَن المالُ الَّذِي وَضَعْتَهُ عِنْدَ أمِّ الفَضْلِ، وَقُلْتَ إنْ متُّ فِي وَجْهِي هَذَا فللفضل كَذَا، وَلِعَبْدِ الله كَذَا، وَلِعُبَيدِ الله كَذَا، ولقُثَم كَذَا..." الحديث(*) وقال ابن حجر العسقلاني: فهذا ظاهر في أنه وُلِد قبل بَدْر، وقد جزم ابْنُ سَعْدٍ بمقتضاه، فقال: مات النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم وله اثنتا عشرة سنة.
وأُمّ عبيد الله أم الفضل لُبَابة الكبرى بنت الحارث بن حَزْن، وعبيد الله هو أحَد الإخوة، وهو شقيق الفَضْل، وعبد الله، وقُثَم، ومعبد، وروى جعفر بن خالد بن سارة أنَّ أباه أخبره أنَّ عبد الله بن جعفر قال: لو رأيتني وقُثَمًا وعبيد الله ابني العباس ونحن صبيان نلعب إذ مرَّ النبيُّ صَلَّى الله عليه وسلم على دابة فقال: "ارْفَعُوا إلَيَّ هَذَا"، "فَحَمَلَنِي أمَامَه"، وقال لقُثَم: "ارْفعُوا إليَّ هَذَا"، فحمله وراءه، قال: وكان عبيد الله أحبَّ إلى العباس من قثم، فما استحيا من عمه أنْ حمل قثمًا وترك عبيد الله(*) وروى يزيد بن أَبي زياد، عن عبد اللّه بن الحارث قال: كان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يَصُفُّ عبدَ اللّه وعُبَيْدَ اللّه، وكَثِيرًا بَنِي العباس، ثم يقول: "من سبق إِلَيَّ فلهُ كذا" فيستبقون إِليه، فيقعون على ظهره وصدره، فيقبلهم ويلزمهم".
وَلَدَ عبيدُ الله بن العباس: محمدًا؛ وأمّه الفَرْعَةُ بنت قَطَن بن الحارث، والعباسَ، والعاليةَ؛ تزوجها علي بن عبد الله بن العباس، فولدت له محمد بن علي وفي ولده الخلافة من بني العباس، وميمونةَ؛ وأمهم عائشة بنت عبد الله بن عبد المدان، ولُبَابَة، وأم محمد؛ وأمهما عَمْرةُ بنت عَرِيب بن عبد كُلّال، وعبدَ الرحمن، وقُثَمَ؛ وأمهما أم حكيم بنت قارظ بن خالد، وهما اللذان قَتَلَ بُسر بن أبي أَرْطَاةَ العَامِرِيّ باليمن، وكان معاوية بن أبي سفيان بعثه يقتل من كان في طاعة علي بن أبي طالب فبلغ اليمن، وَوَلَدَ عبيد الله: عبدَ الله، وجعفرًا، وأُمَّ كلثوم، وعَمْرَةَ وأُمَّ العباس أيضًا؛ وَأُمُّهُم أم ولد، وكان عبيد الله أصغر من عبد الله بن عباس بسنة، وقال ابْنُ سَعْدٍ: رأى عبيد الله النبي صَلَّى الله عليه وسلم وسمع منه، وقال ابن حبان: له صحبة.
وكان عُبيد الله بن عبّاس أحد الأجواد، وكان يقال:‏ من أراد الجمال والفقه والسخاء فليأتِ دار العبّاس؛ الجمال للفضل، والفقه لعبد الله، والسّخاء لعبيد الله، وكان ينحر كل يوم جزورًا، فنهاه أَخوه عبد اللّه، فلم ينته، ونحر كل يوم جزورين، وكان هو وأَخوه عبد اللّه ــ رضي الله عنهما ــ إِذا قدما المدينة أَوْسَعَهُم عبدُ اللّه عِلْمًا، وأَوسعَهُم عُبَيْدُ اللّه طعامًا، وروى محمد بن الوليد أَبو الحجاج الفَزَازي: أَن عبيد اللّه بن العباس خرج في سفر له، ومعه مولى له، حتى إِذا كان في بعض الطريق، رُفع لهما بيتُ أَعرابي قال: فقال لمولاه: لو أَنَّا مضينا فنزلنا بهذا البيت وبتْنا به؟! قال: فمضَى، قال: وكان عبيد اللّه رجلًا جميلًا جَهِيرًا، فلما رآه الأَعرابي أَعظمه وقال لامرأَته: لقد نزل بنا رجل شريف! وأَنزله الأَعرابي، ثم إِن الإِعرابي أَتى امرأَته، فقال: هل من عشاءٍ لضيفنا هذا؟ فقالت: لا، إِلا هذه السُّوَيمة التي حياةُ ابنتِكَ من لبنها: قال: لا بد من ذبحها! قال: أَفتقتل ابنتك؟ قال: وإِنْ! قال: ثم إِنه أَخذ الشاة والشَّفْرةِ وجعل يقول:
يَا جَارَتِي لاَ تُوقِظِي
الْبُنَيَّهْ إِنْ
تُوْقِظِيهَا
تَنْتَحِبْ
عَلَيَّهْ
َتَنْزِعِ
الشَّفْرَةَ
مِنْ
يَدَيَّهْ
ثم ذبح الشاة، وهيأَ منها طعامًا، ثم أَتى به عبيدَ اللّهِ ومَوْلاَه، فعَشَّاهما وعبيد اللّه يسمع كلام الأَعرابي لامرأَته ومحاورتهما، فلما أَصبح عبيدُ اللّه قال لمولاه: هل معك شئٌ؟ قال: نعم، خمسمائة دينار فضلت من نفقتنا، قال: ادفعها إلى الأَعرابي، قال: سبحان الله! أَتعطيه خمسمائة دينار وإِنما ذبح لك شاة ثَمَن خَمْسَةِ دراهم؟ قال: وَيْحَك! واللّهِ لهو أَسخى منا وأَجود، إِنما أَعطيناه بعض ما نملك، وجاد هو علينا وآثرنا على مهجة نفسه وولده، قال: فبلغ ذلك معاوية، فقال: لله دَرُّ عُبَيْدِ اللّه! من أَيِّ بَيْضة خرَجَ؟ ومن أَي عُشٍّ دَرَج؟ وكان عبيد الله ينحر ويذبح ويُطعم في موضع المجزرة بالسوق بمكة، وكان عبيد الله يسمى تيار الفُرات.
