تسجيل الدخول


عكرمة بن أبي جهل عمرو بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم...

1 من 1
عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ

(ب د ع) عِكْرِمَةُ بنُ أَبي جهْل بن هشام بن المغيرة بن عبد اللّه بن عُمَر بن مخزوم القرشي المَخْزُومي. وأُمه أُم مجالد إِحدى نساءِ بني هلال بن عامر، واسم أَبي جهل عَمْرو، وكنيته أَبو الحكم وإِنما رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم والمسلمون كَنَوه أَبا جَهل، فبقي عليه ونُسِي اسمه وكنيته ـــ وكنية عكرمة ـــ هو عثمان.

أَسلم بعد الفتح، بقليل، وكان شديد العداوة لِرَسُولِ الله صَلَّى الله عليه وسلم فِي الْجَاهِلِيَّةِ، وَمَنْ أَشْبَهَ أَبَاهُ فَمَا ظَلَمَ! وكان فارِسًا مَشْهُورًا، ولما فتح رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم مكة هَرب منها ولحق باليمن، وكان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم لما سار إِلى مكة أَمر بقتل عكرمة ونفر معه.

أَخبرنا أَبو الفضل الفقيه المخزومي بإِسناده إِلى أَبي يعلى قال: حدّثنا أَبو بكر بن أَبي شيبة، حدّثنا أَحمد بن المفضل، حدّثنا أَسباط بن نصر قال: زعم السُّدِّي، عن مصعب ابن سعد، عن أَبيه قال: لما كان يوم فتح مكة أَمَّن رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الناس إِلا أَربعة نفر وامرأَتين، وقال: "اقتلوهم وإِن وجدتموهم متعلقين بأَستار الكعبة": عكرمة بن أَبي جهل، وعبد اللّه بن خطل، ومقيس بن صُبَابة وعبد اللّه بن سعد بن أَبي سرْح، فأَما ابن خطل فأُدرك وهو متعلق بأَستار الكعبة، فاستبق إِليه سعيد بن حُرَيث وعمار بن ياسر، فسبق سعيد عمارًا ـــ وكان أَثبت الرجلين ـــ فقتله، وأَما مقيس ابن صُبَابة فأَدركه الناس في السوق فقتلوه، وأَما عكرمة فركب البحر فأَصابتهم عاصف، فقال أَصحاب السفينة لأَهل السفينة: أَخلصوا فإِن آلهتكم لا تغني عنكم شيئًا هاهنا. فقال عكرمة: إِن لم ينجني في البحر إلا خلاص ما ينجيني في البر غيره، اللهم لك عليّ عهد إِن أَنت عافيتني مما أَنا فيه أَن آتي محمدًا حتى أَضع يدي في يده، فَلأَجدنَّه عفوًّا كريمًا. قال: فجاءَ فأَسلم. وأَما عبد اللّه بن سعد فإِنه اختفى عند عثمان بن عفان، فلما دعا رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم الناس للبيعة، جاءَ به حتى وقفه على النبي صَلَّى الله عليه وسلم، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، بَايعْ عَبْدَ الْلَّهِ. فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَنَظَرَ إِلَيْهِ، فَعَلَ ذَلِكَ ثَلَاثًا، ثُمَّ بَايَعَهُ بَعْدَ الْثَّلَاثِ. ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ: "أَمَا كَانَ فِيكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ فَيَقُومَ إِلَى هَذَا حِينَ رَآنِي كَفَفْتُ يَدِي عَنْ مُبَايَعَتِهِ فَيَقْتُلَهُ"(*)أخرجه النسائي في السنن 7/105 حديث رقم 4067 والبيهقي في السنن الكبري 8/202، والدارقطنيي في السنن 3/59 والبخاري في التاريخ الكبير 2/5، وابن أبي شيبة في المصنف 14/491، والهيثمي في الزوائد 6/171.

وقيل: إِن زوجته أُم حكيم بنت عمه الحارث بن هشام، سارت إِليه وهو باليمن بأَمان رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، وكانت أَسلمت قبله يوم الفتح، فردّته إِلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم، فأَسلم وحسن إِسلامه.

وكان من صالحي المسلمين، ولما رجع قام إِليه رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فاعتنقه، وقال: "مرحبًا بالراكب المهاجر".(*)

ولما أَسلم كان المسلمون يقولون: هذا ابن عدُوّ الله أَبي جهل! فساءَه ذلك، فشكى إِلى رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم فقال النبي صَلَّى الله عليه وسلم لأَصحابه: "لاَ تَسُبُّوا أَبَاهُ، فَإِنَّ سَبَّ الْمَيِّتِ يُؤْذِي الْحَيَّ". ونهاهم أَن يقولوا: "عَكْرَمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ".(*) اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، فما أَحسن هذا الخلق وأَعظمه وأَشرفه.

ولما أَسلم عكرمة قال: يَا رَسُولَ الله، لاَ أَدَعُ مَالًا أَنْفَقْتُ عَلَيْكَ إِلاَّ أَنْفَقْتُ فِي سَبِيلِ الله مِثْلَهُ.

واستعمله رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم على صدقات هوازن عام حجّ.

أَخبرنا إِبراهيم بن محمد وغير واحد بإِسنادهم عن أَبي عيسى الترمذي قال: حدثنا عيد بن حميد وغير واحد قالوا: حدّثنا موسى بن مسعود، عن سفيان، عن أَبي إِسحاق عن مصعب بن سعد، عن عكرمة بن أَبي جهل قال: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم يَوْمَ جِئْتُهُ: "مَرْحَبًا بِالْرَّاكِبِ الْمُهَاجِرِ"أخرجه الترمذي في السنن 5/75 حديث رقم 2735، والطبراني في الكبير 17/373 وأورده الهيثمي في الزوائد 9/388 والمتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 33624.

وله في قتال أَهل الردّة أَثر عظيم. استعمله أَبو بكر رضي الله عنه على جيش، وسيره إِلى أَهل عُمَان، وكانوا ارتدّوا، فظهر عليهم. ثم وجهه أَبو بكر أَيضًا إِلى اليمن، فلما فرغ من قتال أَهل الردة سار إِلى الشام مجاهدًا أَيام أَبي بكر مع جيوش المسلمين، فلما عسكروا بالجُرْف على ميلين من المدينة، خرج أَبو بكر يطوف في معسكرهم، فبصر بخباء عظيم حوله ثمانية أَفراس ورماح وعدة ظاهرة فانتهى إِليه فإِذا بخباءَ عكرمة، فسلم عليه أَبو بكر، وجزاه خيرًا، وعرض عليه المعونة، فقال: لا حاجة لي فيها، معي أَلفا دينار. فدعا له بخير، فسار إِلى الشام واستُشْهِد بأَجنادين. وقيل: يوم اليرموك، وقيل: يوم الصُّفَّر.

أَخبرنا غير واحد كتابة، عن أَبي القاسم بن السمرقندي، أَخبرنا أَبو الحسين بن النَّقُور، أَخبرنا أَبو طاهر المخلص، أَخبرنا أَبو بكر بن سيف، أَخبرنا السري بن يحيى، حدثنا شعيب بن إِبراهيم، حدثنا سيف بن عمر، عن أَبي عثمان الغساني ـــ وهو يزيد ابن أَسيد ـــ عن أَبيه قال: قال عكرمة بن أَبي جهل يومئذ ـــ يعني يوم اليرموك: قاتلت رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم في كل مَوْطن، وأَفرّ منكم اليوم. ثم نادى: من يبايعني على الموت؟ فبايعه عَمُّه الحارث بن هشام، وضرار بن الأَزور في أَربعمائة من وجوه المسلمين وفرسانهم، فقاتلوا قُدَّام فسطاط خالد حتى أُثْبِتوا جميعًا جراحة وقُتِلوا إِلا ضرار بن الأَزور.

قالوا: وأَخبرنا أَبو القاسم أَيضًا، أَخبرنا أَبو عليّ بن المسلمة، أَخبرنا أَبو الحسن بن الحمامي، أَخبرنا أَبو علي بن الصوّاف، حدثنا محمد بن الحسن بن علي القطان، حدثنا إِسماعيل بن عيسى العطار، حدثنا إِسحاق بن بشر قال: أَخبرني محمد بن إِسحاق، عن الزهري قال: ـــ وأَخبرني ابن سمعان أَيضًا عن الزهري ـــ: أَن عكرمة بن أَبي جهل يومئذ ـــ يعني يوم "فِحْل" كان أَعظم الناس بلاءً، وأَنه كان يركب الأَسنة حتى جرحت صدره ووجهه، فقيل له: اتق الله، وارفُق بنفسك. فقال: كنت أُجاهد بنفسي عن اللات والعزى، فأَبذلها لها، أَفأَستبقيها الآن عن الله ورسوله! لا والله أَبدًا. قالوا: فلم يزدد إِلا إِقدامًا حتى قتل رحمه الله تعالى.

وأَخبرنا غير واحد إِجازة، أَخبرنا أَبو المعالي ثعلب بن جعفر، أَخبرنا الحسين بن محمد الشاهد، حدثنا عبد اللّه بن محمد بن عبد اللّه بن هلال النحوي، حدثنا يوسف بن يعقوب بن أَحمد الجصاص، حدثنا محمد بن سنان، حدثنا يعقوب بن محمد، حدثنا المطلب بن كثير، حدثنا الزبير بن موسى، عن مصعب بن عبد اللّه بن أَبي أُمية، عن أُم سلمة زوج رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صَلَّى الله عليه وسلم "رَأَيْتُ لِأَبِي جَهْلٍ عِذْقًا فِي الْجَنَّةِ". فَلَمَّا أَسْلَمَ عَكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ قَالَ: يَا أُمَّ سَلَمَةَ، هَذَا هُوَ(*)أورده المتقي الهندي في كنز العمال حديث رقم 33621، 37420.

وليس لعكرمة عقب، وانقرض عقب أَبي جهل إِلا من بناته.

أَخرجه الثلاثة.
(< جـ4/ص 67>)
الاسم :
البريد الالكتروني :
عنوان الرسالة :
نص الرسالة :
ارسال