وروى عطاء، عن ابن عباس: أنه دعا أخاه عبيد الله يوم عَرَفة إلى طعام، فقال: إني صائم، فقال: إنكم أئمة يُقْتَدى بكم، قد رأيتُ رسولَ الله صَلَّى الله عليه وسلم دعا بحلاب في هذا اليوم فشرب(*) وكان عبيد الله جميلًا جَهِيرًا، وكان يقول إذا لاَمُوه في طلب العلم: إن نشطت فهو لذّتي، وإن اغتممت فهو سَلْوتي، وكان عُبَيد الله تاجرًا، وروى سليمان بن يَسَار، عن عبيد اللّه بن العباس قال: جاءَت الغُمَيْصاء ــ أَو: الرُّمَيْصَاء ــ إِلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم تَشْكُو زوجها، تزعم أَنه لا يصل إِليها، فما كان إِلا يسيرًا حتى جاءَ زوجها، فزعم أَنها كاذبة، وإِنما تريد أَن ترجع إِلى زوجها الأَول، فقال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم: "ليس لكِ ذَاك حتى يذوقَ عُسَيْلَتَكِ رجلٌ غيرُهُ"(*) أخرجه أحمد في المسند 1/ 214..
وروى يحيى بن أبي إسحاق، عن سليمان بن يسار، قال: حدثني أحد ابنَي العباس إِمّا الفَضْل وإِمَّا عُبيد الله: أنه كان رديف النبي صَلَّى الله عليه وسلم فأتاه رجل فقال: إنّ أَبِي أَوْ وَأُمّي قال وأكبر ظَنِّي أنه قال: أَبِي كَبِيرٌ ولم يحجج، فإن أنا حملته على بعير لم يثبت، وإن شددته عليه لم آمن عليه، فقال: "أكنت قاضيًا دينًا لو كان على أبيك؟" قال: نعم. قال: "فاحجج عنه"(*). وفي رواية: عن عبيد الله بن العباس: أن رجلًا جاء إلى النبي صَلَّى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إنّ أُمي كبيرة لا نستطيع أن نُركِبَها، لا تستمسك وإن ربطناها خفت أن تموت، أفأحج عنها؟ قال: "نعم"، قال محمد بن عمر، قال: روى أيوب السختياني هذا الحديث عن عُبَيد الله بن العباس ولم يشك، وهو أقرب إلى الصواب، لأن الفضل بن العباس توفي في زمان عمر بن الخطاب بالشام في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة ولم يدركه سليمان بن يسار، وعُبَيد الله بن عباس قد بقي إلى دهر يزيد بن معاوية بن أبي سفيان.
استعمل عليّ بن أبي طالب عبيد الله على اليمن، وأمَّره على الموسم، فحجَّ بالنّاس سنة ستّ وثلاثين وسنة سبع وثلاثين، فلما كان سنة ثمان وثلاثين بعثه أيضًا على الموسم، وبعث معاويةُ في ذلك العام يزيدَ بن شجرة الرُّهَاوي ليقيم الحجّ، فاجتمعا فسأل كلُّ واحد منهما صاحبه أن يُسلم له، فأبى واصطلحا على أن يصلّي بالنّاس شيبة بن عثمان‏، قال ابن عبد البر: وفي هذا الخبر اختلافٌ بين أهل السّير، منهم من جعله لقُثَم بن العبّاس، وقال خليفة، في عام أربعين بعث معاوية بُسْر بن أرطاة العامريّ إلى اليمن، وعليها عبيد الله بن العبّاس، فتنحَّى عبيد الله، وأقام بُسر عليها، فبعث عليّ جارية بن قدامة السّعدي، فهرب بُسر، ورجع عبيد الله بن عبّاس، فلم يزل عليها حتى قُتل علي ــ رضي الله عنه‏ ــ ومات عبيد الله بن العبّاس سنة ثمان وخمسين، وقال الواقدي،ّ والزّبير‏:‏ تُوفّي عبيد الله بن عبّاس بالمدينة في أيام يزيد بن معاوية، وقال مصعب‏: مات باليمن، قال ابن الأثير: والأوّل أصحّ،‏ وقال الحسن بن عُثمان:‏ مات عبيد الله بن العبّاس سنة سبع وثمانين في خلافة عبد الملك، وقال الواقدي، أبو نعيم: بقي إلى دَهْر يزيد بن معاوية.
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال